حوار مع الشاعر السوري محمود زكي

أجرى الحوار: نصر محمد 
في إطار سلسلة الحوارات التي اقوم بها بقصد إتاحة الفرصة أمام المهتمين بالشأن الثقافي والإبداعي والكتابة الأدبية بشكل عام و الذين يعانون من ضآلة المعلومات الشخصية عن أصحاب الإبداعات الثقافية. لذلك فان الحوار معهم يتيح للجميع التعرف عليهم عن قرب وفي هذا اليوم حوارنا مع شاعر خط مساره ونحت اسلوبه في الكتابة الأدبية بصبر واناة وهدوء الحكماء فاتحا اشرعته على انسام  الشرق والغرب. منصتا بدهشة وعمق إلى نهر الحياة. وحفيف الكون ملتزما بقضايا الإنسان الاما وامالا. لغته المخضبة بهناء الشعر  المنتصرة لنبض الإنسان. انه الشاعر الكردي السوري محمود زكي ضيفنا وضيفكم في برنامج ضيف وحوار:
محمود زكي خلف 
مواليد 69
من قامشلي
التحقت بجامعة دمشق كلية الاداب ولم اتابع الدراسة الجامعية للنهاية 
درست متوسط بترول وعملت بشركات النفط 
المحلية في سوريا واحيانا بالشركات الخاصة 
انتقلت للعيش في المانيا في اواخر 2017
بدأت بالكتابة في نهاية الثمانينات 
لي تجارب قليلة في كتابة القصة القصيرة 
ولكني اميل الي كتابة القصيدة النثرية الحديثة 
والومضة 
واحيانا الهايكو 
متأثر جدا بمدرسة محمود درويش نزار قباني رياض صالح الحسين .
وقاماتنا الراقية سليم بركات وشيركو بيكس 
… 
اقتربت من العمل المسرحي بعمل وحيد ولم اتابع فيه. 
ابتعدت عن مكتبتي مما اثر سلبا في مشاريعي في انجاز الدواوين المطبوعة .
في غابر 
العناق 
كانت يداي تلامسان شهقة الرحيل
وانكسارات الخيبة
المتداعية على ارصفة الإنتظار
… 
في غابر 
العناق
وقفت بكل تفاصيلي
مترقبا فراقا لامحال آت
… 
في غابر 
العناق
باغتني المطر …
و رحنا ننهمر كلانا
وفي كلتا 
راحتينا
رسالة ممنوعة من النسيان
 …… محمود زكي……
– بداية أرحب بك وأود لو تصمم بطاقة شخصية تخصك.  وتضع فيها ما تحب أن يعرفه عنك قراءك؟
*محمود زكي مواليد 69 من قامشلي، حاليا في المانيا.
متزوج ، لدي ثلاثة اولاد وبنت .
بدأت بالدراسة  في جامعة دمشق كلية الاداب والعلوم الانسانية ثم دراسة متوسط نفط وحوالي 25 سنة عمل في مجال النفط .
لدي مجموعة لابأس بها من الكتابات النثرية والقصائد لم ترى النور بعد  لظروف المت بأغلبنا . ولكن قريبا ان شاء الله.
– منذ متى وعهد الوفاء قائم بينك وبين قلمك.؟ متى كان التوقيع الأول بحروف ثائرة. والى اي حد يمكن أن نقول ان العلاقة أصبحت متينة؟
*  بدأت العلاقة مع الكتابة  منذ أواخر الثمانينات واعتبر اول قصيدة لي 1989 وماقبلها خربشات. 
العلاقة اصبحت قوية عندما ادركت ان القصيدة تحلق بصاحبها وتفتح له مكامن البوح ومازالت قوية وملاذي في هذا الصخب .
– متى تشعر القصيدة لديك انها ينبغي أن تظهر؟
*  القصيدة يجب أن تظهر كضحكة طفل عفوية غير متكلفة المهم أن يكون لديك الشيء الجديد ان لم يكن ذلك ممكنا فيفضل التوقف حتى نضوج القصيدة وعدم الوقوع في تكرار المحتوى
– كيف يكتسب الشاعر عمق اللغة كما هو واضح في قصائدك. وايهما يشغلك اكثر. اللغة ام تقنية الكتابة؟
* عمق اللغة مهارة  تكتسب عبر القراءة تضاف الى موهبة الكتابة لتظهر جمالية القصيدة والأهم المحتوى لتبرز قصيدة بمعناها الحقيقي… تقنية الكتابة بقالب سلسل اهم من لغة جزلة فالقارئ لا يجب أن يكون حاملا قاموس اللغة حيثما حل
– من خلال متابعتي لصفحتك على الفيس، وجدت بأنك تعتني بفخامة الجملة وصداها. هل هذا مهم لنمط من روح الشعر انت تحسن الكتابة فيه؟
* ضرورة الاعتناء ببناء الجملة لأن جملة واحدة غير مترابطة او مفككة تودي بالقصيدة الى اللاشيء 
فالقصيدة الموزونة إنما يعتمد بحور الشعر ولكن القصيدة النثرية تعتمد على الجمل وأناقة الربط  علما بأني لست راضيا دوما عما اكتبه
– لديك الكثير من القصائد المنشورة في الجرائد والمواقع الإلكترونية. لماذا لم تصدر حتى الآن ديوانك الشعري الأول؟
*  في البداية كان السؤال هل ترتقي هذه الكلمات لمستوى أن يقتنيها شخص ما في مكتبته ؟
ليست القصيدة رصف كلمات وإنما اتقان الى جانب الموهبة… يجب ان لايستعجل الشاعر النشر طالما لديه الافضل . صراحة كان لدي خوف من المتلقي ان تصيبه بخيبة أمل إن لم يكن لديك محتوى جديد ونموج غير ممل  عندما تبلورت لدي قصائد يمكن ان يحتويها ديوان تبعثرنا كقصائدنا كما حالنا الان . ربما قريبا سيكون لي ديوان مطبوع إن سمحت الظروف. 
