الى الاخوة النقاد الكرد والعرب بشكل خاص

خالص مسور
في بداية كلامنا هذا علينا ان نشير إلى الحالة النقدية السائدة اليوم بين النقاد الكرد والعرب بشكل خاص ونقول: بأن الناقد على العموم يجب ان يتعامل مع النص وليس مع الشاعر او الأديب مهما كان احدهما فطحلا او فحلا، ومهما كان مستوى اشعارهما وكتاباتهما، فيجب ان يتناول الناقد النصوص الشعرية او الأدبية بشكل جدي واحترافي ومحايد. 
ونتمنى ان يأخذ النقاد مقولة موت المؤلف بالحسبان اثناء دراساتهم النقدية الجادة ولو بشكل جزئي، ولكني وجدت عجبا من طريقة قرائنا ونقادنا الاعزاء عربا، وكردا، تركا، وعجما، في اسلوب التعامل مع الشعراء خاصة، أو مع بعضهم وهو اسلوب او طريقة الشيخ والمريد. 
اي ان غالبية القراء وغالبية النقاد وليس كلهم، ينبهرون بالشعراء الفحول بحيث لا يجوز عندهم، لأي ناقد ان يشير ولو إلى سلبية واحدة في اشعار شيوخهم الفحول، وهذا ما يدخل الرعب في قلب الناقد ويبعده عن النقد الجاد والكتابة الجادة والبحث الرصين.
 فمثلا الشاعر السوري نزار قباني يعتبر فوق النقد لدى قرائه في اشعاره العربية مثلا، والذي سماه الناقد السعودي عبد الله الغذامي بالشاعر الفحل. ولذلك يتحاشى النقاد من انتقاد شعره لأن له مريدين من القراء والنقاد يقدسونه تقديسا اعمى رغم الهفوات الكثيرة في شعره. لكن نقول وعلى اية حال، لا يجوز للناقد بشكل خاص ان يكون مريدا لاحد، حتى لا يغشى فضاءات النقد سكران سادرا. وهناك بعض فحول الشعراء الكرد ايضا، إما لأن اشعارهم مشهورة بين الجمهور أو انهم تغنوا بقصائد وطنية فلا يحق لاحد انتقاد نصوصهم الشعرية والادبية مهما كان مستوى هذه النصوص في عالم الأدب والشعر. 
نعم الشاعر قد يكون مشهورا ومتمكنا لكن ليس معنى هذا انه فوق النقد أو حتى الفيلسوف الفلاني فوق النقد، حينها لا يجرؤ احد على انتقاد الفيلسوف او الشاعر الفحل بسبب احتجاجات مريديه الذين يخرون له سجدا، وقد يكون هو يقبل النقد ولكن مريديه لا يقبلونه وهذه تسبب مشكلة عويصة للنقاد. كما اوضح ذلك الناقد السوري الشهير عبد الكريم اليافي الذي قال في مقابلة له كجواب على السؤوال الذي طرح عليه: ما ذا استفدت من نقدك كل هذه السنين الطوال؟ فقال بالحرف: لم استفد شيئا سوى أنني خسرت اصدقائي وكسبت الف عدو!. 
ولذلك يتحاشى النقاد الشاعر الفحل او يضطرون الى مدحه، وحينها يضعف الادب والنقد لدينا معا ولا يدخلان معترك التقدم والازدهار. وفي الحقيقة ومن خلال قراءاتي للدراسات النقدية لمعظم النقاد الكرد والعرب بشكل خاص، لم اجد منقودا ليس فطحلا ولم أشاهد الا نادرا من يبين لنا مكان الضعف في اشعار هؤلاء الفطاحل وكأن اشعارهم وكتاباتهم آيات انزلت من لدن حكيم خبير، وقد رأيت في بعض الدراسات ان لم نقل كلهم، كيف ان نقادنا يكيلون آيات المدح والثناء لمنقوديهم كقولهم مثلا – يعبر بشكل ابداعي – يستبدل الكلمات – يقتحم فضاءات الجملة المعبرة، يتحكم بصوره الشعرية. وغير ذلك من الكلمات والعبارات الآسرة والمخادعة في كثير من المرات وليس في كل المرات في الحقيقة. 
ولكننا نقول، ما هكذا تورد الإبل يا نقادنا الأجلاء. فحينما ارى نقدا لديوان شاعر او لقصة أديب بأية لغة كانت، فمن حقي كقاريء او كناقد ان استفيد من جوانب القوة كما من جوانب الضعف في النص المنقود، ولذلك اقول أن النقاد يغشون سماوات نقد الأدب والشعر وهم يمدحون منقوديهم باكثر مما يستحقون، فيشوهون المسارات النقدية ولا يعطون القراء الا النذر اليسير. ولهذا فعلى نقادنا الأجلاء ونحن كقراء، ان نعلم بان لكل جواد كبوة ولكل شاعر واديب هفوة وعلى النقاد تبيانها. واستطيع ان اسمي لهذا النقد الكردي وإلى حد ما النقد العربي بالنقد المنحاز بنسبة كبيرة. 
وهذا سبب من اسباب عدم تقدم النقد والشعر الكرديين كما النقد العربي إلى المستوى المطلوب، رغم وجود نقاد كرد وعرب لا يستهان بمستواهم العلمي في مجال التحليل النقدي. ومن مجمل الكلام نتوصل بأننا يتوجب علينا ان نرفع هنا ومنذ اليوم الشعار النقدي”لا احد فوق النقد، ولا فحول بعد اليوم” هذا إذا كنا نحترم انفسنا كنقاد وقراء. 
 19/8/2019م  

