حوار مع الكاتب والباحث الكردي (خليل جندي)

  * نرحب بك الأستاذ العزيز خليل جندي في موقع ومنتديات Welatê Me

أهلاً ومرحباً بكم وبموقعكم وجميع قراءكم الكرام

*
هل الديانة الايزيدية “ديانة كوردية بحته” وحبذا لو تعطينا لمحة عن البدايات ؟

– إذا كان أكثر من 98% من نصوص ديانة باللغة الكوردية، وجميع طقوسها ومراسيمها وعباداتها تقام وتقال وتلقن باللغة الكوردية، ولغة معتنقيها لغة كوردية ( ماعدا قصبتين هما بعشيقة وبحزاني يتحدثون بلغة هي خليطة من العربية والكوردية وكلمات فارسية، علماً أن العشائر التي تسكن فيها مثل الدوملي، الختاري، الهكاري، الماموسي،..هي عشائر كوردية معروفة).

 إضافة الى ذلك يعيش الايزيديون في كل من العراق، سوريا وتركيا، على أرض كوردية/ كوردستانية. وأن جميع عشائرهم هي عشائر كوردية، وهذه أسماء البعض منها: [ الهكارية- الدوملية-الختارية- القائدية- الدنانية- السموقية- القيرانية- الرشانية- الهراقية- الشرقية- الداسكي- الخوركان- الجوانان- آلدخي- الخالتي- الجلكية- الهويرية- الروزكية- الجهسانية- الماموسي- الكاشاخي…]
إذن ماذا نقول عن ديانة معتنقوها ينتمون الى أعماق تاريخ وجغرافية آباء الكورد، ويتحدثون لغتهم، ويحملون نفس مشاعرهم وربما أكثر وأعمق، بل يحفظون بأمانة فلسفة وعقائد أجدادهم الأوائل. فوق كل ذلك أنه دين مغلق لا تبشيري ، بما ينتمون الى مجموعة الزواج الداخلي المغلق ولا يتزاوجون مع أتباع الديانات الأخرىوتدور عقائدهم وعباداتهم فقط ضمن هذه المجموعة. أليست هذه الدلائل كافية لنعتبر الدين الايزيدي دين كوردي بامتياز؟.
أما عن الشق الثاني من سؤالكم، أنه سؤال مفتوح والحديث فيه يطول، إلاّ أنني أحاول أن ألخصها وأقف عند مفاصل ودلالات مهمة.
إذا كانت الكثير من الأديان المعروفة عالمياً تعرف تاريخ ولادتها وفلسفتها عن طريق أنبيائها ورسلها وكتبها الدينية مثل الصابئة المندائية، اليهودية، المسيحية، الزرادشتية، الاسلام،..الخ فإن ديانات ومعتقدات قديمة أخرى سبقتهم، لم تكن لهم لا رسل، ولا كتب تم تعرف العلماء والباحثين على معتقداتها وعباداتها وأفكارها الفلسفية من خلال ما تركه تلك المجاميع من صور وكتابات على دور العبادة وعلى الرقى الطينية والدمى مع شكل ومخلفات القبور، كما هو الحال لدى الديانة الفرعونيةفي مصر، والديانة السومرية والبابلية والآشورية والحضرية (نسبة الى مدينة الحضر جنوب مدينة الموصل) في بلا د ما بين النهرين ومزبوتاميا، وكذلك معتقدات الهتيت والحثيين في بلا د الأناضول وشمال سوريا…الخ، الى جانب هذه العبادات كانت هنالك معتقدات تسمى بديانات الخصب ( حقيقة الكثير من المعتقدات أشرت اليها تعتبر أيضاً من ديانات الخصب) ؛ وهي معتقدات/ ديانات عبادة الظواهر الطبيعية، ونقصد به تقديس الشمس، القمر، الهواء، المطر، البرق، الليل والنهار…الخ، ولم تكن لهذه الديانات رسل ولا كتب “سماوية” و ” أرضية” بل كان علاقة الأتباع مباشرة مع المقدس الكامن في الظواهر الطبيعية والتي كانت في اتصال مباشر مع حياة الناس اليومية، ولا عجب أن نرى هذا المقدس يعيش تارة بينهم على الأرض، وتارة أخرى له /لها قوة سماوية! إنها كانت ديانات بواكير الفكر البشري البسيط غير المعقد. وترجع ديانات الخصب الأولى، باعتقادي، الى بدايات إكتشاف الزراعة وتحول المجموعات البشرية من مرحلة الرعي والبداوة ( كوجه ر= القبائل الرحل) الى مرحلة إكتشاف الحنطة واستخدامها للزراعة وبالتالي عملية الاستقرار (التحضر) في القرى.
لمن يبغي معرفة جذور الديانة الأيزيدية بشكل واقعي ، عليه التوقف عند معرفة وتحليل الظواهر الرئيسية التالية :
أولاَ: ظاهرة طاوؤس ملك. ماهو الوجه السراني لتلك الظاهرة وماهي إمتداداتها في التأريخ؟
ثانياَ: الأعياد الأيزيدية.مفهومها،دلالاتها،أسسها الفكرية والروحية. ( والنقطتان مترابطتان من الناحية الاعتقادية والفلسفية وكلاهما يدوران حول مفهوم دورة الحياة وعملية زراعية القمح )
فاذا نظرنا الى اساطير التكوين والخلق وأصول الأشياء عند الشعوب القديمة وخاصة السومريين والبابليين ، نجد أن ساعة الخلق هي صراع كوني شامل بين قوى الهية خالقة، نشطة، فعالة ومنظمة مع قوى العماء والسكون والفوضى وليس ظهور الكون والحياة والانسان الا تجلياً لتلك الطاقة الحركية الخلاقة. ولن يتأتى ظهور العالم الا باراقة الدماء، وانتصار آلهة ودمار أخرى، ولن تتوطد أسس الكون الا على أشلاء الضحايا المغلوبة. وفي كل سنة يخلق العالم من جديد ويجري تجديده ليعود نضراً كما كان بمعونة البشر ومشاركتهم فيه عن طريق الطقوس التي من شأنها شد أزر الآلهة ومعاضدتها ضد قوى العدمية التي تتصدى لحركة الكون بغية استعادته الى حالته السكونية. وهنا تتكشف لنا المعاني السرانية والعميقة الدلالة للاحتفالات الدينية في رأس  السنة والتي بدأت في بابل ومازالت قائمة الى يومنا هذا.[1]
لم يكن الموت عند الانسان القديم مرحلة نهائية من شأنها وضع حد لوجوده بجميع صوره ، بل أعتبر دوماً بمثابة عملية تؤمن عبور الانسان لحالة أخرى من الوجود تختلف في كليتها عن الحالة التي ألفها في حياته على الارض. وعلى هذا الاساس فان فكرة الخوف من الموت لم تكن  أبداً خوفاً من العدم عند الانسان القديم بل كان خوفاً من المجهول، من مغادرة وضع يعرفه ويدركه (أي الحياة على الارض) الى وضع آخر يجهله تماماً (العالم الاسفل).
في الديانات القديمة وخاصة ديانات الخصب كان ينظر الى الموت على مستويين : الموت على المستوى الكوني وفكرته الاساسية تقوم على موت الطبيعة وبعثها المتكرر والذي هو انعكاس لموت الاله وانبعاثه من جديد. أما الموت على المستوى الثاني: فيتعلق بموت الانسان الفرد ، فهو ليس كالطبيعة المتجددة التي تكرر حياتها وبعثها كل عام. والانسان ليس كآلهة الخصب يموت ويحيا في دورة أزلية، بل تنتظره حياتان: قبل الموت وبعد الموت.
فالموت على المستوى الكوني وبشكله المكتوب الذي وصل الينا ، يبدأ من أساطير السومريين وخاصة أسطورة العالم الاسفل وهبوط (انانا)[2] سيدة السماء والهة النور والحب من كرسيها السماوي لتنزل الى عالم الاموات ,,كورGOR،،التي تسيطر عليها أختها الكبرى(اريشكيجال) الهة الظلام والموت في زيارة مؤقتة لتعود بعدها للحياة ثانية. أما لماذا تنزل انانا عن كرسيها وتترك مهامها وتهبط الى العالم الاسفل، عالم الاموات؟!..
