ماريا عباس: الكاتب يستوحي من واقعه.

أجرت الحوار: Zêrîn
Rasoul
كيف تعرفين نفسك للقارئ؟.
ماريا عباس امرأة من النساء الكرد في سوريا عاكسها الحظ كثيراً ولكن حالفني مرةً وجعلني أتقن فن الكتابة.
* بداياتك مع الأدب والكتابة كيف كانت؟.
حب الكتابة كان طموحاً منذ الطفولة، والبداية معها كانت قبل سنوات، ولكن بداية النشر كانت سنة 2013 عندما هبت علينا رياح من غبار الثورة بدأت أكتب وأنشر في بعض المواقع والصحف المحلية.
* باكورة عملك (حفنة من اللافندر) كانت للمرأة حضور مميز فيها لماذا هذا التركيز على المرأة أم هي معاناة مشتركة ومتبادلة بينك وبين نساء الوطن.
حفنة من اللافندر ربما يعتبرها الكثيرون مجرد مجموعة قصصية لكاتبة وأول نتاج لكاتبة خطت العتبة، ولكن حفنة من اللافندر هي تاريخ موثق واختزال لآلام ومعاناة ملايين النساء والفتيات والأسر السورية عامة والكرد خاصة، وكل قصة مرتبطة باسم امرأة تنتمي لمكانٍ وزمانٍ وهي مرآة عاكسة للحرب وبشاعتها.
وجاء التركيز على قصص النساء ربما للفطرة أو ربما لطبيعة عملي في سنوات الحرب مع النساء ومشاركتهن قصصهن رغم زخم الألم فيها.
* كانت مجموعتك القصصية الأولى في الوطن وأنت الآن في بلاد الاغتراب هل أثر هذا الاغتراب على مسيرة الكتابة لديك؟
كانت سعادتي لا توصف حين تمت طباعة الكتاب وخاصة في ظروف المنطقة الصعبة. ومنطقتنا الكردية تحديداً لندرة دور النشر ومعارض الكتب فيها وافتقارها إلى الأنشطة وحفلات توقيع الكتاب. واعتبرت نتاجي الأدبي الأول إنجازاً مميزاً، فقد كان بمثابة التحدي للتغلب على كل المصاعب والعقبات أمامي كامرأة أولا وكسورية ثانياً في ظل الحرب.
إما الاغتراب فتلك تجربة مختلفة وولادة متأخرة وعصيبة بالطبع سيكون لها تأثير في كل ما يخصني، وأعتقد بأن مسيرة الكتابة مستمرة رغم الصعوبات.

