الكاتب: ملا احمد شوزي
الترجمة والتعليق: خورشيد شوزي
دار سرسرا- برلين-ألمانيا
صدرت مؤخراً عن دار سر سرا – برلين/ ألمانيا، مذكرات المناضل احمد عبدالرحمن شاهين آغا الملقب بـ ملا احمد شوزي تحت عنوان “كفاح من أجل كوردستان”. ويقع الكتاب في 144 صفحة من القطع المتوسط، ويتضمن الكتاب مقدمتين: الأولى للدكتور أحمد محمود خليل، والثانية للكاتب خورشيد شوزي، ومدخلاً، و أحد عشر فصلاً، و تسعة ملاحق بالصور والوثائق، أما الغلاف فهو من تصميم الفنان يحيى سلو.
ومن فصول الكتاب:
1- حياتي: البدايات
2- استهلالة جديدة
3- أحداث عام 1926م
4- رحلتي إلى بغداد
5- جمعية خويبون
6- الشيخ علي رضا والأتراك
7- مرحلة النضال والتوعية
8- العبور إلى الشمال
9- خيانة وعقاب
10-ست سنوات من النضال
11- مرحلة الفاح السلمي
12- الملاحق: تسعة ملاحق تتعلق بالمذكرات أضافها خورشيد شوزي إلى الكتاب.
* ومما جاء في مقدمة الدكتور احمد محمود خليل، والتي يبين فيها عن وجهة نظره في المسيرة النضالية للمتنورين الكرد ومنهم الملا احمد شوزي، يقول:
منذ حوالي خمسة وثلاثين عاماً، خطوت الخطوات الأولى نحو تحرير الذات من فلك ثقافات الاحتلال، وبدأت مشروع استعادة الوعي القومي الكوردستاني، ومنذ ذلك الحين أصبح شغلي الشاغل هو البحث عن هويتي الكوردستانية، ودفعني ذلك إلى البحث عن الجذور، وهل من الممكن استعادة الوعي القومي من غير معرفة دقيقة بالهوية والجذور؟
إن مذكّرات المناضلين الكورد مصدر مهمّ جداً من مصادر تاريخنا القومي، فيها لا يكون التاريخ مجرد معلومات ماضية، بل يكون حياة حقيقية زاخرة بالمواقف والمشاعر والانتصارات والإحباطات والدلالات، ومهمّ جداً أن نطّلع- نحن الكورد- على جميع ذلك، لنعرف الجهود المخلصة التي بذلها مناضلو شعبنا العظماء ضد أنظمة الاحتلال، ولنتعلم من أولئك المناضلين دروس الوطنية، ونقتبس منهم قيم الشجاعة والفداء.
ولذلك كنت سعيداً أيضاً حينما أرسل إليّ الأخ الأستاذ خورشيد شُوزي (باڤى آلان) مذكّرات والده المناضل المرحوم متتتلا أحمد شُوزي، لمراجعتها وكتابة مقدّمة لها، وقد ترجمها من الكوردية. إن هذه المذكّرات كانت نافذة أخرى، أطللت منها على واحدة من أهم المراحل في تاريخ الأمّة الكوردية؛ ألا وهي النصف الأول من القرن العشرين، وصحيح أن المذكّرات تتعلق ببعض الأحداث بين عامي (1925 – 1932م)، وهي فترة قصيرة نسبياً، لكن لا يخفى أنها ليست منقطعةً عمّا قبلها وعمّا بعدها من أحداث في كوردستان خاصة وفي الشرق الأوسط عامة، ومن هنا تأتي أهميتها.
غير أن إخفاق ثورة 1925 لم يضع حدّاً لجهود الشعب الكوردي في الدفاع وطنه وحريته وكرامته، واستمرت مجموعات من الثوار في المقاومة، ثمّ وحّد المناضلون الكورد جهودهم النضالية بقيادة جمعية خُويْبُون، وأشعلوا نيران ثورة آگِري (أرارات) بين عامي (1929 -1931م) بقيادة الجنرال إحسان نوري باشا. وإلى هذه الفترة- نقصد فترة استمرار المقاومات المحلية والإعداد لثورة آگِري- تنتمي مذكّرات المناضل ملا أحمد شوزي، وكان ملا أحمد أحد المناضلين النشيطين في تلك الفترة، ولن ندخل في التفاصيل فالمذكرات قد قامت بذلك، لكن يخرج المرء من هذه المذكّرات، ومن مذكّرات المناضلين الآخرين.
