حين يتهاتف الكبار

  بافي زوزاني
 وصلتني منذ مدة مذكرات الكاتب والسياسي المعروف والمخضرم على مستوى كردستان ككل السيد صلاح بدرالدين وذلك على شكل ثلاثة اجزاء تحت عنوان الحركة الوطنية الكردية السورية بطبعة انيقة من اصدارات رابطة كاوا للثقافة الكردية وهي غنية عن التعريف في مجال طبع ونشر الكتب الهامة التي رفدت المكتبة الكردية بالكثير منها.
 المذكرات غطت كافة الجوانب السياسية للحركة الكردية منذ نشوئها ولغاية اليوم وعلى الشكل التالي:
 الجزء الاول: من البدايات وحتى 1975
 الجزء الثاني :من 1975 – 2011
 الجزء الثالث :من 2011- 2018
 بالتأكيد الاجزاء الثلاثة لابد من قراءتها من قبل كل متابع للحركة الكردية لأنها جديرة بالقراءة وعامة وشاملة ودقيقة واغنت المكتبة الكردية كما مؤلفاته الاخرى الكثيرة والتي تصب كلها في مجال خدمة قضيتنا العادلة وهي وحسب قناعاتي قراءات دقيقة لواقعنا المشتت مع تبسيط وتحليل كافة الجوانب الغامضة مدعومة بالشواهد والصور والبيانات والندوات والمؤتمرات الدولية مع تفاصيل دقيقة وشرح واف للحركة الكردية من ايام الاب الروحي للحركة الكردية المرحوم ملا مصطفى البارزاني الخالد ونجله ادريس البطل مرورا بالرئيس مسعود البرزاني وصولا الى الشاب نيجيرفان البارزاني الذي تبؤا حديثا رئاسة اقليم كردستان العراق.
 ما لفت انتباهي -وان كانت كل الاجزاء مهمة وملفتة-الجزء الاخير الذي يبحث في دراسة مرحلة غنية بالأحداث بسبب اندلاع الثورة السورية- وان ماتت حاليا-. وظهور عامل جديد في الساحة الكردية السورية وهو تنامي – وحسب رأي الكاتب -سلطة جماعات حزبية وعسكرية تابعة لحزب العمال الكردستاني وكذلك عملية استفتاء تقرير المصير وتبعاتها في اقليم كردستان العراق والتدخل العسكري الروسي الاحتلالي في سوريا اضافة الى الاحتلالين الايراني والامريكي والاحتلال التركي لعفرين… والملفت حقا الذي شد انتباهي كثيرا هو جملة الرسائل المتبادلة بين الزعيمين الكبيرين القائد مسعود البارزاني والسياسي صلاح بدرالدين وبلغت اكثر من ثلاثة عشرة رسالة بعضها طويلة ومفصلة ودقيقة وبعضها مكثفة وقصيرة وجميعها تتناول سبل حل القضية الكردية في سوريا وحتى في العراق ايضا. 
وفي احدى هذه الرسائل يبين موقفه من الوضع السوري بشكل عام والوضع الكردي بشكل خاص بل وينتقد سياسة الاقليم بشكل سياسي كما كعادته وصراحته دون مجاملة او مسايرة لانه واقصد الكاتب ولد من رحم الحركة الكردية السورية وكما يقال اهالي المكة ادرى بشعابها . 
يقول السيد الكاتب صراحة مراسلا السيد مسعود البارزاني : لم اكن اتمنى ان تتعاملوا في الاقليم مع هذا المجلس ( المجلس الوطني الكردي) كممثل شرعي لكرد سوريا وتقديم ممثليه وأعضائه للبعثات الدبلوماسية والدول الاوربية ووسائل الاعلام حيث أدى ذلك بالنتيجة الى تقلص دور الشباب والتنسيقيات والمستقلين الذين واكبو الثورة السورية سلميا في مناطقنا وتعلمون ما لموقفكم من احترام وتأثير لدى شعبنا حيث شعر الشباب بنوع من الاحباط وخيبة الامل.
 في رسالة اخرى يخاطب السيد مسعود قائلا “: القضية السورية تزداد اتساعا وعمقا على الصعيدين الداخلي والخارجي والنظام يتعرض للعزلة رغم شراسة حلوله الامنية….. 
كرديا هناك تشتت ونوع من الفراغ السياسي وكم من التعقيدات… بصراحة بإمكان القارئ العزيز مراجعة وقراءة كافة الرسائل المرسلة الى جناب السيد مسعود البارزاني وهي موجودة في المذكرات المشار اليها اعلاه وما لفت نظري ما يلي :
 اولا”: ينتقد السيد صلاح بدرالدين سياسة الاقليم تجاه الازمة السورية والقضية الكردية صراحة وبشكل مباشر ويخاطب الزعيم وجها لوجه وليس من وراء الكواليس وبشكل علمي وسياسي دون لف او دوران طبعا فقط في بعض النقاط التي تتعلق بالوضع الكردي السوري والتي هو يراها غير صحيحة ولا يقصد سياسة الاقليم ككل. 
ثانيا”: يتم قبول النقد من قبل الاقليم بكل رحابة صدر ويتم مناقشة النقاط المثارة مع اكثر من مختص في الاقليم وتم استقبال كاتب المذكرات السيد صلاح بدرالدين من قبل السيد رئيس الاقليم شخصيا اكثر من مرة. في النهاية لابد ان اشير بانه وخلال السنوات الاخيرة تم طرح مشروع بزاف لإعادة بناء الحركة الوطنية الكردية السورية من قبل السيد صلاح بدرالدين مدعوما من كافة فئات الشباب ومن كافة الاعمار ومن كلا الجنسين . 
يقول السيد صلاح في مدخل مشروع البرنامج المرحلي ل بزاف : انطلاقا من مبادئ ومستلزمات مرحلة التحرر القومي والوطني الديموقراطي القاضية بانتزاع الحقوق المشروعة لشعبنا الكردي جنبا الى جنب مواصلة النضال المشترك لإزالة الاستبداد وتحقيق التغيير الديموقراطي في كامل الجغرافيا السورية وصولا الى سوريا الجديدة التعددية التشاركية بنظامها السياسي العادل المتوافق عليه بين كل مكوناتها القومية والدينية والاثنية وتوفير الشروط اللازمة والارضية المناسبة للفعل والتأثير لما بعد مرحلة الاستبداد واعادة الاعمار والبناء. 
وايمانا منا بالتعددية الفكرية والسياسية والثقافية وبالحوار الديموقراطي في ساحتنا السورية عامة والكردية على وجه الخصوص نعلن عن تصميمنا في حراك بزاف على اعادة بناء الحركة الوطنية الكردية السورية ككيان طوعي منظم تحالفي نضالي مستقل واسع يستوعب الوطنيين من مختلف الانتماءات الطبقية -الاجتماعية وكل الاعمار والفئات….
 طبعا المشروع يتألف من عدة اقسام الاول يتضمن المشروع القومي الديموقراطي والقسم الثاني يتضمن المشروع الوطني واخيرا هنالك منطلقات و مسلمات ثابتة لـ بزاف يتألف من اثنتا عشر نقطة ولمن يريد الاطلاع اكثر المشروع بأكمله متواجد على مواقع التواصل الاجتماعي. 
ختاما المذكرات بأجزائها الثلاثة اغنت تاريخ الحركة الكردية واضافت عملا مثمرا للمكتبة الكردية وتناولت الاحداث في اطار الحركة القومية الديموقراطية الكردية في سوريا وامتداداتها الوطنية السورية والقومية الكردستانية وتجاذباتها الاقليمية والعالمية. 
شكرا للكاتب على هذا العمل القيم والذي حاول ان ينقل الاحداث الينا بموضوعية حسب المنهج العلمي الذي التزم به فكرا وممارسة منطلقا من حقيقة أن التاريخ تصنعه الشعوب ويساهم فيه الافراد.
 

