جميل داري: الشاعر كالنحل يمنح العسل، ويمضي في سبيله غير عابئ بأي مكافأة

  أجرى الحوار: نصر محمد  
  
يعتبر الشعر ديوان العرب. حيث قال ابن عباس رضي الله عنه / الشعر ديوان العرب فإذا خفي علينا الحرف من القرآن الذي انزله الله بلغة العرب رجعنا إلى ديوانها فلتمسنا ذلك / فالشعر العربي ذو أهمية كبيرة. كونه استوعب كافة خصائص الأصل العربي واحاط بجل مادة العرب اللغوية. وكان الشعر العربي الجاهلي فنا مستوعبا اسباب النضج اللغوي والكمال الفني. وبناء على ذلك أوصى الصحابة بالاهتمام بالشعر العربي الجاهلي. فهو المرآة التاريخية وبمثابة وسائل الإعلام في وقتنا الحالي. فمن وصف لتاريخ القبيلة إلى التغني بجمال المعشوقة. ومن براعة في تصوير الطبيعة والتقلبات المناخية إلى وصف الحروب وعادات الملوك. 

انه كنز يحوي في صندوقه كل ما هو جميل وكل ما هو معبر.
الشعر مفخرة الازمنة. فبالشعر تحيا القلوب والحضارات.
ولهذا سلطنا الضوء على شاعر لا يقل أهمية عن أسماء كبيرة لمعت في عالم الشعر. مثال.. المتنبي.. امرئ القيس.. احمد شوقي.. نزار القباني . احب الشعر منذ الصغر . عاشق لبلده وبلدته وترابها. محبا لشعبها.. إنه الشاعر المبدع والجميل .. جميل داري ضيفنا وضيفكم في برنامج ضيف وحوار:
 
 

جميل داري شاعر واديب سوري كردي من سوريا وبالتحديد من عامودا بلد المجانين وبلد المليون شاعر. احد أبرز شعراء الثمانينات. يكتب الشعر والنقد والمقال. لكنه بعيد عن الإعلام ولا يجيد التواصل مع أدواته. قضى  أربعين عاما شعرا وتدريسا. غادر بلده إلى الإمارات العربية لتدريس اللغة العربية عام ١٩٩٥. لكن قلبه بقي معلقا بالأمكنة والذكريات. فيكتب بدمع روحه.
منذ دمع ودم
والطريق إلى بلادي
عدم في عدم
والجنود يموتون
والأمهات على شرفات الألم
مالذي يتهادى هناك
سوى الموت
في الطرقات
ايديه مبسوطة
مثل عادة
اهل الكرم ..!!
 
 له ديوان.. السفر إلى عينيك بعد المنفى.. عام ١٩٨٤ عن دار مجلة الثقافة ل مدحت عكاش
و ديوان.. القرى لم تنتظر شهدائها.. عام ١٩٩٣ عن اتحاد كتاب العرب في سورية
و ديوان.. ظلال الكلام.. عام ١٩٩٥ عن اتحاد كتاب العرب في سوريا
و ديوان.. حرائق.. عام ٢٠١٤ عن رابطة الشعراء العرب الشارقة
 
أغادرُ أهلي
أغادرُ نفسي
ولستُ أرى أحداً
في وداعي
وحينَ أعودُ إليَّ..
إلى وطني
أحسُّ بأنِّي
بغيرِ ذراعِ
أفتِّشُ بينَ الوجوهِ
عسانيَ أحظى بوجهٍ
يخفِّفُ عنِّي
فأحظى بألفِ قناعِ
لماذا أريدُ الوصولَ
إلى المستحيلِ
وخلفي يسيرُ ضياعي
لماذا أهادنُ هذي الرياحَ التي
تستبيحُ شراعي
حياتيَ ضدِّي
وموتيَ ضدِّي
أثمَّةَ غيري
ضحيَّةُ هذا الصراع
 
