إبراهيم اليوسف
إلى محمّديّ أجمعين
أربعتهم مرّوا علي …!
بوط عسكريّ
سيّارة إطفاء
قذيفة غاز مسيّل للدموع
رصاص حيّ
لكنّي استرددت بعد كل ذلك …
بعد كلّ ذلك … !
تاجي اللّهبيّ
ولم أنطفئ ..!!.
* من مذكرات شمعة آذارية
من لي في ليلة لا تليل
من لي اللّيلة كي لا أميل …!
من لي أمام عقارب المشهد
غامضاً في وضوحه
واضحاً في غموضه
لئلا أسدل الستار على وجوه أخرى
في ألبوم الوقت تلتصق بجدار قلبي
تواسيني في شراسة الخبر
لأحزّم حلمي ، وأغنياتي ، وخريطتي
أصعد سلالم الذّهول الفجّ آنئذ
لعلّي أستعيد بعض ما لي هناك
لعلّي أوازي هذا الهبوب السّيد … وأتّزن
أظلّ كما أبغي في مرمى القنّاصة
أئم بسرب قطاي
أقرأ النّفير صحيحاً
لا أخذل الموشور في هدناته
وأبقى واقفاً قرب اسمي
عزيزاً
مادامت المدينة الآن على رجل واحدة
على روح واحدة
…وقلب …
وكتاب …!
………..
هي أمّه …!
أوّاه ها هي
في حشرجة الدم الأخضر
دمي
تخرج من بينكم
لا تسندوها
والجبل المهيب أواه دعوا اسمه يئم غزلان الحكاية في هذا المساء
كي يتصدّع قليلاً … من خجل وكرد …!
أوّاه هاهي في ذهول المرثية الجديدة
هي تأتيكم مشدودةً إلى رائحة القميص
هي تعرفه في دمه الكثير من جنازات كثيرة
دعوها تقل ما تريد
تتذكّر الحكاية من أوّلها
حليب طفولته والقماط
أولى كلماته
اسم محمّد يوقظه في دفتر العائلة
عارياً
عارياً
ليرتّب كتبه المدرسية ويتعلّم حبّ الوطن
هو الأول في ((عنقود ))روحها الواسطة والأخير
دعوها بربّكم …أنا أعرف كم تحبّه
أنا أعرف حنوّها الجبليّ كثيراً
أعرف كم دبّرت لقميصه ورغيفه وثمن الدفاتر
أعرف كيف علمته اسم “كردستان” في دمه
كيف علّقت الخريطة في عنقه
دعوها حتّى آخر ذبحة الصّوت تخذلها الدموع في عينيها
لا تتلكّأ في دمه وهي تحضن السّّيرة
من البيت الطينيّ حتّى اسفلت ذلك المساء
طريق عامودا يركض إلى “تربه سبي” و”ديرك” و”دجلة”
إلى” دهوك” و “”آمد و”مهاباد”
إلى “عامودا “”ودربيسيي ” وسري كانيي” و”عفرين” و”كوباني”
دم في كل مكان … دم …
دم يعرفه جيداً …دمي
دم لا مهرب منه
دم يشير إلى الأسماء جميعاً
الشّيخ سعيد
قاضي محمد
البارزاني
12 آذار2004
2-11 -2007
هولير
جار جرا
جبال قنديل…!
دم أشمّ فيه رائحة النبيّين ولا مهرب
هو دمكم جميعاً …ودمي
هو دمك ولداه
حين اخترت الرّقص
ها هي لا تعدّ خطاها
لا تسندوها …
هي أمّه … ترطن بالإفادة
دعوها
لاتسندوا الرّذاذ في الصوت
وليكن الصّدى عارماً في دارة الميقات
دعي الحنّاء في الضفيرة يقل مايريد
دعي….
هي أمّه
لا تسندوها … تخرج من بينكم …
هي ليلة ولا تليل
هي ليلة … ولا أميل
كي ألتقط النبأ من مظانه
في أذني الأنين
Dayê ez birîndarim
ها أنا اقترب أكثر…
ولا أصل……
لا أريد للخطوة الأخيرة أن تكون
Dayê ez birîndarim
حين لا أريد أن أرى
حين لا أريد أن أسمع لكن , أوّاه , لا مفرّ من رائحة الدم حولي
Dayê ………..
