صدور ديوان «جدائل الضباب» للشاعر لوند داليني

صدر حديثا عن اصدارات مطابع سرسرا (برلين المانيا)  ديوان شعري باللغه الكرديه للشاعر الكردي لوند داليني ( سيف داود)  باسم
 “جدائل الضباب”  Kezîyên mijê
من 109 صفحات – مرتبه على الشكل التالي:
لوحة الغلاف وتصميمها من اعمال الشاعر
 المقدمه للروائي والشاعر ابراهيم اليوسف مترجمه للغه الكرديه
 الاهداء  
 نبذه عن حياة الشاعر
 القسم الاول:
قصائد حره 16 قصيده
القسم الثاني:
قصائد موزونه 15 قصيده
المقدمه الاصليه باللغه العربيه
قصيدة “وطني” مترجمه للعربيه الشاعر هادي بهلوي
قصيدة “دفء سواد عينيك” مترجمه للعربيه الباحث ابراهيم محمود
الفهرس.
Bêdengîyek….
Li rojavayê bêdengîyê….
pîkol û kutkuta dilê min dizîn,
bi bê miradî sînor pê dane derbas kirin? …
li ser şopa rêçikeke dûv drêj,
û li ser rûçikê xakeke wêran
mîna kezîyên mijê ên ne hûnandî 
li ber bayê demê;
bi bê sermiyanî hatibûn talankirin,
nasnama min ji xwere frotin!?
مقدمة 
ينتمي الشاعر لوند داليني إلى عالم هؤلاء المبدعين، متعددي المواهب، وذوي الحضور في كل منها على حدة، فهو الشاعر، وهو السارد، كما هو الفنان التشكيلي، بالإضافة إلى المرتبة العلمية التي عمق خلالها دراسته الأكاديمية، في أحد الاختصاصات المرموقة في عالم النفط، وغيرالمتقاطعة مع عالم الأدب، ناهيك عن أنه ذلك الأكثر حضوراً في عمق الحياة الاجتماعية اليومية، من حوله، وكأني به قد رهن نفسه لمعادلة ذهبية وراح يسوي بين أطرافها، بالرغم من كل المصاعب التي يدفع ثمنها من راحته، وهل أتحدث- هنا- عن اللغات التي يجيد الكتابة بها أو يستطيع أن يترجم منها وإليها؟، ففي هذا كله مايدعو إلى الاندهاش من قدراته العالية.
أعرف الصديق د. لوند منذ عقود، وأعده أحد هؤلاء المبدعين الحقيقيين الذين يتمتعون بكاريزما روحية  حياتية وجدت معادلها في ماوقع بين يدي من إبداعاته، لاسيما في حقل الشعر الذي يكتبه بأشكاله المتعددة.  بأشكاله التي تنوس بين امتلاكه لأدوات القصيدة التقليدية وبما يخطو به في عالم الحداثة، بل إنه ممن يكتبون النص المكثف بالإضافة إلى النص ذي النفس الملحمي، وفي كل هذا ما ينم عن براعته في سلاسة المفردة، ومطواعيتها بين يديه، شأن من يمتلك معجمه اللغوي، ولايرى غضاضة في توظيفها ضمن السياق الذي يريد لتخرج عن إطار معجميتها وتتفاعل في مختبره الفني كشاعر ممتلك لهذه اللبنة الرئيسة في معمار النص االشعري، وهوما يسجل له
لوند داليني، متعدد المواهب، أو متشظيها، لايستطيع أن يرى ذاته إلا في أتون ألهبة معادلته المضرمة، وهذا ليس إلا مجرد ترجمة لروح ذات خصائص متعددة، هي الأخرى. روح تسعى إلى أن تقدم أوراق اعتمادها في أكثرمن حقل إبداعي، باعتبارها ترى الفنون مجرد عالم واحد. عالم متداخل. عالم متكامل. عالم عذب  لايمكن لإيقاعات روحه المتأججة هذه أن تهدأ إلا عبر توزعها على مساحات خريطتها، في الشكل الذي ارتأته، وغدا كل منها بمثابة رئة لهذا المبدع،  ليكون من عداد الذين لايمكن لهم أن يتنفسوا إلا عبرهذه الرئات مجتمعة، من دون أن يكون أحدها على حساب الآخر، وهنا تكمتن فرادة لوند.