– اذا أردنا تعريف القارئ بالشاعر جميل داري. فمن هو هذا الشاعر ؟
 
* أمرُّ بي لا أراني   مرورَ أعمى بثانِ
يقول سقراط : ” أيها الإنسان اعرفْ نفسك”.
يبدو لي أنّي لا أعرف عن نفسي إلا النزر اليسير ، ثمّ عن أي جميل أحدثك؟ الطفل أم الشاب أم الهرم، فكلّ واحدة من هذه المراحل لها سماتها وصفاتها.
ما أعرف عني هو أني ولدت على بقعة من الأرض تسمى عامودا ،هذه المدينة التي عشت فيها حتى سنّ الأربعين تقريبا ثمّ أبعدتني عنها الأقدار، لكنّها لم تغب لحظة عن بالي. وقد حبوت فيها، وتعلّمت فيها أولى خطواتي في الشعر حتى استوى عودي، وعلّمت فيها عشرين عاماً مدرّسا للغة العربية .
كنت أعمل على جبهتي التعليم والكتابة، ولست أدري مدى توفيقي فيهما، لكني أدري أني كنت أرضي ضميري على المستويين، فليس هناك حياة أجمل من أن تقرأ وتكتب وتعلّم، بمعنى آخر: أن تُعطي أكثر ممّا تأخذ.
 
– كيف كانت بدايتك مع الكتابة الأدبية. وماهي اهم المؤثرات التي أثرت في اتجاهاتك الأدبية
 
* البدايات اخي نصر: البدايات كانت في المرحلة الإعدادية والاطلاع الواعي على منهاج اللغة العربية ، فقد رأيتني منجذباً إلى قراءة الشعر والنثر، وأذكر حتى الآن قصيدة لمحمود درويش كنت أقرؤها كثيراً. يقول فيها:
وطني يعلّمني حديدُ سلاسلي       عنفَ النّسورِ ورقّةَ المتفائلِ
من يومها تعلّقت بهذا الشاعر كما لم أتعلّق بغيره.
ثمّ في المرحلة الثانوية توسّعت مداركي الأدبية من خلال الشعراء المقرّرين في المنهاج كالسياب والجواهري وسميح القاسم، عدا شعراء العصور القديمة.
ولست أذكر كيف كنت أحصل على بعض الكتب لجبران ونعيمة والمنفلوطي وآخرين.
وقد تعمقت مداركي في مرحلة الجامعة حيث بدأت بالنشر في مجلة الثقافة الأسبوعية لصاحبها الشاعر “مدحت عكاش” ثم بعد ذلك في معظم الصحافة السورية وبعض المجلّات العربية.
لا يمكن لي أن أسرد الكثير من تفاصيل تلك المراحل التي كنت أقرأ كلّ ما يقع تحت يدي من كتب ومجلات.
 
– يقال ان بعض الشعراء يكتبون قصائدهم والبعض الآخر القصيدة تكتبه. من اي الشعراء انت وكيف تولد القصيدة لديك ؟
 
* أرى أنّ هناك علاقة جدلية بين الشاعر وشعره، فلا يستطيع الشاعر الحقّ إلا أن يكون تحت هيمنة الحالة الشعرية أو الوحي أو الإلهام، سمّها ما شئت.
هناك نوعان من الشعر: المطبوع والمصنوع، ومن هنا قيل: جرير كان يغرف من بحر، والفرزدق كان ينحت من صخر. وشتان بين البحر والصخر.
كتبت الكثير من النصوص التي أرغمت نفسي عليها، لكنها لم تكن بمستوى رضاي، لذلك تخليت عنها بسهولةـ لأنّها تنتمي لشيء آخر غير الشعر.
معظم ما كتبت من شعر كان فجراً قبل ضجيج الكائنات، حيث كنت أسمع بعمق ضجيج روحي التي تكتب كما شاءت. 
أستطيع الآن أن أكتب عشرات الأبيات التي تولد ميتة بعد مخاض كاذب، لكني لا أستطيع أن أكتب بيتا واحدا إلا إذا شعرت بالمخاض الحقيقي.
 
