خالد بهلوي
يعتبر الفن اللغة الوحيدة التي يفهمها كل البشر من جميع الأجناس والشعوب، الرسام بريشته – الممثل بمسرحه -المطرب بعزفه وأغانيه. فنان يعزف على أوتار الحياة بألوانها وبجمالها وبحلوها وبمرّها الجميل ان يغني للإنسان ومن أجله الفن الهادف رسالة سامية تنقل هموم الشعب بصدق لتوعية المواطنين بالخطر المحدق بهم
جميل أن نشاهد مجموعة من الفنانين في المناسبات الوطنية والقومية، بعيداً عن الشهرة والنجومية ورأس المال على خشبة مسرح متواضع بسيط، دون ديكور أو إضاءة مستندين على الألحان التي تقدم لتكمل الكلمات والأداء سحراً وذوقاً فنياً متميزاً لتدخل الفرحة والبهجة في قلوب انصارهم الذين يتهافتون على سماع أغانيهم والتصفيق لهم مطولاً، سواء أكان اللقاء تحت أشعة الشمس الحارقة أو تحت وابل المطر.
يكون الفن حقيقياً…
عندما يحمل التراث والطابع الشعبي ويعبر عن هموم وآراء وروح المواطن، ويعكس تطلعاته وآفاق تفكيره بكل صدق وأمانه.
فبإمكان أي إنسان أن يسمع مقطع موسيقي لفنان موهوب وأغنية فلكورية معبرة عن الذوق الفني المتجذرة بالأصالة، وخاصةً الألحان التي تستند إلى التراث الخير المعطاء رغم غيابه عن ساحة الفعل والتأثير، والكلمات الجادة التي تعبر عن نفسها وتنطلق عبر الحدود والمدن دون جوازات سفر وتصل إلى باقي الشعوب والمجتمعات، حاملةً هويتها القومية والطبقية، حاملاً آراء وأفكار ومواقف عملَ مدروس مبرمج منظم يخدم فكرة وقضية شعبنا بالتكاتف مع الأقلام والطاقات والمواقف التي يحملها الكتاب والصحفيين والمبدعين.
إن جميع الفنانين مدعوون إلى تطوير الأذواق الفنية وبشكل مستمر , ومحاربة الفن الهابط والمبتذل , والذي أصبح سوقه دارجاً , وخاصةً في الفضائيات التجارية , لأن الفن يؤثر على تطور المجتمع ويشحذ الهمم ويوحد الآراء والأفكار , فكم جميل أن نرى أكثر أفراد المجتمع تنوعاً واختلافاً في الآراء والأفكار تردد بصوت واحد أغنية لفنان أو لفرقة فنية عريقة جادة أو مبهرون بلوحة لفنان تشكيلي أو صورة كاريكاتور ملتزمة بهموم وآمال جماهيرها الواسعة وتخزن في ذاكرتها الكلمات المعبرة بحيث يشعر الجميع أنها تعكس مواقفه وآماله وتوجهاته .
ويستطيع الفن أن يكون رخيصاً مبتذلاً تجارياً ويلاقي أذاناً صاغية بالاعتماد على جمال وجسد المرأة واللقطات المثيرة، لكن بذلك تتحطم آمال وأحلام الطبقات الفقيرة والأقليات الباحثة عن حل لهمومها، التي تبحث عن أفضل وسيلة للتعبير عن مواقفها وآرائها في الموسيقى والغناء مع الكلمة الصادقة المعبرة عن مصالح فئات واسعة من الجماهير، والقلم الجريء الذي يكشف عن مواقع الخلل ويطالب بالعدالة والمساواة بين جميع أفراد المجتمع في الحقوق والواجبات والكرامة الإنسانية إلى مستوى أحلام وآمال كافة الشعوب المظلومة.
آملين بأن لا يغيب شمس الفنانين الكرد، وأن لا يكونوا فناني المواسم والمناسبات، وأن يتواجدوا بين الجماهير، ومع الجماهير، وأن يبقى هاجسهم زيادة شعبيتهم وجماهيريتهم بتقديم الأفضل والأجمل، بعيداً عن القالب التقليدي بحيث يشعر كل شاب صغير، وكل شيخ كهل بأنهم صوته الذي يشدو، لأن الفن هو الغذاء الروحي الوحيد لتقدمهم ونجاحهم. … نحن بحاجة إلى تقديم فن بالكلمة الجادة، ليخفف من هول الحروب والدمار ودماء الشهداء والمغتربين قسراً، وينبذ كل أشكال العنف والحقد الأعمى بتوحيد صفوف الشعب، ويحقق له الكرامة والعيش السعيد.
وتبقى العبرة في النهاية لجميع العطاءات، مدى تلمسها وتقديمها للمشاهد ما يحتاج إليه من زاد لمعرفة واقعه والتفاعل معه ليكون عنصر بناء في تحسين مسيرة الإنسان.