هو دمي على عادته أعرفه
دمي في عروق بني الكثيرين
دمّي في عروقكم – أهلي – والأشجار
والنهر اليتيم
دمي في عروق مدينتي
هو دمي ،و ليس غريباً ، البتّة
دم في الشارع الرئيس
دم قرب حطام الشموع
دم على كرسي السيارة
يسيل له ماء الإطفائية والبوط العسكري
دم على الرّصيف
دم على بتلات الورد
دم هاتك على الدرج
وأسرّة المشفى
لا فرق بين شجر وصدر
بين باب حانوت وعصفور
مادام كردياً
لم يقل الرّصاص في تلك الليلة : أفّ
كم كان طيّعاً يتصادى في أربع الجهات
لن يفكّ الدموع أحد في عجالة الخبر
كان الصّوت كرديّاً , ولا أحد يقرأ إلا لغة
القرآن
كان القرآن كردياًّ
تلك الليلة
قرآني
وهو يدثّر محمديه بلا جدوى
وحدي كنت أقول لك : ولداه محمد…
أيّة قرابين أقدّمها
لم يكن الترجمان على عادته قربي يعين البيان في لهاثه المشتعل
وأنا أرى خيمة آذار قليلاً
أوّاري أوّاري
الملابس وسكاكر العيد المرّ
الفرح المذبوح في أعين هؤلاء …!
ها أنا خطواتي أمامي
وليلتي لا تليل
ها هم يصوبون عليّ
على الله …
سبطانات عاجلة من مركبة الموت
من استفزّهم اللّيلة على شرفة “نوروز “
من قال لهم أنّ طائرةً ب”نجمة غريبة”
حلّقت هناك كي تحطّ على الشّارع الرئيس
فيأتوا هكذا غيار ى يجرّبون الفحولة
ها أنا أقترب
ليلة ولا تليل
ليلة ولا أميل
من لي الآن
وكان الشّاعر أبعد
ممّا أرى
يسير بتؤدة يتوكّأ على خيوط الرّوح
تسنده من كلّ الجهات هاتيك البيوت
وهي ترمقه هائماً على قصيدته
هائماً ذات شمال وذات يمين
ذات جرح وذات أنين….!
حيث “وطن ” في غرفة “العناية المشدّدة”
لينتشل القامة على وقع الاستغاثة
ها أنا خطواتي أمامي
الصّور أمامي
عويل الأم الثكلى
نوارج الساعة الثّقيلة في معبر الزئبق
Hewarê ma dîsa çi kirin
كلّ شيء على حاله … على حاله
الخوذة البلهاء ينزل منها عساكر كثيرون
هاهم يخرجون من سبطانات رشاشاتهم الحربية
من تحت وفوق
من شمال ويمين
يخرجون
يخرجون
يخرجون
هاهم في الشّوارع
هاهم يصوّبون على الورد بنادقهم
هاهم يصوّبون على الهواء
هاهم يصوّبون عليّ بكلّ هذا الجنون
هاهم مع الغبار على حبال الغسيل
هم العسكر.أمي……!
هي المدينة…..أمّي…..!
مذ نفخ في قنديلها الأولون
فلا تنطفئ على عادتها
تلك مدينتي
وأعرف فيها شميم القامة
أعرفها أعرفها ..جيداً…جيداً..
وأكثر مني
حين تخيرّت الاسم :
قامشلو …
قامشلو …
قامشلو…
في عربات الهبوب أنّى حلّت
كي تغسلني في أربع وعشرين ساعة من يومها
تأتيني بالورد الإمام
والقصائد
ورسائل اللّهفة
في عناوين لا تنام
تلك هي , قبل الجرح والقبلة
تحدّثني عن الذرى والنيازك
خجي وسيامند
الإيزديين وطوق إيزيد
الجوز والطواويس
أوركيش والحوريين
صلاح الدين تحت عمامته
واقفاً على نشيد
هنانو , البارافي , يوسف العظمة , الدّقوري
رائحة بياندور
جدّي وصديقه الخزنويّ
تتبّع بنادقهم وأدعيتهم المدفع الفرنسي
كي يرسموا سوريا تجر ّعربات المدن إلى الصباحات الأكيدة
وقلبي
دعي الحنّاء في الضفيرة
إذاً
يدلي بما تيسر من عناقيد الدموع
هو دم محمد …أعرفه
أترين..؟
هو دمكم
لا يحتاج إلى بوصلة
إنّه يعرف طريقه
تماماً
اتركوا كلّ شيء على ما هو
الدم الليلة كرديّ
لا ترجمان له
لن يجيد تلاوته إلا ي
اتركوا العصافير تنسى أجنحتها
بعضاً ممّا يتمّ
ثمّة ما لم أقله لكم …
ثمّة ما لا أقول……..!
النصّ الذي ألقاه الشّاعر في أربعين شهداء مجزرة قامشلي في 30-4-2008