طائرُ يفكُّ الحجرَ الصحيَّ

إبراهيم اليوسف 
  
ليس ثمَّة عالم خارج الغرفة 
بقايا الأسرة الكبيرة 
كل في غرفته 
كتبي المكومة أنفض عنها النعاس 
آخر أخبار مسلسل الخوف 
تنشرها الشاشات 
التلفزيون 
الكمبيوتر 
الهاتف 
أثير المدينة الكبيرة
أعداد فرائس الفيروس
الموتى
مودعو المستشفيات
عدو لا مرئي لا يهدأ
بين الأصابع
على ثياب النوم
 على الطاولة
بلاط الغرفة
وفي الممرات
أجنحته معلقة في الهواء
طائراً نحوك
شارع متكور
 لا مارة ولا سيارات
نافذتي مفتوحة
كمامتها  الشفافة
ثمة طائر شجاع
يغرد منذ الرابعة فجراً
على غصن الشجرة  القريبة
ليس عالم خارج الغرفة
إلا شبح خفي
يصرخ:
ابقوا هكذا في بيوتكم أيها الفرسان!
 
………………
 
 
الكيميائي الصغير
 
 
لم أكن أعرف
أنني أصلح لهذه المهمة
ثمة عبوات وبخاخات عديدة
كل منها لأمر ما
للمغسلة والمجلى وحوض الحمام ومقعد “التواليت”
للبلاط الاصطناعي
زجاج النوافذ
مقابض الأبواب
الممرات
مفاتيح البيت
الأصابع والأكف
لم أكن أعرف
أني أصلح لكل هذا
بعد درس جماعي
تلقيناه على مقاعد أكاديمية العالم
ولا أحد بيننا
يستطيع نسيانه….
 
 
الأحفاد
 
مرَّ يوم
مرَّ يومان
ثلاثة أيام
 أسبوع
لم تجمعهم عصرونية بيت الجد
آتي بصندوق ألعابهم
تنتشر  رائحتهم في صالة الاستقبال
الوقت الآن متأخر
غداً صباحاً
أجمعهم
كل من بيته
في مكالمة مرئية
على السكايب
إنه زمن حرب  أخرى
لا مفر منها البتة…!
 
جرس الباب
 
لا أحد يقرع الجرس
اليوم
أيضاً
لاساعي البريد
لاعمال تنظيف الدرج والعتبات
ولا ” الهاوس مستر”
لا أصدقاء طفلي
لابناتي وأبنائي
في المبنى المجاور
لا، ليس ثمة عطل
لا، ليس ثمة أصابع جريئة تعرف الطريق
إلى جرس الباب
 
شَيَّا
 
تتواصل مسرحيته اليومية
أدواره نفسها
ماعلينا إلا الإذعان
المعماري ماض في هندساته
ينتظر باص المدرسة الأحمر
الباص الذي لم يعد يأتي يا أبي
أهو أيضاً يخاف من” كورونا فيروس”
ثمة الكثير في العرض الجديد
اللوحة والألوان
ثمة ماهو أكثرفي نص المؤلف
وبابا الكبير
صوته نائم في الهاتف
غداً، عندما يفتح الحارس باب الحديقة
ألتقي أصدقائي هناك..!
 
سرود
 
لم يعد البيت يتسع هدوءه الماهر
كان عليه أن يجد للوحاته مكاناً على الجدار
يقرض ابتسامته وخجله
بسنواته الست
-لم تعد صديقته التركية
تضغط على زر جرس البيت
لم تعد أمها تكلمه على هاتف أمه
أين توبا
يضحك والده:
إنه يستظهر درس جده
يرسم وجهها
شعرها القصير
تنورتها الزرقاء
لم يعد صدره يتسع للغياب
يستعيد أيام- مدرسة الحضانة-
وسكاكر المعلمة
ولون عيني توبا الزرقاوين!
 

 تيلي
 
كما ممثلة
تقود  ورد الكبرياء
في ممرات البيت
وبين المطبخ وصالة الأسرة
تلاعب ذكرياتها
الأسماء والوجوه
أنا القريبة من أبي الآن
أنا القريبة من امي
ألعابي تراقصني
وأنا أحدثها
عن موعد لزيارة بيت جدي
أنا الملكة الكبرى
كل الوصيفات يصفقن لي
والمغنية الألمانية
تردد أغنية لي
ولا تذكر اسمي…؟!
 
يتبع…………………….
 
من ” ديوان الأسرة”
 

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

خالد بهلوي
يُعدّ مهرجان الشعر الكردي السنوي واحدًا من أبرز الفعاليات الثقافية التي تُعنى بالإبداع الأدبي في المجتمع الكردي. ويُقام هذا المهرجان كل عام، مستقطبًا شعراء ومثقفين، ليشكّل منصةً فريدة تجمع بين الكلمة الحرة والتراث والهوية الكردية.
ليست مهرجانات الشعر الكردي مجرّد فعاليات أدبية تُقام سنويًا، بل هي رمزٌ من رموز التعبير عن الدور الثقافي لشعبٍ حُرم…

بهجت حسن أحمد

ولد رشاد زازا في شمالي كردستان عام 1910 عندما كانت الدولة العثمانية المحتلة لكردستان تعاني من سكرات الموت بعد خلع السلطان عبد الحميد الثاني وتنصيب محمد رشاد الخامس سلطاناً على الدولة المتهالكة بعد انقلاب حزب الاتحاد والترقي على السلطان عبد الحميد الثاني.

في تلك الأجواء المشحونة عالمياً ممثلة بخطر قيام حرب عالمية بدأت بوادرها…

فراس حج محمد| فلسطين

لا شك في أنّ نافذ الرفاعي روائيّ بارع، يُحسن عمله الروائي، ومن خلال ما قرأته له أدرك حجم موهبته الفذّة في صناعة رواية جيدة، وهو من الروائيين القلائل الذين يتأنون في صنعته، ولا يعاني من الفيضان الروائي أو الغزارة في إنتاج الروايات. إنه يتأمل جيدا قبل الكتابة وخلالها، وها هو يتأمل مرحلة…

إبراهيم أبو عواد / كاتب من الأردن

يُعْتَبَرُ المُتَنَبِّي ( 303 ه _ 354 ه / 915 م _ 965 م ) أعظمَ شُعَراءِ اللغةِ العربيةِ على الإطلاق . تَدُورُ مُعْظَمُ قَصائدِه حَوْلَ نَفْسِه ومَدْحِ المُلوكِ ، وأفضلُ شِعْرِه في الحِكمةِ وَفَلسفةِ الحَياةِ وَوَصْفِ المَعاركِ والحُروبِ . لَمْ يَصِف الحَرْبَ كَحَدَثٍ دَمَوِيٍّ فَحَسْب ، بَلْ…