 – الشعر كما تعلم ونعلم هو تأمل للروح البشرية وابعادها. كيف تستطيع أن توفق بين التأمل الروحي لذاتك وبين كتابة ابعادها في نصوصك؟
 
* الكتابة عامة هي التغلغل في أعماق الذات وتعريتها، فليس هناك كالشاعر من يكشف أسراره للآخرين التي تبدو لديهم كأنها أسرارهم، من هنا يكون التفاعل والانسجام مع ما يبثّه الشاعر من لواعج ومشاعر دفينة .
عندما أتحدّث عما هو خارجي فمن وجهة نظر داخلية، يعني أنظر إلى الأشياء كما هي ثم أسبغ عليها من ذاتي، وما ينبغي أن تكون .
 الشعر ليس محاكاة للواقع فحسب بل هو خلق الواقع البديل سواء بالحلم او بالوهم . في كلّ الأحوال ينظر الشاعر إلى الأرض الموات فيحاول أن يطوع الغيم لها ليهطل مدرارا على سبيل الخيال، وهذا ما فعله السياب مثلا في قصيدة “أنشودة المطر”.
 
– هل الشاعر يحتاج إلى التنوع في قصائده من حيث محاكاة طبقة بسيطة ومتوسطة ونخبوية لكي يتم انتشاره في الساحة الشعرية وإيصال قصائده لأكبر عدد ممكن من المتذوقين؟
 
* أنا شخصياً أكتب لنفسي قبل الآخر، أو لجمهور مفترض يطرب لما أكتبه، لأنّ الجمهور الواقعيّ لا يعوّل عليه بسبب تشعبه وتوزّعه على أحزاب شعرية ذات نظرة أحادية. 
منذ بداياتي لم يكن موقف الآخر مهمّاً لي سواء كان مؤتلفا أو مختلفا، أقصد ليس مهمّا على المستوى التذوقي، فليس من حقي فرض ذوقي الشعري على الآخر. كنت أرى وما زلت الشعر ضرورة حياتية كالماء والهواء، فعندما أشرب أو أتنفس لا يهمّني أن يرى الجمهور شرابي أكان ماء أو خمرا أو ذكرى، وكذلك التنفس فقد أتنفس الصعداء أو تحت الماء على حد تعبير نزار قباني.
البساطة في الشعر ضرورية، لأنه لغة القلب لا الفكر، من هنا يبدو لي الشعر الفلسفي ليس ذا قيمة فنية كبيرة. ولو كان الأمر كذلك لكان المعريّ أهمّ من المتنبّي شعرياً.
 
– النص الأدبي أفق واسع يحمل أبعاد انسانية وفنية. ما شروط خلود النص الأدبي. وكيف للأديب ان يوقع بقلمه في سجل الخالدين؟
 
* اخي نصر خلود النص الادبي يكون اذا كان معبرا عن الانسان في كل العصور  نقرؤه فنشعر انه كتب لنا وعنا ككل النصوص التي تركها لنا التاريخ  كل الشكر لك
 
– من ترى من الشعراء في عصرنا يستحق لقب شاعر وماهي صفات الشاعر الفذ؟
 
* الشاعر الحقّ هو من يتنبّأ بالزلازل الاجتماعية والسياسية والفكرية قبل حدوثها، فهو متنبّئ يقرأ المستقبل ببصيرة نفاذة .
كما أنّ الشاعر الحقّ صادق في التعبير عن نفسه وعن عصره، وليس كلامه في واد وفعله في واد، ومن هنا ذمّ القرآن هؤلاء النمط ، فهم :
“يقولون ما لا يفعلون”.
كما أنّ الشاعر الحقّ محبّ للخير دون انتظار المكافأة كما يفعل السياسي الذي يطلب أزلاما ورواتب مقابل خدماته .
الشاعر كالنحل يمنح العسل، ويمضي في سبيله غير عابئ بأي مكافأة، لأنه غنيّ عن كلّ ذلك بعطائه، واليد العليا خير من اليد السفلى .
 
– هل يمكن أن تحدثنا عن الشعر العربي. فالجميع يرى بأنه يمر بحالة تقهقر. وماذا عن حاضره ومستقبله ؟
 
* أرى أنّ الشعر ما زال بخير على الرغم من كثرة المتطفلين عليه، فغربال الزمن كفيل بفرز الغثّ من السمين.
التقهقر الحقيقي هو في القضايا الأخرى اجتماعيا وسياسيا وفكريا، فماذا تتوقّع من مجتمع ينحدر نحو الحضيض؟ ويبقى الشعر سابحا عكس التيار، وهنا سرّ قوته واستمراره.
في عصرنا شعراء كبار ظهروا منذ منتصف القرن الماضي، وما زالت المسيرة مستمرة، فالمهم أنّ رايات الشعر لم تنكّس ولن.
 