مرة أخرى نؤكّد أهمية العودة إلى مذكّرات مناضلينا، للإفادة منها في رحلة الكفاح ضد الاحتلال، ولتكون جسراً بين عظمائنا السابقين وبين أجيالنا اللاحقة، تَعْبُر عليه قيمُ الحرية والنبل والشموخ والشجاعة والفداء، وتُبقي شعلة الكفاح من أجل الكورد وكوردستان وقّادة، تسترشد بها القلوب والعقول.
* ومما جاء في مقدمة خورشيد شوزي، والتي يبين فيها عن وجهة نظره في المسيرة النضالية لوالده، يقول:
لا أستطيع أن أدّعي الحياديّة والموضوعيّة وأنا أكتب كلماتي هذه، إنما أشعر بانحياز مشرّف تجاه رحلة والدي التي لا يملك الإنسان إلا أن ينظر إليها بإكبار وتقدير وإجلال وهو يواكب تفاصيلها، ويعايش محنها، ويشهد منجزاتها ومفاخرها، أنا بحق أشعر بالفخر والاعتزاز وأنا أقدّم لسيرته التي هي في واقع الحال أنموذج لمسيرة تستحق الاحتذاء، بل وتعليمها لمن أراد أن يسير على منوال البناء، وأراد أن يخوض تجربة بناء طريق ريادي تضطلع بدورها النضالي والوطني والإنساني بل والأخلاقي.
ومن هذه النقطة بالتحديد تبدأ أهمية الكتاب؛ فهذا الكتاب ليس مجرّد سيرة ذاتيّة لمنجزٍ مقدّر، وليس بطبيعة الحال مذكرات غافية في النسيان، بل هو يشكل علامة في تاريخ العمل النضالي والإدارة المعطاءة، كما يعدّ منهجاً ثورياً من أجل استعادة الحقوق المسلوبة.
وطالما اعتدنا على أن ترحل التجربة مع رحيل صاحبها، وتهدم المسيرة بعد إبعاد قائدها، في مجتمعاتنا، التي تهوى بعضها أن تهدم ما بناه غيرها، لتبدأ من الصّفر من جديد، بدل أن تكمل المسيرة بعد من بدأها، ولذلك نراوح مكاننا في مدارج الحضارة، في حين يجري الآخرون في مدارجها بخطى عملاقة، ويتركوننا خلفهم نقف على أطلال تاريخها، ونبكي على واقع حالها.
* ويقول الأديب ابراهيم اليوسف:
ينتمي الملا أحمد شوزي، كأحد المتنورين من رجال الدين الكرد إلى تلك النخبة من معرفيي مطلع القرن القرن الماضي، وكان أنموذج الذين عملوا على أكثر من جبهة:
إذ تابع تحصيله العلمي- في الكتاتيب والمعاهد-على أيدي علماء بارزين، وهو المنحدر من أسرة كردية معروفة في كردستان الشمالية، كما أنه ظل أميناً في حمل رسالة نضاله القومي، وهو المطارد من قبل السلطات التركية لأن رأسه كانت مطلوبة، ما جعله يسوح على امتداد خريطة كردستان، وليكون أحد واضعي حجر الأساس لجمعية خويبون، مؤثراً غيره على نفسه، متخلياً عن مقعده لشخصية أخرى، ليكون-في تصوري- أول من فعل ذلك، ما دعا بعضهم لتناسي اسمه، لهذا السبب أو ذاك.
كان شوزي من الوجوه الاجتماعية البارزة في محيطه، ولعل أكبر دليل على وعيه المبكر تدوينه لمذكراته التي تعد وثيقة جد مهمة تجعلنا نعيد النظر في بعض المعلومات التي دونت في أحداث كان شاهداً عليها. وهو أحد المؤسسين لحزب آزادي وعضو لجنتها المركزية التي اختارت الشاعر الكبير جكرخوي سكرتيراً لها.
