مقتطفات من جريدة كردستان 1898

اختيار: إبراهيم محمود
في العدد الأول من جريدة :” كردستان ” يكتب مؤسسها مقداد مدحت بدرخان: أسفي على الكرد. الكرد هؤلاء، أكثر ذكاء وفهماً من كثير من الشعوب، كرماء، مستقيمون في دينهم، غيورون، لكنهم بالمقابل كالشعوب الأخرى أمّيون، ليسوا أغنياء. لا يعرفون ماذا يجري في العالم، ما يخص جارهم الموسكوفي وكيف يكون، . لهذا كانت هذه الجريدة في طريق الحق. وبإذن الله تعالى، من الآن فصاعداً ستظهر كل خمسة عشر يوماً، وقد سمّيتها ” كردستان . ص 74 .
وفي العدد نفسه يخاطب بني جلدته ممن هم في مقامه أو في الجوار: أيها الأمراء والآغوات. أسألكم: من منكم أرسل شخصاً يعنيه إلى جهة ما ليتعلم. ص84 .
ويتابع كلامه قائلاً: لقد طفتُ في أمكنة كثيرة وأنا الآن في مصر، وفي كل مكان أجد أبناء الجركس والأرناؤوط والعرب، حيث إن آباءهم، أخوتهم، يرسلونهم إلى المدارس، لكي يتعلموا. وفي مصر، في جامع الأزهر، التقيت ببعض كرد سوران، من هم من كركوك، ومن هم من جهة السليمانية، كلهم يتعلمون. لكني لم ألتق أبداً، ولا في أي مكان، أشخاصاً من عشائر كردية ” من يتحدثون الكردمانجية ” إذ كلما التقيت بهؤلاء، إما أن يكونوا خدماً، أو بؤساء وفقراء، لا يتقنون صنعة، ولا عملاً .ص85 .
وفي العدد الثاني يخاطب من يهمه الأمر: كما أسمع، هناك الكثير من الكرد أغنياء. أيها الأغنياء الكرد. إن أبا أي منكم انتقل إلى رحمة الله تعالى ملفوفاً بمترين من القماش الأبيض. وهكذا ستكونون أنتم. أخرجوا ذلك الذهب والفضة من مطموراتكم، وفي سبيل الله  افتحوا مكاتب ومدارس، وعلّموا الأيتام، حتى تعملوا خيراً دنيا وآخرة، ليرضى الله عنكم. ص 87 .
ويكتب مقداد مدحت بدرخان مؤسس جريدة ” كردستان ” في العدد الثالث : في العدد الأول من الجريدة، كتبتُ عن أنني ابن بدرخان باشا، الحمد لله، مازال حياً يُرزَق، نحن سبعة عشر أخوة. جميعهم أصحاب رُتَب وموظفون، ونحن جميعاً كذلك، نقرأ ونكتب. وبيننا من هو باشا، وضابط جيش أيضاً، الشكر لله، حيث تعلّمنا المعارف. بعضنا في الشام، وبعض في ستانبول، وبعض موظفو دولة. ص 24 .
وتُنشر رسالة من يُسمّي نفسه بابن شيخ أ. فتاح من الشام، في العدد الثالث من جريدة كردستان، يقول فيها: هذه الجريدة التي نشرها أميرنا وصلت إلى الشام ” دمشق “. أمَّنتُ نسخة منها، وقد أبلغتُ عنها الكرد القريبون مني. وعندما أبصروا هذه الجريدة واسمها ” كردستان “، أعلِموا أنها لأميرنا، الجميع قبَّلوها بداية، ووضعوها على رأسهم، وفرحوا كثيراً، بعدها قرأتها لهم، ابتهجوا كثيراً، كما لو أنك منحتهم الدنيا . ص35 .
وترِد رسالة أخرى من ماردين، وتنشَر في العدد الثامن، وصاحبها علي ابن حسين آمد، يقول فيها : أحلف بعمري، على أن هذه الجريدة، قيّمة هكذا، ووجديرة بأن يشار إليها، ومن أجلها أشكركم . ص 36 .
وترِد رسالة مؤثّرة من ديار بكر باسم رمزي ” ش. م “، تُنشَر في العدد الثالث عشر، ومنها: الحمد لله خالق الكون  والمكان الذي عرَّف الكرمانج أيضاً للعالم! فيُطل الله في علم أميرنا وعمره. .. هذه ثلاثة أشهر، وجريدة ” كردستان ” تأتي إلى وطننا. سوى أن موظفي الحكومة لا يسمحون لنا بقراءتها كما نريد: إنهم يصادرونها، ويعتقلون من يحمل الجريدة في يده ويعذّبونه، ورغم ذلك، فإن الكرمانج في أغلبهم يميلون إلى الجريدة، ولا يتجاهلونها، فعن طريقها سوف نستفيد كثيراً، وحتى أننا كشعب وأمة، سوف نحصل نحن الكردمانج أيضاً على ما نريد علوَّاً. ص37 .