ان التحولات الاقتصادية في حياة الفرد والمجتمع كانت تقود حتماً لديهم الى تحولات فكرية واجتماعية؛ فمثلاً اعتماد الانسان الكلي على ثمار الأرض وخيراتها الى حياة الرعي ومنها الى حياة الاستقرار والزراعة ولدت لديه أفكاراً متباينة.كما أن التغييرات الدورية في الطبيعة من خصب وقحط ، أمطار وجفاف، خضرة ويابس، أي تعاقب فصول السنة أثارت هي الاخرى تفكير الانسان واعتبرها انعكاساً لأفعال الآلهة وترجمة لأحداث وتغيرات تقع في الطبيعة وما ورائها.
وموت الطبيعة استعداد لانبعاثها، وتجددها لن يحصل الا بموت اله وتضحيته بنفسه من أجل استمرار حياة الانسان. ولهذا السبب ضحت (انانا)-حسب الاسطورة-بنفسها وهبطت من عليائها وذاقت طعم الموت.وحسب الاساطير القديمة نفسها،بالأخص السومرية والبابلية منها، أن الانسان لم يخلق ويأتي الى هذه الحياة الا عن طريق التضحية ببعض الآلهة واستعمال دمها ممزوجاً بالتراب لصنعه(مثلاً اسطورة قتل -كنغو-زوج تعامة وفصد دمه ثم مزجه بالتراب لصنع الانسان).
ومع إكتشاف القمح طور الانسان فكرته من خلال الاسطورة مصوراً بان ,,انانا-عشتار،،وابنيهما ,,دوموزي،تموز،، هم روح القمح  والسنبلة جسدهم، وما عملية هبوط (انانا) الى العالم الاسفل وعودتها فيما بعد الا تمثيلاً لدورة الطبيعة :
ان اكتشاف الانسان للقمح وأكلة الخبز كما يقول فراس السواح كان القفزة الحضارية الكبرى التي حققها الانسان.وكان رغيف الخبز برزخ العبور من مرحلة الهمجية الى مرحلة الحضارة.وفي ملحمة كلكامش كان أول عمل قامت به المرأة التي قادت به أنكيدو من حياة البرية الى حياة المدنية أن جعلته يتذوق الخبز الذي غدا بعد أكله بشراً سوياً[3]. وما زال القمح من بين أهم المقدسات عند الأيزيدية وبه يقسمون ويعتبرونه زاد الدين والايمان والذي لا يأكله لا دين له ولا ايمان، أي أن سر طاوؤس ملك يكمن فيه :,,Bi vî qutê îmanê, yê ne xot ne dîne ne îmane- أي قسماً بهذا الزاد الذي لا يأكله لا دين له ولا ايمان،،.ولقدسية القمح فانه يدخل في تركيبة الكثير من الأكلات الخاصة في الأعياد والطقوس الدينية ك(السماط-Simat) في غالبية الأعياد و ال(بيخونPêxun، قه لاتكQelatik،
جه رخوساerxus) في عيد خدر الياس، و ال(كه شكKeshik) في عيد بيلندا، و ال(صه وكSewik) في غالبية الأعياد…الخ.
لقد عبر الانسان القديم عن أفكاره ومعتقداته بشأن مظاهر الكون والخليقة ودورة الطبيعة واكتشاف الزراعة وتدجين الحيوانات،عن الحياة والموت … عن طريق اقامة الطقوس والأعياد.
ان التمعن في طقوس وأعياد الأيزيدية بدءاً من تواريخها وما يجري فيها من ممارسات وما يتم فيها من تحضير المأكولات  ومحرماتها، يعطي ذلك الانطباع القوي بأن تلك الأعياد والطقوس هي منسجمة ومترابطة بشكل كبير مع دورة الطبيعة وحركة فصول السنة ، منسجمة مع حبة القمح- أي دورة الزراعة التي تعلمها الانسان أول الأمر- ومنسجمة مع مفهوم الحياة والموت بمعناها الكوني، منسجمة مع مفهوم ,,تموز-تاوز-طاؤوس ملك،،الحي أبداً حسب المعتقد الأيزيدي.
بناءً على هذه الرؤية فأنه يمكن اعتبار الديانة الأيزيدية من ديانات الطبيعة، ديانات الخصب، ديانة التوحيد الأولى بمعنى قدرة الاله أو الالهة على الخلق بامكانياته الذاتية (خودايى،خودىXodayî ü Xudê) من دون تدخل ، مثل الآلهة (نمو،انانا،عشتار،تعامة ، تموز..)، فهم يحملون في جسدهم بذرة العذرية، قوة ,,اليانج،،الموجبة و,,ين،، السالبة، بذرة الأنوثة والذكورة في آن واحد كما هو الحال عند بذرة القمح مثلاً حيث تراها بشكلها اليابس ألا أنها في الحقيقة تحمل جميع المواصفات الواردة أعلاه.تحمل صفات الجنس وتحمل سر الحياة والديمومة؛ ومن أجل أن تخلق حبة القمح الحياة الجديدة يجب أن تموت(تدفن في الأرض) وتوفر لها الشروط اللازمة من رطوبة، تراب، أشعة ونور..
 ان فلسفة الديانة الأيزيدية وتصوراتها عن الخالق، وعن الحياة والخلق والآخرة..مبنية على الرؤية الموضحة أعلاه، وأعياد الأيزيدية وان كانت بأسماء متعددة فأنها وكما تبدو مرتبطة بالاله تموز ابن وحبيب الاهة الكون. وعند تحليل مغزى الأعياد يتبين بشكل جلي أنها ترتبط مع عملية زراعة القمح اعتباراً من (الحرث، الانبات، النضوج والحصاد…).
نرى تجليات الظواهر التي ذكرناها ضمن أعياد وطقوس الأيزيدية التي تحمل بصمات العصر الزراعي، ,,بطله ،، القمح، أما السر الذي يكمن ورائه هو موت وانبعاث الاله، وهي دورة الحياة الأزلية المتجددة بذاتها.
سوف أعدد فقط أعياد الأيزيدية وأذكر تواريخها دون الدخول في التفاصيل لأنها سوف تطول. ( لمن يريد المزيد بامكانه مراجعة كتابي المعنون: نحو معرفة حقيقة الديانة الايزيدية، طبعة السويد 1998، الفصل الرابع| لمحات من الاسطورة والتكوين وسرّ اعياد الايزيدية، ص 79 -115)
أعياد الايزيدية حسب فصول السنة:
* أعياد فصل الربيع ومهرجاناتها| 1- عيد رأس السنة ويسمى بعيد طاؤوس ملك وعيد ملك الزين (جارشه مبا صور= الأربعاء الأحمر) يحتفل به في أول أربعاء من شهر نيسان الشرقي (هنالك 13 يوم يفرق بين السنة الميلادية والتقويم الايزيدي الشرقي؛ يتأخر التقويم الشرقي ب 13 يوم من التقويم الميلادي)
2- الطوافات| مهرجانات فصل الربيع: تبدأ بعد يومين من عيد رأس البسنة (سه رسال)، أي يوم الجمعة، وتنتهي عند نهاية شهرحزيران. كل مهرجان خاص بقرية من قرى الايزيدية.
* عيد فصل الصيف | ويسمى بعيد أربعانية الصيف يصوم فيه رجال الدين الايزيديون اعتباراً من 13 حزيران الى 20 تموزالشرقي (25|6 – 3|8 ميلادي)
* أعياد فصل الخريف | عيد الجماعية لمدة سبعة أيام اعتباراً من 23|9 -1|10 (6|10 -14منه الميلادي)
* أعياد فصل الشتاء| 1- عيد أربعانية الشتاء ، يصوم فيه رجال الدين اعتباراً من 13/كانون الاول-20/كانون الثاني الشرقي (26/كانون الاول-4 شباط الميلادي)
2- عيد صوم ايزيد ، يصادف اول ثلاثاء واربعاء وخميس من شهر كانون الاول الشرقي . صوم الشيخ شمس وكذلك الأرباب لمدة ثلاثة عند ايزيدية تركيا ، سوريا ، وجمهوريات أرمينيا وجورجيا.
3- عيد بيلندا والباتزمية : الجمعة الثانية من اربعانية الشتاء ، أي أواخرشهر كانون 1 الميلادي.
4- عيد خدر الياس وخدر النبي: يصادف اول خميس من شهر شباط الشرقي.
من الصعب التطرق الى جميع المراسيم والطقوس التي تقام في هذه الأعياد مع مغزاها- كما ذكرت سابقاً لمن يريد معرفة المزيد مراجعة كتابي المؤشر اليه- إلاّ أني أكتفي بالاشارة الى أن فصول الدراما هي بقدر فصول السنة، تحكي لنا اسطورة القمح المتكاملة ارتباطاً مع فلسفة الانسان حول الموت والانبعاث، الموت الرمزي للاله أو الالهة وعودتهما للحياة مع دورة الطبيعة. أي أن الاسطورة تكشف لنا في أحد جوانبها فكرة الانسان القديم عن الموت والخلود، وعن الخصب والخلق الذاتي وعن دورة الحياة الأزلية؛ بمعنى أن نسيج أسطورة عصر الزراعة هذه ترتبط بعشرات الخيوط بأفكار العصر الحجري القديم. 
