بيان صحفي هام بخصوص قرار اللجنة التحضيرية لمعرض الشهيد هركول الرابع في القامشلي

جان دوست
قاموس الهدية الحميدية في اللغة الكردية من القواميس المهمة التي خدمت وتخدم اللغة الكردية وهو مرجع لا غنى عنه لأي باحث وأديب. ألف هذا القاموس يوسف ضياء الدين باشا الخالدي الفلسطيني حين كان قائمقاماً في بلدة موتكي التابعة لبدليس أواخر القرن التاسع عشر وطبع ونشر في إسطنبول في عهد السلطان عبد الحميد الثاني عام 1893. ثم قام الدكتور محمد مكري بإعادة طباعته ونشره عبر مكتبة لبنان في السبعينيات من القرن العشرين.
ولما وجدت أن القاموس بحاجة إلى إعادة طباعة وتنقيح وتعريف بالمؤلف، خاصة أن الدكتور محمد مكري أهمل كل ذلك بل حذف المقدمة اللغوية الهامة عن قواعد اللغة الكردية وكذلك الخاتمة التي تتضمن قصائد كردية نادرة شرحها المؤلف وترجمها إلى العربية، 
فقد بدأت العمل عليه واستخرجت عبر بعض الأصدقاء صورة عن النسخة الأصلية الموجودة في المكتبة العامة بإسطنبول وكذلك زودني القائمون على المكتبة الخالدية في مدينة القدس بنسخة مصورة عن القاموس المحفوظ في المكتبة. ولما رأيت أن القاموس أصبح كاملاً عرضته على وزارة الثقافة في إقليم كردستان لتطبعه وتنشره لكنها امتنعت بحجة عدم وجود ميزانية فطبعته على حسابي بمدينة إسطنبول واستطعت توزيع بعض النسخ أو إهدائها في أوربا.
قبل أيام عرضت موضوع القاموس على صديق يشتغل في مجال النشر واتفقنا على نقل مئة وخمسين نسخة إلى المعرض لبيعها هناك وشراء باقات ورد وأكاليل زهر بثمن المبيعات لوضعها على مقابر الشهداء.
بعد نشر الإعلان الخاص بعرض القاموس على صفحات التواصل الاجتماعي قام البعض بشن حملة مسعورة ضد من قام بتهذيب القاموس ونشره (جان دوست) على خلفية مواقفه السياسية ونجحت هذه الحملة في استصدار بيان من اللجنة التحضيرية للمعرض تمتنع بموجبه عن قبول القاموس بين كتب المعرض وتقول بالحرف الواحد: ” ونؤكد انه لا مكان لهذا الكتاب في معرض الشهيد هركول الرابع”!
إنه لأمر مؤسف أن تصبح مواقف الكاتب السياسية سبباً لمنع كتبه من التداول ومنع جمهور كبير من الاستفادة من الخدمة الثقافية الهامة التي سيحققها كتاب مثل هذا القاموس مثلاً. وإنني إذ أتفهم امتناع اللجنة التحضيرية عن تداول القاموس بين كتب المعرض وأعتبره تغليباً لرغبة الغوغاء على الحرص على ما هو ثقافي وجميل، أدين هذا العمل التعسفي الذي يذكرنا بمحارق الكتب النازية ويعيد إلى الأذهان الحروب التي شنتها السلطات المتطرفة دينياً وسياسياً ضد الكتب انطلاقاً من مواقفها من أصحاب تلك الكتب لا من مضمونها.
إن هذا التصرف المتسرع مُدان وأنتظر من الكتاب والمثقفين تضامناً مع الثقافة الكردية واللغة الكردية التي تم قمعها وهذه المرة للأسف في منبر ثقافي كردي وبلا أي مبرر.
أخيراً أتمنى للمعرض النجاح التام وأرجو من الناس أن يقبلوا عليه بكثافة فالثقافة حصننا الأول والأخير.
19.07.2020

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

عبدالعزيز قاسم

(كان من المقرر ان اقدم هذه المداخلة عن “اللغة الشعرية في القصيدة الكردية المعاصرة ـ ڕۆژاڤا” في مهرجان فولفسبورغ للشعر الكردي اليوم السبت ٢٥ اكتوبر، ولكن بسبب انشغالي بواجب اجتماعي قدمت بطاقة اعتذار إلى لجنة إعداد المهرجان).

وهذه هي نص المداخلة:

من خلال قراءتي لنتاجات العديد من الشعراء الكرد (الكرمانجية) المعاصرين من مناطق مختلفة “بادينان،…

إبراهيم محمود

 

تلويح خطي

كيف لرجل عاش بين عامي” 1916-2006 ” وفي مجتمع مضطرب في أوضاعه السياسية والاجتماعية، أن يكون شاهداً، أو في موقع الشاهد على أحداثه، ولو في حقبة منه، إنما بعد مضي عقود زمنية ثلاثة عليه، دون تجاهل المخاطر التي تتهدده وتتوعده؟ وتحديداً إذا كان في موقع اجتماعي مرصود بأكثر من معنى طبعً، كونه سياسياً…

د. محمود عباس

حين يمرض الضوء، تبقى الذاكرة سنده.

قبل فترةٍ ليست بعيدة، استوقفني غياب الأخت الكاتبة نسرين تيلو عن المشهد الثقافي، وانقطاع حضورها عن صفحات التواصل الاجتماعي، تلك التي كانت تملؤها بنصوصها القصصية المشرقة، وبأسلوبها المرهف الذي حمل إلينا عبر العقود نبض المجتمع الكوردي بخصوصيته، والمجتمع السوري بعموميته. كانت قصصها مرآةً للناس العاديين، تنبض بالصدق والعاطفة،…

خالد حسو

 

ثمة روايات تُكتب لتُروى.

وثمة روايات تُكتب لتُفجّر العالم من الداخل.

ورواية «الأوسلاندر» لخالد إبراهيم ليست رواية، بل صرخة وجودٍ في منفى يتنكّر لسكّانه، وثيقة ألمٍ لجيلٍ طُرد من المعنى، وتشريحٌ لجسد الغربة حين يتحول إلى قَدَرٍ لا شفاء منه.

كلّ جملةٍ في هذا العمل تخرج من لحمٍ يحترق، ومن وعيٍ لم يعد يحتمل الصمت.

فهو لا…