ما أقوله أخيراً: إن الملا أحمد شوزي لم ينل حقه كاملاً، بالرغم من أن اسمه يذكر مع أسماء واضعي اللبنات والأعمدة الأولى في الحركة السياسية الكردية، وأقول: والثقافية أيضاً…. لروحه السلام
* سنحاول أن نستعرض مسيرة حياة المناضل ملا احمد شوزي من خلال التوقف عند محطات متعددة، تبدو الأكثر أهمية، في مسيرة نضاله:
المناضل ملا احمد شوزي ولد في العام 1907 في قرية “شوز- Şûz” التابعة لولاية “سيرت” في شمالي كوردستان، وعندما بلغ الرابعة من العمر توفيت والدته (في العام 1911)، كما اغتيل والده عبدالرحمن آغا-زعيم العشيرة – بأيدي أبناء عمومته أثناء وليمة الصلح التي أقيمت من قبل أقربائه، وكان ذلك في العام 1916، وخوفاً على حياته لأنه الابن البكر الذي سيخلف والده، تم تهريبه إلى بيت خالته زوجة الشيخ حسين حقي (من كبار مشايخ منطقة بوتان) في قرية (باسرت – Basret)، وعلى يدي الشيخ إبراهيم الشيخ حسين حقي تلقى علومه الدينية، وفي العام 1926 فرّ إلى زاخو مع عوائل آل حقي هرباً من ملاحقة الأتراك لهم إثر فشل ثورة الشيخ سعيد بيران. ثم ذهب إلى بغداد لإكمال علومه الدينية، وهناك تعرف على الشيخ علي رضا ابن الشيخ سعيد بيران، ومن هناك توجه إلى بيروت عبر قامشلو وديرالزور وحلب مع آخرين وأسسوا “جمعية خويبون” في بيروت بتاريخ 12/08/1928.
بدأ مرحلة النضال والتوعية باسم خويبون في شمالي كوردستان مع رفقائه، وعلى رأسهم الشيخ عبدالرحمن كارسي مدة أربع سنوات، انتهت بمقتل الشيخ عبدالرحمن غدراً بيد خادمه نجمو في شهر حزيران عام 1932 وذلك على جبل (أَرنوسى- Ernusé) عند (مِكْسى-miksé )… وخلال هذه الفترة قبضت السلطات العراقية (بدعم من الانجليز) عليه ورفاقه في الطريق بين هولير والسليمانية حيث كانوا متوجهين لمقابلة المناضل الشيخ محمود الحفيد للتنسيق معه وطلب الدعم منه عندما تقوم الثورة في شمالي كوردستان، وكان قبلها في زيارة إلى منطقة بارزان، وتعرف على المناضل الخالد ملا مصطفى البارزاني، ومن رفاقه الذين ناضلوا معاً المناضل عثمان صبري.
بعد أن استقر في مدينة ديريك أصبح عضواً في اللجنة التي كانت تدير شؤون المنطقة والتي ترأسها نايف باشا (زعيم عشائر الكوجر) في العام 1938. وفي العام 1939 قبضت عليه السلطات الفرنسية بتهمة مساعدة الثوار السوريين، واقتيد إلى بيروت حيث أودع السجن لأربعة أشهر.
في العام 1957 أسس مع رفاقه المناضلين حزب آزادي، وكان عضو اللجنة المركزية فيها، والشاعر الكبير جكرخوين أصبح سكرتيراً للحزب، وبعد مفاوضات مع البارتي الذي تأسس بالتوازي معهم حل حزب آزادي نفسه وانضم معظم أعضائه إلى البارتي.
* توفي ملا احمد شوزي في 31/12/1982 في دمشق، ودفن في مقبرة الشيخ خالد في حي الأكراد بجوار الأمير جلادت بدرخان.
* ترك ملا احمد شوزي وراءه مخطوطات باللغتين الكردية والعربية، منها كتابه السيرَوي باللغة الكردية Bîranînên Têkoşerekî Kurd والتي ترجمها نجله إلى اللغة العربية وأضاف إليها الملاحق. وقد نشرت جريدة “أرمانج ـ Armanc” والتي كانت تصدر من السويد عام 1989 جزءا من مذكراته باللغة الكردية.
أسرة تحرير جريدة “PЀNغSA Nغ – القلم الجديد”