ويكتب عبدالرحمن بدرخان” الذي يترأسها ” بعد أخيه مقداد مدحت بدرخان، في العدد الثالث، ما ينبّه الكرد إلى أهمية جريدته هذه، وهو يخاطبهم :  أيها العلماء الكرد، عندما نشرتُ جريدة كردستان، اشترك الكثير من الناس الأجانب، من ألمانيا، من النمسا، ومن انكلترا، في جريدتي، وهم يقرؤونها.خصوصاً . أحد الألمان، واسمه موسيو مارتن هارتمان، وهو يعرف أكثر لغات الشرق، وحتى الكردية أيضاً تعلَّمها. وأملي أن الغيرة الأجنبية تكون لافتة لانتباه الكرد. ص38.
ويكتب في العدد الثامن، مخاطباً الأمراء والآغوات الكرد: أيها الأمراء والآغوات الكرد! عليكم أنتم أيضاً، أن تساعدوا أناسكم، عليكم أ، تؤمّنوا لهم ما يحتاجون إليه. عندما تساعدون الناس بقوة نقودكم، حينها سوف تجدون الراحة في الدنيا والآخرة. حينها يكون في مقدور الكرد أن يصبحوا ذات يوم أصحاب دولة، أصحاب حكومة، ومعارف. وإذا خرج وطنكم عن أيديكم ذات يوم، فسوف تصبحون غلمان/ خدم أعدائكم . ص 95 .
وفي العدد الحادي عشر، يكتب عن الأرمن وصلة الكرد بهم ومأساتهم: فكّروا. لكم هم الأرمن أصحاب همة وغيرة. هم أيضاً كالكرد مظلومون. سوى أنهم يضحّون بدمائهم من أجل حريتهم. وجهلاء الكرد أمّيون، يقتلون الأرمن. وهذا الوضع يسيء إلى الكرد كثيراً. على العلماء أن يقولوا للكرد على أن هذا قتْل. على الكرد أن يحموا أنفسهم من ذلك الإثم. على الكرد بالاتفاق مع الأرمن، إبعاد الموظفين الظلمة والقتلة، وبدلاً من أن تهبّوا إلى نجدة الأرمن المظلومين، تذهبون إليهم لقتْلهم. وهذا الوضع خطأ كبير وعار كبير، والله ورسوله غير راضيين عن هذا الوضع. ص 115.
وينير ذلك في العدد الثاني عشر: لا يقول الله أبداً: أطيعوا القتلة والظلمة، لأن الطاعة هذه تؤدي إلى هلاك الأمة. وعدالة الله لا تقبل بذلك الوضع. الملَك يصبح ولي الأمر عندما يكون عادلاً، وعندما يكون ظالماً، على الشعب إزاحة ذلك الملَك بأي شكل كان. وهذه الحقيقة يعلم بها علماء الكرد علانية، دون أي شبهة، سوى أنهم يتكتمون عليها لسببين: الأول، أنهم يخدمون ما يقبِلون عليه، والثاني، الخوف . ص133 .
ما أثير من أقوال، ومن مقتطفات، لازال يحتفظ برونقه وعمق معناه حتى اللحظة، في الكثير مما جرَت تسميته .
ملاحظة: هذه المقتطفات، نقلتها إلى العربية، عن كتاب
Felat ,Dilgeş: Rojnameya kurdî ya pêşîn Kurdistan, ” Nûbihar, stanbol, ç2, 2017.
فلات دلكش: الجريدة الكردية الأولى: كردستان، منشورات نوبهار، ستانبول، ط2، 2017. وأرقام الصفحات في المقال عائدة إلى هذا الكتاب، والاختلاف في ترتيبها، كان جرّاء الاقتباسات ليس إلا. وهذه المقتطفات عبارة عن احتفاء بالكلمة التي تحتفظ بجلاء شجاعتها الفعلية، وحين يكون بيننا وبين ” 22 نيسان أربعة أيام، يوم الاحتفاء بمرور ب، 122 عاماً على صدور أول جريدة كردية في رقعة جغرافية ليست كردية طبعاً، كما هو معلوم، أي مصر.

