بانوراما يهود كوردستان ونبوة النبي ناحوم

كونى ره ش
مما لا شك فيه يعيش في كوردستان الى جانب الكورد عناصر قومية ودينية أخرى وهي: الأرمن والسريان والاشوريين والعرب واليهود.. بالنسبة لتواجد اليهود في كوردستان، امر لا جدال فيه، فهم من اسلاف اليهود الذين اجلاهم الاشوريون الى كوردستان في القرن الثامن قبل الميلاد، حينما غزا الملك الاشوري (تجلات بلاسر) مملكة إسرائيل في اورشليم والسامرا واحتلها عام 731 ق. م.. وفي عام 722 ق. م، قضى الاشوريون بشكل نهائي على مملكة إسرائيل وشردوا قسما اخر منهم الى منطقة الحران والخابور وجبال ميديا.. وفي عامي 597 و586 ق. م، غزا نبوخذ نصر مملكة اليهود مرتين واسر الكثير من اليهود ونقلهم الى كوردستان وبابل وما بين النهرين وظلوا منتشرين في كوردستان.
 وفي عام 538 ق.م، مع دخول الملك الفارسي (كورش) الى مدينة (نينوى)، بعد الانتصار على الأشوريين وفتح المدينة عام 612 ق.م، اطلق الحريات الدينية والمدنية للشعوب التابعة له، وسمح لليهود الذين سبهم الأشوريون الى فارس وكوردستان ومسوبوتاميا بالرجوع الى ديارهم؛ أورشليم وسامرا.. وتحقق نبوة النبي ناحوم.. كان (النبي ناحوم) قد تنبأ بخراب (نينوى) وعودة اليهود الى بلادهم، وفعلاً خربت عام 612 ق.م، كما تنبأ.. وقبلها كان قد تنبأ بخراب عاصمة الفراعنة (ممفيس) في مصر، وفعلاً خربت في عام 663 ق. م وتحقق نبوته..
كان (النبي ناحوم)، قد سبي كغيره من أبناء جلدته اليهود على يد الأشوريين من إسرائيل الى بابل، قرية (آلقوش)، القريبة من مدينة دهوك، بسفح جبل آلقوش. واليوم يعتبر ضريحه في هذه القرية (مزاراً مقدساً)، يزوره سنوياً الألاف من اليهود والمسيحيين والمسلمين والأيزيدية.
 وقلما وجدت مدينة او بلدة كوردية تخلو من اليهود.. ولاحقا كان ثقل تواجدهم في جزيرة بوتان وزاخو ونصيبين وعمادية وآلقوش وراس العين وحران.. وظلوا الى ان عادوا الى إسرائيل بعد عام 1948م. وكان اليهود بصورة عامة يشتغلون بالتجارة والصناعة والحرف اليدوية. وهم اول من افتتحوا الحوانيت التجارية في مدينة القامشلي، ومزارهم المقدس في مدينة القامشلي (قبة يعقوب أو قبر يعقوب). يقوم هذا المزار الديني اليهودي في بقعة من الارض غرب مدينة نصيبين والقامشلي معاً، بحدود 3 كم، داخل الاراضي السورية، في خلوة بعيدة عن الضجيج وقلائل المدينتين، حيث يسود السكون والهدوء.. ويحف بالمقام صيفاً سنابل القمح الذهبية التي تهديه آيات السلام وشعائر الاحترام.. وهذا المزار لا يقل شأناً وقدسيتاً عن مزار النبي ناحوم في آلقوش بالعراق..
القامشلي 19/08/2019

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

دريس سالم

 

«إلى تلك المرأة،

التي تُلقّبُني بربيع القلب..

إلى الذين رحلوا عني

كيف تمكّنْتُ أنا أيضاً على الهروب

لا أريدُ سوى أن أرحلَ من نفسي…».

يفتتح الشاعر الكوردي، ميران أحمد، كتابه «طابق عُلويّ»، بإهداء مليء بالحميمية، ملطّخ بالفَقد، يفتتحه من قلب الفَقد، لا من عتبة الحبّ، يخاطب فيه امرأة منحته الحبّ والحياة، لقّبته «ربيع القلب». لكن ما يُروى ليس نشوة…

علي شمدين

المقدمة:

لقد تعرفت على الكاتب حليم يوسف أول مرّة في أواخر التسعينات من القرن المنصرم، وذلك خلال مشاركته في الندوات الثقافية الشهرية التي كنا نقيمها في الإعلام المركزي للحزب الديمقراطي التقدمي الكردي في سوريا، داخل قبو أرضي بحي الآشورية بمدينة القامشلي باسم ندوة (المثقف التقدمي)، والتي كانت تحضره نخبة من مثقفي الجزيرة وكتابها ومن مختلف…

تنكزار ماريني

 

فرانز كافكا، أحد أكثر الكتّاب تأثيرًا في القرن العشرين، وُلِد في 3 يوليو 1883 في براغ وتوفي في 3 يونيو 1924. يُعرف بقصصه السريالية وغالبًا ما تكون كئيبة، التي تسلط الضوء على موضوعات مركزية مثل الاغتراب والهوية وعبثية الوجود. ومن المميز في أعمال كافكا، النظرة المعقدة والمتعددة الأوجه للعلاقات بين الرجال والنساء.

ظروف كافكا الشخصية…

إبراهيم اليوسف

مجموعة “طائر في الجهة الأخرى” للشاعرة فاتن حمودي، الصادرة عن “رياض الريس للكتب والنشر، بيروت”، في طبعتها الأولى، أبريل 2025، في 150 صفحة، ليست مجرّد نصوص شعرية، بل خريطة اضطراب لغويّ تُشكّل الذات من شظايا الغياب. التجربة لدى الشاعرة لا تُقدَّم ضمن صور متماسكة، بل تُقطّع في بنية كولاجية، يُعاد ترتيبها عبر مجازٍ يشبه…