محاولات فاشلة…

فرحان كلش 
حاولتُ أن أكون لصاً
يسرق القش من عش الحمام
لكن حينما جاء الصيف
استظلّ الطائر العاري
بأشلاء الغمام
حاولتُ أن أكون نبياً
على بوابة الخطايا
أعرّيها كلما تنفستْ
وأسقطها على وجه المرايا
ولكن كيف لي أن
أحدّث الله كشاعرٍ
عن عوانس الحرب
يتامى الحرب
أسرى الحرب
فقراء الحرب
مغتصبات الحرب 
وأنا مازلتُ أخالط
الشفاعات الساقطة
بما تيسر لي من غلظ النوايا
حاولتُ أن أكون مقاتلاً
خلف آخر حجر حيّ
من بيتنا المهدم
أسقي دجاجات أمي
المنتشرة كلمبات 
سيارات الإسعاف 
في المدينة المهدمة
وفي الزوايا الخالية
من صوت الثعالب
كلما تعب الرصاص
وتعمّد بعرق السبطانة ونام
وأمسح على شعر القط المشاكس
الذي أحبه أخي الصغير
وهو يحاول الإلتصاق بي
كلما سمع بكائي المتقطع
يتنقل حولي كروح أخرى لي
ويحول خندقي الضيق
بشعره الجميل المتساقط
في برهات الجوع 
إلى ما يشبه المرسم
وأجمع تنهدات أبي الطويلة
الممزوجة برائحة تبغه المعطر
من الفضاء المختل
وأحاول أن أتعلم الحب أكثر
كصامت يعصر جوزة حلقه
كي يتعلم
ولكن حينما يمرّ الأحياء
أشعر بالخجل من الموتى
فأتحول دمعة دمعة
وأنة أنة، إلى قاتل
وهذا القلب الأبيض
يصبح منجم
حاولتُ أن أصبح موديلاً
على الشواطئ الغريبة
أتلطخ بروائح بعناقيد
المُتورَبة في حضور
هذه الرمال الغافية
في ذكريات الأجساد العابرة
منذ أن أُبيح صيد الأوطان
وتلوث الإنسان
أصبحُ عارياً مرة
مخموراً مرة
أبلهاً مرة
صفّيف توابيت مرة
قلّاع ورد مرة
ومرة نازفة أصبح
جسداً مشتعلاً على موان
ولكن كيف لي
أن أرقد أما عينيّ
وأنا السجين الغافل
بل أنا الذي يكبر
في داخلي ألف سجّان

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

دريس سالم

 

«إلى تلك المرأة،

التي تُلقّبُني بربيع القلب..

إلى الذين رحلوا عني

كيف تمكّنْتُ أنا أيضاً على الهروب

لا أريدُ سوى أن أرحلَ من نفسي…».

يفتتح الشاعر الكوردي، ميران أحمد، كتابه «طابق عُلويّ»، بإهداء مليء بالحميمية، ملطّخ بالفَقد، يفتتحه من قلب الفَقد، لا من عتبة الحبّ، يخاطب فيه امرأة منحته الحبّ والحياة، لقّبته «ربيع القلب». لكن ما يُروى ليس نشوة…

علي شمدين

المقدمة:

لقد تعرفت على الكاتب حليم يوسف أول مرّة في أواخر التسعينات من القرن المنصرم، وذلك خلال مشاركته في الندوات الثقافية الشهرية التي كنا نقيمها في الإعلام المركزي للحزب الديمقراطي التقدمي الكردي في سوريا، داخل قبو أرضي بحي الآشورية بمدينة القامشلي باسم ندوة (المثقف التقدمي)، والتي كانت تحضره نخبة من مثقفي الجزيرة وكتابها ومن مختلف…

تنكزار ماريني

 

فرانز كافكا، أحد أكثر الكتّاب تأثيرًا في القرن العشرين، وُلِد في 3 يوليو 1883 في براغ وتوفي في 3 يونيو 1924. يُعرف بقصصه السريالية وغالبًا ما تكون كئيبة، التي تسلط الضوء على موضوعات مركزية مثل الاغتراب والهوية وعبثية الوجود. ومن المميز في أعمال كافكا، النظرة المعقدة والمتعددة الأوجه للعلاقات بين الرجال والنساء.

ظروف كافكا الشخصية…

إبراهيم اليوسف

مجموعة “طائر في الجهة الأخرى” للشاعرة فاتن حمودي، الصادرة عن “رياض الريس للكتب والنشر، بيروت”، في طبعتها الأولى، أبريل 2025، في 150 صفحة، ليست مجرّد نصوص شعرية، بل خريطة اضطراب لغويّ تُشكّل الذات من شظايا الغياب. التجربة لدى الشاعرة لا تُقدَّم ضمن صور متماسكة، بل تُقطّع في بنية كولاجية، يُعاد ترتيبها عبر مجازٍ يشبه…