ومن خلال أسرار أعياد الأيزيدية، تبرز سرّ الألوان ومكانتها لدى الأيزيدية. ويخص كل لون من الألوان الأربعة (الأخضر- الأحمر-ا لأصفر- والأسود أو الأزرق) فصلاًمن فصول السنة ووجهاً من وجوه اله الكون تموز- تاوس. ويأتي اللون الأخضر في مقدمة الألوان كرمز للخلود والحياة الأزلية الدائمة، ولون تلك الدرة التي خلق منها الكون وماعليها.
تاريخ الشعوب وتاريخ الأديان ليس فقط ماهو مدون في بطون الكتب، وإنما يعرف عن طريق تراثها وأدبها الشفاهي وعاداتها وطقوسها…الخ. وأنا من جانبي لم أجد الكثير من المسائل المتعلقة بالدين الايزيدي في الكتب والمصادر، وإنما اعتمدت على دراسة مقارنة بين ما تحتفظ به الايزيدية مع عباداة أخرى قديمة وحديثة. وفي كل الأحوال ، وفي حال العلوم الانسانية، تبقى دائماً باب الاحتمالات والاجتهادات مفتوحة ولا أحد يستطيع القول أن ما يكتبه أو يقوله هي الحقيقة.
ربما يسأل بعض القراء الكرام، أو يكون مهماً لهم، وهل كانت الايزيدية تعرف بهذا الاسم أو عرفت بغيرها من الأسماء؟
قبل ظهور الديانة الزرادشتية، كانت ديانات عبادة ظواهر الطبيعة من بين احدى ديانات أجداد الكورد (الآريين) الأوائل، وبمجئ زرادشت ودعوته الاصلاحية والتخلص من الآلهة والأفكار وطرحه فلسفته الجديدة المؤسسة على الثنائية بوجود قوتين متصارعتين في الكون هما قوة الخير يمثله (آهورامزدا) وقوة الشرّ يمثله (أهريمن) يكون الغلبة في الأخير لقوة الخير. الكثير من الشعوب الايرانية وفي الشرق القديم آمنت بدعوته وديانته الجديدة وأصبح دين الدولة الساسانية والأخمينية، إلاَ أنه بقيت مجموعات كبيرة من عبدة ظواهر الطبيعة (ديانات الخصب) لم تدخل الدين الجديد، مما دفع زرادشت أن يطلق عليهم ( ديئفه يه سنا) اي (عبدة الشرَ أو عبدة أهريمن)!. وحسب رأي بعض علماء اللغة تطورت بمرور الزمن كلمة ( ديئفه يه سنا) الى ( داسن). ( يمكن بهذا الصدد مراجعة العلامة توفيق وهبي في أبحاثه القيّمة : الآثار الكاملة، الجزء الأول، إعداد رفيق صالح، مطبعة زين السليمانية 2006، دين الكورد القديم، المقال الثامن، ص 36- 123) ويؤكد هذا العلامة رغم الصاق كلمة (الداسن والداسنية) بالايزيديين الحاليينأ إلاّ أنهم ليسوا بعبدة (أهريمن و الشيطان).
إذن كانت (داسن والداسنية) تطلق على الايزيديين بعد ظهور زرادشت والمسيحية والفترات الاسلامية المتأخرة. علماً أن المسيحيين من السريان والكلدان والآشوريين يطلقون لحد اليوم في كلمة (دسنايى) بدل (الايزيدية). كما أن بعض الكورد المسلمين ، خاصة منطقة بهدينان، يطلقون على الايزيدية (داسني). وتعرف دهوك لحد اليوم ب (دهوكا داسنيا- أي دهو الداسنية) وهنالك جبال في منطقة بهدينان تسمى (جبل الداسنية)!
سمعت من والدي ورجال دين ايزيديين كثيرين، كانت تطلق على الايزيدية في زمن ما (متهيير ، متهه يير أو متحير) ، ربما في ذلك الوقت لم تكن لنا إهتمامات اليوم ولا المعارف الكافية، فكنا نعتقد أن الكلمة أصلها عربي من (متحير، حيران) بمعنى تائه لا يدري ماذا يعمل. إلاّ أنه تبين خطأ ما كنا نعتقده، وذهب أحد الكتاب أن كلمة (متهه يير) ماهي إلاّ كلمة (ميترايار Mithrayar) ولها علاقة بالميثرائية. وتم تحويرها بالشكل التالي:
ميترايار Mithrayar – ميتهه رهيار – متهه ريار – متهه يار – متهه يه ر- متهه يير.(راجع للمعلومات الاضافية :د. فاضل عمر، ميثرا وعبادة الميثرائية/ دراسة أولية، مطبعة هاوار 2006، منشورات متين، الحلقة 6- باللغة الكوردية).
طبعاً هنالك العديد والعديد من الطقوس المشتركة بين الميثرائية والايزيدية الحالية التي تعطي مؤشرات قوية جداً كون الايزيدية من بقايا تلك الديانة.
وأخيراً من الضروري الرجوع وبشكل مختصر الى آراء بعض العلماء والمستشرقين بشأن أحد الأسماء التي كانت تطلق على الايزيدية قديماً، ونبدأ بآراء البروفيسور مار حول تحليل كلمة ( جلب- جلبي) – أعتقد يقصد كلمة (جلكو Chalko) التي يطلقها المسيحيون في تركيا على الايزيدية لحد اليوم – التي يأخذها منطلقاً لنظريته الجديدة ويؤكد على عراقة الدين الايزيدي وكونه جزء من الشعب الكوردي الأكثر عراقة، عندما يقول: ” ظهر استخدام كلمة (جلبى) بداية القرن 14 عند الاتراك السلجوقيين , وهم أخذوا بدورهم من الكورد. وأخذ الكورد من جانبهم من اللغة الآرامية (تسليم – تسلما)  الذي يأتي بمفهوم (الصورة أو التمثال) .
جلب جلبى – جه لكو = الله، أصل وجذر الكلمة من اللغة الجافيتية ( يافثي ) الجنوبية . ومن بعض معاني ومفاهيم كلمة (الجلبى) الإله – الرب – صاحب الجاه – الكريم – صاحب العائلة – النبيل السيد – قوال – شاعر – مثقف – مربي – شريف – مؤدب – أنيق – السيد الصغير .
ويقول مار: دون أن نلجأ الى أي دليل، يظهر لنا من خلال كلمة (جلبي) آثار وبقايا قسم خطير من تاريخ شعب أنتج مثل هذه الكلمة .
 بعد دراسة وبحث (مار) على أصل (جلبي) كشعب كوردي يأتي ويقول: ” إن التراث الديني الكوردي من الناحية التأريخية أقدم من الأسلام . ويضيف ” بعد الانتصارات التي حققها المسيحية والاسلام، رغم إنها لم تكن انتصارات مطلقة وكاملة على المعتقدات القديمة في آسيا يبدو أن مقابل تلك الانتصارات لم تتنازل وتركع الديانة الخاصة بالشعب الكوردي، ولم تعترف بالهزيمة، وبدأ دين الكورد بضرب الأديان الجديدة المسيطرة عليهم (المسيحية والاسلام) من الداخل وذلك من خلال إثارة الحركات الاجتماعية والالحادية، مثلاً (حركة أبناء الشمس) والحركة الصوفية التي لا تتبع السنة كحسين الحلاج وشيخ عبد القادر الكيلاني وشمس الدين التبريزي. . . الخ .”
حسب أبحاث (مار) فإن الايزيدية كان دين الكورد الخاص قبل الاسلام حيث كانوا يؤمنون بها حيث يقول: “مما لا شكّ فيه أن ايزيدية اليوم هم احدى المعتقدات الشعبية لبعض الناس ذات خصوصية، فهم قريبون من المانوية والصابئة المندائيين من ناحية ويقتربون من المعتقدات المتنوعة التي ظهرت في أرمينيا وجورجيا فيما بعد من ناحية اخرى.”[4] ويجمل مار نظريته في عدة أسطر حيث يقول (تحتضن كلمة جلبى = ايزيدي بين طياته تأريخ الشعب الكوردي، إلا أنه بسبب عدم وجود مصادر مكتوبة في متناول أيدينا، نضطر أن نلجأ لتحليل هذا التأريخ الى اعادة اكتشاف أحجار منقوشة، أو الى اسلوب التحري والتنقيب عن الآثار القديمة كون تلك الاشياء تعكس بقايا العصور القابرة على الظواهر الشعبية المرتبطة باللغة والدين القديم وهو انعكاس للظواهر التي نراها خالدة اليوم.[5]
أتمنى أن تكون هذه التوضيحات كافية لإعطاء تصور للقراء الكرام خلفية الديانة الايزيدية وبعض أسسها الفلسفية.