ثمة وفاء جلي سرعان ما يستكشفه من تمضي به قصيدة الشاعر، إنه وفاؤه هو مع عالمه الذي يعيد صياغته، بل هو وفاء لعالمه الواقعي الذي يعاد تشكيله في القصيدة، لتكون القصيدة صدى الواقع. صدى رؤى الشاعر. صدى روحه. صدى لحظته. صدى أرواح جمهرات ذويه من حوله، وهو يتقدم الحلبة، يلهج بأسمائهم، ليكونوا أبطالاً في هيئة امرىء واحد، أو امرءاً واحداً في هيئات كثيرين. إنها روح الشاعرالتي تنذر ذاتها لتكون  سفيرة للآخرين، بما يموضع هذه القصائد في جبهة لا تتلكأ في عناوينها، من دون أن تتردد في ذلك. إننا هنا أمام هوية هذه القصيدة تحديداً.  
هذه المداخل برمتها، بل وسواها من مداخل أخرى حاولت أن أركنها بعيداً،  استذكرتها، وأنا أنتهي من قراءة نصوص مجموعته الجديدة التي أقدمها
 “جدائل الضباب”(Kezîyên mijê)
 والتي اجتذبتني فضاءاتها، لأجد ذلك الشاعرالذي لا يخيل إلى قارىء النصوص . نصوص مجموعته، إلا وأنه أمام ناص ماهر  يستطيع أن يوصل إليه ذبذبات روحه على امتداد الشريط اللغوي للمجموعة، وهو يتنقل بين  متوالية المحطات الكثيرة، وكأنه أمام كرنفالات عديدة تتراءى أمام عينيه على منصات عديدة، تستحضر أطيافاً هائلة تشكل عوالم تتراوح بين ماهو واقعي وماهومتخيل، إذ لايفتأ الشاعريروي سيرة ألم وحلم، من دون أن يتوانى عن اشتعالات روحه التي يكتوي بها، وهو يوازن بين ماهو جمالي وماهو رؤيوي، باعتباره في النهاية من هؤلاء المبدعين الذين لايتوانون عن الانهمام بمتلقيهم، ليتوئم بين أنثاه ووطنه. يتوئم بين ذاته ومحيطه، من أجل قصيدة يحدد شروطها ضمن المجموعة، ولايتوقف عندها، ليطور أدواته ورؤاه الجمالية في نصه المقبل.
خلال نصوص مجموعته  هذه تظهر جلياً مهارة الشاعر في رسم صورته الشعرية، إذ يحضر لوند التشكيلي بمهرجان ألوانه التي يعيد خلقها على يديه، وهو ما يمكن تلمسه لدى هؤلاء التشكيليين الشعراء، أو الشعراء التشكيليين، أي هؤلاء الذين يجمعون بين الريشتين: ريشة الرسم وريشة الكتابة، أو الريشة والقلم، لا ضير، ولعل هاتين الريشتين تجتمعان في ريشة واحدة لتكون هناك لوحته التي تكرس حضورها، كما قصيدته التي تقدم ملامحها، مايجعل النص لديه لوحة، كما يمكن اعتبار لوحته نصاً مفتوحاً على آفاق الشعر.
ثمة مخاطب في نص الشاعر. إنها أنثاه، تلك، التي تنتظرعلى بعد صدى صورة شعرية، يلهج باسمها، بصيغ عديدة، وفي هذا ما يعيد الاعتبار لبعض أدوات النص الشعري الحديث الذي لما ينفصم بعد من حاضنته الشعرية- القصيدة التقليدية- التي يجيد كتابتها، وإن كنا نجد لغته تمضي نحوحداثيتها، من خلال صياغاتها المكثفة، والجديدة. كما أن المخاطب قد يكون آخر غيرالأنثى: جمهرات مرئية، غيرمسماة لكنها معروفة، أو صورة وطن متخيل. وطن واقعي ملتهم في بطون حيتان الخرائط الطارئة، بعد قيامته الأولى.
عوالم قصيدة لوند هي الأخرى تتعدد، إذ إنه  يكتب عن تفاصيل لحظته، حيث الذات الحاضرة. الذات التي ترصد، أو لنقل ترسم، أو تعزف، كما أن الآخر. الآخر الذي هو الذات نفسها تدخل في إطار حوارية لا تفتأ أحوالها تظهر تترى، لنكون  في حضرة آلام تكاد لا تنطفىء هي الأخرى، ما خلا هاتيك الأوقات التي تهطل غيمات الحلم. غيمات الحب. غيمات الأنثى التي تظهر من حبرالقصيدة بقامتها النعناعية، تراقص جمهرات صور قصيدته، تعده بفردوسها القريب، بعيد إرث من الخيبات، والطعنات، و الانتظارات.
ما يسجل للوند، في قصيدته، كذلك، أنه من عداد هؤلاء الذين يجمعون بين الموسيقا الداخلية والخارجية في نصهم الشعري. الموسيقا الداخلية التي تنشأ من خلال هارموني كيمياء العلاقة بين المفردة والأخرى ضمن فضاء الصورة، ومدى توظيفها في بناء القصيدة، ودورها الجمالي والدلالي، بالإضافة إلى تلك الموسيقا الخارجية التي  تترجمها أذنه، ما يضعنا أمام إيقاع أوكستري هو-في الأصل- نتاج تفاعلات الأدوات المعتمدة برمتها، والتي تحيل إلى ناص متمكن من لبنات عمارته، يشيدها، كما يريد، بحيث نجد  هذه التنويعات ضمن إطارالمجموعة. 