– الشعر والأنثى … اهي بوح بإتجاه إلى الخارج ام كلمات ورحلة في أعماق الذات ومن ثم فيض بإتجاه الخارج. ما علاقة القصيدة بالأنثى. والأنثى والشعر. وهل الشعر أنثى؟
 
* الحياة رجل وامرأة، ولا تستقيم دونهما، فهي لباس لك، وأنت لباس لها، وأجمل ما يصور العلاقة بينهما هو الحب الذي يصوره الشعر ، لذلك ترى الناس مولعين بشعراء الحبّ والغزل منذ عنتر وعبلة مرورا بمم وزين إلى آخر عاشق في شوارع عامودا .
يخيل لي أنّ ديوان الحبّ هو أكبر من كلّ دواوين الشعر الأخرى.
حتى أنّ الجاهلي كان يبدأ قصيدته بالغزل مهما كان موضوعها، كما فعل كعب بن زهير في مدح الرسول:
بانت سعادُ فقلبي اليوم متبولُ          متيّمٌ إثرها لم يفدَ مكبولُ
والسياب حين قال: عيناكِ غابتا نخيلٍ ساعةَ السّحرْ
ونزار قباني :
أتراها تحبّني ميسونُ          أم توهّمتُ والنّساءُ ظنونُ
 
– دائما يتأثر الكاتب والشاعر بالأحداث السياسية في الوطن . ما مدى تأثير ذلك على إبداع الشاعر جميل داري وهل تناول قضايا الوطن في أعماله الادبية
 
* لا يوجد شعر خارج إطار الوطن والمنفى، فهو الهاجس الذي لا يغيب حيث التعبير عن الغربة يكون أعمق وأكثر إيلاما وأنت بعيد عنه، فلولا الأمرّ لما اختير المرّ كما يقال.
كنت قبل الحرب السورية أكتب في موضوعات شتى، ومنذ ذلك التاريخ المشؤوم وهمّي الأول والأخير هو الشعر في سبيل الوطن الذي يكاد ينقرض.
قد ظهر لي ديوانان بعنوان حرائق واشتعالات، مستوحيان من واقع الحياة في الوطن الذي لم يعد مكانا صالحا للحياة. حتى أنّ المنفى أصبح الوطن البديل عن وطن نازف حتى الموت.
 
– هل يستطيع الشاعر المبدع او الكاتب المبدع إحداث تغيير او تأثير في الوطن العربي. ومتى يهزم؟
 
* نعم يستطيع أن يؤثّر والدليل أننا تأثرنا بمن قبلنا، لكن يبقى هذا التأثير محدودا أمام طغيان العادات والتقاليد المتخلّفة والفكر السلفي.
المجتمع العربي عامة أمّي ثقافيا، ونسبة القراءة فيه ضعيفة جدّا. فماذا تتوقّع من الأمّي أن يفعل في عالم يتطور كلّ ساعة.
يقول لنا التاريخ إنّ كاسترو تأثر بهمنغواي ولينين بغوركي وعبدالناصر بتوفيق الحكيم، ومع ذلك تبقى الثورة المضادة هي الأقوى لا لعدالتها بل لأنّ التاريخ ما زال معها.
 
–  نحن الآن نعيش عصر الصورة الإلكترونية. هل جاء ذلك على حساب الشعر والسرد. ام انه ممكن الاستفادة منها إبداعيا؟
 
* كلما تقدم العصر وظهرت مبتكرات جديدة أطاحت بالقديمة أو همشتها، أما الشعر فلا شيء قادر على إزاحته، لأنه روح الإنسان التي تبقى أقوى من كلّ اختراع جديد.
هل يمكن أن تحلّ الأبنية الشاهقة محلّ الأشجار، أو تحلّ الشلالات الاصطناعية محل الحقيقية، أو الطائرات محلّ الفراشات؟
الشعر هو روح الإنسان التي تتمزّق بحراب التكنولوجيا التي لم تساهم في إسعاد البشرية قيد شعرة.
 
