عن دار الزمان، في سوريا، صدر أخيراً الكتاب الشعري الأول للشاعر الكردي السوري “علي ملا”، المقيم في السويد، بتوسيم: فهرستُ الكائناتِ ـ يوميات شعرية؛ الكتاب بكامله مهداة إلى “فاليا”، وقد كتب محمد عفيف الحسيني، بما يشبه الاستهلال: (يخوض علي ملا الحياة بأدق تفاصيلها اليومية، وبأبسط اللغة والمشاعر؛ لايلتفت كثيراً لتزيين نصّه بتفجيرات اللغة وما من هناك من مصطلحات. يكتب كما يعيش تماماً.
جاءت لوحة الغلاف بتوقيع التشكيلي خليل عبدالقادر، المقيم في ألمانيا. هنا مختارات من أجواء الكتاب:
ملامح
ملامحه تشبهني،
وأنا أشبهه في الغياب.
يساومني في تضاريسي،
ويمضي خلف الضباب.
يقتحم أحلامي،
ثم يمضي في السراب.
الخابور
ياشجر الخابور قد طال النوى!.
أين الروابي الخضراء والسحبا؟.
أين الغزارة في عهد الهوى،
والشوق والصبا؟.
أين جداول الماء والأقطان ذابلة؟.
أين الكروم والحور والذهبا؟.
مياهك فيه عذوبة، أين مضت كل العذوبة وانقلبا؟.
أين أنغام العصافير والمواويل الجميلة والصدى فوق الروابي؟.
أين التين والعنبا؟.
كانت خوابيك يا”عربوش” تجمعنا؛
أين الخوابي أين الكأس واللعبا؟.
أحزانك ياخابور باتت أشرعة من الأحزان والآلام،
من أوجاع غربتنا الصلبا.
إن بحثتُ في شاطئيك عن أملي ووجودي،
ولكن، لا أرى كيف تغربا!.
عربوش: قرية وتسمى “تل عربوش”، وتقع على نهر الخابور.
كوردوس
كوردوس في ضيافة الإغريق،
باب القلعة مفتوح على مصراعيه،
يرحبون بالقادمين من المعارك،
عرض في الميدان،
هتافات وضجيج سفن في عمق البحر،
يلوحون…
ترفرف البيارق بالانتصار.
رحب بنا راموس، وقال:
كوردوس أُسود الجبال في ليندوس، أكروبوليس؛
ثم غاب مع الحشود الإغريقية،
وافترقنا على رنين ساعة الصباح.
بورتريت
منسيٌّ،
وحيدٌ، يصنع خبزاً،
يراقب المارة من خلف الزجاج.
حُجرةٌ هرمةُ،
سرير عتيق،
صورة للشاعر جكرخوين،
مكتبه صغيرة،
كتب لدرويش،
سليم بركات،
ومحمد عفيف الحسيني.
شتلات في علب السردين،
الريحان، ونبيذ، ورمّانتين في زاوية الشباك.
شربنا، وافترقنا.
جكرخوين
زارنا مرة رحب به أبي،
عانقني، وقال:
كن مثلما كان جدك “ملا علي”،
يومها كنتُ يانعاً.
كان بشوش الوجه، شعره أبيض،
كثيف الحواجب، أنيق اللباس، موزون الكلام،
كان ذلك
أول وآخر لقاء مع الشاعر جكرخوين.