مذكرات الملازم الطبيب


  عن دار آفا AVA للنشر والتوزيع، وفي 448 صفحة من القطع المتوسط صدرت رواية (مذكرات الملازم الطبيب) للدكتور آلان كيكاني.
والرواية هي سرد لقصص، وأحداث، ومواقف، ومشاهد، وحكايات، وطرائف، مرت على الكاتب إبان فترة خدمته الإلزامية في الجيش العربي السوري في الفترة الواقعة من عام 1997 إلى عام 1999. وقد حاول الكاتب من خلال هذا السرد الروائي إلقاء الضوء على حياة العسكر، ونفاقهم، وفسادهم، وقسوتهم، وميلهم إلى الهمجية، وتطفلهم على أبناء الشعب، وسرقتهم لأموالهم، متبعا في سرده منهج الكوميديا السوداء. 
والأحداث التي وردت في متن الرواية جلها حقيقية عايشها الكاتب شخصيا ثم رسمها بقلمه، وقد لعب الخيال دورا ً يسيراً فيها، تمثل بتضخيم الحدث أحيانا وترتيبه على هواه أحيانا أخرى ليعطيه شكلاً قصصيا. 
وعلى مدار الأحداث كان الكاتب هو الشاهد مرة والبطل مرات أخرى. كما لجأ إلى الاستعانة بالأسماء المستعارة تجنبا لأي تشهير. على أن الأمكنة في الرواية حقيقية ولم يطلها أي تغيير. 
تدور أحداث الرواية في ثلاثة أمكنة: الأول هو مدرسة الخدمات الطبية في مدينة حرستا حيث خضع فيها الكاتب لدورة عسكرية استمرت لأربعة أشهر. والثاني هو مطار الناصرية العسكري في منطقة القلمون حيث قضى فيه الجزء الرئيس من خدمته. والثالث هو رابطة المحاربين القدامى في حلب.
الميل إلى القسوة والعنف، والولع بالخمرة والنساء، وسوء الظن بالناس، والسعي إلى اختلاق بيئة فاسدة، هي جلّ ما يفكر به العسكري حسب رأي الكاتب. “المؤسسة العسكرية، يا صاحبي، هي مدرسة لصناعة السفالة، يجري فيها تحطيم نفوس الأفراد، وإيقاف عقولهم، وقتل قلوبهم، لإنتاج كائنات شبه بشرية، شحيحة الكرامة، كثيرة الغباء، قليلة العلم، تميل بسهولة إلى الوحشية، ولا تصلح إلا لتنفيذ الأوامر، وارتكاب جرائم القتل، والسرقة، والاغتصاب، دون رادع أخلاقي، أو وازع ديني أو إنساني.” هذا ما يقوله أحد أبطال الرواية معرّفاً المؤسسةَ العسكريةَ للكاتب. ويضيف على ذلك بدويٌ بسيطٌ بنى خيمته بالقرب من الوحدة العسكرية التي خدم فيها الكاتب: “”خذها من عمك يا أبا أحمد، لا تسمح للعسكري بالدخول إلى بيتك أبداً… ولا تتوقع منه خيراً، فإنه لا يعرف غير السرقة والقتل وانتهاك الحرمات!”
ولا يتغافل الكاتب عن تناول شخصية القائد العام للجيش والقوات المسلحة، رئيس الجمهورية، في روايته، وذلك من خلال تصوير يوم البيعة الخامسة له، والمهزلة التي رافقت هذه البيعة.
وكتعبير عن غياب المنطق، وعن السلوك المقلوب الذي يمارسه المنتمون إلى المؤسسة العسكرية في دولة يحكمها نظام قمعي تسلطي، تأتي الرواية معكوسة، حيث تتبع طريقة الخطف خلفا. تبدأ بخاتمة الأحداث ثم تخوض في المتن قبل الانتهاء إلى البداية.  
وعلى هذا تبدأ الرواية بمشكلة جرت مع لكاتب بعد انتهائه من خدمته الإلزامية في الجيش بأربع سنوات، وتنتهي بقصة حب رومانسية نشأت بينه وبين زوجة ضابط متقاعد يكبر زوجته بنصف قرن ويعاني من ثلاثة أمراض مزمنة، دون أن يثمر هذا الحب عن نتيجة، ولكنه يترك حسرة وندامة في نفس العاشقين.

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

دريس سالم

 

«إلى تلك المرأة،

التي تُلقّبُني بربيع القلب..

إلى الذين رحلوا عني

كيف تمكّنْتُ أنا أيضاً على الهروب

لا أريدُ سوى أن أرحلَ من نفسي…».

يفتتح الشاعر الكوردي، ميران أحمد، كتابه «طابق عُلويّ»، بإهداء مليء بالحميمية، ملطّخ بالفَقد، يفتتحه من قلب الفَقد، لا من عتبة الحبّ، يخاطب فيه امرأة منحته الحبّ والحياة، لقّبته «ربيع القلب». لكن ما يُروى ليس نشوة…

علي شمدين

المقدمة:

لقد تعرفت على الكاتب حليم يوسف أول مرّة في أواخر التسعينات من القرن المنصرم، وذلك خلال مشاركته في الندوات الثقافية الشهرية التي كنا نقيمها في الإعلام المركزي للحزب الديمقراطي التقدمي الكردي في سوريا، داخل قبو أرضي بحي الآشورية بمدينة القامشلي باسم ندوة (المثقف التقدمي)، والتي كانت تحضره نخبة من مثقفي الجزيرة وكتابها ومن مختلف…

تنكزار ماريني

 

فرانز كافكا، أحد أكثر الكتّاب تأثيرًا في القرن العشرين، وُلِد في 3 يوليو 1883 في براغ وتوفي في 3 يونيو 1924. يُعرف بقصصه السريالية وغالبًا ما تكون كئيبة، التي تسلط الضوء على موضوعات مركزية مثل الاغتراب والهوية وعبثية الوجود. ومن المميز في أعمال كافكا، النظرة المعقدة والمتعددة الأوجه للعلاقات بين الرجال والنساء.

ظروف كافكا الشخصية…

إبراهيم اليوسف

مجموعة “طائر في الجهة الأخرى” للشاعرة فاتن حمودي، الصادرة عن “رياض الريس للكتب والنشر، بيروت”، في طبعتها الأولى، أبريل 2025، في 150 صفحة، ليست مجرّد نصوص شعرية، بل خريطة اضطراب لغويّ تُشكّل الذات من شظايا الغياب. التجربة لدى الشاعرة لا تُقدَّم ضمن صور متماسكة، بل تُقطّع في بنية كولاجية، يُعاد ترتيبها عبر مجازٍ يشبه…