أجرى الحوار: نصر محمد
يكتب ليشهق ارواحنا بأنفاسه. فتسكننا إبتسامة من نزف الوجع. مع الحرف يسافرنا احساسه. ولحكايته نرافق لنستمع
يقول القلم نبراسه. والحبر في نثره ولع. القصيدة ترتوي من اكواسه. والكلمة بمقاصده تينع. المعنى من أعماقه يلملم اقتباسه. ولوشوشاته يجمع. انه الشاعر عبدالرحمن محمد محمد ضيفنا وضيفكم لهذا اليوم عبدالرحمن محمد …مواليد ريف الجزيرة.عام 1965.درس الابتدائية في مدارس الريف و الاعدادية و الثانوية في قامشلو.و عمل في التدريس لسنة تعليمية واحدة
كانت طموحاته كبيرة في شان الدراسة و كان يحب الحقوق و الصحافة غير ان وفاة والد ه الزمته البقاء في القرية و عدم اكمال الدراسة الجامعية. نشأ في الريف و العمل في الزراعة والرعي جعلته يعشق الريف و الطبيعة و الماء و الخضرة كذلك تعلم الصبر وتحمل المشقة و كل ذلك زاد من خصوبة عشقه للادب و الشعر و الافاق الواسعة و كان لوالده و عشقه واهتمامه بالتراث الكردي الادبي و بخاصة الغناء الملحمي و القصص تاثير كبير عليه
احب الادب و الشعر خاصة و كان يحفظ الكثير من الشعر عن ظهر قلب و كان يحب تجمعات الشباب المحبين للشعر و الادب وبدا بكتابة اولى ابيات الشعر والخواطر في بداية الثمانينات و كانت اولى القصائد المنشورة له عام 1997 في جريدة تشرين و في مجلة مواسم. واستمر بالكتابة حتى عام 2000
عاد للكتابة رغما عنه بعد ما شهدته سوريا و روج افا من ثورة و تغيير و انضم الى صحيفة روناهي بداية عام2014 مما ساعده على العودة لاجواء الاعلام والادب والثقافة. و انضم لاتحاد المثقفين في اقليم الجزيرة منذ تاسيسة عام 2014 ولا يزال يعمل كمحرر واداري في صحيفة روناهي
صدر له حتى الآن ثلاث كتب هي.1 كتاب .اوراق كردستانية. في التراجم و السيرة الذاتية ل 93 من .
2شخصيات واعلام كردستانيين
2.مجموعة شعرية بعنوان. عشق الازمنة الممنوعة ..
3. مجموعة قصصية بعنوان. مذكرات غريق.
شارك الكتب الثلاث في المعارض المحلية للكتاب.
مشارك في فعاليات ومهرجانات ثقافية و اعلامية و حاصل على عدة جوائز محلية للقصة القصيرة و الشعر .والمقالة
الان يعمل اداري ومحرر عام في صحيفة روناهي .القسم العربي..
القصص تحمل نبض الشارع المحلي و تعالج قضايا الهجرة والثورة و المراة والدفاع عن القيم والمبادئ الإنسانية
الجوائز
1 جائزة .المتابعة الاعلامة في مهرجان القصة عام 2014.
2. جائزة المرتبة الثانبة للقصة القصيرة في المهرجان الثالث للقصة 2016.
جائزة المرتبة الثالثة للقصة القصيرة في مهرجان اوصمان صبري. للادب عام 2017.
جاىزة الممرتبة الثالثة للمقالة في مهرجان اوصمان صبري للادب عام 2017.
