أحمد إسماعيل إسماعيل
في البوست السابق ذكرت ماحدث لي مع مدير التربية عندما حملت له من الامارات كتابي رقصة العاشق على سبيل هدية معلم لمدير تربي/ته
وأضيف هنا أنني عندما ذهبت إلى دمشق للسفر إلى الإمارات. وفي مديرية الجوازات طلب مني الموظف أن أراجع أمن الدولة. مجرد أن نظر إلى اسمي. وكان معي حينها صديقي وابن عمتي الأستاذ كومان حسين.
قلت له ما طلبه مني موظف الجوازات. وفي الطريق ضربنا أخماساً بأسداس ووصلنا الى المديرية ولم نصل إلى نتيجة.
وفي المديرية الكائنة في منطقة كفر سوسة. بدأت التحقيقات، واحد يرسلني للآخر حتى جاء دور النقيب ثم العميد. سين وجيم. ومجمل الأسئلة كانت تقليدية.
ولكن العميد لم يكن في مكتبه. لقد خرج منذ قليل وعلي أن انتظره. كما قال لي موظف هناك.
ولكن موعد إقلاع طائرتي في الساعة الثالثة وعشرة دقائق. وكان الوقت حينها حوالي الساعة الثانية عشرة. وانتظرت. وهرولت الدقائق مثل حصان جامح وأنا واقف أمام باب العميد.
وكان الصديق كومان ينتظرني في الخارج على اساس المسألة مجرد معاملة والسلام. كما كنا نتمنى. فأنا لست حزبياً ولا مناضلاً عتيداً.
وذهبت إلى اكثر من واحد من الموظفين أشرح له وضعي. المطار. الطائرة. الجائزة… وكان الجواب المكرر: انتظر. اصبر.
وأشار علي أحدهم أن أطرق باب النقيب. وفي غرفة النقيب شرحت الامر. فقال اصبر. قلت له إنها جائزة.
فرد: اي شو بدي اعمل؟
قلت: قد أخسرها!
_أي اخسرها. شو يعني؟
_الطائرة ستطير
_اي خليها تطير. اخرج وانتظر سيادة العميد.
وخرجت وانتظرت. ثم قررت العودة للبلد. وغادرت المكان. وامام الباب الرئيسي أوقفني الحراس.
_ إلى أين.
قلت سأغادر
_من سمح لك؟
_لا أحد.
_ارجع.
_ ولكني انهيت معاملتي .
_ هات ورقة من الموظف الذي كنت عنده يسمح لك بالخروج.
وعدت وأنا في حيرة. ممن سأطلب الأذن بمغادرة هذا الجحيم. وماذا سأقول له؟
وفي ممر الانتظار شاهدت موظفاً ينظر إلي نظرة فيها ما شجعني أن اتقدم نحوه واطلب حاجتي. قلت: إن قريبي ينتظرني في الخارج وعلي إخباره بأنني سأنتظر سيادة العميد.
وسأعود. فاعطاني ورقة تسمح لي بالخروج. وخرجت.
وفي الشارع قلت لكومان، لن أعود إليهم. بل سأعود للبيت. الى قامشلي.
أما رحلة الطائرة فقد أصبحت مستحيلة. وبعد تداول ونقاش بيننا. قلت له ساذهب للجوازات وأحاول التمثيل. أنا عاشق التمثيل الذي لم يمثل في حياته. سأفعلها هذه المرة.
وهناك. في الجوازات. قلت لهم إن الامن قال لي لم نطلبك. فلماذا جئت.
نظر إلي الموظف لدقيقة. وعلى الفور مددت يدي في جيبي وقلت له:
_مشي الموضوع وتكرم. وكانت هذه أول مرة أقدم فيها رشوة لموظف.
فقال: هات
أخذ جوازي والأوراق
ثم مد اليد الثانية وقال: هات. خلصني.
أخرجت له مئة وخمسين ليرة
فرد بضيق : يارجل عيب ١٥٠ ليرة بس
هات.
قلت :
_صدقا لا أملك غيرها، صمت قليلاً . ثم قال: ماشي مع الله.
خرج ودخل .ذهب وجاء. ثم أنهى المعاملة وقال: تفضل. مع السلامة
واستأجرت سيارة وودعت صديقي كومان وطرت الى المطار أسابق الوقت.
وفي المطار الذي تأخرت عن الموعد المعروف وهو ضرورة التواجد قبل ساعتين. وبخني الموظف..ولكنني واصلت طريقي وأنا منهك إلى الطائرة.
