(الموريسكيون) الرباط

علي ملا
مدينة الأنوار: 
قصبة “الأوداية” 
أشجار النخيل، 
إطلالة المقهى على المحيط. 
رشفنا بهدوء حدود الدنيا، 
هنا وهنا حدود الشمس. 
يقف الزمن حائراً ويسكر باسمك. 
تحتضن الأحياء السكنية باللون الأزرق والأبيض، بأزقتها الضيقة وعتباتها الرشيقة المورسكيين الهاربين من الموت في الأندلس. 
على جدرانها قصائد الشاعرة الصوفية المورسكية “لطيفة المسكيني” تنادي أجدادها:
“خمري خمري، 
خمار خمرية اللون 
لقلاع ركابها الخيل 
تيه خطاياها الليل 
دجج جراحها الفجر بنور نجماته الخجلا”.
صدى القصيدة غدها. 
أنتِ تشبهين المدينة 
وأنا غريب أكتشف الدليل،
بعد حلم الكلمات والسفر. 
سور “الأوداية” تشبهكِ، 
عيناكِ نار قبائلها. 
فجر التاريخ هنا، 
قرون عشرة المرابطين التائهين في دروب الحروب. 
يرقد يوسف بن تاشفين الأمازيغي بأمان. 
ربوة صخرية 
نهر أبي رقراق الشقي يفصل الرباط عن سلا بطلميوس، 
الفينيقيون والروم والقرطاجيون حاضرون في الغياب، 
أسوار عالية تعانق البحر 
أبراج محصنة. 
ثمانية وستون مدفعاً بانتظار الأعداء. 
كتابات ونقوش على منارة الجامع العتيق 
وهي تعانق قبة السماء. 
أسماء مورسكية تنادي، 
زخرفات تسمع نبضها على الأبواب والسقوف والجدران. 
غربت الشمس خلف أسوار القلعة، 
تسحبني السمراء من يدي، ونحن نتدحرج نحو البحر لنصغي لأنين الأمواج القادمة، لتروي لنا
حلم أندلس المفقود.
السويد 2020

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

علي شمدين

المقدمة:

لقد تعرفت على الكاتب حليم يوسف أول مرّة في أواخر التسعينات من القرن المنصرم، وذلك خلال مشاركته في الندوات الثقافية الشهرية التي كنا نقيمها في الإعلام المركزي للحزب الديمقراطي التقدمي الكردي في سوريا، داخل قبو أرضي بحي الآشورية بمدينة القامشلي باسم ندوة (المثقف التقدمي)، والتي كانت تحضره نخبة من مثقفي الجزيرة وكتابها ومن مختلف…

تنكزار ماريني

 

فرانز كافكا، أحد أكثر الكتّاب تأثيرًا في القرن العشرين، وُلِد في 3 يوليو 1883 في براغ وتوفي في 3 يونيو 1924. يُعرف بقصصه السريالية وغالبًا ما تكون كئيبة، التي تسلط الضوء على موضوعات مركزية مثل الاغتراب والهوية وعبثية الوجود. ومن المميز في أعمال كافكا، النظرة المعقدة والمتعددة الأوجه للعلاقات بين الرجال والنساء.

ظروف كافكا الشخصية…

إبراهيم اليوسف

مجموعة “طائر في الجهة الأخرى” للشاعرة فاتن حمودي، الصادرة عن “رياض الريس للكتب والنشر، بيروت”، في طبعتها الأولى، أبريل 2025، في 150 صفحة، ليست مجرّد نصوص شعرية، بل خريطة اضطراب لغويّ تُشكّل الذات من شظايا الغياب. التجربة لدى الشاعرة لا تُقدَّم ضمن صور متماسكة، بل تُقطّع في بنية كولاجية، يُعاد ترتيبها عبر مجازٍ يشبه…

ماهين شيخاني.

 

وصلتُ إلى المدينة في الصباح، قرابة التاسعة، بعد رحلة طويلة من الانتظار… أكثر مما هي من التنقل. كنت متعبًا، لكن موعدي مع جهاز الرنين المغناطيسي لا ينتظر، ذاك الجهاز الذي – دون مبالغة – صار يعرف عمودي الفقري أكثر مما أعرفه أنا.

ترجّلتُ من الحافلة ألهث كما لو أنني خرجتُ للتو من سباق قريتنا الريفي،…