// ترتيل //
1_
اقمت ألف ليلة قدر
رتبت آيات من العشق
اقمت صلواتي
في محراب عينيك
فكم أجريت انهارا
وكم ابكيت أوتارا
من الوجع ولم أتعب
2 _
علمتيني معنى أن أحيا
وان أعشق
أن اسبح بأمواج من النار
ولا أغرق
أن اعدو
على الماء والجمر
فلا ابتل ولا أحرق
أن اضحك والحزن يمزقني
أن الشمس لن تبكي في الأفق
يتضحك في الغد
3 _
لأن القبلة الأولى
والجهات الخمس
يأتيك قلبي عصفورا
مبلل الريش
يأتيك سحابة تاهت
شراعا تقاذفه الموج
يأتيك ثملا
يحمل سكر مقاهي الشرق
4 _
أضعت العد
ولا أدري
أكان لقاؤنا اليوم
أكان فراقنا بالأمس
أكان كلاهما في الغد
ما أعلمه
عنك اختصار العمر
بين النعش وبين المهد
– أرجو أن تحدثنا عن الخطوط العامة لحياتك ليتعرف القراء عليك؟
* عبدالرحمن محمد وّلد في قرية بريف الحسكة في ليلة شتوية ظلماء من عام 1965 وما زال يصارع الحياة بعد تلك الصرخة التي أعلنت ولادته، تابعت المراحل الأولى من الدراسة في مدرسة كانت تبعد عن قريتي ثلاثة كيلو مترات وتعرف بـ” نورك” ثم درست الاعدادية والثانوية في قامشلو، وعملت لسنة في التعليم كمعلم وكيل، ومن ثم في الزراعة وتربية الحيوان كأي شاب ريفي، مضطراً إلى ذلك بعد وفاة الوالد عام 1987دافناً حلمي بأن أدرس الحقوق أو الصحافة. وعدت إلى قامشلو في عام 1995 وعملت فيها في أعمال مهنية حرة.
– عبدالرحمن محمد محمد كيف بدأ الكتابة وكيف دخل عوالمها. ومن شجعه على ذلك؟
*ماموستا نصر بالنسبة لسؤالك الثاي كنت مولعاً بالقراءة والمطالعة منذ الصغر، تأثرت بداية بالوالد المثقف الذي كان يجهل القراءة والكتابة، لكنه كان عارفا بالأدب الكردي الشفاهي، ويعلم الكثير عن الجغرافيا والأكثر من ذلك في التاريخ، وكان من اوائل من اقتنوا جهاز الراديو في الستينات من القرن الماضي، وما زلت أذكر التوصيات التي كان يتركها بعض المعلمين القادمين من الداخل والساحل لمن يأتي بعدهم ليهتموا بي وبتميزي على اقراني، ألقاب عدة كانوا يطلقونها عليّ، ألقت بالمسؤولية على كاهلي، اذكر انني مثلت دور عمر بن عبدالعزيز في قصته مع الفتى القبطي، وانني كنت انضم لدروس الاملاء والقواعد مع الصفوف الأعلى مني في الابتدائية، ثم كان دعم المدرسين واهتمامهم -وحتى لا أقصر بحقهم اذا نسيت ذكر اسم البعض- فقد كانت هناك نخبة من الأساتذة المتميزين في مدارس الحمدانية وزكي الأرسوزي والعروبة، ومن ثم المطالعة الكثيرة وتشجيع الأصدقاء وبعض الأقارب، وكنت أخبئ ما أكتب إلا عن بعض المقربين والاساتذة الأفاضل الذين وجهوني وأذكر منهم بشكل خاص القديرين الشاعر الاستاذ ابراهيم اليوسف والشاعر الاستاذ سليم محمد، ثم كانت الانطلاقة بعد نشر أول قصيدة في صحيفة تشرين عام 1997 ونشر قصائد أخرى في مجلة مواسم، بالإضافة إلى مشاركات في الفعاليات الشبابية في قامشلو وبخاصة في مجال الشعر.