* قبل سنوات كان لك حضورك المتميز في الإعلام ثم تحولت فجأة إلى ميدان الأدب (القصة تحديدا) ما السبب وراء ذلك.
في البداية كان كمّ النشاط زاخراً ومتنوعاً من العمل التطوعي والعمل الإعلامي وورشات العمل في مجال الثقافة المدنية، وكل شيء كان جديدا بالنسبة لي، وشكَّل ذلك تشتتاً وجهداً مضاعفاً ولكني وجدت الكتابة أقرب الى نفسي، تمنحني حرية التصرف بالكلمات كيفما أشاء. أنا وكل ما أكتبه يعبر عن رأيي وتوجهاتي في الحياة.
* الحزن هو الطابع الأساسي في أغلب قصصك ما هي الرسالة التي تريدين إيصالها من خلال هذا الأسلوب القصصي؟
 الحزن كان طاغياً بالفعل في القصص، يقول المثل العربي “الإناء يطفح بما فيه” ونحن تحوّلنا مرغمين كالآنية التي تمتلئ بالحزن لما عايشناه من فقدان للكثيرين من حولنا، الموت بأشكاله في كل مكان يحيط بنا. القتل والتشرد والاغتراب وقصص سبي النساء والفقر، كلها تركت فينا جروحاً لاتندمل. عجنتنا مع الألم. حتى التخيل في غير ذلك يبدو صعبا فالكاتب يستوحي من واقعه.
رسالتي هي تجسيد لخصوصية معاناة النساء تحديداً في ظل الحرب والعنف. كل صور الحرب تؤثر ببشكل أو آخر في النصوص، الحرب الحقيقية تحدث في القصص، تنتقل إلى الأدب.
* بِمنْ تأثرتِ من الكتاب الكرد، منْ كان لك البوصلة في الكتابة؟ ولمن تقرأ الكاتبة ماريا عباس؟ 
المعاناة الكردية هي التي تأثرت بها وليس الكتاب، ولكني أقرأ للكثيرين منهم للكرد والعرب والغرب. قرأت الأدب الأفغاني من خلال خالد الحسيني، البرازيلي لباولو كويلو، سليم بركات، هوشنك أوسي، صبري رسول، مها حسن، محمد صادق، أحلام، فاتيحة مرشيد، باتريك سوزكيند، غيوم ميسو، تشيخوف. أحب التنوع في القراءة وخاصة القصص والرواية فيها عوالم حقيقية تُكتبُ سردياً في الكتب.
* خلال مسيرتها عملت ماريا عباس في الكثير من المجالات (التربية والتعليم – العمل الإنساني – الإعلام – العمل الأدبي) أين وجدت نفسك أكثر ولماذا؟
أعتبر كل الأعمال التي مارستها تجارب ومحطات مررت بها وأخذت منها كما هائلاً من المعرفة والخبرة وستساعدني لاحقا في إنجازات أدبية من خلال أي نتاج سينجز، وكل عمل وجدت فيه جانباً من شخصيتي ولكني أعتبر الكتابة أحب إلي من الأمور الأخرى وهي أكثر قرباً الى نفسي.
* حفنة من اللافندر عنوان مجموعتك القصصية الأولى هل هي صدفة أم أن هناك سر وراء ذلك؟
حفنة من اللافندر كان لوقع الاسم موسيقا وجاذبية خاصة، في الكتابة لا يوجد صدفة، كل شيء يتم اختياره وبعناية، اللافندر نوع من الأزهار ذات العبق الرهيف الذي يدوم طويلا ويؤثر في مزاج ونفسية الإنسان، وحتى اللون البنفسجي يرمز إلى الحزن والجمال سوياً، فتلك قصصنا نحن النساء نشبه اللافندر بالسحر والجمال والأثر رغم كل أحزاننا. النساء هن السعادة وهن الحياة.
* في أي عمل قد تواجهك مصاعب، هل واجهتك مصاعب وتحديات أثناء عملك الأدبي؟.
لا يخلو الأمر من المصاعب والتحديات وخاصة في ظل الظروف والتحديات الصعبة، وتزداد صعوبة حين أكون امرأة مسؤولة عن أسرة ومرتبطة بعمل مختلف، و كوني امرأة في مجتمع زاخر بموروث شعبي يضيف تحديات أكثر في كل خطوة نخطوها، رغم تجاوزي الكثير منها. وفي الكتابة كذلك ولكن التحدي الأكبر إيجاد دار للنشر تتخطى المستوى المحلي وتلقى صدى إعلاميا ورواجا أكبر للكتاب، مع الأسف الشديد.
* ما هي مشاريعك المستقبلية في الميدان الأدبي؟
المشاريع تبقى مشاريعاً ريثما يتم تنفيذها، حتى لا أظلم شخوص كتاباتي أبحث لها عن مستقبل أفضل مع دور النشر، أعمل حاليا لإتمام مشروع المجموعة القصصية الثانية، الى جانب رواية كتبتُها سابقاً لكنني لم أنشرها، وأسعى لوضع اللمسات الأخيرة عليها قريباً، وأتمنى أن أعيش اللحظة التي تتحقق فيها أمنيتي لأحملهما لدار نشر في قادم الأيام.
* كلمة أخيرة تودّين قولها.
في النهاية كل الشكر لك، ولجريدة كردستان للفتتها الجميلة واهتمامها لإجراء هذا الحوار معي.
———- 
الحوار منشور في جريدة كوردستان

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

جان بابير

 

الفنان جانيار، هو موسيقي ومغني كُردي، جمع بين موهبتين إبداعيتين منذ طفولته، حيث كان شغفه بالموسيقى يتعايش مع حبّه للفن التشكيلي. بدأ حياته الفنية في مجال الرسم والنحت، حيث تخرج من قسم الرسم والنحت، إلا أن جذوره الموسيقية بقيت حاضرة بقوة في وجدانه. هذا الانجذاب نحو الموسيقا قاده في النهاية إلى طريق مختلف، إذ…

عصمت شاهين الدوسكي

 

أنا أحبك

اعترف .. أنا احبك

أحب شعرك المسدل على كتفيك

أحب حمرة خديك وخجلك

وإيحاءك ونظرتك ورقة شفتيك

أحب فساتينك ألوانك

دلعك ابتسامتك ونظرة عينيك

أحب أن المس يديك

انحني حبا واقبل راحتيك

___________

أنا احبك

أحب هضابك مساحات الوغى فيك

أحب رموزك لفتاتك مساماتك

أحب عطرك عرقك أنفاسك

دعيني أراكي كما أنت ..

——————–

قلبي بالشوق يحترق

روحي بالنوى ارق

طيفي بك يصدق

يا سيدتي كل التفاصيل أنت ..

——————–

أحب شفتاك…

لوركا بيراني

في الساحة الثقافية الأوروبية اليوم، نلمح زخماً متزايداً من التحركات الأدبية والثقافية الكوردية من فعاليات فكرية ومهرجانات وحفلات توقيع لإصدارات أدبية تعكس رغبة المثقف الكوردي في تأكيد حضوره والمساهمة في الحوار الثقافي العالمي.

إلا أن هذا الحراك على غناه يثير تساؤلات جوهرية حول مدى فاعليته في حماية الثقافة الكوردية من التلاشي في خضم عصر…

محمد شيخو

يلعب الفن دوراً بارزاً في حياة الأمم، وهو ليس وسيلة للترفيه والمتعة فحسب، ولكنه أداة مهمة لتنمية الفكر وتغذية الروح وتهذيب الأخلاق، وهو سلاح عظيم تمتشقه الأمم الراقية في صراعاتها الحضارية مع غيرها. ومن هنا يحتلّ عظماء الفنانين مكاناً بارزاً في ذاكرة الشعوب الذواقة للفن أكثر من الملوك والقادة والأحزاب السياسية مثلاً، وفي استجواب…