– إلى جانب كتابة النثر تكتب أيضا الهايكو. كيف عرفت انك من كتاب قصيدة الهايكو وما هو شعورك؟
* معرفتي بالهايكو كما حال الكثير عمرها لاتتجاوز بضع سنين  ولكن مالمسته بالهايكو ليس جديدا .
الهايكو يحتاج براعة للمحافظة على كونها قصيدة . ولكن احس بقيد ما في قصيدة الهايكو  فقد تتلمذت على مدارس مختلفة  طابعها نثري تتيح لك فضاء الاسترسال . وليس كل من كتب ضمن قالب الهايكو  نسميه هايكو…  ربما قرأنا الهايكو عبر مقاطع معينة  في قصائد محمود درويش وشيركو بيكس  وغيرهم بالنهاية الفن بشكل عام والشعر بشكل خاص روافد تلتقي في مجرى الابداع
– مارأيك بالغموض الذي يجعل بعض النصوص الشعرية  تستغلق على القارئ.؟ هل انت واضح في قصائدك؟ وهل طالتك انت ايضا هذه التهمة.. الغموض.. ؟
* انا لا احب الغموض أينما كان اميل الى السلاسة وقوة القصيدة أن تصل بأسلس لغة كما عند الشاب الراحل رياض صالح الحسين  من يلجأ الى الغموض ربما ليس متعمدا ربما لا يستطيع ان يوصل الفكرة دون ذلك حسب اعتقادة . البعض يعتقد ان الغموض صفة القصيدة وهذا خطأ . احاول ان اكون واضحا بعيدا عن الغموض ومن يقرأ يحكم على ذلك.
– الشاعر محمود زكي يكتب بصوت عال. ولكني اراك في طبيعتك ميالا إلى الهدوء الصامت دوما. ماتفسير هذا في تجربتك الشعرية؟
* ما لانستطيع بلوغه نوكله للقصيدة. القصيدة تتألم عوضا عنا لذا فهي تصرخ ياصديقي.
– لمن نكتب الشعر. هل لنكون. ام ليولد فينا تكوينا غير هذا المكون اليومي. وما هي رسالته بالضبط كما تراها انت؟
* نكتبها للناس وللطبيعة وللارض والقصيدة حينا  نحن نحتاجها ربما نكتبها لأنفسنا الا تتفقون معي كم قصيدة كتبناها واحتفظنا بها لأنفسنا . والقصيدة حينا بوح معلن، وللقصيدة قوة تكسر الحواجز لتبلغ مداها فالقصيدة رسالة تحتاج الى متلقي
– في ظل العقبات التي تواجه الكثير من المبدعين. لطباعة اعمالهم. مارأيك في النشر عبر مواقع التواصل الاجتماعي؟ وما أبرز ايجابياته وسلبياته؟
* النشر الألكتروني سهل النشر سريع الوصول ولكنها تحط من قيمة العمل الابداعي لمن يحس بحميمية تقليب الصفحات وعناق الكتاب بالإضافة الى السرقات الادبية التي تكون عبر صفحات التواصل شائعة وبهذه المناسبة اقترح توثيق الاعمال التي تستحق لنحافظ ولو على الجزء اليسير من الملكية الفكرية
– ماذا يمنحك هؤلاء .. محمود درويش.. نزار قباني.. رياض صالح الحسين.. سليم بركات .. شيركو بيكس .. القامشلي؟
* محمود درويش صرخة القصيدة ونزار فهمته كما افهمني وبر الكشمير رياض صالح الحسين كعنوانه  بسيط كالماء سليم بركات احسسته يكتب معركتي مع الجندب وعشق بريفا وسلالات اللغة الجامحة تمتد لعشق عامودا، شيركو بيكس ولأن البعض من الاخوة ربما ليسو على دراية سأهديكم قصيده :
تأملوا معي هذه القصيدة ل شيركو بيكس 
فَردةُ جَورَبْ
بَقِيَتْ فَردةٌ من الجَوارب لوحدها
بعدما أَخذت زوبعة الخريف زوجَها بعيداً
فقالَ لهُ الطّنَبُ بصوتٍ عالٍ:
“هذه كانتْ نهايتَكُما
منذُ الآنَ فَصاعداً
لن يُريدَكُما أَحدْ
ولَنْ تَقْدُرا العَيش فُرادى”.
لكنّ الحالَة لم تَكُنْ كهذه
لأنّه وفي إحدى ضواحي المدينة
وجدَ شابٌ يافعٌ فردةَ الجَورَبِ
فوضع عُكّازَتَه على صخرةٍ جانباً
وارتَدَاها
وشكَرتْهُ الساقُ الوحيدةُ
من صميمِ فُؤادِها…
– في نهاية هذا الحوار ماذا تتحفنا من قصائدك مع كلمة ختامية؟
* في نهاية هذا اللقاء الممتع مع الاستاذ نصر اشكر كل الاخوة الزميلات والزملاء لسعة الصدر واعتذر ان كنت قد اطلت. لا احب ان اكون في موقع المحاضر فأنا مازلت منكم اتعلم. وتقبلوا مني هذه القصيدة: 
اشتهي 
ظلاً 
يسرقني 
من عين الشمس 
كي لايتعثر بيَّ شبح الهاربين 
فتوقظ أصابعي المالحة 
( لندع الأحلام تستقر في هزيع الصمت)
… 
أشتهي 
عتمة لاتشي برقصتي 
فأنا كالغصن العاري 
ومن حولي ألف فأس وحطاب. 
( الليل صديقي ولن يشي بي)
الأصدقاء لايخونون… ! 
هكذا كتبت في كل قصائدي.
… 
أشتهي 
أن تطرق هيفي بابي 
فأفتحه خلسة 
( كم أمقت زعيق الباب)
الباب في قبضة الريح
والنهار أوشك ان يلج مفتاحة 
في صدري… 
… 
أشتهي حلما 
على مد الذاكرة 
(الذاكرة أطول من المسافة)
كل هذا البعد 
وأكاد أن المس قصائدي التي نُسِجَت هناك.
… 
محمود زكي