– يقال ان بعض الشعراء يكتبون قصائدهم وان البعض الاخر القصيدة تكتبه. من أي الشعراء انت. وكيف تولد القصيدة لديك؟
*استاذ نصر سؤال جميل بالنسبة لكتابة القصيدة ا…لكتابة وبخاصة كتابة القصيدة لا يمكن أن تكون وظيفية أو أن تستحضرها عنوة، فلن استطيع كتابة قصيدة مكرهاً أو مساقاً إليها ولو دام البعد عنها سنوات، وقد أكتب عدة قصائد في يوم واحد ـ ربما صدق من قال إنه شيطان الشعر أو وحي الابداع- الفكرة أن أقبلت عليك اصطيادها لأنها كماء النهر لن تعود في ذات الشكل والوقت، هي الفكرة والطيف الجميل يحضر كملاك يدغدغ ملكوت ومخزون المشاعر؛ والنفس والثقافة لتسوقك إلى حيث فيض الكلام وجموع الحروف والمعاني، في المخزون الفكري والجمالي والثقافي، فينمقها الشاعر ويرتبها وينثر عليها شيئاً من الابداع الذاتي ويخرجها بقالب ونكهة تكاد تميزها عن غيرها من رصين الكلام، فتولد قصيدة قد تميزها من بين عشراتٍ من مثيلاتها من خلال لغةٍ وشكلٍ وترتيب دررها، فتأتي كقلادة فريدة باسم صائغ مبدع يُعرَف بما تتركه أنامله من أثر فريد. القصيدة تختار ولادتها في المكان والزمان حيث تشاء.
– يقال بان لحظات كتابة القصيدة تستنزف الشاعر اذ يكون في اعلى درجاته الحسية والفكرية في الوقت ذاته. ويقول الفرزدق انها اصعب من قلع الضرس فهي لحظات يعشق الشاعر فيها ذاته يكون كمن يقبض على الريح في الوقت عينه.. ماذا تقول عن الفترة المضيئة و المختلفة هذه
* سؤالك يقال بان لحظات كتابة القصيدة تستنزف الشاعر اقول بصدق ..وكما أسلفت؛ في لحظات حضور القصيدة أو ربما تلك الفكرة ” الومضة أو البارقة” وأنت تدرك أن عليك ألا تضيعها، تعتصر كل امكاناتك وأفكارك، مخزون كلماتك وقراءاتك، ومن ثم عليك أن تأتي بما لم يأت به غَيرك مِن قبل، وأنت في هذه المعمعة من صولات وجولات الشعر والأدب، تخشى من ذهاب الفكرة وتتخوف من عدم قدوم التعبير، تتمسك بما هو قادم وحاضر؛ وتجوب كل عالمك لتمسك بطيف كلمة أو تصطاد تعبيراً يعبر عن معانيها المكنونة، حقا تكون في أشد حالات الإجهاد وقمة صرف طاقاتك ولا يشفع لك إلا الجوهرة المصاغة خاصتك والتي تحمل شيئا منك فتصوغ جوهرة جديدة لتكون الصائغ الماهر والمبدع الفنان.
في الحقيقة اتألم عندما تأتي القصيدة ولا أكون في حال يليق بمقامها، وإن غادرت ولم أحتفِ بها وأُخلدها، واعلم انني خسرت عزيزاً لن يعود، ما تعس الشاعر إذا غادرته القصيدة وهي تنتحب.