وأخيراً، فإن مجموعة لوند داليني هذه تشكل خطوة جديدة في تجربته الإبداعية التي أعرف بعض ملامح بداياتها، فهي بهذا إضافة جديدة إلى تجربته التي بدأها من خلال نشرنصوصه المتفرقة في بعض الوسائل المتاحة قبل أن يضمها بين غلافي مجموعته
الأولى  جدائل الضباب ”  “
والتي صدرت في العام 2019، كما أنها إضافة مماثلة إلى مكتبتنا الكردية التي باتت  تزدهربوتائر أعلى بعد أن أتيحت لها أسباب الازدهار، في عصرتطور عالم النشر، بل وثورة الإعلام والتكنولوجيا، بعد أن حور مبدعنا وإبداعنا، وثقافتنا، وكان مجرد ضبط قصيدة مكتوبة باللغة الكردية في حوزة شاعر-ولوأنها قصيدة حب- مايدعوإلى اعتقال صاحبها، وبالرغم من ذلك فإنه ومنذ جكرخوين، ومروراً بالأجيال التالية ومنهم لوند داليني كتبوا قصيدتهم ونشروها، متحدين آلة الرقابة.  وها نحن الآن، نرى، أن ثقافتنا تنتصر، وأن إبداعنا ينتصر.
ابراهيم اليوسف
خريف 2019 مدينة ايسن 
المانيا
اخترنا قصيدتين للشاعر من ترجمة الشاعر هادي بهلوي و الباحث ابراهيم محمود:
Welatê min
وطني
لوند داليني ( سيف داود)
ترجمة الشاعر: هادي بهلوي
على عتبة تاريخك
دفعت ضريبة حياتي
وفي بحر سمائك غاصت سفينتي
حدود انتكاستي اكتوت في شمعة قامتك
وذبلت أوراق نرجس  رقصات القلوب 
وعرضت للقتل
وفي عتمة أزقتك
 وتحت قطرات وكف الجدر ودلف المزاريب 
انسلت الروح من الجسد 
ودخلت في زوبعة أصنامك
نجوم سمائك اشرأبت
 وأطلت برأسها على هضابك وأصقاعك
ثم هوت متلاشية ببرود
روائح شياط الحرائق  تعبق
والدخان المتصاعد يومض معه 
على كامل جسدك
لجمت كل لغة و لهجة يعرفها قلبك 
وانفطمت في خضم أحلام سوداء
انعكست حركة مراجيح الدنيا
مزقت جسدك اربا اربا….
واستمرت في الدوران بلا توقف
 شظايا الحدود مزقت قلبك وروحك
و غارت في شرايينك بعيدا بعيدا….
 نحو الأعماق …
مدن قلبك غيرت أسماؤها و عناوينها 
وحطت أسماء غريبة رحالها
بدلا عنها
تمزيق قلبك
 لم يشف غليل حقدهم
 ظمؤهم لامتصاص دمك
 يدفعهم الى مزيد من المعاهدات و الاتفاقات 
العنصرية؟!
 تعالى همس التعطش لوحدة قلبك
وطرق الهمس أسماع  مستحرسي ترابك
فلم يرق لهم ذلك.
 وانتعشت
أحلام أطفالك الصابرين
وفي السموات قاربت أهازيجهم
وتصفيقاتهم بين النجوم
وفي نهاية توهجك
 مغزل الانبعاث ينسج بساطا لتكية
 تحضن الصليب 
ولالش فيها
ان بعث اسمك ينبض بقوة
و تقاسيم خط الحدود قد أقيمت حلقاتها
وراحت ترقص الحداثة على أنغامها
و على صدرك  تعثرت سنابك خيل الأعداء
ورأت حلم ليلة (جارجرا) و تأملتها بذهول!
ضعف قلبك قارب النهاية
 و اتلفت عقد الجرح و أربطته و اندمل
 فلا خوف عليه من الانتكاس
طبيب قلبك أدرك التشخيص 
أعطى وصفة الحداثة 
و الانبعاث
اندفنت أحلام الأعداء 
واندثرت تحت التراب
القامشلي  8 حزيران 2008 
Têhna reşaya çavên te
دفء سواد عينيك
لوند داليني (سيف داود)
ترجمة إبراهيم محمود
حينما سواد عينيك غمرني  
بموجاته
التأم جرح القلب
تبرعم السوسن في سمائي
وأينع مرتين
في محتوى عينيك
أمنيات قلبي
زهت وازدهت
وبدأ فارس الهيجا
في وهدة تينك الأفعيين
يعدو غدوا ورواحا
و بدا دفء عينيك يتكثف
والألق يتوهج
وهوت السفينة في لجة الظلمات
على غير هدى
 
