دلشاد مراد
يعتبر معرض الشهيد هركول للكتاب في روج آفا وشمال شرق سوريا فعالية ثقافية في غاية الأهمية، كونه أحد الأدوات الوسيطة بين الكتاب ودور النشر والوسط العام. وقد تميز المعرض في سنواته السابقة- وخاصة الثانية والثالثة – بكثير من المزايا الإيجابية منها زيادة عدد دور النشر والمكتبات والهيئات الثقافية والأكاديمية المشاركة فيه وأذكر على سبيل المثال دار التكوين ودار الزمان المعروفتين في سوريا، وفي السنة الثالثة شارك دور نشر كردية عديدة من شمال كردستان، وكانت هناك مشاركة من أحد اتحادات المثقفين المقربة من أطراف سياسية غير متجاوبة مع الإدارة الذاتية الديمقراطية، وهذا بحد ذاته نقطة إيجابية، إذ لابد أن لا يؤثر الخلافات السياسية الداخلية على المشهد الثقافي والفني المحلي.
كما تميز المعرض في سنواته السابقة بزيادة الكتب المعروضة من دور النشر المحلية، فدار شلير على سبيل المثال زادت من كتبها المعروضة من 30 عنواناً في السنة الأولى إلى أكثر من 130 عنواناً في السنة الثانية إلى قرابة 200 عنواناً في السنة الثالثة. إضافة إلى ذلك كان يرافق المعرض ندوات ومحاضرات ثقافية، وهذا أيضاً كان له دور في إغنائه. وكذلك كان هناك احتضان للمثقفين من البلاد العربية. وقد ضم المعرض في في السنة الثالثة 45 جناحاً (دور النشر، المكتبات، الاتحادات والهيئات والجمعيات الثقافية، كتاب مستقلون، مجلات أدبية، أكاديميات ومراكز بحوث)، وبلغ عدد الكتب المعروضة 8500 عنواناً بمجموع 113 ألف نسخة باللغات الكردية والعربية والسريانية.
وقد كانت نتيجة المزايا الإيجابية السابقة الذكر زيادة في أعداد زائري المعرض، لتصبح معرض الشهيد هركول للكتاب بالفعل ظاهرة ثقافية، فأصبحت كملتقى للوسط الأدبي والفني وحتى السياسي والإعلامي أيضاً، في وقت نحن أحوج إلى الفعاليات والأنشطة التي تقربنا من بعض أكثر سواء على الساحة الداخلية الكردية أو السورية عموماً وحتى الإقليمية أيضاً.
ورغم كل هذه المزايا التي ذكرتها، فأنه لابد من إبداء نقدنا، فكثير من الزائرين اشتكوا من ارتفاع أسعار الكتب المعروضة، وخاصة المعروضة منها في دور النشر القادمة من الخارج. علماً أن (هيئة الثقافة والفن في الجزيرة ومطبعة شلير واتحاد المثقفين في الجزيرة وشركة روناهي لتوزيع المطبوعات) قد حددوا في عام 2018م في اجتماع مشترك أسعاراً مقبولة تصل إلى حد سعر التكلفة بالنسبة للكتب الصادرة والمباعة عن طريق هذه المؤسسات.
كما أن مستوى بعض الكتب المعروضة وخاصة المحلية كان متدنياً، وهذا يؤثر على مستوى القراءة والمطالعة والتثقيف عموماً، إذ نعاني من قلة الكتب البحثية والتحليلية في السياسة والفكر والتاريخ والأدب …الخ.
ومقترحاتنا أيضاً لتطوير فعاليات معارض الكتب فهي أنه على هيئة الثقافة إيجاد السبل الملائمة فيما يتعلق بأسعار الكتب المعروضة والاتفاق مع دور النشر المشاركة على تنزيل الأسعار أو استبدالها بالحسومات.
كما أن دور النشر المحلية مطالبة بدراسة شاملة للكتب المعروضة عليها قبل طباعتها، فكتاب واحد مفيد للقارئ أفضل بكثير من عشرة كتب ذو مستويات متدنية في المحتوى. فنوعية الكتب أيضاً لها دور كبير في النهضة الثقافية والفكرية ويزيد من فعل القراءة والمطالعة والتثقيف الذاتي، وهذا بالضبط كان شعار المعرض في سنته الثانية (بالقراءة نحيا)، وفي سنته الثالثة (مجتمع يقرأ.. مجتمع يرتقي).
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
*زاوية ” الحديث الثقافي”، صحيفة روناهي الصادرة في روج آفا – شمال وشرق سوريا، العدد (910)، الأربعاء 15 تموز 2020م.