– هل تعتبر كتابة الشعر حالة من الانعزال عن العالم الخارجي. فيحتمي به الشاعر من الأحزان والاغتراب. ام انه نافذة يطل بها الشاعر على عالمه الخفي؟
*الشعر هو أن تكون بين بين، فلن تكون شاعرا مالم تشعر بمن حولك وتحس وتعش وتعاني مثلما يحسون ويعيشون ويعانون، بل ومن الواجب عليك ان تجد او تحاول على الأقل أن تجد حلاً ومقترحاً لما يقلق راحتهم ويقض مضجعهم، فتكون فيهم ومنهم ولا بد للشاعر احيانًا من الاختلاء واللجوء إلى نفسه والتحدث إلى ذاته، فالشاعر من أصدق النقاد والقيّمين على ذاته وعليه أن يصدق مع الذات فيكون الصادق مع من حوله، مصارحة الذات لا بد منها وبعض من الاعتكاف في ظل كل هذا الضجيج الكوني، ولكن لا حياة ولا شعر ولا شاعر دون من يشاركك
– البعد والشوق والحرمان هي مفردات الشاعر. ماهي مفردات الشاعر عبد الرحمن محمد؟
* هناك دوماً مفردات تشبه جدران البيت التي لابد بد منها كي تكتمل بسقف يجمعها، البعد والشوق والحرمان بل والثورة والحب والطغيان وغيرها من المفردات سهلة النطق كبيرة المعنى عظيمة التأويل، لولاها ما كان الشعر ولا كان القصيد، ربما مفردات الشعراء واحدة وكذلك آمالهم وآلامهم، ولكن درجات الاحساس والتعايش مع كل مفردة تختلف من شخص لآخر، ولذا تكون بعض المفردات حاضرة لدى البعض أكثر من غيرها، الحب والحرمان والطغيان مفردات حاضرة في قصائدي لأنني عشتها كثيراً، وربما الغربة قليلة الحضور لأنني لم اعاني منها بالشكل المباشر كما يعاني منها شاعر مغترب. وهنا كلمة “مفردات” تعني عوالم قائمة بحد ذاتها.
– كيف ينظر شاعرنا للمرأة. مامدى حضورها في شعركم. وماهي نوعية الحضور؟
* الشعر لا يكون شعراً ألا ان كان للمرأة نصيب فيه، وقد لا يوجد شعر ولن تجد شاعراً إلا وكتب عن المرأة لأن المرأة تعني الحياة والحضور الدائم، فلا حياة ولا شعر دونها، أما كيف يكون حضورها فقد تكون حاضرة كحبيبة أو كزوجة أو كمقاتلة أو كوطن أو كوردة، هي دائمة الحضور حتى لو كانت القصيدة عن رجل؛ لأن المرأة هي من انجبت ذلك الرجل وعاشت معه وربته.
– للشاعر عبدالرحمن محمد عدة اعمال مطبوعة لو تحدثنا عنها بايجاز وعن مضامينها؟
*في البدايات كانت لي الكثير من المحاولات الشعرية التي كنت أحتفظ بها كمسودات ومخطوطات، وبعد أن سنحت لي الفرصة لأعود من جديد الى عوالم الثقافة والادب والمعرفة من خلال عملي في صحيفة روناهي وعضويتي في اتحاد المثقفين في اقليم الجزيرة عدت للكتابة بعد سنوات من البعد عنها.
عملي الأول هو كتاب تراجم وسيرة شخصية بعنوان “اوراق كردستانية” ويقع في حوالي 200 صفحة من القطع الوسط وفيه سيرة حياة وأعمال ومنشورات لحوالي مئة شخصية كردستانية كان لها دور بارز في الحياة الثقافية وبعض الشخصيات التاريخية. ومن نشر وتوزيع اتحاد المثقفين في اقليم الجزيرة.
العمل الثاني هو مجموعة شعرية بعنوان “عشق الازمنة الممنوعة”، ويحتوي قرابة الثلاثين قصيدة وجدانية غزلية ووطنية وهو من نشر وتوزيع هيئة الثقافة في اقليم الجزيرة.
العمل الثالث هو مجموعة قصص قصيرة بعنوان ” مذكرات غريق” وهي في الغالب قصص قصيرة من الواقع اليومي المعاش في سوريا والعالم تحمل الوجع الانساني ونثارات من التراث الكردي والمحلي، ومن ضمنها قصتين فزت بهما في المركز الثاني عام 2016 والمركز الثالث عام 2017 في مهرجان أوصمان صبري للأدب. بالإضافة إلى مئات المقالات والتقارير الصحفية المتنوعة .