–  في ظل الجدال الدائر حول قصيدة النثر ودورها في المشهد الثقافي العربي ومستقبلها. هل تعتقد أن هذه القصيدة مؤهلة للبقاء. وكيف ترى حظوظها؟
 
*قصيدة النثر لا تختلف عن قصيدة الوزن إلا بالوزن ، لكنها تجربة شعرية جديرة بالاستمرار والبقاء. مللنا من التعريفات المدرسية حول الشعر بأنه الكلام الموزون المقفى، فهناك الكثير من الموزون المقفّى لا ينتمي للشعر.
قصيدة النثر عندنا لم تثبت جدارتها كما فعلت التفعيلة ، والتجارب الناجحة فيها قليلة إذ يبدو لي أنها أصعب من غيرها.
 
– هل تعتقد أن الكتابة في المنفى لقراء مجهولين محاولة يائسة لتعزية ذواتنا. ام هي محاولة جادة لتأميم النص الشعري وتدريبه على الطيران في سماء مفترضة لوطن مفترض؟
 
* الشعر لا يحتاج إلى وطن ليثبت وجوده، فأجمل الشعر ما كتب في المنفى وعن المنفى، ولك أمثلة من التاريخ الشعراء الصعاليك ولا سيما الشنفرى ولاميته “لامية العرب” حديث عن غربته بين قومه، وأنه يفضل الوحوش الضواري على قومه الذين لم يقدّروه حق قدره، وهذا يصحّ على المتنبي وشعوره الدائم بالاغتراب:
تغرّب لا مستعظماً غيرَ نفسهِ        ولا واجداً إلّا لخالقِهِ حكما
وأسطع مثال على ذلك في عصرنا محمود درويش المنفيّ دائماً، فقد سطرَ ملاحم،  وتفوّق على مجايليه من الشعراء في الوطن كتوفيق زياد وسميح القاسم.
 
– كيف يستطيع المبدع الهرب من الدمار والحروب والدماء التي بات يعاقرها صباح مساء. وينسل من الهموم ليغوص بهدوء في عمق الإنسانية كي لا نبقى على هامش العالم؟
 
*  أرى أنّ الشعر هو المواجهة بصدر عار وشعاره “بالعين أقاوم المخرز”
لا أظنّ الشاعر يدير ظهره للحرب، ويهرب، وذلك لأنّ الشعر من ألدّ أعداء الحرب منذ صرخة زهير بن أبي سلمى:
وما الحربُ إلّا ما علمتمْ وذقتمُ      وما هوَ عنها بالحديثِ المرجّمِ
الشاعر العصامي هو الذي يثبت شاعريته بما يملك من موهبة حقيقية وقدرة على التأثير الحقيقي .
أما الشاعر العظامي فهو الذي يستخدم أساليب ملتوية للوصول إلى ما يريد، لكنه سرعان ما ينطفئ ويفنى.
الشعرُ صعبٌ وطويلٌ سلّمُه    لا يرتقي فيهِ الذي لا يعلمُه
لكن أكثر المتطفّلين لا يعلمون.
 
– النقد يهدف لإضافة العمل الإبداعي. كيف تنظر للعلاقة القائمة بين القصيدة والنقد في مشهدنا الشعري الراهن؟
 
*  الشاعر لا يحتاج إلى النقد لتفيض شاعريته، ففي الجاهلية مثلا لم يكن هناك نقد بالمعنى الحقيقي، ومع ذلك كان الشعر ناضجا.
قد يستنبط النقد أفكاراً ورؤى لدى الشاعر، ويفيد بذلك قرّاء الشعر لا الشاعر نفسه.
أرى أنّ كل شاعر هو ناقد نفسه منذ الحوليات، ففي الجاهلية وبعدها كان الشاعر ينتظر عاما يعيد النظر في قصيدته حتى يطمئنّ إليها، وينشرها للعباد.
 
