«جحيم حيّ»: باكورة شعرية أولى للشاعر الكردي «إدريس سالم»

ريم رمضان /  خاص ولاتي مه 
أصدر الشاعر الكردي إدريس سالم مجموعته الشعرية الأولى «جحيم حيّ» عن دار فضاءات للنشر والتوزيع في الأردن، والتي ستتاح لقرّاء الشعر خاصة والأدب والثقافة بشكل عام عبر موقعي «جملون» و «نيل وفرات . كوم».
المجموعة التي تضم عشرين قصيدة، نُشر بعضها في مواقع كردية وعربية، كتبت بين عامي (2010م – 2019م)، في فترة تعكس مراحل حياتية متقاطعة، مع أحداث بدأت ولم تنته فصولها في تاريخ العالم الكردي والعربي الحديثين، وتقاطعاتها مع الحياة اليومية للشاعر.
صورة الرجل المقطوع الرأس، والواقف على الأطلال مع وشاحه الأحمر التي تتصدّر لوحة الغلاف توحي إلى ذاك الجحيم الحيّ المتغلغل في روح الشاعر، وإلى ذاك الجحيم الشرس العابث بجغرافية الشرق الأوسط.
الصورة التي رسمها الفنّان التشكيلي الكردي «أصلان مَعْمو» هي أولى مفاتيح القراءة والتلقّي والتأمّل الروحي للأحداث الراهنة المرعبة، والتي الخلاص منها كالخلاص من الحزن والألم والعيش في حالة نيرفانا كبيرة.
تضمّ المجموعة بصفحاتها المائة وأربع وثلاثين صفحة كوكبة من قصائدها التي تهتم بموضوع الغربة الروحية، والحاملة لذاك البعد الوجداني والذاتي في أسئلة متعدّدة تتعلّق بالدين والموت والسياسة والوطن والاستبداد والحرب، وقضايا اجتماعية أخرى من بينها حرية المرأة.
وجاء على غلاف خلفية «جحيم حيّ»، مقطعاً من قصيدة «ذاكرتان… لخمسة أيتام»:
«محرومٌ من القصور
ملدوغٌ أنا
من كلّ الجحورِ والعصور
أرسمُ بدماء الطيور
حدودَ اللغات
من الجدائل
خرائطَ النكبات
أنا الكرديُّ
أُكَافَأُ دائماً بالقبور».
وكتب إدريس سالم في بداية المجموعة التي قال عنها «مقدمتي الروحانية» عنونها «نصف كلمة»، قال فيها:
«كتبْتُ هذه النصوصَ، وأنا أقنعُ أبي «العنيدَ»؛ للذهاب إلى المشفى؛ مرّةً لارتفاع ضغط الدمِ لديه، ومرّةً لضيق التنفّسِ، وأخرى من قرحة تسْكرُ في أحشائه.
كتبْتُ هذه النصوصَ، وأنا أسهرُ – مراقباً – حالةَ الشهيقِ والزفيرِ، التي كانَ يمارسُها، وهو نائمٌ يتألّم.
كتبْتُ هذه النصوصَ، وأنا أترجّاه في أن يأخذَ دواءَه، ويأكلَ طعامَه، وألّا يذهبَ إلى الخارج؛ حيث طقوسُ الشتاءِ، أو الصيف…
كتبْتُ هذه النصوصَ، وأنا أنصحُ أمّي؛ بألّا تدخّنَ شتاءً في مطبخنا العاري، وصيفاً في شرفتنا المنسيّة؛ لعلّها تتنعّمُ قليلاً بملح الطعامِ وسُكّر الشاي…
يسألُني في كلّ قصيدةٍ أو مقالةٍ أكتبُها:
– لم أنت «سهيّرٌ» إلى هذه الدرجة؟!
أجيبُه بسؤالي الدائم:
– وهل استفدْتَ من النوم مُبكّراً؟!
يجيبُني بضحكة طفلٍ لا أسنان له:
– النومُ صحيٌّ لجسدي.
– والسهرُ صحيٌّ لروحي.
كانَ يعودُ إلى سكينته من جديد، ويضعُ رأسَه على وِسادته، فيسرحُ شخيرُه في أرجاء الغرفةِ!
ما يقهرُ الروحَ يا أبي: «غريبٌ يرانا كباراً، وقريبٌ يرانا صغاراً…».
هو وجهُ العدالةِ القبيح…».
يشار إلى أن إدريس سالم هو شاعر وناقد وصحفي كردي سوري، من مواليد مدينة كوباني، عمل مدرّساً في مادة اللغة العربية، ويكتب الشعر والمقالات الأدبية النقدية، في الصحف والمواقع الالكترونية، الدولية منها والمحلّية.

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

ا. د. قاسم المندلاوي

يؤكد علماء التربية على اهمية التعاون بين البيت والمدرسة بهدف النهوض الافضل بمستوى التلامذة. ولو تابعنا المشهد اليومي لوضع البيت والانشطة التي تجري داخل المدرسة لوجدنا اختلافا بين الجانبين.

هناك اتهام من قبل المدرسة على غياب اولياء الامور وابتعادهم عن المساهمة الجادة للجوانب…

إبراهيم أبو عواد / كاتب من الأردن

الحسن بن هانئ المَعروف بأبي نُوَاس ( 145 _ 198 ه / 762_ 813 م ) ، شاعر عربي مِنْ أشهرِ شُعَراءِ العصرِ العَبَّاسِي ، وَمِنْ كِبار شُعَراءِ الثَّورةِ التجديدية . أحدثَ انقلابًا في مَضمونِ الشِّعْرِ العربيِّ وأُسلوبِه ، فَقَدْ تجاوزَ الأغراضَ التقليدية كالمَدْحِ والفَخْرِ ، واتَّجَهَ إلى…

حيدر عمر

هناك حكايات تتنازعها عدة ثقافات، مثل حكاية “شَنْگلو مَنْگلو / şekgelo menglo”التي تتنازعها الثقافتان الكوردية والفارسية، وهي مروية على لسان معزاة توصى صغارها الثلاث بألَّا يفتحوا باب الحظيرة في غيابها إلَّا بعد أن يسمعوا منها أغنية معينة تغنيها لهم. سمعها ذئب في أحد الأيام، كان يمر في الجوار. بعد ابتعادها عن صغارها،…

تنكزار ماريني

الصمت يتسلل إلى الوجود،

بدون ضجيج، صمت متلاشي.

الوقت يتساقط،

يرقص، يكشف ويبقى في طيرانه

متى يعود الدائرة،

متى يتم إعادة تحديد المسار؟

بسهولة، على حافة الصمت،

متشابك مع النهاية؛

تتساقط قطرات من الكلمات،

تنهار جسور من السطور،

تفتح الحروف الساكنة البوابات.

تتفكك الأصوات، تلمع الورقة،

تنبعث منها ضوء المقاطع؛

تستقر الكلمات أو تتدفق،

تتحول بهدوء.

الفن يعانق الحب.

في كل حصاة يعيش أنا.

السماء تتسع،

كل نظرة هي جنة صغيرة.

اليوم يمسح…