* في كتاب “اليزيدية في ما بين النهرين” من تأليف السيد آشور نصيبيو ومؤلفين آخرين، يحكي عن أنباع الديانة اليزيدية ونشأتها وجذورهم التاريخية. يذكر الناشر إن مادفعه لتخصيص هذا الكتاب وأحد الأسباب هو تعريف القارئ بأن الأمة الكلدانية، الآشورية، اليزيدية، المحلمية، المندائية، المارونية والسريانية هي أمة واحدة على الرغم من تعدد تسمياتها. كيف ترى ذلك؟

مع الأسف لم أطلع على هذا الكتاب ولم أقرأئه، لذا ليس من المنطقي وليس من الصحيح أن أبين رأي في كتاب لم أعرف مضمونه والمصادر التي اعتمد عليها والمنهجية التي اتبعها الكاتب. أما بالنسبة للشق الثاني من سؤالكم والذي دفع الكاتب المذكور لتأليف كتابه كون كل تلك “الأمم” التي ذكرها، هي أمة واحدة، فإن إجابتي على سؤالكم الأول _ وفيما تخص الايزيدية طبعاً- كاف فيما إذا كانت ” الأمة” الايزيدية تنتمي الى ” أمتهم”أم لا !

* بأي لغة كتب كتابا ” مصحف رش” و ” الجلوة” وما الفرق بين الكتابين، ولماذا سميت ( مصحف العربية) كون كلمة (مصحف) كلمة عربية؟

** من المؤكد كان هنالك كتابان أحدهما بإسم ” مصحف رش” والأخرى بإسم ” الجلوة” لأن العديد من الكتاب ، قديماً وحديثاً، والايزيديون في تراثهم الشفهي يذكرون ويؤكدون على وجودهما. ومن المؤكد أيضاً أن كتاب ” الجلوة لأهل الخلوة” هو من تأليف الشيخ حسن بن الشيخ أبو البركات آدي الثاني، أي من تأليف إبن أخ الشيخ آدي بن مسافر الهكاري. وفي كتابها المعنون (طاؤوس ملك 1941) المطبوع في لندن تقول ئى.س. دراور E. S. Drower أن الكتابان المذكوران هما من كتب الايزيدية ، وقد تم تأليف كتاب (الجلوة) من قبل أحد أولياء الايزيدية عام 1161م ، أما ( مصحف رش) فيعود تأليفه الى عام 1342م دون أن يذكر من هم أولياء الايزيدية. أما الكتاب الثاني ” مصحف رش” فلا أستطيع أنا ولا غيري القول أنه من تأليف الشيخ آدي بن مسافر أو من تأليف إبن أخيه الشيخ حسن، لأنه لا أحد رأي الكتاب.
أشكّ في مضمون الكتابين الذين ظهرا ترجمتها لأول مرة باللغة الانكليزية من قبل (القس اوزوالد ه. باري البريطاني Ozwald H. Pary) عام 1892. وقام جوزيف الأمريكي بعد ذلك بترجمة تلك الكتب من العربية الى اللغة الانكليزية أيضاً. أما الأب أنستانس الكرملي فقد قام بترجمة الكتابين من اللغة الكوردية الى اللغة الفرنسية وقام بنشرهما. أما الدكتور بيتنر النمساوي فقام هو الآخر بترجمتهما من اللغة الكوردية الى العربية. وهكذا  قامت جهات علمية وجامعات وكتاب أجانب وكورد وعرب وغيرهم بالإعتماد على ما تم نشره واستندوا عليهما وكأنهما حقيقة.
طبعاً الكتابان المنشوران من قبل الجميع كانا بالأصل وكما تم نشرهما باللغة الكوردية وبحروف خاصة تشبه الحروف الآرامية الى حد ما. إلاَ أني أشكّ في مسألتين أساسيتين وهما:
أولاً /  مضمون الكتابين من الناحية البلاغية والصياغة والحجم…؛
ثانياً / عدم وقوع الكتابين الحقيقيين أصلاً في متناول اليد؛
ليس من المعقول أن يقوم متصوف كبير بدرجة الشيخ آدي والذي قال عنه المتصوف الكبير الشيخ عبدالقادر الكيلاني ” لو كانت النبوة بالمجاهدة لنالها الشيخ آدي بن مسافر” ولا شخصية بمقام الشيخ حسن بن أبي البركات آدي الثاني بتأليف كتاب أو كتابين عدد صفحات الأولى (الجلوة) سبعة فقط موزعة على خمسة فصول، وعدد صفحات الثانية (مصحف رش) أربعة عشرفقط!
يقول ابن خلكان وابن المفظر وغيرها من الأعلام المشهورين أن الشيخ حسن كان شاعراً وأديباً وفيلسوفاً وداهية عصره…ويقول عنه ابن طولون ” لقد اختلى الشيخ حسن ستة سنوات، فألف كتاب سماها الجلوة لأهل الخلوة”. كيف بإنسان بهذا المقام والمنزلة العلمية والذكاء يخرج بعد ست سنوات من خلوته بكتاب من سبعة صفحات فقط؟!
الى جانب ذلك، الذي يقرأ الكتابين المنشورين يجدهما بلغة كوردية ركيكة، ويعكس للمتطلعين على لغات ولهجات أقوام المنطقة أن (واضع-مؤلف) الكتابين ليس إلاً مسيحي المعتقد، كلداني أو آشوري أو سرياني القومية، يعيش بين الايزيدية ويعرف معتقدهم بشكل لابأس به، ومطلع بهذا الشكل أو ذاك على أدبهم الديني الشفاهي، وقام بالتالي (وضع) مثل هذين الكتابين.
القصة، على ما أعتقد، هي بالشكل التالي: في القرن الثامن عشر والتاسع عشر كثرت الارساليات التبشيرية والآثاريين والرحالة الى الدولة العثمانية آنذاك، ومن ضمنها اراضي كوردستان، وكان من بين اهتماماتهم جمع المخطوطات والمعلومات من المجموعات الكوردية وخاصة الدينية. وكان من بين هؤلاء ، الذين لهم علاقة بالكتب الايزيدية المقدسة، في النصف الأول من القرن التاسع عشر كل من الأب أنستانس الكرملي و جرميا شامير من مواليد كرمليس (13/تموز/1821) جمعوا معلومات كثيرة عن المعتقد الايزيدي من شخص يدعى (حبيب)من قرية بوزان التابعة حالياً لناحية ألقوش، وكان هذا ايزيدياً اعتنق المسيحية وأصبح يسكن ذلك الوقت في بغداد ومناطق أخرى. ولما سئل أحد هؤلاء الثلاثة من قبل أحد الآثاريين أو المستشرقين( لا أتذكر اسمه بالضبط) هل للايزيديين كتب مقدسة، وفيما إذا كان بالامكان الحصول عليهم؟ فذكر أحدهم: نعم توجد مثل هذه الكتب في (مكتبة سنجار) وأنه بحاجة الى بعض الوقت للحصول عليهما؟! . يقال أنه غاب لفترة تطول أو تقصر وجاء ب(مخطوطتين) مكتوبتين بحروف خاصة ، وقيل أنهما من كتب الايزيدية المقدسة تمكن من (سرقهما) من ” مكتبة” بجبل سنجار!! . قبض ذلك الشخص جهود أتعابه، وأوصل ذلك المستشرق تلك المخطوطات الى أوربا ، وكتب عنهما وإدعى أنهما من كتب الايزيدية المقدسة!.
كما أشرت الى مضمون المخطوطتين المنشورتين واللغة التي كتب بهما، يولد ليس فقط الشّك وإنما عدم الاعتقاد بصحة “الكتابين” علماً الكثير من المعلومات الواردة فيهما تعبر عن المعتقد الايزيدي، ويروي من قبل رجال الدين في المناسبات. الحقيقة الثانية التي يمكن تسجيلها هنا، هو أنه كان للايزيدية في القرن الثاني عشر الميلادي كتابان بهذا الاسم، إلاً أنهما فقدا وأحرقا في لجة حملات الملاحقة والابادات التي تعرضت لها الايزيدية على مرّ التاريخ المنصرم. ربما بسبب حرق الكتاب في زمن ما، سميّ ب (مصحف رش = الكتاب الأسود) لأنه أصبح رماداً!!.

