الحُبُّ فى رَحِم أثداء الأمواج

             
ابراهيم امين مؤمن 

على ضفاف شاطئ بحرالتقينا .
البحر هادئٌ مسالمٌ ينادينا فلبيْنا.
كم نادانا بحُمْرة مائه التى تلذّ ناظرينا ..
ولكنْ ..
أهى زرقاء فى  تنفّسِ الصبحِ وصحوةِ الشمس؟
 أم حمراء تدقُّ أبواب الليل ومضْجع الشمس ؟ 

أيُّها البحر 
ما أجملك ؟
هل تلبّستَ بالعقيق الأحمر ؟
هل تلبّستَ بالمُرْجان الأحمر؟
أمْ  أنك تلبّستَ بغروب الشمس الحمراء ؟
ما أجملك !
وما أعظمك من مخلوقٍ لا تموت أبداً.
جمعتَ بين إحيائين ، إحياءٌ بمائك وإحياءٌ بدم عروقك ؟
دمكَ المكنون فى قلائدكَ ..العقيق والمرجان….الأصداف!! اللؤلؤ!! فِردوس الأرض وربّى.
لنلبّي نِداءَك أيُّها المخلوق الأعظم ، نلبّى لنعرف مَنْ أنتَ ومَنْ نحن.
فلنُمضيا حُبّنا بين أحضانكَ.

                                                آآآآآآآآآه من جمالك العبقرىّ .
قد فتنتنا دون جهدٍ منكَ ، فشمّرنا ونزلنا وسِرنا حتى سوّرتنا أمواجك فزينتنا قلائدكَ فانتشينا وتنهّدنا.
واستشعرنا ..
استشعرنا ذاتك الذى حلّ فى دمائنا وعروقنا ، فعظُم حبنا ، وكبُر ملكنا ، وتُوجنا تاجا الفردوس من قعرك الكنيز.
نحن ارتوينا حُبّاً حيّاً من وجدانك فغدونا كنزيْن ككنزِك الدفين فى الأعماق الذى يمتد ظِلاله حتى بلغَ عنان السماء.

فتساقط الحُبُّ فى روْحيْنا كزخّات المطر ، أو سنا كسنا الشمس بعد السحر.
وأنتَ تُطعم وتَروى بما تملكه فى الأعماق من جميل الطعم والزينة وإنّ فى ذالك لعبرة لأولى الفكر.

وكنت قدوتنا ، فاقتدينا …
تحمل السفينة على ظهرك ما تكلّ ولا تملّ ، فما ألذّ جِوارك ؟ وما أسلك سبيلك ؟ وما أكرم ضيافتك؟
حللتَ رضوانك.
عندما رضيتَ جنّبتها العواصف .
وشددتَ شراعها وحمّلتَ الحوامل.
فاقتدينا بأخلاقك.      
فحملنا حُبّنا فى وجداننا فكنا له نعم الأمنين.
وضيفناه وأكرمناه ، فكنا نعم المكرمين .
وسلكنا سبيله ليسرى فى العروق فى أمن وسلام فكنّا نعم السالكين .
وجنبنا حبنا العواصف  فكنا نعم المغيثين.

نتعانق بين أمواجكَ الحمراء على أسرّة الشمس النائمة ، ونقتبس من القمر نورًا .. نورٌ أحمر أذهلَ عيوننا فالتمعت كلمعانِكَ.
فتحرّشتَ بنا وتحرّشنا بكَ ، فسقيتنا من وجودك الخالد  كأس الحياة  فانتشتْ عروقنا على ظهر الشمس وضوء القمر ، فغدوْنا آية ً إلى آياتٍ ثلاث.
وحيينا بين إحيائيْكَ، وأمِنّا فى جوارك واحتمينا بحمرتك ونحن.. نحن ..نحن نحمل لك دِفءَ أحضاننا فتقبل عطايانا أيُّها الحارس الأمين.
وتلامسنا ، تلامسنا من ارض روحينا حتى سمائها.
تلامسنا، فارتعشنا ، إرتعشنا نشوانيْن من معين روحينا.
فاستقينا اللذة كؤوسًا من بحر حُبّنا
فتبعثرت مشاعرنا فامتزجتْ ، فتبعثرتْ فامتزجتْ وتداخلتْ وتوحّدتْ كالواحد وليس كمثله شيئاً…. فتجانسنا.
توحدنا كالبحر ، رضيتَ ورضيْنا
 أحييتَ فأحيينا .
وتجمّلتَ فتجمّلنا .
وسيّرتَ فسيّرنا .
وأرسلتَ فأرسلنا.
أكرمْتَ فأكرمنا.
وعزفتَ فعزفنا.
وشدوتَ فشدونا.
وخلُدتَ ، فخلُدَ حُبّنا عبر الدهورفى المخلصين ، وسطا على الكارهين .
ما أعظمك ..ما تموت أبداً أيّها البحر كما لا يموت حُبّنا .

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

ادريس سالم

 

«إلى تلك المرأة،

التي تُلقّبُني بربيع القلب..

إلى الذين رحلوا عني

كيف تمكّنْتُ أنا أيضاً على الهروب

لا أريدُ سوى أن أرحلَ من نفسي…».

يفتتح الشاعر الكوردي، ميران أحمد، كتابه «طابق عُلويّ»، بإهداء مليء بالحميمية، ملطّخ بالفَقد، يفتتحه من قلب الفَقد، لا من عتبة الحبّ، يخاطب فيه امرأة منحته الحبّ والحياة، لقّبته «ربيع القلب». لكن ما يُروى ليس نشوة…

علي شمدين

المقدمة:

لقد تعرفت على الكاتب حليم يوسف أول مرّة في أواخر التسعينات من القرن المنصرم، وذلك خلال مشاركته في الندوات الثقافية الشهرية التي كنا نقيمها في الإعلام المركزي للحزب الديمقراطي التقدمي الكردي في سوريا، داخل قبو أرضي بحي الآشورية بمدينة القامشلي باسم ندوة (المثقف التقدمي)، والتي كانت تحضره نخبة من مثقفي الجزيرة وكتابها ومن مختلف…

تنكزار ماريني

 

فرانز كافكا، أحد أكثر الكتّاب تأثيرًا في القرن العشرين، وُلِد في 3 يوليو 1883 في براغ وتوفي في 3 يونيو 1924. يُعرف بقصصه السريالية وغالبًا ما تكون كئيبة، التي تسلط الضوء على موضوعات مركزية مثل الاغتراب والهوية وعبثية الوجود. ومن المميز في أعمال كافكا، النظرة المعقدة والمتعددة الأوجه للعلاقات بين الرجال والنساء.

ظروف كافكا الشخصية…

إبراهيم اليوسف

مجموعة “طائر في الجهة الأخرى” للشاعرة فاتن حمودي، الصادرة عن “رياض الريس للكتب والنشر، بيروت”، في طبعتها الأولى، أبريل 2025، في 150 صفحة، ليست مجرّد نصوص شعرية، بل خريطة اضطراب لغويّ تُشكّل الذات من شظايا الغياب. التجربة لدى الشاعرة لا تُقدَّم ضمن صور متماسكة، بل تُقطّع في بنية كولاجية، يُعاد ترتيبها عبر مجازٍ يشبه…