أنيس ميرو – زاخو
وأنا أتأمل قصائد الشاعر عصمت شاهين دوسكي وأبحر في عوالمها الفكرية وصورها الشعرية ومضامينها الجمالية التي تبحر بنا إلى زمن الإحساس والجمال والحب والسمو والإبداع والتي تحمل روح الإنسانية ،حيث كانت الأشياء بسيطة والقلب نقي والضمير مضيء والروح يقظة حالمة في محراب التجدد والنشاط والتأمل مع تراتيل شعره عشق يضيف للعشق عشقاً وللحياة حياةً وللإنسانية إنسانيةً لذا في ظل كل هذه العوالم والمكونات المرئية والضمنية أعتبر الشاعر عصمت شاهين دوسكي من الزمن الجميل زمن الحب والنقاء زمن التضحية والوفاء زمن البساطة والمودة زمن الحلم والجمال زمن الأبيض والأسود بعد امتزجت الألوان العصرية في فوضى الفكر وعتمة الضبابية .
أتأمل قصيدة ” نشوة الميلاد” لوحة فنية متميزة لروح وقلب لا يمل وإصرار لا ينتهي وأمل لغد أفضل قد يتحقق فيه الحب العذري و العدالة الاجتماعية وتغني بالجمال وكل مفاتن المرأة في كل تفاصليها ، إن الشاعر الذي أحاسيسه قد فاق بها كل الشعراء من سبقوه في إعطاء المرأة كل الحب والاحترام و ذكر أدق التفاصيل الحسية و الجمالية
كما يقول في مقطع من هذه القصيدة.
(( جرديني من هذياني وجنوني
وحلي قيودي وأنقذيني
تعالي ،تعالي ، أنا بلا سكن
فمن غيرك بالدفء يدفيني
كم نشوة تراءت في بعدك
لكن، ليست أي نشوة تحييني (( .
والقصيدة تذوب في الأحاسيس الجميلة والأشواق التي ظلت تلاحقه في تجوالها و محاسنها.
إنها كلمات افتقدناها من الزمن الجميل في ظل مشاكل ومتاهات باتت تلاحقنا بلا سبب رغم ليس لنا دور في هذه الأحداث المدمية التي دمرت الأخضر واليابس في العالم العربي والكثير من دول العالم .
إننا بحاجة لمثل هذه القصائد الجميلة لنعود للذوق السليم والأحلام السعيدة والفكر الخلاق بعد حدوث هذه الأفعال العدوانية تلاحقنا في ديارنا وديار الجميع بدلًا من الأعمار والبناء وخلق فرص
السعادة والجمال للجميع نرى الدمار والقتل للإنسان في كل مكان.
(( ما بال نشوة الجمال والجمال نشوة
كأس خمر ، كأس هذيان ؟
شعرك السارح على كتفيك حائر
يلمس خديك وثغرك الفتان
لا تلومي القلوب إن هوت أمامك
إن كانت عاشقة برؤاك
أم إحساس نشوة تائهة
في نشوة شفتيك مسك وريحان ))
هذه القصيدة الجميلة التي أعادت إلينا قبس من السعادة النفسية والروحية لروعة كلماتها وجمالها ونقاءها .
هكذا حينما يشاهد المرء شيء مميز ويعجب به حتما يترك أثراً ايجابياً في ذاكرته قد يتطور الإعجاب ليصبح انبهار بما يكتبه الشاعر و الأديب عصمت شاهين. و هذا ما ألاحظه دوما من شخصيات كثيرة بعيدة جغرافياً عن إقليم كردستان العراق ولكن هذا الانبهار بهذه القصائد الجميلة تتحول لكليبات في منتهى الأناقة و الرومانسية هذه تعتبر تزكية من أطراف ليست لها أية مصلحة بالأديب الكبير ومن جهات عديدة في المغرب العربي وتونس وليبيا ومصر وسوريا وفلسطين وفي كردستان العراق والعراق والأردن إنها تزكيات للوجود للجمال للحب للتواصل للتعبير للإبداع الذي يكتبه هذا الأديب ،ولكن للأسف الشديد الجهات المعنية والتي تشرف على الثقافة والأدب في الإقليم لا يهتمون بمثل هذا الأديب المبدع و آخرين من زملائه لكونهم ليسوا بمنافقين أومتزلفين أو يكونون على مسافة بعيدة لكي لا يصلوا إليهم ونرى هذا المبدع
يدور في حلقة مفرغة كيف سوف يدبر له وسيلة ومصدر للعيش الكريم من هذه الجهات استغرب منهم أن لا يتابعوا ما يكتب في الصحافة ؟! ومتى يكون الرجل المناسب في المكان المناسب حيث استبشرنا خيرًا بهم و أشرنا إليهم بأكثر من مرة يا ترى هل ستكون هذه المرة كسابقتها من المرات ؟! فالبلاد تحتاج بل أمس الحاجة إلى الأدباء والمفكرين فلا ثقافة ولا تطور ولا تقدم ولا إبداع دونهم راجيا أن تكون هناك متابعة سعيدة من الجهات المعنية لنفرح بهم وهم بيننا وليس بعد رحيلهم نحزن عليهم رغم إنهم يحملون عوالم الزمن الجميل .