هل الإعلام الكوردي مقصر تجاه الديانة الايزيدية؟ ثمة أطراف إيزيدية تقول: ليس هنالك من برنامج تلفزيوني يختص ويحكي عن الديانة الايزيدية والايزيديين كي تعرف ” الديانة الايزيدية” للكورد بصورتها الصحيحة الحقيقية ، خاصة جراء ما تعرضت لها هذه الديانة من تحريف وتشويه وتهجم من قبل متعصبين وأناس مصلحتهم الشخصية هي تفرقة الكورد قبل كل شيء.

من الناحية العلمية والمنطقية، تعتبر مسألة التعميم خاطئة وقول في غير محله، ولا نستطيع أن ننظر الى الأشياء بمنظار عدمي أو بمنظار واحد؛ إما أبيض وإما أسود. حتماً تبرز ألوان أخرى بين اللونين الأسود والأبيض، كما أن نفسيات ومواقف الناس مختلفة أزاء قضية محددة. هذا من جانب ، ومن جانب آخر فأن لكل مسألة/ قضية على الأقل طرفين أو أكثر وليس من الصحيح أن نضع اللوم وأسباب التقصير والاخفاقات على طرف دون غيره، كل طرف يتحمل جزء من المسؤولية.
تحديداً بالنسبة لسؤالكم، سوف أناقش بشكل مختصر جداً عن طرفي المعادلة؛ الطرف الايزيدي الذي يلوم الاعلام الكوردي ويصفه بالتقصير وطرف الاعلام الكوردي. فإذا كانت هنالك ثمة من الطرف الأول تعتبر نفسها فعلاً جزءاً من الجسم الكوردي العام وجزء من الأعلام الكوردي بشكل خاص، ليسأل اولئك أولاً أنفسهم ماذا قدموا ويقدمون من خدمات ومساهمات لهذا الجسم؟! ماهي المقالات والأبحاث التي كتبوها عن الايزيدية وقدموها للصحف الكوردية ولم ينشروها؟ ماهي البرامج الجادة والمفيدة التي قاموا بتهيئتها أو اقتراحها للفضائيات والاذاعات الكوردستانية، لم تبث ولم تذاع؟ كان هنالك برنامج بإسم ” جرا” يبث من فضائية كوردستان وتوقف بعد ذلك. هل الفضائية الكوردستانية أوقف البرنامج، أم المشرفين عليها ومعديها ومقدميها لم يتمكنوا من الاستمرارية؟ ماهو دور ونشاطات الاعلاميين الايزيديين والاعلاميات الايزيديات في الاعلام الكوردستاني؟إذن باعتقادي يفترض باولئك الناس توجيه السؤال الى أنفسهم قبل رمي الآخرين باللوم والتقصير.
أما من الطرف الثاني، نحن لا نبرأهم من التقصير والاهمال ، بل والأهم هنا أن نعرف طبيعة وخلفية المسؤول الأول بشكل خاص ، والكادر الذي يليه بشكل عام؛ هل هم علمانيون أم متدينون وذو خلفيات عشائرية؟ هل هم إعلاميون محترفون ووطنيون كفؤين، أم هو معينون بقرار حزبي وحسب الارتياح الشخصي ليحصلوا من ورائها على رزقهم ولا يهمهم ما يقال هنا وهنالك؟ وأخيراً يجب أن نعرف هل أن المسؤول الاعلامي يتعمد في عدم نشر وبث وإذاعة ما يتعلق بالايزيدية وديانتهم، أم بسبب جهله لمهمة الأعلام النبيلة والانسانية والمتنوعة؟…
من هذا المنظور أنظر الى السؤال المطروح من قبلكم، وفيما إذا كان الإعلام الكوردي مقصر تجاه الديانة الايزيدية أم لا.

* كيف تقيّم الأحداث الأخيرة المؤسفة التي وقعت في منطقة الشيخان ذات الأغلبية الايزيدية؟ البعض من الاصوليين الكورد يتهمون “الايزيديين” بأنهم يبحثون عن أية ذريعة وسبب كي يرفضوا العيش في كوردستان ويطالبوا بعدم ضم مناطقهم لأقليم كوردستان. والبعض الآخر من الأخوة “الايزيدية” يتهمون الاصوليين الكورد بأنهم وراء تلك الفتنة كي يجروا “الايزيديين” الى ميدان ” الفتنة”، والبعض الآخر من المعتدلين يقولون أنها كانت حادثة عابرة، ماهو رأيك؟

