د. آلان كيكاني
أعدَّ الدكتور حسين عدَّته المناسبة للحالة التي سيشرف عليها بعد قليل ووضعها في حقيبته المهترئة: عدّةَ صورٍ خلاعيةٍ، وكتابَ تشريحٍ وَسم فيه صفحة الأعضاء التناسلية للمرأة بخافض لسان خشبي ليسهل عليه العودة إليها، وجيلاً مرطباً يٌستخدم لأغراض جنسية كمزلق يساعد على تسهيل العملية الجنسية، وقفازات طبية شفافة من تلك التي تستعمل لمرة واحدة… وهكذا خلت عدة صاحبنا حتى من السماعة الطبية التي يعتبرها الناس هوية الطبيب ورمزه.
وكان الدكتور حسين، المختص في الأمراض البولية وجراحتها، قد طلب مني أن أرافقه للكشف على حالة شاب بدوي يعيش في خيمة في أطراف البادية السورية تبعد عن مدينة حلب بنحو مائة كيلو متر، أو يزيد، بعد أن تردد عليه أبو الشابّ في عيادته مرات ومرات راجياً منه مساعدته في حل مشكلة ابنه المعتوه راكان الذي لم يكمل سنّه السادسة عشر بعد.
“هو الابن الوحيد لأبيه، وهو فتى يافع شديد الخبل… أما أبوه فبدوي ثري يملك أكثر من ألف رأس من الأغنام… ويُنظر إليه على أنه ناصية قومه وكبيرهم، يتدلى مسدس من خاصرته اليمنى ويلوح غمد خنجر من خاصرته اليسرى. أما جيوب جاكيته ففيها دائماً ستة أو سبعة أنواع من علب السكائر…”. هكذا وصف الدكتور حسين راكان وأباه وهو يلملم أغراضه ويدسها في حقيبته.
وقد جاء راكان هذا بعد أربع زيجات، وأكثر من عشر بنات… جاء يحمل معه الأمل في استمرار نسل والده، بعد أن وصل الأخير إلى الخامسة والسبعين، وبات مرض قلبه ينذره بدنو أجله، وبعد أن صار أبناء عمومته يتقاسمون سراً ماله وجاهه منتظرين لحظة وفاته… ولكي يموت قرير العين أراد أبو راكان أن يزوج ابنه ساعة بلوغه، لا ليكحل عينيه بأحفاده فحسب، بل ليضمن أن سلالته لم تنقطع وأن ثروته سيرثها من بعده من هم من صلبه. إلا أن راكان كان يعاني من عته شديد في عقله، واضطراب واضح في شخصيته، الأمر الذي حدا بالكثير من الناس إلى الشك بقدرته على الزواج والإنجاب.
لكن أبا راكان أكد لنا، ونحن في طريقنا إلى بيته، أنّ ابنه بات فحلاً لا يشق له غبار، فقد بزغت شعور لحيته وشاربيه، وظهر على وجهه حب الشباب، وباتت تفوح منه رائحة العرق، وتغير لحن صوته وأصبح غليظاً ومزعجاً، وصار يمعن النظر في النساء ويدقق على مؤخراتهن، لا بل وأصرَّ على أنه قد رآه أكثر من مرة يمارس العادة السرية، كما لمحه مرة خلف أتان. والأكثر من هذا وجده مرة ينكح نعجة.
ولا يعرف أبو راكان ماذا جرى لابنه الفحل الذي زوَّجه بعد أن عثر له على عروس تناسب شخصيته ببساطتها وتواضعها… فلم يكتب له التوفيق في مناكحتها رغم مرور أسبوعين على زواجه، ورغم تهيئة الأجواء له، ومدَّه ببعض النصائح والمقويات الجنسية، الأمر الذي جعل أبو راكان يلجأ إلى عيادة الدكتور حسين طلباً للعون.
بعد مسير أكثر من ساعة في طرق ترابية تحيط بها بادية جرداء تمتد طويلاً، كنا في خيمة أبي راكان. وكانت كبيرة ومقسمة إلى ثلاث حجرات. استقبلتنا نساؤه وبناته بالتهليل والترحيب والقهوة العربية. وبعد قسط من الراحة، وعلى إيقاع نباح الكلاب، ومأمأة الخراف، بدأ الدكتور حسين عمله. طلب الاختلاء بالعريس أولاً، فأتونا به وخرجوا إلى أعمالهم.
لم يلقِ راكان التحية علينا، بل نظر إلينا نظرة بريئة وابتسم بسمة طفولية وجلس دون أن ينطق بكلمة. كان شديد البلاهة، منفوش الشعر، متسخ الثوب، كبير الأسنان، وفي عينيه شيء من الجحوظ، وفمه مفتوح من غير مناسبة، وكثيرا ما ينضح منه اللعاب إلى الخارج دون أن يقوم بمسحه. وفيما عدا ذلك كانت هيئته هيئة رجل بالغ. طلب منه الدكتور حسين أن يستلقي على ظهره ويكشف عن كامل جسمه ففعل دون اعتراض. لم يكن يلبس شيئاً تحت ثوبه… ارتدى الدكتور حسين قفازه الطبي وبات يفحصه ويكلم نفسه بصوت عال:
“ها هو كيس الصفن، وفيه خصيتان طبيعيتا الحجم والموضع… وها هو القضيب لا يشوبه شائبة ولا غبار… وشعر العانة نظامي في كثافته وتوزعه… والأثداء رجولية بلا شك… وشعر الإبط غزير.”