– الشعر هو حالة من المشاعر و الإنصات للعالم الداخلي. برأيك هل يستطيع الشعر تغيير العالم إلى ما هو احسن؟
* الشعر كما كان يوصف بديوان العرب ولا يغيب عنا سوق عكاظ في الشعر العربي، كذلك جلسات وندوات ومنتديات الشعر والادب الأخرى ولا يغيب عنا الشعراء الثوار في كل الثورات اللذين كانت قصائدهم بنادق التغيير السلمي والتي دعت الى الثورة والعلم والمعرفة وغيرت الكثير وكانت كل قصيدة ثورية السبب في انضمام العشرات بل والمئات للثورات في بقاع شتى من العالم وقد تغير القصيدة ما تعجز البندقية عن تغييره
– الشعر موجود بتعدد الثقافات وبمختلف اللغات. هل يحدثنا الشاعر عبد الرحمن محمد عن رؤيته لتجلي الشعر بلغات مختلفة.؟ وهل الشعر العربي نفسه الشعر الأوربي مثلا. أم هي نفس التسمية لشيئين مختلفين؟
* الشعرُ شعرٌ حيث كان إن كان في تونس أم في يوغسلافيا أو في لبنان، تختلف اللغة ويختلف اللسان والكلمات؛ لكن جوهر الشعر وملامسته للقلب ومداعبته للروح تبقى هي هي، فالشعر شعور رقيق حميم وثائر منتقم يتحول في لحظات بين هذا وذاك متناغما مع ما يخالج دواخلنا.
– تعمل منذ سنوات في المجال الاعلامي كيف تجد العلاقة بين الادب و الاعلام من خلال تجربتك..؟
*ساهم الاعلام ومازال في التبادل الثقافي والتلاقح والتبادل المعرفي، ومن خلال وسائل الاعلام المختلفة كالتلفزيون والصحف وأخيرا النت بات عشرات ومئات الآلاف من المهتمين بالثقافة والأدب وبمختلف المناهل والمشارب يلتقون كل يوم، مما ساعد بالتبادل المعرفي وتوسيع الأفق الأدبي والمعرفي والمفردات والعادات والتقاليد والمناهل الثقافية، وباتت الوسائل الاعلامية نافذة للشاعر والكاتب للتواصل مع العالم وتبادل المعارف والآداب وبذلك ساهم الاعلام بزيادة التعارف والانتشار وتطوير الذات. وزاد من انتشار صيت الشاعر والكاتب في نطاق واسع ولكن لا بد ان نتذكر ان من يتناولون نتاجه هم نقاد وقيّمين ايضاً ولا بد من اخذ ذلك بعين الاعتبار
– المشاركات في المهرجانات و الفعاليات الثقافية المحلية و الخارجية كيف تنظر اليه و ما تاثيرها و دورها في العمل الأدبي؟
*المهرجانات والفعاليات الأدبية الثقافي تتيح التعرف على آراء وأفكار وثقافة الآخر عن قرب والنقاش والاطلاع المباشر وازالة سوء الفهم والتشجيع على الحوار، وبخاصة في الوقت الراهن حيث يتنامى خطاب الكراهية والتطرف، كما ان التكريم الذي يلقاه الفائزين والمتميزين يدفع بسواهم إلى المنافسة ويكون كرد للجميل للمتميزين، والشخصيات التي تمضي السنين في تنمية وتطوير اعمالها وتخدم شعبها فاعظم التكريم لها ما يكون وصاحبه ومستحقه ماثل بيننا لا أن يكون راحلاً.
