مديح مِزَق الأوراق

 ابراهيم محمود
إلى ابراهيم يوسف، وآخرين ، وما أقلّهم
مِزَقٌ مـــن الأوراق. لا! ليست مِزَق
سلْها تجبْــــــك فتلك معصـــرة القلق
ما كلُّ ما يُرمى حصاد نفايــــــــــــة
أو كلُّ ما يبـــــــــــــــقى يكلّل بالألق
لو أن كل وريقـــــــــــــــة نطقت بما
في سرّهــــــــا لاستهلك السرُّ الورق
مِزقٌ هي اسْترســـــــــال قلب لاهث
في الراحتين وقد ســـــرى شِيعاً فِرق
ليت الممزَّق والمعـــــــرّق والمخرَّق
هزَّ صمتَه لحظة لارتــــــــــــاع حق
يا روح منكوب تنــــاثر فـــــي المكان
وعمــــــر منحـــــــوس تلاقى وافترَق
لليل في طياتهـــــــــــــا شغف الظلام
بما يخيم على المــــــدى وقد اصطفق
ورقٌ ضلوع في يقين مقامـــــــــــــــه
ولكاتب خصْب المـــــــــرايا ما صـدق
ورقٌ ربوعٌ في ثنايـــــــــــــــــــا لوعه
ما يستحيل علامــــــــــــــــة لا تُخترَق
ورقٌ يحيط بلاهــــــــــث في روحـــــه
ما روحـــــه إلا ســـــــــــواه بما اختلق
ورق تمـــــــــــزَّق مـــــــــــاءَ روح إذ 
ترذرذ في المكان على المكان وقد برق
ورقٌ وحيدُ صنيعـــــــــــــــــــه شذراته
جمعٌ تواقيعـــــــــــــــــٌ، ورِيف المنطلق
ورق يسلّمنـــــــــــي إليَّ، إليَّ يقصيني 
إليه، إليه يا عمــــــــــــــــــــــراً صعق
في كل ملمس ناعم ٍ دعـــــــــوى خيال ٍ
أو سوء حــــــال ٍ أو ما يضمَّخ بالأرق
سل نبض راحتـــــــــــــــه تجبْك برنَّة
هي شرفة للبحر أو مهـــــــوى الغرق
كيف السبيل إلى سلوك سكَينــــــــــــة
وتقبُّل الألــــــــــــــــــم المثابر معتنَق ؟
أتكون سلةُ مهملات أم حصــــــــــاد 
فجيعات ملؤها ألم طفــــــــــــــــــــق ؟
هل يُستخَف بمزقة هي بـــــــــــــوح
 كاتبها المعاند في محيــــــط مرتزق ؟
لو أن سلَّة مهملات جاهــــــــــــــرت
بحقيقة ٍ  لَهبَتْ فتاهــــــــــــا ما عشْق
ولباح ليل بالمؤجّــــــــــل والمؤمّل
كاشفاً عن مرتجـــــــــــاه في شفق
لو أن صمت هنيهــــــــــــــــة ٍ غفْل
 من الاسم المعذّب شف عما يُسترَق
لروى المكان عن المكــــــــــان بما
مضى واهتزَّ صخــــــــــر بالحبق
يا عمر نائبة وخائبـــــــــة ولائمة
وقائمة على زمــــــــــــــــــــن أدق
في كل ثانية أريقت عمـــر منشود ٍ
وموعود ٍ وسعـــــــــــــــيٌ مستدق
مِزق ولا مزق، أراها في مداها
في ثناياها وقد طـــــــرب الحدق
أولمب ألسنة ومجتمعٌ من الألوان
أو ما لا يُسمّــــــــــــــى في نسق
وأقول في زمن على ورق تناثر
أو تكاثـــــــــــــــــــــــــر وانفلق
كم كان يشجي حين يمسي مزقة
أو حين تدعكها يد ٌ كرمــى نزق
زمن يُعاد بحسه ويقــــــــاس في
ورق يُسمّي ما جـــــرى أو نطق
وهناك خطٌّ ليس يخفى نبــــــض
 صاحبه عليه وقد تلوَّى واحترق
في بعض أحيان ٍ أرى ما لا يُرى
مزقٌ مدىً مدداً فأهتف يا مَزق !
أأقول ما هذا ؟ وهذا عـــــــائدي
لكم انقسمتُ وكم تعدّاني الفلق!
قلقي ينادم في فضائي طيفَـــــه
لكأنه وشق، تناســـل من وشق! 
زمن أحيل إلى بيــــــاض حالك
في إثر خط لم يعد يكفي الرمق
زمن تشاكل في متاهة اسمـــــه
ودعاة أضواء، وما يدمي الشفق
مِزق شهيدة أدعيــــــــــاء مقالة
لنزيف كائنها جــــــلاء المنطلق 
 

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

أصدرت منشورات رامينا في لندن كتاب “كنتُ صغيرة… عندما كبرت” للكاتبة السورية الأوكرانية كاترين يحيى، وهو عمل سيريّ يتجاوز حدود الاعتراف الشخصي ليغدو شهادة إنسانية على تقاطعات الطفولة والمنفى والهوية والحروب.

تكتب المؤلفة بصدقٍ شفيف عن حياتها وهي تتنقّل بين سوريا وأوكرانيا ومصر والإمارات، مستحضرةً محطات وتجارب شكلت ملامحها النفسية والوجودية، وموثقةً لرحلة جيل عاش القلق…

غريب ملا زلال

رسم ستار علي ( 1957_2023 ) لوحة كوباني في ديار بكر /آمد عام 2015 ضمن مهرجان فني تشكيلي كردي كبير شارك فيه أكثر من مائتين فنانة و فنان ، و كان ستار علي من بينهم ، و كتبت هذه المادة حينها ، أنشرها الآن و نحن ندخل الذكرى الثانية على رحيله .

أهي حماسة…

عِصْمَتْ شَاهِينَ الدُّوسَكِي

أعْتَذِرُ

لِمَنْ وَضَعَ الطَّعَامَ أَمَامَ أَبِي

أَكَلَ وَابْتَسَمَ وَشَكَرَ رَبِّي

أَعْتَذِرُ

لِمَنْ قَدَّمَ الْخُبْزَ

لِأُمِّي وَطَرَقَ بَابِي

لِمَنْ سَأَلَ عَنِّي

كَيْفَ كَانَ يَوْمِي وَمَا…

ماهين شيخاني

هناك لحظات في حياة الإنسان يشعر فيها وكأنّه يسير على خيط رفيع مشدود بين الحياة واللاجدوى. في مثل هذه اللحظات، لا نبحث عن إجابات نهائية بقدر ما نبحث عن انعكاس صادق يعيد إلينا شيئاً من ملامحنا الداخلية. بالنسبة لي، وجدتُ ذلك الانعكاس في كتابات الفيلسوف والكاتب الفرنسي ألبير كامو (1913-1960).

ليس كامو مجرد فيلسوف عبثي…