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

ماهين شيخاني

كانت الورشة ساكنة، تشبه لحظة ما قبل العاصفة.

الضوء الأصفر المنبعث من المصباح الوحيد ينساب بخجل على ملامح رجلٍ أنهكه الشغف أكثر مما أنهكته الحياة. أمامه قالب معدني ينتظر أن يُسكب فيه الحلم، وأكواب وأدوات تتناثر كأنها جنود في معركة صامتة.

مدّ يده إلى البيدون الأول، حمله على كتفه بقوة، وسكبه في القالب كمن يسكب روحه…

صدر حديثاً عن منشورات رامينا في لندن كتاب “كلّ الأشياء تخلو من الفلسفة” للكاتب والباحث العراقيّ مشهد العلّاف الذي يستعيد معنى الفلسفة في أصلها الأعمق، باعتبارها يقظةً داخل العيش، واصغاءً إلى ما يتسرّب من صمت الوجود.

في هذا الكتاب تتقدّم الفلسفة كأثرٍ للحياة أكثر مما هي تأمّل فيها، وكأنّ الكاتب يعيد تعريفها من خلال تجربته الشخصية…

غريب ملا زلال

بعد إنقطاع طويل دام عقدين من الزمن تقريباً عاد التشكيلي إبراهيم بريمو إلى الساحة الفنية، ولكن هذه المرة بلغة مغايرة تماماً.

ولعل سبب غيابه يعود إلى أمرين كما يقول في أحد أحاديثه، الأول كونه إتجه إلى التصميم الإعلاني وغرق فيه، والثاني كون الساحة التشكيلية السورية كانت ممتلئة بالكثير من اللغط الفني.

وبعد صيام دام طويلاً…

ياسر بادلي

في عمله الروائي “قلعة الملح”، يسلّط الكاتب السوري ثائر الناشف الضوء على واحدة من أعقد الإشكاليات التي تواجه اللاجئ الشرق أوسطي في أوروبا: الهوية، والاندماج، وصراع الانتماء. بأسلوب سردي يزاوج بين التوثيق والرمزية، يغوص الناشف في تفاصيل الاغتراب النفسي والوجودي للاجئ، واضعًا القارئ أمام مرآة تعكس هشاشة الإنسان في مواجهة مجتمعات جديدة بثقافات مغايرة،…