– الكاتب او الشاعر الكردي كثير الشكوى من المعاناة والتهميش وقلة الاهتمام في سوريا اكثر من غيرها. ماالسبب برأي الشاعر عبد الرحمن محمد؟
* في الكثير من المجتمعات وبالأخص في المجتمع الكردي نرى تهميش النخب المثقفة الذين يسميهم البعض ببائعي الكلام، ربما لان الشاعر والكاتب يضع يده على الجرح الذي لا يريد الكثيرين سواه لذلك الجرح أن يبرأ. وربما لأن طبيعة نفس الأدباء والشعراء وطبيعة عملهم تتطلب بعض الهدوء وقلة الصخب والزهد نوعا ما في الدنيا، والاكتفاء بالقليل والأهم إن النخب التي تدير دفة الحكم وأولي الأمر في المجتمعات الشرقية تفضل المدلسين وماسحي الجوخ والمنافقين، ولأن صاحب المال مفضل على صاحب القلم لدى أصحاب الحكم، وفي ظل انتشار وسائل النشر الالكترونية لم تعد الكتابة تطعم من جوع ولا تؤمن من خوف
– تعرف الساحة الأدبية العربية عموما. هجرة الأدباء لنظم الشعر إلى فن الرواية والقصة القصيرة. ايمكن اعتبار الوعي الشعري سببا لهذا النزوح. ام هو رضوخ لتوجهات القراء الذين يفضلون الروايات اكثر من غيرها. او ان عبدالرحمن محمد يرى ان لهذا اسبابا أخرى؟
* لعل الكثيرين منا عندما قارب الأدب بدأ بكتابة الشعر ظناً منه إنه الاسهل في التناول وايصال الفكرة، والكثيرين يتوهمون لمجرد كتابة عدة قصائد أنهم اصبحوا شعراء وعليهم أن يلجأوا لما هو أرقى وأهم من الشعر، فيحاولون ان يكتبوا الرواية وهم لم يبلغوا الشعر بعد، الساحة متخمة بمن يدعون الشعر وممن يحاولون امتطاء صهوة الرواية، اما الحقيقة فهي ان الشعر مرتبة عالية من الذوق والفن والإحساس بالجمال والألم والغربة والحب، والبحث عما يشرح للمتلقي كل هذا الزخم من مفردات الحياة بلغة تتراوح بين الرصانة والبلاغة والسهولة والفصاحة والجزالة وتلك أدوات لا يملكها إلا القليلين؛ فما بالك بالرواية التي تحتاج زوادة وريادة وممارسة ودراية وفن وتفنن في اللغة والمكان والزمان والحدث والتشخيص والحبكة، لسنا نحن المخولون بإطلاق الالقاب على انفسنا بل من يقرأووننا ويعيشوننا، وفي كل عمل نقاربه علينا أن ندرك حجم المسؤولية الملقاة على عاتقنا قبل أن نفكر باللقب الذي قد يسبق اسماءنا. إجمالاً اكثر المقبلين على الرواية متسرعون في البحث عن الشهرة
– هل لديك كلمة أخيرة تود الإفصاح عنها؟ وهل مازال للكاتب والشاعر قيمة في عصرنا هذا؟
* قيمة كل منا فيما يقدمه الآن وفيما يتركه من بعده، المئات بل الآلاف كانت حياتهم أطول بكثير من أعمارهم، عاشوا ستين او سبعين او ثمانين عاماً لكن ما تركوه من أعمال مازالت تمد في حياتهم من قرون مضت وإلى الآن وستبقى، الشاعر والفنان والاعلامي والمقاتل اليوم وبخاصة في هذه المرحلة عليه أن يعي ما الذي يدور من حولة ويعمل على تحسينه وتقديم الافضل، ما يقتلنا قولنا “وهل يتوقف الأمر عليّ” وأنا أقول: نعم الامر يتوقف عليك.
الحياة والتجربة هي أكبر معلم وسنتعلم في كل يوم دروسا جديدة، شخصياً أنا تلميذ في مدرسة الحياة، ما زلت وسأبقى ذلك الطامح أبدا إلى أن تكون حياتي أطول من عمري وأن أقدم ولو شيئا يسيراً من الحب لمن حولي… وشكرا لكم جميعا..