بشأن هذه الأحداث جرى معي لقائين صحفيين أحدهما من قبل الصحفي خدر دوملي الذي يعمل في العديد من الصحف الكوردستانية والعربية المحلية والأقليمية، ومراسل جريدة بيامنير، إضافة الى مؤسسة إعلامية من السليمانية،..أحاول أن أنقل لكم مضمون تلك الاجابات بشكل مختصر:
أن الذي حدث في الشيخان ليس بشيء جديد من حيث عدم وجود ثقة او افتعال مشكلة او ازعاج او اختلاف بين الايزيدية والمسلمين ، لأن في طبيعة المجتمع الايزيدي شيء من الخوف وعدم الثقة مع نفسه ومع غيره موجودة وراسخة ، وهذه التغيرات التي حصلت في طبيعته تعود لفترة طويلة ، لكن منذ تحرير المناطق الايزيدية بعد حرب تحرير العراق في ربيع 2003 حصل واقع جديد بتسلم شخص ايزدي مهام قائممقام في قضاء الشيخان، وصار هناك مسؤولين ايزيديين في مؤسسات تلك المناطق ، وحسب طاقاتهم لم يفسحوا المجال لحدوث تجاوزات على ابناء جلدتهم ، كما انهم كانوا حريصين على تطبيق القانون، في الطرف الآخر او الآخرين لم تروق لهم ذلك ، لأن جيران الايزيدية والمحيطين بهم كانوا يريدون ويتمنون السيطرة على عين سفنى وحسب فكرتهم لم يحصل ذلك رغم ان تجاوزات عديدة حصلت في مجال الاراضي الزراعية والبلدية وحصلت العديد من التجاوزات في كل مايريد هؤلاء. ، هنا لابد من القول أن قائممقام شيخان وقف ضد التجاوزات التي كانت احد عوامل ما حدث فيها من احداث ، وكان القشة التي قضمت ظهر البعير كما يقال ، ونفس الشيء بالنسبة للاسباب المدفونة ، الاقتصادية ، الاجتماعية وتجاوزات الاراضي والتجاوز على القانون من قبل البعض في الشيخان مما ولد النفور لدى الايزيدية ، من جانب اخر لايجوز بالنسبة للمسلمين المتحفظين او الذين يتأثرون بالافكار البالية ان يكون ولي امرهم ايزيدي حسب منظور ديني ( بالنسبة للقائم مقام ) هذه الاسباب الدينية والاقتصادية كان من الصعب تجاوزها وحدث الذي حدث.
إضافة الى وجود أسباب أخرى تتعلق بوضع العراق عموما وعدم استقرار المؤسسات الدستورية وعدم سيادة سلطة القانون بشكل فعلي وشامل في تلك المنطقة أدى الى حدوث ما حدث في يومي 14 – 15/شباط/2007 ، بالنسبة للذين قاموا بتلك الاعمال كانت مفاجئة بالنسبة للحكومة والايزيدين انفسهم ويمكن تفسيرها من جوانب عدة ، فهي من جانب كانت ايجابية ومن جانب اخر كانت سلبية ايضا ، السلبية تكمن في اننا في القرن ال 21 ويحصل الذي حصل بهجوم اتباع ديانة على ديانة اخرى ، وهذا ناقوس خطر لحكومة الاقليم لتعرف ان الانتماء لدى البعض للعشائرية والقبلية الدينية اكبر واقوى من الولاء للوطن والقومية ، وبالنسبة للايزيدية احس الناس بالمسؤولية بوجود هذا الخطر وكان التحرك الايجابي في اوربا والعالم ويجب ان تكون هذه نقطة بداية لأمور كثيرة يقف عندها الايزيدية ويعملون من اجل استغلال للتقارب وترميم بيتهم.         
هذا لا يعني نحن نضع اللوم فقط على الطرف الآخر ونبرئ الايزيديين من النواقص، لذا أنه حسب رؤيتي يجب على الايزيدية ان لايلوموا على الدوام الطرف الاخر ، لنبدأ من انفسنا ، لماذا الناس يهاجمون الايزيدية ؟ هل الايزيدية ضعفاء ؟ السبب بتصوري هو انكسار وتقوقع الايزيدية التي هي لفترة طويلة تعود لـ 100 – 150 سنة مضت، القيادة الدينية والروحية ليست بالمستوى المطلوب وليست بمستوى التغيرات التي طرأت على المجتمع الايزيدي ، وحسب التطور الزمني يعود انهزام الايزيدية بالدرجة الاساس الى ذلك .     
هنا اريد الاشارة لفكرة ان المجتمع الانساني والحيواني متاشبهين في العديد من الجوانب فالاسد الضعيف لأنه لايقوي على السيطرة يتولى اخر مكانه ، ونفس الشيء للانسان القوي السليم الصالح ، قيادة الايزيدية يجب ان تكون بمستوى تطور الانسان ان تكون لها افكار جيدة وقوية وأن لم تكن الفكرة قوية متماسكة فان الفرد الايزيدي سيكون ضعيفا ، للاسف نفتقد الى هذا الجانب رغم ان ما موجود لدينا من افكار دينية تلائم الواقع الى حد ما، ولو استطعنا ان نوحد هذه الافكار ونقومها لكان بالامكان تقوية المجتمع الايزيدي.
ليست هنالك ثقة بالقيادة الدينية والدنيوية ، القائد يجب ان يكون امام الجميع ويراعي مصالح رعيته قبل مصالحه ، وهنا الجميع مطالب بدراسة كيفية معالجة هذه القيادة؛ قيادة يثق بها الايزيدية تكون متهيئة لكل ما يحدث فلو كان لدينا قيادة متماسكة وحريصة لما حدث الذي حدث .   
وهنا اريد الاشارة لبعض الامور المرتبطة بالموضوع ، فالمجتمع الايزيدي بشكل عام ضعيف والمثقفين الايزيدية ( اكثرهم ) للاسف يدورون في حلقة مفرغة ليس لديهم الاستعداد لتقبل بعضهم البعض ، الشجاعة غير موجودة اكثرهم يتكأ على مقولة ( ما دخلي بالموضوع- أنا ش عليّ! باللهجة العامية العراقية ) وهذه مقولة قاتلة . هنالك ضعف في إداء المسؤولين الايزيدية مع الحزبين الكوردستانيين الحاكمين في كوردستان، لأنهم يراعون مصالحهم اكثر من ايصال واقع الايزيدية بالشكل الصحيح الى القيادة. أعتقد ان الكثيرين من المسؤولين في الحزبين كانوا على علم مسبق ببعض الأشياء التي حدثت. القيادة لاتستطيع ان تكون في الساحة باستمرار وأن تكون على علم بكل شيء، لذا من مهمة المسؤولين ايصال الحقائق لها.
وأخيراً يجب القول إذا لم تتم معالجة الاسباب معالجة جذرية من قبل الايزدية اولا ، ومن طرف حكومة كوردستان بتطبيق القانون على الجميع والحفاظ على أمن وسلامة الايزيديين من الطرف الذي يعتبر نفسه القوي.
أتصور أن اتهام اولئك الناس من الكورد المسلمين ليس في محله، فأن ظهور أصوات أو مجاميع هنا وهنالك تغرد خارج السرب، لا يمكن تعميمه على أكثر من خمسائة ألف ايزيدي يتواجدون في كوردستان العراق. هل يعلم اولئك الكورد المتعصون، كما تسميهم، أن أكثر من (85) خمسة وثمانون ألف كوردي ايزيدي صوتوا الى القائمة الكوردستانية في الانتخابات الأخيرة مقابل (21) إحدى وعشرون ألف صوت لحركة الايزيدية من أجل الاصلاح والتقدم . هل من دليل أقوى على هذا؟
فعلاً أنها كانت ” فتنة” وفتنة من الوزن الثقيل لولا تداركها وتحويطها بسرعة. وأعتقد انه في معرض تقييمي أشرت الى أهم الأسباب وليس جميعها، فلا حاجة بنا الى تكرارها.
أما قول الطرف الثالث المعتدل، أنها كانت حادثة اجتماعية عابرة، كانت كذلك لو تعاملت كل الأطراف معها بعقلانية ، وأقصد بالأطراف الثلاثة: الطرف الحكومي الأمني والاداري والحزبي، وأهل البيت المسلمة، والطرف الايزيدي متمثلاً بأميرهم ووجهاء القضاء. خطأ الجانب الأمني كان في القبض على البنت الشابين وإطلاق صراحهما بعد ذلك لعدم تثبيت الأدلة ضدهم كما قيل. كما يفترض بأهل البنت المسلمة إما أن يحتكموا الى قانون الأقليم وسلطاتها، أو في أحسن الأحوال يقومون ب” تصفية حسابهم ” مع أهل الشابين الايزيديين وليس تحريض ومهاجمة مجاميع المسلمين ضد كل الايزيديين، وكأنها ديانة ضد ديانة. والحال هذه كان يفترض بأمير الأيزيدية بالاتفاق مع وجهاء القضاء معرفة مكان اختفاء الشابين الايزيديين بعد اطلاق سراحها من قبل الأمن وتسليمهما رأساً للجهات المعنية لملافاة تطور الأحداث.