ثم وجه كلامه إلى راكان:
“أريد أن أرى قضيبك منتصبا، يا راكان. هل هذا ممكن؟”
وبخضتين من يده انتصب قضيب الشاب، فصاح به الدكتور حسين:
“قف أرجوك هذا يكفي. قف يا راكان بارك الله بك.”
ثم التفت إليّ:
“يريد أن يستهلك طاقته وتفشل خطتي… القذف الطارئ وارد بقوة مادام الولد بهذه الفحولة”
“هل سبق وأن مارست الجنس مع امرأة يا راكان؟”
“لا.”
“وهل سبق وأن رأيت فرج امرأة؟”
“لا.”
“إذن، تعال معي.”
وتناول يده، وقاده إلى حيث حقيبته الطبية، وأخرج منها عدته، وفرش له الصور على الأرض وأشار بقلم إلى صورة تشريحية للأعضاء التناسلية للمرأة وقال:
“انظر يا راكان… هنا بين فخذيها سترى ثقباً… ما عليك إلا أن تدخل قضيبك المنتصب فيه.”
وبحركات تمثيلية من جسمه، وبإيماءات من يديه وأصابعه، وبمؤثرات صوتية من فمه علمه الدكتور حسين، الخبير في مثل هذه الأمور، كيف يؤدي مهمته مع عروسته. ثم أكد له:
“هل فهمت؟”
فرد عليه راكان بثقة:
“فهمت.”
فناوله الدكتور حسين الجيل الذي في حوزته وقال:
“جيد، الآن ادخل عليها وادهن قضيبك بهذا الجيل بعد تمام انتصابه ونفذ ما علمتك إياه، هيا يا راكان هيا.”
وكانت العروس نوفة، منذ أن انفردنا براكان، تنتظر في الحجرة المجاورة لحجرتنا، فدخل عليها راكان وسد الباب بالستارة وراءه، بينما انصرفنا أنا والدكتور حسين إلى شرب القهوة المرّة. لكن صاحبنا لم يمكث سوى دقيقة مع عروسته، إذ سرعان ما خرج عابساً كل العبوس. وكمن يلوم أحداً على كذبة كذبها صاح بوجه جامد لا أثر للهزل فيه:
“لا يوجد ثقب!”
فنط الدكتور حسين، الموعود بخمسة آلاف ليرة سورية، في الهواء وصرخ:
“كيف لا يوجد ثقب يا رجل! هذا مستحيل. تعال واجلس هنا. تعال”
قرفص راكان قرب الصور مرة أخرى، ولقنه الدكتور حسين درساً آخر، أكثر عمقاً وتوضيحاً من سابقه، وما إن ظن العريس أنه استوعب الدرس حتى قام وعاد إلى مخدع عروسه قبل أن يطلب منه معله ذلك. واستلقى الدكتور حسين المتعب على ظهره وسحب نفساً عميقاً وقال:
“أعتقد أنه سيفعلها هذه المرة.”
قلت:
“أتمنى ذلك. ولكني لست متفائلاً.”
وعدنا إلى قهوتنا، وما كدنا نرتشف منها رشفتين حتى خرج علينا راكان مرة أخرى وقال:
“يوجد شعر فقط!”
ففزّ الدكتور حسين من رقدته واستوى جالساً وقال ضاحكاً:
“أحسنت. اقتربنا.”
ثم التفت نحوي:
“توقعت أن هذه البدوية لا تعرف كيف تحلق عانتها. وكأن بالمسكين يبحث عن أرنب وسط غابة كثيفة.”
ثم نهض وراح يبحث بين صوره الخلاعية عن صورة أخرى أكثر فائدة، حتى عثر على واحدة تبدو فيها امرأة مثيرة تفتح فخذيها، وتُري الكاميرا فرجها بتفصيل دقيق وسط شعرٍ أسودٍ كثيفٍ. وقال مشيراً بقلمه:
“هذا هو يا راكان. هذا هو، تفتح هذين الشفرين وتجد الثقب خلفهما.”
وراح راكان يعيد محاولته، وعاد الدكتور حسين إلى استلقائه. وبعد تنهيدة عميقة قال:
“يا لها من مهنة قذرة! يخال لي أننا، معشر أطباء الجراحة البولية، نعمل في كثير من الأحيان كقوادين نساعد الرجال كيف يقضون وطرهم من النساء.”