– بعض الشعر هو المكان… لذا كان الوقوف على الاطلال ظاهرة شعرية هامة…
فيما لو سنحت لك الفرصة لزيارة بلدتك “عامودا” فماهي الأمكنة التي تستهويك للوقوف عليها.. و من من شخصياتها تود لقاءها؟
 
* عامودا عندي هي كعبتي التي اعيش معها في صحوي وفي حلمي  وادري ان معالمها تغيرت بل تشوهت اين منها الطلال الدارسة ومعظم اصدقائي هاجر او مات ويقينا لن ارى عامودا التي كانت وما زالت في خيالي اما الامكنة فمدرسة المعري وسينما الحريق والمقبرة وبيوت الاصدقاء اما الاصدقاء فلم يبق الا القليل ومنهم دحام عبدالفتاح وعبدالمقصد الحسيني ..  سؤالك كبير يا كبير
 
– واخيرا استاذ جميل وبعتذر سلفاً . رحيل زوجتك أثر على عطاءك الشعري وفي إي أتجاه؟
 
* رحيل زوجتي كان اعمق طعنة في قلبي وما زلت انزف  وقد كتبت في رحيلها عدة فصائد كما انها موجودة في كل ما اكتب  دمت عزيزا
 
– وفي نهاية هذا اللقاء الممتع والشيق أتقدم بجزيل الشكر إلى شاعرنا الجميل .. جميل داري 
لقد كنت صديقنا الأقرب. عرفناك اكثر واحببناك اكثر
شكرا لروعتك ولمجهودك ولاتساع صدرك ..
 
* مايسترو اللقاء نصر محمد  سررت بك وباللقاء معك على اجنحة الحرف وسيبقى التواصل كل الشكر والمودة لكم
  

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

حاورها: إدريس سالم

ماذا يعني أن نكتب؟ ما هي الكتابة الصادقة في زمن الحرب؟ ومتى تشعر بأن الكاتب يكذب ويسرق الإنسان والوطن؟ وهل كلّنا نمتلك الجرأة والشجاعة لأن نكتب عن الحرب، ونغوص في أعماقها وسوداويتها وكافكاويتها، أن نكتب عن الألم ونواجه الرصاص، أن نكتب عن الاستبداد والقمع ومَن يقتل الأبرياء العُزّل، ويؤلّف سيناريوهات لم تكن موجودة…

إبراهيم أمين مؤمن

قصدتُ الأطلال

بثورة من كبريائي وتذللي

***

من شفير الأطلال وأعماقها

وقيعان بحارها وفوق سمائها

وجنتها ونارها

وخيرها وشرها

أتجرع كؤوس الماضي

في نسيج من خيال مستحضر

أسكر بصراخ ودموع

أهو شراب

من حميم جهنم

أم

من أنهار الجنة

***

في سكرات الأطلال

أحيا في هالة ثورية

أجسدها

أصورها

أحادثها

بين أحضاني

أمزجها في كياني

ثم أذوب في كيانها

يشعّ قلبي

كثقب أسود

التهم كل الذكريات

فإذا حان الرحيل

ينتبه

من سكرات الوهم

ف

يحرر كل الذكريات

عندها

أرحل

منفجرا

مندثرا

ف

ألملم أشلائي

لألج الأطلال بالثورة

وألج الأطلال للثورة

***

عجبا لعشقي

أفراشة

يشم…

قررت مبادرة كاتاك الشعرية في بنغلادش هذه السنة منح جائزة كاتاك الأدبية العالمية للشاعر الكردستاني حسين حبش وشعراء آخرين، وذلك “لمساهمته البارزة في الأدب العالمي إلى جانب عدد قليل من الشعراء المهمين للغاية في العالم”، كما ورد في حيثيات منحه الجائزة. وتم منح الشاعر هذه الجائزة في ملتقى المفكرين والكتاب العالميين من أجل السلام ٢٠٢٤…

ابراهيم البليهي

لأهمية الحس الفكاهي فإنه لم يكن غريبا أن يشترك ثلاثة من أشهر العقول في أمريكا في دراسته. أما الثلاثة فهم الفيلسوف الشهير دانيال دينيت وماثيو هيرلي ورينالد آدمز وقد صدر العمل في كتاب يحمل عنوان (في جوف النكتة) وبعنوان فرعي يقول(الفكاهة تعكس هندسة العقل) وقد صدر الكتاب عن أشهر مؤسسة علمية في أمريكا والكتاب…