ألا توافق بعض الذين يقولون: ان الايزيديين أيضاً أساؤوا لأنفسهم، فثمة أطراف ايزيدية تدعي إن أصلهم ليس كورداً وينكرون أصلهم، وعندما يسألون عن أصلهم يقولون: ” نحن ايزيديين” أو يقولون ” نحن الشعب الايزيدي” لا سيما في أوربا. كلنا نعلم إن الايزيدية ليست قومية بل هي ديانة. ماذا تردّ على هؤلاء الذين يشوهون سمعتهم ويجعلون الأمر أشد تعقيداً ويضعون براهين في أيدي من يشوهون ويسيئون للديانة الايزيدية؟


أريد أن أطمئن كل وطني كوردي، وكل من تعز عليه قضية وطنه كوردستان، أن هذا البعض من الايزيديين الذين ينكرون أصلهم، هم قلة قليلة وغير معتبرة ، وغير فاعلة داخل المجتمع الايزيدي. أما عن خلفيات ذلك “البعض” والأسباب التي تدفعهم الى التشويه، أنه يتأتى إما من جهل شبه تام بالتاريخ ومفهوم القومية والشعب والجهل بالدين نفسه، أو أنه بسبب الأفكار الشوفينية العربية التي كانت وما زالت تمارس في ظل من أنطمة الحكم العربية في كل من سوريا والعراق قبل التحرير (9/نيسان/2003) ، وكذلك في ظل الشوفينية الأرمنية في جمهورية أرمينيا. هذا إضافة الى ترسبات التربية والتوعية البعثية لأعضائها المنتمين اليه من أبناء القوميات غير العربية. ولا أخفي عليكم ( وهذا يدخل من باب العوامل النفسية ومكامن اللاوعي) وجود بعض بسطاء الناس ، خاصة من بين المتدينين، الذين يربطون ويعممون آثار الابادات وحملات التنكيل وإضطهاد الايزيديين على أيدي الجيوش والقوات الاسلامية عبر التاريخ ب( الدين الاسلامي)، وما دام أغلبية الكورد مسلمون وقسم منهم شاركوا بإسم الدين في تلك الابادات، و– بنظرة خاطئة طبعاً- يظنون أن ( الكورد والاسلام) مفهومان مترادفان، دون أن يعرفوا أنهم من الشعب الكوردي أيضاً!
أن هؤلاء البعض، لن يسئوا الى الشعب الكوردي بقدر اسائتهم لأنفسهم وللايزيديين وديانتهم. ولا تخرج تصرفاتهم من نطاق التشوية وتزوير الحقائق، قصر النظر والحماقة السياسية- إذا كان البعض منهم يعتبر نفسه سياسياً- إضافة الى إبراز الذات ومحاولة جلب الانظار، وأن يخلقوا من أنفسهم شخصيات معتبرة تحاط بهالة وكأنها المدافعة عن الايزيديين وحقوقهم. وفي نهاية المطاف أن تصرفات هؤلاء “البعض” لن تخدم إلاّ مصالح أعداء الايزيدية وأعداء الشعب الكوردي.
يجب على الايزيديين كديانة كوردية قديمة، أن يدافعوا قبل غيرهم عن الشعب الكوردي لأنهم الجزء الأصيل منه. ويحبوا وطنهم كوردستان حيث على هذه الأرض الطيبة يوجد قبلتهم المقدسة لالش! والدفاع عن راية كوردستان وتقديسها لأنها تحمل رمزهم المقدس الشمس!
الايزيديون من أكثر الأديان وأكثر المجموعات المستفيدة من تحرير كوردستان ونجاح وتثبيت فيدراليتها، ومن نيل الشعب الكوردستاني لكامل حقوقه وقيام دولته في المستقبل على أسس علمانية ديمقراطية. خلاص الايزيدية في خلاص كوردستان نحو الانعتاق والبناء والتطور، ولا يأتي خلاص الايزيدية من دول الجوار ولا عبر أوربا وأمريكا لأنهم في كل الأحوال يقفون مع القوي ويتعاملون مع الأنظمة على أساس مصالحهم الاقتصادية .
في هذا الوقت بالذات، يجب على الايزيديين أن يغيروا خطابهم واستراتيجتهم مع أنفسهم ومع الآخرين. على جميع الايزيديين، والمتشددين منهم بشكل أخص، أن يدركوا أنهم لا يتمكنون من تغيير الجغرافيا ولا بإزالة الحدود بينهم وبين جيرانهم من الكورد المسلمين، فلا بدّ لهم أن يعيشوا مع ( أحمد ومحمد وعبد الستار وعبدالرحمن) من الكورد المتدينين المتعصبين، حيث لا مشاكل لهم مع أخوانهم من الكورد الوطنيين والعلمانيين والديمقراطيين، إذاً لا بدّ من ايجاد لغة مشتركة مع (أحمد ومحمد…) بالدرجة الأساسية لكي يتعايشوا بسلام ووئام وجو من التسامح والحوار وقبول الرأي الآخر.

نعلم جميعاً إن لا علاقة للديانة الايزيدية بالشيطان ( أي كما يطلق بعض المتعصبين على الايزيديين إنهم عبدة الشيطان) يطلقها البعض الذين يسيئون لهذه الديانة ، إذاً لماذا تستاؤون عندما يذكر لفظ  “الشيطان” امامكم؟ يسأل البعض: هل لك أن تشرح لنا الأسباب المقنعة لهذا الاستياء؟

أولاً وقبل كل شئ أود التأكيد للقراء الكرام والقارئات الكريمات وكل من يعترف- ولا نقول يؤمن – بعلم المنطق، إذا لم يكن هنالك من وجود ل” مفهوم العصيان ” في فلسفة الديانة الايزيدية، فكيف يكون هنالك من وجود قوة أو إله يمثل الشّر وذلك العصيان؟!! . في معرض إجابتي على سؤالكم الأول عن بدايات الدين الايزيدي، شرحت كونه ديانة الظاهر الطبيعية ، وديانة مرحلة إكتشاف الزراعة ، تلك العملية (أي الزراعة) التي تعتمد على الأرض والطقس والشمس والمطر وبقية العناصر المناخية….الخ. ربما يكون الطوفان والجفاف والجراد وبقية الآفات الزراعية تحمل في طياتها للفلاح والمزارع عناصر ” الشّر” ، فما هي علاقة ” الشيطان” بهذه المسائل؟!
بعيداً عن الميثولوجيا ودون الرجوع الى تطور الفكر الديني، دعني أقص عليك قصة من واقعنا الكردي؛ يقال: أن رجلاً كان يقود حماره المحمل بالأثقال وعلى مسافة قليلة يتبعه رجل غريب، فعندما وصل الرجل الأول بداية سفح مرتفع، بدأ حماره يتباطئ ولم يقوى على المشي، فكان صاحبه يضربه ويدير وجهه شطر الرجل الغريب بحيث يفهم من تصرفه وكأنه يضرب حماره نكاية به. وتكرر الحال أكثر من مرّة، مما حدى بالرجل الثاني أن يدخل في عراك مع صاحب الحمار، وقال له: ما شأني بك وبحمارك، ولماذا تضربه وتسمعني كلمات وكأن لي ضلع في الموضوع؟!…
إن الذين بدأوا بالفتوحات والتوسع وأرادوا الاستيلاء على قرى وممتلكات الأيزيدية، كانوا يتسترون وراء مبررات فكرية- دينية لتبرير مماراساتهم اللاإنسانية، وألصقوا تهمة عبادة إله الشّر كما يعتقدون بالأيزيدية.  ليس في الديانة الأيزيدية إلاهان؛ أحدهما للخير والآخر للشّر، بل أن كلا القوتين تصدران من مصدر واحد.!

بداعي حرية الرأي والتعبيرتنشر بعض المواقع الايزيدية على صفحاتها كلمات جداً بذيئة بحق الكورد جميعاً ( ردود على المقالات ). لماذا لا يحذف هكذا ردود ومداخلات عنصرية وتشويه لسمعة الايزيديين؟. ومن منّا يعلم قد يكون كاتبها ليس بكوردي ويريد التفرقة وزرع الفتنة بيننا!

