صدر حديثاً عن دار سطور في العراق كتاب للباحث السوري إبراهيم محمود بعنوان “العرب لا يحبون البصل.. دراسة في متخيلات اللغة العربية”.
يقول إبراهيم محمود: أن ننظر في البصل هو أن نعاين كائناً حيّاً في سرعة استجابته لأي مؤثر خارجي “أتخيل، هنا، أي روح خفيفة، روح وثّابة، محلّقة، نفّاثة، شديدة الحساسية والتنبُّه إلى الخارج، هي التي تستغرق كامل البصل الذي يشكل كتلة واحدة”، كما لو أن داخله بالكاد يُسمَّى داخلاً، لكنه مؤلَّف من طبقات، طبقة/ قشرة وراء أخرى، تُسمّيها وتُسمَّى بها، وأنا على يقين شبه تام أن وراء هذا التناضد ثمة نفَس واحدة، من روح واحدة لا تتأصل في نقطة بصلية معينة. يمكن لنا أن نتحدث عن “جسد” البصل الحي، السريع التلقي للمؤثرات من الخارج.
وما يهم، هو تكوين البصل، هندسته، ما يصل العمودي بالأفقي فيه!
ما يهم، هو بعض من التروّي، صحبة بعض من الجَّلَد، والتحرر قليلاً مما هو مشاع في الوسط، بغية منح الاسم بعضاً من حقوقه، وتبيُّن مدى قابليته لتبنّي الفكرة!
في هشاشة البصل ما يستحق الإعجاب: هناك ما ينظَر في أمره من خلال قاعدته التي تغذّيه، فالخفية فيه لحظة اعتبارية مؤوَّلة، وأكثر من كونها رحماً، جهةَ مدّ الأوراق الأنبوبية بالطاقة، إنما- أيضاً- جهة إشارة هذه على خصوبة تلك القاعدة، كما لو أننا إزاء ذكورة وأنوثة متعالقتين، لكأن الأوراق التي تُقطَع ومن ثم تنمو من جديد، تشديد على مضاء القاعدة بمفهومها الأنثوي.
هذا الانسجام بين الأرضي والفضائي، هذه الفراغات القائمة، هذا العمر القصير والوفير في آن، لا يمكن أن يفوَّت، إنها لحظة ذات عمر عالق في الزمن النوعي، على مستوى التأثير والاستثمار… أي حين ننتقل إلى ما يقابل البصل استعارياً: التبصُّل والاستبصال، ما يفيدنا في مكاشفة موضوع على غاية من الخطورة والقِدَم الزمني، إنما – كذلك- على غاية من اليُسْر والشفافية، إن توفرت المرونة في الاستقصاء واستقراء الأثر: اللغة وجِماع متخيلاتها.
إبراهيم محمود: كاتب وباحث سوري من مواليد 1965م في قرية خربة عنز بريف القامشلي. تخرج في كلية الآداب، قسم الفلسفة، في جامعة دمشق في العام 1981م.
تنصب مجال اهتماماته في الكتابات الأنثروبولوجية التي تخترق المناطق المحظورة والمناطق المحرمة، منتصراً بذلك للإنسان الحر الذي يعيش إنسانيته ووجوده خارج أسرار القمع والجوع والجهل والاستلاب. كما يدافع عن حق الإنسان في الحياة والحرية والتفكير والتفتح الإنساني.
—————-