“لا يمكن النظر إلى الموضوع من هذه الزاوية، فلكل عمل طبيعته. هب أنك أعطيت قنطاراً من المال لرجل على أن يضع أصبعه في مؤخرة رجل آخر هل سيرضى؟ … وبالمقابل فإنني كجراح عام أفعل هذا كل يوم لكل من يشكو من دبره كإجراء روتيني.”
وافقني الدكتور حسين على قولي، وأراد أن يقتل الوقت ريثما يحصل على نتيجة من الغرفة المجاورة فقال:
“ذات يوم زار عيادتي رجل ستيني يشكو من ضعف جنسي وطلب مني أن أحقن له حقنة في قضيبه كي يستطيع مضاجعة زوجته، وعندما أبديت له استعدادي لتلبية طلبه انتبه الرجل إلى أمر غاب عن باله في البداية، وهو أنه كيف سيسير في الشارع حتى يصل إلى بيته الذي يبعد عن عيادتي مسافة عشر دقائق سيراً على الأقدام بينما بنطاله مقبب تحت سرته؟ هكذا تصور الرجل المشكلة وصار يفكر بها، ولكن سرعان ما وجد الحل عندما مسكني من ذراعي ونحاني جانباً ليقول لي بصوت متردد ومشوب بالخجل: ما رأيك أن آتيك في نهاية الدوام ومعي زوجتي، وعند انتهائك من المرضى تحقن لي الإبرة وتنصرف إلى بيتك، وسنتكفل بإغلاق باب العيادة فيما بعد، وسأعطيك ضعف….”
بتر الدكتور حسين حديثه عندما مدَّ راكان رأسه من فوق الحاجز الذي يفصلنا عنه وقال:
“وجدته.”
قهقه الدكتور حسين وهبَّ واقفاً وصاح:
– ممتاز… ممتاااااااااااااااز، أهنئك، يا راكان أهنئك. أما الآن افعل هذا…
قالها وهو يولج سبابة يده اليمنى في قبضة يده اليسرى في حركات وإيماءات يعبر بها عن العملية الجنسية.
خرجتُ لأقضي حاجتي في العراء خلف كومة من القش، وعندما عدت رأيت الدكتور حسين يبتسم بمكر. قلت له:
“أعرف لماذا تضحك.”
فقال:
” قل لي لماذا؟”
قلت:
“قلبي يقول إنك تلصصت عليهما أيها الخبيث!”
ضحك وقال:
” صدقت والله، كنت فقط أريد أن ألقي نظرة لأعرف هل هما في المسار الصحيح أم لا، ولكن في اللحظة التي مددت فيها رأسي قام راكان بحركة عنيفة، آلم بها العروس، فما كان منها إلا أن صرخت وقامت بعضه، وهو بدوره صفعها، وهكذا نشب عراك بينهما اضطررت إلى التدخل وحل المشكلة.”
ثم أضاف مقهقهاً:
“كان أجمل فلم كوميدي أراه في حياتي، لا أدري ما الذي أخرجك في هذه الساعة. كنا تفرجنا عليه معاً.”
خرجنا نبحث عن أبي راكان، الذي كان في الخارج يجلس بعيداً عن الخيمة وسط نسائه مثل ديك بين مجموعة من الدجاجات… اقترح عليه الدكتور حسين تخدير العروس، التي تمانع بدافع الخوف، بجرعة من الكيتامين، معتبراً أنها هي السبب في فشل راكان في وطئها حتى الآن. وقال له بدبلوماسية يجيدها أن راكان يقوم بالمهمة على أحسن ما يرام، وهو بالفعل فحل لا يشق له غبار إلا أن هلع العروس هو المانع الذي يحول دون نجاحه.
وافق أبو راكان على الفكرة… وحقن الدكتور حسين العروس بالدواء المخدر، وأطلق عليها عريسها… وما هي إلا دقائق حتى اقتحم راكان ذاك الجسد الهامد بعنف، واجتاحه بشراسة وقوة حتى سكب الدم منه… وأطلقت النساء الزغاريد، وأخرج أبو راكان رشاشاً من تحت كرسي سيارته ورمى به في الهواء دزينة من الأعيرة النارية جاعلاً الكلاب تولي الأدبار هاربة بأقصى سرعة، والخراف تلتف على بعضها مذعورة… ووسط هذه الأجواء الاحتفالية دس الدكتور حسين مستحقاته في جيبة وعدنا إلى حلب قبل غروب الشمس.
وبعد مضي نحو سنة عدنا إلى نفس الخيمة، ولكن في موقع آخر، وجلسنا تحتها في ظروف مختلفة تماماً… كان الناس خارج الخيمة يدبكون ويغنون على أنغام المزمار، ويطلقون الرصاص في الهواء، بينما كنا، أنا والدكتور حسين، وبعد أن ختن هذا الأخير حفيد أبي راكان، في الداخل نقوم بعدّ رؤوس الخراف على تلال الرز والبرغل، ونمرر اللحم الغريض على أسناننا.