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

مصدق عاشور

مصلوبةً بخيوطِ شمسِ محبتك

يا من كشفتِ لي

سرَّ التجلّي

ووشمَ الحنين على جبينِ الانتظار

أنتِ ميناءُ روحي

قولي: متى؟

قولي: لِمَ البُعادُ

في حضرةِ ثالوثِكِ السرّي؟

رياحُكِ تعبرُني

كأنّي فرسُ الطقوس

وفي قلبي

تخفقُ فراشةُ المعنى

قولي لي متى؟

قولي إنكِ

فراشةُ رؤياي

وساعةُ الكشف

أرسِميني في معموديّتكِ

بقداسةِ روحكِ

يا من نفختِ الحياةَ في طينِ جسدي

حنينٌ

كمطرٍ أولِ الخلق

كموجِ الأزمنةِ الأولى

يتدلّى من ظلالِ أناملكِ

 

سيماڤ خالد محمد

مررتُ ذات مرةٍ بسؤالٍ على إحدى صفحات التواصل الإجتماعي، بدا بسيطاً في صياغته لكنه كان عميقاً في معناه، سؤالاً لا يُطرح ليُجاب عنه سريعاً بل ليبقى معلّقاً في الداخل: لماذا نولد بوجوهٍ، ولماذا نولد بقلوب؟

لم أبحث عن إجابة جاهزة تركت السؤال يقودني بهدوء إلى الذاكرة، إلى الإحساس الأول…

خالد بهلوي

بحضور جمهور غفير من الأخوات والإخوة الكتّاب والشعراء والسياسيين والمثقفين المهتمين بالأدب والشعر، أقام الاتحاد العام للكتّاب والصحفيين الكُرد في سوريا واتحاد كردستان سوريا، بتاريخ 20 كانون الأول 2025، في مدينة إيسين الألمانية، ندوةً بمناسبة الذكرى الخمسين لرحيل الأديب الشاعر سيدايي ملا أحمد نامي.

أدار الجلسة الأخ علوان شفان، ثم ألقى كلمة الاتحاد الأخ/ …

فراس حج محمد| فلسطين

لست أدري كم سيلزمني لأعبر شطّها الممتدّ إيغالاً إلى الصحراءْ
من سيمسك بي لأرى طريقي؟
من سيسقيني قطرة ماء في حرّ ذاك الصيف؟
من سيوصلني إلى شجرة الحور والطلع والنخلة السامقةْ؟
من سيطعمني رطباً على سغب طويلْ؟
من سيقرأ في ذاك الخراب ملامحي؟
من سيمحو آخر حرف من حروفي الأربعةْ؟
أو سيمحو أوّل حرفها لتصير مثل الزوبعة؟
من سيفتح آخر…