وفي الامارات التي أدهشتني: بناء وتعاملاً واحتراماً…وبعد استلام الجائزة وحفل التكريم. ولقاءات مع كتاب ومبدعين كبار. وفي مطار دمشق، وأثناء عودتي، قلت للصديق جمال علوش رحمه الله. المبدع ابن دير الزور الذي كان قد فاز بالجائزة.
فرع السيرة. خذ النقود يا جمال. وكانت الفا دولار. فقد يتم اعتقالي وأرجو ايصالها إلى أسرتي.
واعطيته النقود والعنوان
ولكنها مرت بسلام. ولم يحدث أي شيء وخرجنا من هناك بسلام.
ولكن حين وصلت الى قامشلي ووسط فرحة أسرتي واصدقائي وفي اليوم الثالث جاءت دورية الى البيت وبدا التحقيق، أما السبب…لا أعرف.
بعد طول تحقيق في بيتي. قلت لهم وأنا متوتر ومنفعل: لقد فزت بجائزة اسمها ثقافة الطفل العربي وليس الإسرائيلي
وذهبت لدولة اسمها الامارات العربية وليست إسرائيل.
والنص للاطفال يعني تربوي وليس سياسياً يحرض على اقتطاع جزء من الوطن.
فهل في ذلك جناية؟!
ما هي القصة؟
طبعا الشباب لم يعجبهم ردي. أحدهم انفعل ورد بقسوة قائلاً: لا تفكر نحن في بيتك فتأخذ راحتك بالحكي..
انتبه.
أما الأخرين فقد صمتا وطلبا من زميلهما أن يهدأ. ثم نهضا وقال لي أحدهم. وكان أفضل أسلوباً من العنصرين الآخرين. على كل حال مبروك. وخرجوا.
ولم أعرف القصة حتى اليوم. مضى زمن طويل، قرابة العشرين سنة على هذا الحدث. ولم أعرف.
عجب ليش ؟!
كلمة حق:
هذه الجائزة بقدر ما عذبتني. سورياً.
لكن النص “الحقل المنيع” عرض في أغلب العواصم العربية. واستفدت منه مالياً. مبلغاً ليس كبيراً. ولكنه كان جيداً بالنسبة لموظف بسيط مثلي.
بقي أن أقول:
في وطن يشترى فيه موظف جوازات ب ١٥٠ ليرة وقد يكون من قدم الرشوة خطراً على أمن الدولة.
و يلاحق كاتب فائز بجائزة أدبية .
من الطبيعي أن ينخر التسوس جسده ويسقط. لا مؤامرات ولا زفت.
ماحدث لي مع مدير التربية عندما حملت له من الامارات كتابي رقصة العاشق على سبيل هدية معلم لمدير تربي/ته
ذكر الصديق فواز عبدي موقف لي مع وكالة سانا في منشور له. ووصفي لمديرية التربية عندنا بأنها قليلة التربية. وذلك حين سألني عن تعاملها معي. وكان ذلك سنة 2001 من أجل إجراء حوار معي بعد فوزي بجائزة ثقافة الطفل العربي.
ولذلك أسباب كثيرة جداً. أفكر جديا بالكتابة عنها. تربوية واخلاقية وأمنية…
أضيف لمنشور صديقي أنني حين عدت من الإمارات، وفي زيارة لمديرية التربية بالحسكة. إن رأس الهرم في المديرية . مدير التربية ” ع.س” قال لي بعد أن أعطاني إجازة بلا راتب لمدة أربعة. بلا راتب وبشق الأنفس. للسفر الى أبو ظبي لحضور حفل التكريم واستلام الجائزة سألني حينها ماذا ستحمل لنا من الإمارات حين تعود؟
قلت له تكرم عينك أستاذ.
وبعد عودتي ذهبت الى المديرية وأنا أحمل نسخة من كتابي رقصة العاشق هدية له. المجموعة القصصية التي كنت قد فزت بها في العام السابق. سنة 2000. فنظر إلي مدير تربيتنا بحنق ودون أن ينظر إلى الكتاب أو حتى يبارك لمعلم من ملاك مديريته فوزه بجوائز أدبية عربية كبيرة ولسنتين على التوالي. وكنت قد فزت قبلها أيضا بجائزة نقابة المعلمين في سوريا. الجائزة الاول عن نص مسرحي .
ألقى بالكتاب جانباً دون أن يتصفحه وقال بخيبة: هلا هاي هديتك: كتاب؟!
كم ندمت على تلك النسخة..
وكم خجلت من حسن ظني به.