إنا شعوبيون!*

عبد الستار نورعلي
إنّا شعوبيونَ،
إنْ كانَ الذي نريدُهُ العدلَ،
وإنْ كانَ الذي نقولهُ الحقَّ،
وما يجري على الأرضِ
هو الباطلُ والفسقُ،
وريحُ الجاهليّةْ.
إنّا شعوبيونَ،
إنْ قلْنا بأنَّ الفقراءَ الضعفاءَ
والمساكينَ اليتامى
يرثونَ الأرضَ والجنةَ،
حكمَ الأغلبيّهْ.
إنّا شعوبيونَ،
إنْ قلنا بأنَّ الزنجَ قد ثاروا على الإقطاعِ،
أنَّ القرمطيْ كانَ اشتراكياً
يقودُ الناسَ ضد السادة الباغينَ
ماكانوا رعاعاً
بل رعاةً لقضيّهْ.
إنّا شعوبيونَ،
إذ ننظرُ في التاريخ،
نجلو الزيفَ عن خلافةٍ 
مسروقةٍ
مطعونةٍ
طاغيةٍ..
فيها الجواري حكماءُ القوم،
والخليفةُ المنصورُ في حضن بَغيّهْ.
إنا شعوبيون، ياعليُّ،
إذ نراك صوتَ العدلِ،
والمظلومِ
والمقهورِ 
والجائعِ،
سيفَ الحقِّ ضد البغيِّ،
والرشوةِ، والزيفِ،
ورمزاً للمروءاتِ النقيّهْ.
إنّا شعوبيون،
إذ نرفضُ حكمَ الأجنبيِّ الغاصبِ المحتلِّ،
صوتَ الداعرِ المُختلِّ،
والمرتدِّ عن غضبِ الهويّهْ.
إنّا شعوبيون،
إذ نعقدُ فوق الصدرِ حبَّـاً
وردةً حمراءَ،
أو خضراءَ،
أو بيضاءَ،
شوقَ العنفواناتِ الأبيّهْ.
إنّا شعوبيونَ،
هلّلنا لتموزَ،
وقاومْنا مغولَ القرنِ
في رمضانَ،
في آذارَ،
دافعْنا دفاعَ الموتِ
في وجهِ خيول الهمجيّهْ.
إنّا شعوبيون،
إذ ثرْنا، 
وقاومْنا على قممِ الجبالِ
نطالبُ السلطانَ حقّاً ضاعَ منّا
في ملفّاتِ المصالح،
في دهاليز العواصمِ
خلفَ أمواج البحارِ الأجنبيّهْ.
إنّا شعوبيون،
إذ قلْنا بأنَّ ساطعَ الحُصريَّ تركيٌّ
تزيّى بالبداوةِ والعروبةِ
بين خيماتٍ سخيّهْ.
إنا شعوبيون،
إذ نعشقُ شعرَ جواهريِّ العصرِ،
صوتاً هادراً فوقَ المنابرِ، 
وهو يُنشدُ، 
وهو يغضبُ،
وهو بينَ مرابع الغرباءِ
محفوفاً بأزهارٍ وانوارٍ،
ومحزوناً يناجي دجلة الشرفاءِ،
لا اللقطاءِ،
وهو يموتُ منزوعَ الهويَّهْ!
إنَا شعوبيونَ،
إذْ نقرأُ رأسَ المالِ،
إنجلزَ، ولينينَ،
جلالَ العظمِ،
أو نصرَ بنَ حامدَ،
أو نناقشُ خلفَ أبوابٍ خفيّهْ!
إنّا شعوبيون،
وهو الجمعُ من شعبٍ،
فمَنْ يعشقُ كلَّ الناسِ في الأرضِ،
يلاقي خنجرَ الشبهةِ والتهمةِ،
لا يحوي الخصالَ العربيّهْ!
إنّا شعوبيون،
إذ نزرعُ  زهرَ الغدِّ،
لا نزرعُ رملَ الجاهليّهْ!
عبد الستار نورعلي
الأربعاء 17 تموز 2019 
كُتبّتْ القصيدة بتاريخ 6 كانون الثاني 1998، ونُشرتُ في حينها بصحيفة (ريگاي كوردستان) في أربيل، وعدد من مجلات وصحف المهجر. وأعيد اليوم نشرها ليطلع عليها جمهور القرّاء الأعزاء:

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

قصة: مشعل تمو
ترجمة: ماهين شيخاني

في تلك الغرفة الواسعة , المترامية الأطراف ، كان الضابط يخطو جيئة وذهابا , ومابين كل خطوتين , بثني ركبته اليمنى ويداه متشابكتان , تهتزان خلف ظهره ، ودون أن ينظر إليَّ قال:
– نعلم ماذا تفعلون و ماذا تكتبون ! إذاكان رأسك صلداً فقد كسرنا روؤس أقسى ! إذاكنت عنيداً فنحن…

فراس حج محمد| فلسطين

هذه الرواية من الروايات القليلة التي لم أندم أنني قرأتها، وأنفقت في الاستمتاع بها يومين كاملين، فعلى الرغم من متنها الممتد لأكثر من (350) صفحة، إلا أنها دفعتني للقراءة دون توقف بنسخة إلكترونية، هذا لم يحدث معي سوى في كتب قليلة جداً، أعادتني “صلاة القلق” إلى نفسي قارئا نهماً، قبل أن تصيبني…

إبراهيم أبو عواد / كاتب من الأردن

عِلْمُ المَنْطِقِ هُوَ عِلْمٌ يَبْحَثُ في القواعدِ والأُسُسِ التي تُنظِّم التفكيرَ الصحيح ، وتُميِّز بَيْنَ الاستدلالِ السليمِ والاستدلالِ الخاطئ . وَهَذا العِلْمُ آلةٌ قانونية تَحْمِي الذِّهْنَ مِنَ الخَطأ في الفِكْرِ .

يُعْتَبَرُ الفَيلسوفُ اليوناني أَرِسْطُو طاليس ( 384 ق. م _ 322 ق.م ) مُؤسِّسَ عِلْمِ المَنْطِقِ . وَهُوَ…

ماهين شيخاني

قيل إن المخيم لم يُبنَ على أرضٍ عادية، بل على فراغٍ قديم ابتلع قرى وذاكرات.

من يعبر بوابته لا يعود كما كان؛ فالزمن هناك يسير مكسورا، والساعات المعلقة على جدران الخيم لا تعطي التوقيت ذاته، وكأن كل خيمة تعيش في ساعة مختلفة. بعض الناس فقدوا أسماءهم، وآخرون استعاروا أسماء غيرهم. وفي مساءٍ لم يُعرف تاريخه،…