حوار مع باريش

أحمد عبدالقادر محمود 
– أسمك ؟
– المغدور الكرُدي باريش
– عمرك ؟
– من عمر الحقوق
– هل لك أن تشرح لنا كيف تم الأمر ؟
– بينما أنا محلّق مع الموسيقا متأملاً كلمات القصيدة مطروبٌ بصوت المغني الكرُدي !
وإذ أرى أمامي إشارات أستفهام وتعجب تتحول بسحر ساحر إلى مناجل وسيوف بتّارة !؟ ذُهلت في أول الأمر ، لم أستوعب ما يجري ، هل حقاً ما أراه حقيقة أم وهم ؟
سرعان ما عدتُ إلى رشدي تحت وطأة صوتٍ مخيف ومرعب ينبعث من هذه الأشياء
– أيها اللاشيء .. أنت أنت ما تفعل هنا ؟
– بدأتُ أتحسس جسدي ، ربما أنا في حلم !؟ لا لم يكن حلماً قط ؟
وسعّت دائرة رؤيتي ، كل شيء في مكانه الأرض هي تلك الأرض التي تفجّرت فيها منابعنا ! نعم أرى بوضوح تلك العيون الجارية ! وها هي جناننا التي تحيط بنا و تمدنا بكل ما نحتاجه ونشتهيه وها هي جبالنا موطن رحلتي الشتاء والصيف ! ومنازلنا التي بيناها شبرا بشبر و حجراً على حجر . من المؤكد أن هذا الصوت المجلجل المخيف وهم ، نعم إنه وهمٌ وأنا واهم .
– أيها اللاشيئ … ألم تسمع هى هى أنت ! أم تريد أن نُسمعك بطرقٍ أخرى !؟
وهنا سمعت صليل السيوف المتحولة يعلو فوق عذوبة موسيقاي ويكاد ذلك الصليل أن يحطمني ؟!
يا إلهي أنهم يقصدونني ، توقفت عن سماع أغنياتي ، وسألتهم برباطة جأش .
– ماذا تريدون مني وأنا لم أقترف ذنباً ، أني أستمتع بما حولي من جمال وهبه الله لنا ، وأنصتُ لكلمات الحب والوداد بقلب سليم ، وأمارس حقي في الحرية التي ولدتْ معي ، هذه الطبيعة تتسع للكل ، ألم يكن الأفضل للذي مسخكم لنصالٍ مخيفة تقطر دماً أن يحولكم لزهور وزنابق تقطر عبقاً يزيدُ جمال الطبيعة جمالاً !؟
ما هذه البشاعة التي أنتم عليها ! أليس الأخْيَر لكم أن تعترضوا على هذه الأشكال التي مُسختم عليها ؟ .
وهنا سمعت قهقهة عظيمة ، جعلت قلبي يفرًُ من صدري كشحرورٍ فزعٍ من أصوات بنادق الصيادة . وأعقبها ذاك الصوت المرعب المخيف .
– أيها اللاشيء لا نفهم ما تقول ؟ جمال ، طبيعة ، حب ، وداد ، حرية ، أفضل ، أخْيَر . هل هذه طلاسم أم ماذا ؟، ما هذه اللغة الغريبة التي تتحدث بها والتي ما عهدناها ولم تألفها أذاننا . إننا هنا لغرض واحدٍ لا ثانٍ له ، موسيقاك تزعجنا ووجودك هنا نمقته ، لغتك تلك نبغضها ونستنكرها وحتى ثيابك نشمئز منها . بالمختصر نؤمن فقط بالحقد ولا شيء سواه ، فلا تكثر من جدالنا .
هنا تأملتُ جلياً ، توقّف مع نفسي ماذا علىّ أن أفعل ؟ ما هي الخيارات التي أمامي ؟
هل أستعين بالساحر ذاك كي يحولني لسيفٍ مثلهم وأنضم لهم ؟ أم أغادر المكان وأضمحل ؟ أم أستعطفهم ؟ أم ماذا ؟؟؟؟
لقد وقعت بمصيبة كبرى لا ذنب لي فيها ، وأنا أرى أعدادهم تتزايد حولي ومن كل الأشكال والألوان .
لا أخفيك ، لقد قررتُ البقاء في مكاني و مواصلة السير فيه و الاستماع لأغاني الشجية ، وتهذيب هندامي وترديد الكلمات بلغتي الجميلة وبصوت عال .
أما سيوفهم وخناجرهم تلك وإن غُرزتْ في جسدي ستضمحل رويدا رويدا .  

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

جان بابير

 

الفنان جانيار، هو موسيقي ومغني كُردي، جمع بين موهبتين إبداعيتين منذ طفولته، حيث كان شغفه بالموسيقى يتعايش مع حبّه للفن التشكيلي. بدأ حياته الفنية في مجال الرسم والنحت، حيث تخرج من قسم الرسم والنحت، إلا أن جذوره الموسيقية بقيت حاضرة بقوة في وجدانه. هذا الانجذاب نحو الموسيقا قاده في النهاية إلى طريق مختلف، إذ…

عصمت شاهين الدوسكي

 

أنا أحبك

اعترف .. أنا احبك

أحب شعرك المسدل على كتفيك

أحب حمرة خديك وخجلك

وإيحاءك ونظرتك ورقة شفتيك

أحب فساتينك ألوانك

دلعك ابتسامتك ونظرة عينيك

أحب أن المس يديك

انحني حبا واقبل راحتيك

___________

أنا احبك

أحب هضابك مساحات الوغى فيك

أحب رموزك لفتاتك مساماتك

أحب عطرك عرقك أنفاسك

دعيني أراكي كما أنت ..

——————–

قلبي بالشوق يحترق

روحي بالنوى ارق

طيفي بك يصدق

يا سيدتي كل التفاصيل أنت ..

——————–

أحب شفتاك…

لوركا بيراني

في الساحة الثقافية الأوروبية اليوم، نلمح زخماً متزايداً من التحركات الأدبية والثقافية الكوردية من فعاليات فكرية ومهرجانات وحفلات توقيع لإصدارات أدبية تعكس رغبة المثقف الكوردي في تأكيد حضوره والمساهمة في الحوار الثقافي العالمي.

إلا أن هذا الحراك على غناه يثير تساؤلات جوهرية حول مدى فاعليته في حماية الثقافة الكوردية من التلاشي في خضم عصر…

محمد شيخو

يلعب الفن دوراً بارزاً في حياة الأمم، وهو ليس وسيلة للترفيه والمتعة فحسب، ولكنه أداة مهمة لتنمية الفكر وتغذية الروح وتهذيب الأخلاق، وهو سلاح عظيم تمتشقه الأمم الراقية في صراعاتها الحضارية مع غيرها. ومن هنا يحتلّ عظماء الفنانين مكاناً بارزاً في ذاكرة الشعوب الذواقة للفن أكثر من الملوك والقادة والأحزاب السياسية مثلاً، وفي استجواب…