لكل نمط من المعيش نمط من التفكير!

خالد بهلوي
في أوروبا فرض اليورو نفسه وبقوة على عقود زواج السوريين، رغم الصعوبات التي يواجها الشاب لدخول سوق العمل وتوفير المال اللازم للزواج، في الجزيرة مثلا قائمة طلبات أي عروسة مشروعة واهمها غرفة نوم براد -تلفزيون -غسالة -غرفتين بمنافع ولو كان آجار- قليل من الذهب- حفلة عرس مناسبة. كل هذه الطلبات تتوفر عند كل شاب في أوروبا (الشقة جاهزة ومفروشة بشكل جيد، راتب مضمون كحد أدني من المعيشة.)  
مع ذلك ظهرت طلبات مختلفة أدت إلى ارتفاع المهور لدرجة أدى الى تقلص حالات الزواج بين السوريين، فظهرت حالات التوجه نحو الزواج من أجنبيات، لأن غالبية السوريين يطلبون بين ستة حتى عشرة آلاف يورو (او دفع كافة تكاليف وصول الفتاة الى اوروبا بالطائرة). اخر نهفات المهر إضافة الى الذهب المتعارف عليه مبلغ نقدي + ثلاثة الاف يورو ثمن حليب الأم.
عدا نفقات إقامة حفلة يكلف الكثير بين اكليل للعروسة يحب ان يكون شراء وليس استئجار- فنان مشهور- عشاء فاخر- كاميرات تصوير.  فيكون اقل كلفة للحفلة  ثمانية الاف فيصبح المجموع لا يقل عن خمسة عشرة ألف يورو ما يعادل أربعين مليون ليرة سورية 
 في أوروبا أصبح تفكير أهل الفتاة ينحصر في مظاهر البذخ والاسراف والتقليد والتفاخر برقم المهر، والتسابق نحو الفخفخة والبهرجة، دون النظر لحياة ومستقبل وسعادة ابنتهم.
 اما الاسر الموجودة في البلد عم او خال نفس الفتاة تكون كلفة زواج ابنتهم لا تتجاوز خمسة مليون ل س وسقف طلباتهم غرفة نوم – مطبخ – حفلة مقبولة- بعض التجهيزات الكهربائية – قليل من الذهب.
قد يعزي البعض ارتفاع المهور إلى حالات الطلاق المتكررة لخوف الأهل من أن يؤدي الزواج السهل لطلاق أسهل، البعض الاخر يبرر ذلك بعدم استقرار الأوضاع أو حدوث طلاق أو في حال وفاة الزوج أو تعدد الزوجات.
مع ذلك عادت مشكلة المهور من جديد لتشكل عائقاً أمام استقرار ومستقبل الشباب والشابات، خاصةً بين المغتربين أو المهاجرين قسراً وعددهم بالآلاف الذين تركوا خلفهم اسر تنتظر المعونة منهم.
 ليس سرا لتأمين المهر ونفقات العرس يحتاج الشاب إلى العمل ولسنوات، ولمده ثمان ساعات يوميا تحت رحمة واستغلال فاحش خاصة إذا كان رب العمل من الدول العربية او تركيا. وقد يقع الشاب في مستنقع الديون، فيبقى طول عمره فقيراً مما يؤدي إلى مشكلات اجتماعية قد تنتهي بالطلاق.
رغم ان حقوق المرأة مكفولة حسب القوانين الاوروبية فمن حقها حضانة الأولاد ونصف راتب الرجل   في حالة الطلاق كنفقات للمرأة والأولاد. وبيت تناسب عدد أولادها مع كل ذلك بعد الزواج يضطر البعض للتنازل عن مهر ابنتهم مقابل الحصول على الطلاق، لأن زوجها “سيئ”
  الحقيقة لا يوجد مهر في العالم يضمن للفتاة سعادتها واستقرارها.
وهكذا، ما بين انهيار العملة السورية، وقلق أهالي الفتيات، وقصص الزواج الفاشلة والطلاق التي نسمعها كل يوم، تزداد المبررات لرفع المهور التي تنعكس سلباً على حالة استقرار ومستقبل الشباب والشابات ورغم رغبة أهالي الفتيات في تزويج بناتهم بسن مبكرة للتخفيف من مصروفهن او خوفا من العنوسة،
مع كل هذا وذاك في اوروبا لا يتنازلون عن شروطهم التعجيزية بمهر غال وحفلات خمسة نجوم، تضاهي حفلات هوليود … تناقض غريب عجيب!!!!

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

عصمت شاهين الدوسكي

 

ربما هناك ما یرھب الشاعر عندما یكون شعره تحت مجھر الناقد وھذا لیس بالأمر الحقیقي ، فالشاعر یكتب القصیدة وينتهي منھا لیتحول إلى تجربة جدیدة ،حتى لو تصدى لھ ناقد وبرز لھ الایجابیات وأشار إلى السلبیات إن وجدت ، فلیس هناك غرابة ، فالتحلیل والتأویل یصب في أساس الواقع الشعري ،وكلما كتب الشاعر…

فيان دلي

 

أرحْتُ رأسي عندَ عُنقِ السماءْ،

أصغيْتُ لأنفاسِ المساءْ،

بحثْتُ فيها عن عُودٍ ثقاب،

عن فتيلٍ يُشعلُ جمرةَ فؤادي،

ناري الحبيسةَ خلفَ جدرانِ الجليد.

 

* * *

 

فوجدْتُه،

وجدْتُه يوقظُ ركودَ النظرةِ،

ويفكّكُ حيرةَ الفكرةِ.

وجدْتُه في سحابةٍ ملتهبةٍ،

متوهّجةٍ بغضبٍ قديم،

أحيَتْ غمامةَ فكري،

تلك التي أثقلَتْ كاهلَ الباطنِ،

وأغرقَتْ سماءَ مسائي

بعبءِ المعنى.

 

* * *

 

مساءٌ وسماء:

شراعٌ يترنّحُ،

بينَ ميمٍ وسين.

ميمُ المرسى، عشبٌ للتأمّلِ وبابٌ للخيال

سينُ السموّ، بذرةٌ للوحي…

ربحـان رمضان

بسعادة لاتوصف استلمت هدية رائعة أرسلها إلي الكاتب سمكو عمر العلي من كردستان العراق مع صديقي الدكتور صبري آميدي أسماه ” حلم الأمل ” .

قراته فتداخلت في نفسي ذكريات الاعتقال في غياهب معتقلات النظام البائد الذي كان يحكمه المقبور حافظ أسد .. نظام القمع والارهاب والعنصرية البغيضة حيث أنه كتب عن مجريات اعتقاله في…

ادريس سالم

 

«إلى تلك المرأة،

التي تُلقّبُني بربيع القلب..

إلى الذين رحلوا عني

كيف تمكّنْتُ أنا أيضاً على الهروب

لا أريدُ سوى أن أرحلَ من نفسي…».

يفتتح الشاعر الكوردي، ميران أحمد، كتابه «طابق عُلويّ»، بإهداء مليء بالحميمية، ملطّخ بالفَقد، يفتتحه من قلب الفَقد، لا من عتبة الحبّ، يخاطب فيه امرأة منحته الحبّ والحياة، لقّبته «ربيع القلب». لكن ما يُروى ليس نشوة…