ماجدة داري
لكل شعوب الارض موسيقا تميزها عن الاخرى، ولكل شعب واجهة موسيقية يكاد الكل يتفق على مكانتها، وابداعها ولعل سعيد يوسف كفنان وموسيقي كردي يعتبر الابرز فنيا على مدى خمسين عاما الماضية، والذي حافظ على نمطية موسيقاه والتي تماهت لدرجة اختفت الحدود ما بين اغانيه والاغاني الفلكلورية، وهذه حالة فنية نادرة وان دلت على شيء فأنها تدل وبوضوح تام على عمق وتجذر فنه الغنائي الشعبي اداء وعزفا، وبناءً على مكانته في تاريخ الموسيقا الكردية ودوره في انتشار الاغنية الشعبية الكردية، والتي تبدأ لديه من تأليفه للكلمات ومن تلحينها وبالتالي غنائها وادائها بصوته المميز وعبر ألة البزق الموسيقية التي كانت رفيقة دربه منذ البدايات والى الان وبذلك استحق لقب امير البزق ويعتبر ايقونة مضيئة وقامة ابداعية في تاريخ الفن الغنائي الكردي وموسيقاه المعاصرة والذي لم يكن حينما بدأ كغيره من ابناء جيله الموسيقيين وقبل اكثر من نصف قرن يملك مشروعا فنيا مميزا ولم يخلد بباله انه سيكون يوما ما رقما موسيقيا يصعب تجاوزه ان لم يكن ذلك مستحيلا ايضاً.
فهو يبدع موسيقا كردية لها نكهتها الخاصة وخصوصيتها وهويتها القومية الجغرافية، محافظا على نمطية واسلوبية خاصة تقترب من الفلكلور والتراث، حيث كرس كل جهده الفني للأغنية الكردية الشعبية الغرامية العاطفية مقاوما موجات الحداثة المهددة لسمات الغناء الكردي، لذا برز مدافعاً عن الاغنية الكردية واسلوبيتها في سرد حالات العشق ولحظاته الدافئة ضمن سردية شعبية محافظا على المقامات واسلوب الغناء الشعبي الملاصق لذائقة واحلام المستمع الكردي محتفظا بذاك النمط العاطفي الذي ساهم في انتشاره لقربه من المزاج العام وللذائقة الفنية حيث حمل في طيات مشروعه الموسيقي ملامح ثقافة سمعية، في مستويات الابداع اللحني والادائي مانحاً اغنية كردية لها هويتها وخصوصيتها ونكهتها العاطفية اللغوية، محافظا على شكلها العام ضمن تيارات الانفتاح الموسيقي والعولمة الفنية، التي اطاحت ببعض من خصوصية وهوية الغناء الكردي واسلوبيته امام تحديات عديدة وعميقة مع هبوب رياح العولمة المهددة لخصوصية الموسيقا الكردية الاصيلة.. استطاع وبمقدرة فنية عالية عبر تكريسه كل نشاطه وجهده وفنه في سبيل اغنية كردية عاطفية تقترب للتراث بحيث يصعب ايجاد مغني كرس كل جهده من اجل موسيقا شعبية وعاطفية عبر عقود طويلة من العمل الموسيقي. انه ما يزال ولهذه اللحظة امينا لحالات الانسان وعشقه، ببوحه وسرده لحالات الانسان، وبذلك فأنه يستحق ان نطلق عليه لقب سفير العشاق للأغنية العاطفية التي استطاع ان ينقلها من وسطها المحلي الى عموم اماكن تواجد الانسان او المستمع الكردي ويتفق اغلب النقاد والمتابعين له على مكانته وابداعه لمى يملك من عمق واصالة فنية، مكونا هوية وبصمة خاصة ومدرسة فنية لها روادها وطلبتها ومريديها ايضا..
بقي ان نضيف بان الفنان سعيد يوسف تعامل بجرأة مع حالة الغزل وتوصيف المحبوبة واستطاع ان ينتزع من المجتمع حالة من الحرية او سمح لنفسه بناء هامش من الحرية في التعبير عن حالات المرأة العاشقة معبرا عن حالة المجتمع الكردي الرافض لأي علاقة عشق او حب وبذلك اعلن رفضه لتلك العقلية المتخلفة راسما طريقا رومانسيا لحالات الحب والعشق، فأصبحت اغانيه رسائل للعشاق في بيئة لم تكن ترحم اي هفوة في هذا المجال، والذي تناول بجرأة مواضيع الحب والعشق والغزل الايروتيكي المحرم في المجتمع الكردي وخاصة في بداياته الفنية، والتي تحسب له، حيث غنى للحب و للجمال وللمرأة مبرزا خصوصيتها وجمالها وتميزها وضرورة تحررها، مدافعا عن حقها في الحب والحياة. وبقي ان نقول بأن الفنان سعيد يوسف يعتبر شخصية وقامة فنية تستحق التقدير والدراسة والبحث، كونها شخصية معبرة عن مشاعر واحاسيس افراد مجتمع ولأجيال قادمة.. وختاما اتمنى له الصحة والعمر المديد ومزيدا من التألق والابداع.
*- الكلمة التي ألقيتها في حفل تكريم الفنان سعيد يوسف من قبل الاستاذ حميد درويش يوم 7/7/2019، بقاعة الدكتور نور الدين ظاظا.
ماجدة داري