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

غريب ملا زلال

ألوان ملهمة للمزيد من الإبداع
تحظر الأوطان في أغلب أعمال الفنانين التشكيليين، حتى وإن كان حضورها باهتا ونادرا، لكن الوطن بالنسبة إلى بعضهم هو الملهم الأول والأخير، تسحرهم طبيعته وتفاصيله، فينذرون أعمارهم وموهبتهم لإعادة تصويرها في لوحات تخلد ذكراه وتنقل جمالياته نحو الآخر الذي يعيد اكتشاف البلدان في عيون أبنائها.

يرتبط الإنسان بالمكان الذي جُبِل…

إبراهيم أبو عواد / كاتب من الأردن

يُعْتَبَرُ الكاتبُ الرُّوسِيُّ أنطون تشيخوف ( 1860 _ 1904 ) أعظمَ كاتب قِصَّة قصيرة في التاريخ . كَتَبَ المِئات مِنَ القصص القصيرة التي اعْتُبِرَ الكثير منها إبداعات فَنِّية كلاسيكيَّة ، كَمَا أنَّ مَسْرحياته كانَ لها تأثير عظيم على دراما القَرْنِ العِشرين ، وَتَعَلَّمَ مِنها الكثيرُ مِنْ كُتَّابِ المَسْرحيات المُعاصِرين .

فراس حج محمد| فلسطين

يختزن الذكاء الاصطناعي معلومات ذات قيمة دلالية في التعريف بالأشياء أو الأفكار التي يريد المستخدم البحث عنها، وفي تطوّر إيجابي فإن أول النتائج التي تقفز أمام المستخدم/ الباحث تَصوّر الذكاء الاصطناعي عن هذا الأمر المبحوث عنه، فيقدّم خلاصة نافعة مع مجموعة من الروابط التي تحيل إلى المصدر.

لم أنشر من كتاب “الإنقاص البلاغي-…

ماهين شيخاني

ولد الكاتب والصحفي والمناضل الكوردي موسى عنتر، المعروف بلقب “آبي موسى” (Apê Musa)، عام 1918 في قرية “ستليلي” الواقعة قرب الحدود السورية، والتابعة لمدينة نصيبين في شمال كوردستان. ترعرع يتيماً بعد أن فقد والده في صغره، فحمل في قلبه وجع الفقد مبكراً، تماماً كما حمل لاحقاً وجع أمّته.

بدأ دراسته في مدارس ماردين، ثم انتقل…