طائرالرخ كان يجوب  حدود الآفاق 
بتمامها
لوحة معنوياتك في النزال الأول
شلت قواي مرات ثلاثا
وهجعت أوردتنا مسترخية واهنة
في وئام الأشقة 
وهبط طائر الرخ من عليائه
للمرة الثانية 
في نزال آخر
حيث كان حماسك
يفتر قليلا قليلا
ليهمد في النهاية
من شواطئ أذنيك
الى خلجان قدميك
همدت القبلات
وجمدت
توارى دفء سواد عينيك
واستوت سفينتك
وحللت القبطان
القامشلي 2009-03-02

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

جان بابير

 

الفنان جانيار، هو موسيقي ومغني كُردي، جمع بين موهبتين إبداعيتين منذ طفولته، حيث كان شغفه بالموسيقى يتعايش مع حبّه للفن التشكيلي. بدأ حياته الفنية في مجال الرسم والنحت، حيث تخرج من قسم الرسم والنحت، إلا أن جذوره الموسيقية بقيت حاضرة بقوة في وجدانه. هذا الانجذاب نحو الموسيقا قاده في النهاية إلى طريق مختلف، إذ…

عصمت شاهين الدوسكي

 

أنا أحبك

اعترف .. أنا احبك

أحب شعرك المسدل على كتفيك

أحب حمرة خديك وخجلك

وإيحاءك ونظرتك ورقة شفتيك

أحب فساتينك ألوانك

دلعك ابتسامتك ونظرة عينيك

أحب أن المس يديك

انحني حبا واقبل راحتيك

___________

أنا احبك

أحب هضابك مساحات الوغى فيك

أحب رموزك لفتاتك مساماتك

أحب عطرك عرقك أنفاسك

دعيني أراكي كما أنت ..

——————–

قلبي بالشوق يحترق

روحي بالنوى ارق

طيفي بك يصدق

يا سيدتي كل التفاصيل أنت ..

——————–

أحب شفتاك…

لوركا بيراني

في الساحة الثقافية الأوروبية اليوم، نلمح زخماً متزايداً من التحركات الأدبية والثقافية الكوردية من فعاليات فكرية ومهرجانات وحفلات توقيع لإصدارات أدبية تعكس رغبة المثقف الكوردي في تأكيد حضوره والمساهمة في الحوار الثقافي العالمي.

إلا أن هذا الحراك على غناه يثير تساؤلات جوهرية حول مدى فاعليته في حماية الثقافة الكوردية من التلاشي في خضم عصر…

محمد شيخو

يلعب الفن دوراً بارزاً في حياة الأمم، وهو ليس وسيلة للترفيه والمتعة فحسب، ولكنه أداة مهمة لتنمية الفكر وتغذية الروح وتهذيب الأخلاق، وهو سلاح عظيم تمتشقه الأمم الراقية في صراعاتها الحضارية مع غيرها. ومن هنا يحتلّ عظماء الفنانين مكاناً بارزاً في ذاكرة الشعوب الذواقة للفن أكثر من الملوك والقادة والأحزاب السياسية مثلاً، وفي استجواب…