ياسر إلياس
قفّيتُ آثار الأحبة في
المنافي والمهاجرْ
كلُّ البوادي أجدبتْ منهم
وأقفرت الحواضرْ
كلُّ المغاني والربوع الآهلات
رسومُ أطلالٍ دواثر ْ
عفتِ الديار و غام قلبي
خلف ناقوس البواخرْ
وعلى ضفاف النهر هرولتي
وفِي الأحشاء زنبقةٌ و طائرْ
وأنا صدى إيكو رهيناً
بين أوتار الحناجرْ
ومن الجبال النَّائيات
من الكهوف من المغاور ْ
لازلتُ في صمتي ألمُّ
هباءَ أضلاعي النَّواثرْ
جانوسُ أوصد كل باب للعبور
وسدَّ في وجهي المعابر ْ
ولحبت في الكاؤود تثخنني الخناجرْ
آريزُ أحكم قبضتيه
و مجّ من فمه العساكرْ
لا لن أكونَ عظام معبدك المشيَّد
فوق أجنحة اليراعة والدفاترْ
لا لن أكونَ وبعدي الطوفان
يزدرمُ العنادل والكنائرْ
لازال يعبقُ ذلك الريّا بجوفي
والهفيفُ من الضفائرْ
والسوسناتُ الغافياتُ
تشقُّ أزرار المآزرْ
ألقيت لمعةَ مقلتيك
بغور أودية المشاعر ْ
وسرجتُ زادي من سراج الحب
في أمسي المغادرْ
و ذكيتُ من لهف الحداق
زناد أرمدة المقابرْ
أستقدح الذكرى و أتلو العشقَ
في صحف المحاجرْ
لا زلتُ غرَّاً في هواك ولستُ أعرف
منك أنجو أو أناورْ
لا زلتُ في تلك الحقول البِكر
أحبو بين أكوام البيادرْ
لا زلتُ مثل فراشةٍ جذلى
على الأزهار أستافُ الخواطرْ
لحناً يرثُّ الدهرُ و هو يجدُّ
في دَرَجِ التواترْ
لا زال فوق الدرب شاهدةٌ
و في المرسى منائرْ
لا زال في العتماتِ قنديلٌ
و مصباحٌ و ساجرْ
لا زال في كف الثَّرى قمحٌ
و وجه الأفق بالأقمار زاهرْ
لازال في كابينة الدولاب
ركنٌ للقناني والقصائد والأساورْ
لازلتُ أجلسُ في القطارِ
وكلُّ ما حولي يسافرْ
لازلتُ في الأسحارْ أسدلُ
فوق أزمنتي الستائرْ
وأنا أنا أيضاً كمثل رفيف شعرك
في جنون الرِّيح حائرْ
بريطانية
7/3/2020