يدفنون قاماتهم في الرمال

أفين إبراهيم
يتركوا رؤوسهم للشمس
ستجد في البحر من يقول لك
أن المدى خيط رفيع في فم سمكة
أنك مهما أغمضت عيونك الكثيرة
عيونك المفتوحة على الجحيم
لن ترى سوى ما كتب لك أن يراك
ستجد في السماء من يقول لك أن الضوء يقف وحيدا في العراء
رسائله الحزينة تنام جاثية في ذاكرة صندوق خشبي
يسبح فوق الطابق الأول للحب
أن النار أيضا كائن حي يولد
يكبر
يرقص مع الريح
يخفت
ثم يموت
لا شيء يختفي لمجرد أننا لا نريد أن نراه
الحياة وداع طويل
الكائنات تلتقي فيها لأنها صغيرة
انهم يفترقون لأنها كبيرة لدرجة مؤلمة
أن الكلمة التي أحببتها في صوتك جففها النسيان
ستجد في الأرض من يقول لك أن الأشجار في نومها الأبدي خلف أحلامك تفقد ظلالها
تتحول إلى شاطئ واسع
تدفن السلاحف فيه بيوضا
تتكاثر على جسد طفل يدفن روحه في الرمل ويسلم راسه للشمس
ستعثر في جذور الفراغ عن نساء يستحممن بالاسى
يفركن أثدائهن الضخمة بالوله لتخرج الكوابيس من أنينك على شكل رغبة حمقاء تطفأها وأنت تغادر المقبرة
تحلم بأطفال يدفنون قاماتهم في الرمال
يتركوا رؤوسهم للشمس
تخرج الفراشات من أفواههم
تحط على ورقة بيضاء رميتها من النافذة في الواحدة صباحا
تحط على شعرة بيضاء نمت في ذقنك وأنا بعيدة أحاول
أُحاول أن أكتب شيئا لكل هذه الوجوه التي بجانبها بقعة ضوء خضراء
تنتظر أحدهم ليقول لها أنت بخير
يدفنون قاماتهم في الرمال
يتركوا رؤوسهم للشمس
أولئك الذين يكتبون قصائد طويلة كالدمع
الذين يعتقدون أن الحياة أرق بكثير من تحبس في ورقة سوداء ترميها لنافذة الوحشة
تمضي لسريرك بابتسامة خرجت من بين أصابعك
بقلب مهجور يعتقد انه الفراشة التي غلبت النار
ستجد شيئا في أعماقك
يهمس لك في نهاية الخريف أنك كائن جميل
أن كل ما كتبته كان قريبا جدا من الحقيقة
لكنك لن
لن تجد مخلوق واحد لمس البشاعة التي في روحك
مع ذلك قرر ألا يكرهك
تدفن راسك في الرمل
تترك جسدك للشمس
تجد من يقول لك
ثم فجأة تصدق أن جنية أخرى خرجت من جوفي
رفعتني نحو السقف
لأبدو مصلوبة في الهوى
من تحتي تضحك آلاف الملائكة
آلاف الشياطين المذعورة
الشياطين الجميلة التي تشبهك
الشياطين التي لن تستطيع أن تراها
تدفن رأسك في الرمال
تسلم جسدك للشمس
تصدق متأخرا
أنت أضعف بكثير من أن تراك
أفين إبراهيم
الولايات المتحدة الأمريكية
19/5/2019

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

حاوره: طه خلو

 

يدخل آلان كيكاني الرواية من منطقة التماس الحاد بين المعرفة والألم، حيث تتحوّل التجربة الإنسانية، كما عاينها طبيباً وكاتباً، إلى سؤال مفتوح على النفس والمجتمع. من هذا الحدّ الفاصل بين ما يُختبر في الممارسة الطبية وما يترسّب في الذاكرة، تتشكّل كتابته بوصفها مسار تأمل طويل في هشاشة الإنسان، وفي التصدّعات التي تتركها الصدمة،…

إبراهيم أبو عواد / كاتب من الأردن

لَيْسَ الاستبدادُ حادثةً عابرةً في تاريخِ البَشَرِ ، بَلْ بُنْيَة مُعَقَّدَة تَتكرَّر بأقنعةٍ مُختلفة ، وَتُغَيِّر لُغَتَهَا دُونَ أنْ تُغيِّر جَوْهَرَها . إنَّه مَرَضُ السُّلطةِ حِينَ تنفصلُ عَن الإنسانِ ، وَحِينَ يَتحوَّل الحُكْمُ مِنْ وَظيفةٍ لِخِدمةِ المُجتمعِ إلى آلَةٍ لإخضاعه .

بَيْنَ عبد الرَّحمن الكواكبي (…

عبدالجابر حبيب

 

يا صديقي

بتفصيلٍ ثقيلٍ

شرحتُ لكَ معنى الأزقّةِ،

وكيفَ سرقتْ منّي الرِّياحُ وجهَ بيتِنا الصغيرِ،

لم يكنْ عليَّ أن أُبرِّرَ للسّماءِ

كيفَ ضاعتْ خطواتي بينَ شوارعَ غريبةٍ،

ولم يكنْ عليَّ أن أُبرِّرَ للظِّلالِ

كيفَ تاهتْ ألوانُ المساءِ في عينيَّ،

كان يكفي أن أتركَ للرِّيحِ

منفذاً خفيّاً بينَ ضلوعي،

أو نافذةً مفتوحةً في قلبي،

فهي وحدَها تعرفُ

من أينَ يأتي نسيمُ الحنينِ.

كلُّ ضوءٍ يُذكِّرُني ببيتِنا…

غريب ملا زلال

يتميز عدنان عبدالقادر الرسام بغزارة انتاجه، ويركز في اعماله على الانسان البسيط المحب للحياة. يغرق في الواقعية، يقرأ تعويذة الطريق، ويلون لحظاتها، وهذا ما يجعل الخصوصية تتدافع في عالمه المفتوح.

عدنان عبدالقادر: امازون الانتاج

للوهلة الاولى قد نعتقد بان عدنان عبدالقادر (1971) هو ابن الفنان عبدالقادر الرسام…