تقول أحد الأمثال العربية ” الإناء ينضح بما فيه” فالردود على المقالات التي تظهر باسماء مستعارة ومن سطر أو سطرين أكثرها كلمات جارحة وبذيئة فعلاً ، وهي في كل الحالات تعّبر عن شخصية الانسان الذي قام بتسطيره. والذي يكتب باسم مستعار لا يملك الجرأة وهي انسان أقل ما يقال عنه خائف، لذا لا لوم عليه، وإنما اللوم على الصفحة أو الموقع الذي يسمح بنشر تلك القاذورات بحجة حرية التعبير. وبهذا الصدد فقد إتصلت شخصياً مع المشرفين على المواقع الايزيدية في الخارج وطلبت منهم غلق باب التعليقات، وأنا مشكور لهم فقد لبّت الأغلبية تقريباً الطلب وقلما نجد هذه التعليقات ما عدا موقع الكتروني ذكر لي المشرف عليه أن الكاتب يريد فتح باب التعليقات على مقاله (أو مقالتها). على العموم هؤلاء الناس يسيئون الى أنفسهم ويعكسون تربيتهم ومستواهم الثقافي الضحل وحقدهم على كل شئ إنساني ووطني وعمل يدعو الى التأخي والمحبة والتطور. طبعاً لا يستطيع هؤلاء الناس العيش في أجواء طبيعية ، ولا يتمكنون من الحديث أو المواجهة في محافل وإجتماعات عامة ، فيعبرون عن شخصياتهم غير السوية من خلال تعليقات مليئة بالدس والشتم ضد أخوانهم في الدين والقومية والانسانية. مثلهم كمثل تلك الحشرات التي لا تستطيع العيش إلاّ بين الأوساخ!. وهذا ينطبق على الجميع فيما إذا كان كاتب سطور تلك التعليقات والمداخلات غير المسؤولة ؛ ايزيدياً أو مسلماً أو مسيحياً، ومن أية قومية كان.

كلمة أخيرة يوجهها الاستاذ الدكتور ” خليل جندي” لللكورد بشكل عام؛

ال ” كوردايتي ” هي الخيمة الأكبر والأنسب الأوفى والأرحم التي تجمع الجميع ؛ تجمع الكورد المسلمين والكورد الايزيديين والمسيحيين والكاكائيين والشبك والسارليين والعلويين الزازاكيين. خيمة تجمع جميع الكوردستانيين حتى من أبقاء القوميات المتعايشة مع الكورد مثل التركمان والآثوريين والكلدانيين والسريان…الخ. ال ” كوردايتي” هي التي توحدنا وتقربنا من البعض، وهي بمثابة ” كلمة السّر” بين جميع مكونات المجتمع الكوردستاني الدينية والمذهبية والقومية. أما الدين فهو حالة خاصة بين البشر وخالقه. والدين رغم كونه في أحد جوانبه يدعو الى التآخي والمحبة والتسامح وغيره من الصفات الجيدة، إلاّ أنه في جانبه الآخر، شئنا أم أبينا، يفرق بين البشر، ويفرق بين أبناء القومية الواحدة، لأن كل دين يحتكر ” الحقيقة المطلقة” ويقول أنه دين “الحق” وما عداه من أديان على باطل.! وكل دين يحمل بذور العنصرية، حيث يحرم ، مثلاً، زواج أتباعه من أتباع الديانات الأخرى. وإذا كان الدين وتعاليمه تهئ للبشر الراحة النفسية وتربطه بالسماء وتوعده بتحقيق ما لم يستطع الانسان تحقيقه على الأرض، فإن ال” كوردايتي” كحالة إجتماعية، اقتصادية، سياسية، حياتية، ثقافية وروحية أيضاً، تربط الانسان الكوردي بالأرض والتاريخ والجغرافيا وانجاز عملية التحرر القومي والوطني ، وبناء كيان كوردي وتحقيق الرفاهية للجميع..الخ
أتمنى من جميع الوطنيين والمخلصين والمثقفين الكورد والكوردستانيين أن يعملوا بمفهوم ال “كوردايتي”  ونقول مع الذين قالوا قبلنا:( الدين لله والدولة للجميع! ). الدين هو بين الفرد وخالقه، أما الوطن و (الوطن القومي ) فهو للجميع. كما أتمنى أن لا تكون تعدد الأديان بين أبناء الشعب الكوردي سبباً لتفرقته وداعياً لتعميق خلافاته ومدخلاً من قبل أعداء الكورد لتهديد أمنه القومي.
أدعوا جميع الوطنيين وبشكل خاص المثقفين والكتاب والشعراء والفنانين ، أن يركزوا في نتاجاتهم على القيم الانسانية والوطنية والدفاع عن حرية الرأي والمعتقد وحرية المرأة ومساواتها الكاملة مع الرجل، وروح التعايش والمحبة والتسامح بين الأديان والمذاهب، وبناء دولة القانون….الخ.
أدعو وأناشد كورد العالم جمعاء بكافة قواه وأحزابه ومنظماته أن يقفوا الى جانب تجربة كوردستان الفيدرالي ، بغض النظر عن النواقص، وأن يدافعوا عنها ويحافظوا عليها كما يحافظوا على بؤبؤة عينهم! ان نجاح تجربة كوردستان الفيدرالية وعودة الأراضي المستعربة في كركوك وخانقين وشنكال والشيخان وبعشيقة وبحزاني وتلكيف وزمار الى جسم الوطن الأم، هو انتصار لجميع أجزاء كوردستان وكورد العالم وتقريب يوم خلاصهم.
أتمنى للجميع الصحة والموفقية والنجاح في يوم التاسع من مايس، يوم الانتصار على الفاشية في الحرب العالمية الثانية.

كوتنكن / المانيا 9/ مايس/ 2007
اجرى الحوار : فريق موقع ومنتديات ولاتي مه .

[1]  فراس السواح، لغز عشتار، مصدر سابق ص25 .
[2]  انانا في الاسطورة البابلية هي ابنة ,,سن،،.

[3]  لغز عشتار ،مصدر سابق ص 79.

[4] باسیلی نیكیتین، الكرد: دراسة سوسیولوجية وتاریخیة، تقدیم لویس ماسینیون ، ترجمة الدكتور نوري طالباني، دار الساقي، ی2، 2001، و362-363
[5] نفس المصدر السابق، ص 318

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

جان بابير

 

الفنان جانيار، هو موسيقي ومغني كُردي، جمع بين موهبتين إبداعيتين منذ طفولته، حيث كان شغفه بالموسيقى يتعايش مع حبّه للفن التشكيلي. بدأ حياته الفنية في مجال الرسم والنحت، حيث تخرج من قسم الرسم والنحت، إلا أن جذوره الموسيقية بقيت حاضرة بقوة في وجدانه. هذا الانجذاب نحو الموسيقا قاده في النهاية إلى طريق مختلف، إذ…

عصمت شاهين الدوسكي

 

أنا أحبك

اعترف .. أنا احبك

أحب شعرك المسدل على كتفيك

أحب حمرة خديك وخجلك

وإيحاءك ونظرتك ورقة شفتيك

أحب فساتينك ألوانك

دلعك ابتسامتك ونظرة عينيك

أحب أن المس يديك

انحني حبا واقبل راحتيك

___________

أنا احبك

أحب هضابك مساحات الوغى فيك

أحب رموزك لفتاتك مساماتك

أحب عطرك عرقك أنفاسك

دعيني أراكي كما أنت ..

——————–

قلبي بالشوق يحترق

روحي بالنوى ارق

طيفي بك يصدق

يا سيدتي كل التفاصيل أنت ..

——————–

أحب شفتاك…

لوركا بيراني

في الساحة الثقافية الأوروبية اليوم، نلمح زخماً متزايداً من التحركات الأدبية والثقافية الكوردية من فعاليات فكرية ومهرجانات وحفلات توقيع لإصدارات أدبية تعكس رغبة المثقف الكوردي في تأكيد حضوره والمساهمة في الحوار الثقافي العالمي.

إلا أن هذا الحراك على غناه يثير تساؤلات جوهرية حول مدى فاعليته في حماية الثقافة الكوردية من التلاشي في خضم عصر…

محمد شيخو

يلعب الفن دوراً بارزاً في حياة الأمم، وهو ليس وسيلة للترفيه والمتعة فحسب، ولكنه أداة مهمة لتنمية الفكر وتغذية الروح وتهذيب الأخلاق، وهو سلاح عظيم تمتشقه الأمم الراقية في صراعاتها الحضارية مع غيرها. ومن هنا يحتلّ عظماء الفنانين مكاناً بارزاً في ذاكرة الشعوب الذواقة للفن أكثر من الملوك والقادة والأحزاب السياسية مثلاً، وفي استجواب…