في الكأس أصب القصيدة و هي تصب الرعشة

مروان خورشيد عبد القادر
[1]
لم يكن خيالها
ولا ظلها 
ولا هلوسات في حضرتها
كانت يديها
و السطح الدوار
و السرير الدائري
ومرايا غرفتها
و الجدار 
و فم يقطر الندى 
يقطر القصائد 
قصيدة 
قصيدة
[2]
في الكأس التي تناولت فمها
كان نبيذ كرمة عفرين
يندلق على يديها
الهواء وحده 
كان يصغي لتمتماتنا
وحمحماتنا
ونهنهاتنا
وكان الليل مذهولا 
وحامضا عذباً من كثرة الحصرم الذي اندلق من شفتيها الكرزيتين 
في الكأس نفسها
كانت صورتي
تخرج إلى أصابعها
لتقول : عمتي مساء 
عمتي نبيذا أكثر عتقا 
أكثر دواراً حول السرير الدائري.
[3]
أذكر أن الريح استأذنتني
لتأخذ وجهها إلى الغابة التي رميت فيها ظلالي
أذكر
أنني لقيت حتفي
حين قبلتني
و داهمتني بالضياء
[4]
غابت عني
لتطل من الكأس التي تناولتها قبل السرير
و قبل القبلة
و قبل العناق الذي غبت فيه
ولم أجي إلى هذه اللحظة 
إلى هذه اللحظة 
وأنا أبحث عن أعضائي 
المتخفية خلف ظلالها
على شجرة من أشجار بيتها
المتخفية في ظل الخمرة التي غابت في جسدي ولم تجيء بعد…
[5]
أكاد أمررها من ثقب القلب
إلى القصيدة 
تكاد تمررني من قلبها 
الى الهذيان الذي أدخلني
في غيبوبتها
ولم أصحو إلى الآن
ولم تغيب هي في وعي القصيدة 
وفي أزهارها 
و أقمارها
إلا أننا كلانا 
لا صحوة ولا غيبوبة 
تنقذ أعضائنا من العناق ..
.
.
Bremenhaven
18|04|2020

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

دريس سالم

 

«إلى تلك المرأة،

التي تُلقّبُني بربيع القلب..

إلى الذين رحلوا عني

كيف تمكّنْتُ أنا أيضاً على الهروب

لا أريدُ سوى أن أرحلَ من نفسي…».

يفتتح الشاعر الكوردي، ميران أحمد، كتابه «طابق عُلويّ»، بإهداء مليء بالحميمية، ملطّخ بالفَقد، يفتتحه من قلب الفَقد، لا من عتبة الحبّ، يخاطب فيه امرأة منحته الحبّ والحياة، لقّبته «ربيع القلب». لكن ما يُروى ليس نشوة…

علي شمدين

المقدمة:

لقد تعرفت على الكاتب حليم يوسف أول مرّة في أواخر التسعينات من القرن المنصرم، وذلك خلال مشاركته في الندوات الثقافية الشهرية التي كنا نقيمها في الإعلام المركزي للحزب الديمقراطي التقدمي الكردي في سوريا، داخل قبو أرضي بحي الآشورية بمدينة القامشلي باسم ندوة (المثقف التقدمي)، والتي كانت تحضره نخبة من مثقفي الجزيرة وكتابها ومن مختلف…

تنكزار ماريني

 

فرانز كافكا، أحد أكثر الكتّاب تأثيرًا في القرن العشرين، وُلِد في 3 يوليو 1883 في براغ وتوفي في 3 يونيو 1924. يُعرف بقصصه السريالية وغالبًا ما تكون كئيبة، التي تسلط الضوء على موضوعات مركزية مثل الاغتراب والهوية وعبثية الوجود. ومن المميز في أعمال كافكا، النظرة المعقدة والمتعددة الأوجه للعلاقات بين الرجال والنساء.

ظروف كافكا الشخصية…

إبراهيم اليوسف

مجموعة “طائر في الجهة الأخرى” للشاعرة فاتن حمودي، الصادرة عن “رياض الريس للكتب والنشر، بيروت”، في طبعتها الأولى، أبريل 2025، في 150 صفحة، ليست مجرّد نصوص شعرية، بل خريطة اضطراب لغويّ تُشكّل الذات من شظايا الغياب. التجربة لدى الشاعرة لا تُقدَّم ضمن صور متماسكة، بل تُقطّع في بنية كولاجية، يُعاد ترتيبها عبر مجازٍ يشبه…