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

إبراهيم أمين مؤمن

قصدتُ الأطلال

بثورة من كبريائي وتذللي

***

من شفير الأطلال وأعماقها

وقيعان بحارها وفوق سمائها

وجنتها ونارها

وخيرها وشرها

أتجرع كؤوس الماضي

في نسيج من خيال مستحضر

أسكر بصراخ ودموع

أهو شراب

من حميم جهنم

أم

من أنهار الجنة

***

في سكرات الأطلال

أحيا في هالة ثورية

أجسدها

أصورها

أحادثها

بين أحضاني

أمزجها في كياني

ثم أذوب في كيانها

يشعّ قلبي

كثقب أسود

التهم كل الذكريات

فإذا حان الرحيل

ينتبه

من سكرات الوهم

ف

يحرر كل الذكريات

عندها

أرحل

منفجرا

مندثرا

ف

ألملم أشلائي

لألج الأطلال بالثورة

وألج الأطلال للثورة

***

عجبا لعشقي

أفراشة

يشم…

قررت مبادرة كاتاك الشعرية في بنغلادش هذه السنة منح جائزة كاتاك الأدبية العالمية للشاعر الكردستاني حسين حبش وشعراء آخرين، وذلك “لمساهمته البارزة في الأدب العالمي إلى جانب عدد قليل من الشعراء المهمين للغاية في العالم”، كما ورد في حيثيات منحه الجائزة. وتم منح الشاعر هذه الجائزة في ملتقى المفكرين والكتاب العالميين من أجل السلام ٢٠٢٤…

ابراهيم البليهي

لأهمية الحس الفكاهي فإنه لم يكن غريبا أن يشترك ثلاثة من أشهر العقول في أمريكا في دراسته. أما الثلاثة فهم الفيلسوف الشهير دانيال دينيت وماثيو هيرلي ورينالد آدمز وقد صدر العمل في كتاب يحمل عنوان (في جوف النكتة) وبعنوان فرعي يقول(الفكاهة تعكس هندسة العقل) وقد صدر الكتاب عن أشهر مؤسسة علمية في أمريكا والكتاب…

عبدالرزاق عبدالرحمن

مسنة نال منها الكبر…مسكينة علمتها الزمان العبر..

بشوق وألم حملت سماعة الهاتف ترد:بني أأنت بخير؟ فداك روحي ياعمري

-أمي …اشتقت إليك…اشتقت لبيتنا وبلدي …لخبز التنور والزيتون…

ألو أمي …أمي …

لم تستطع الرد….أحست بحرارة في عينيها…رفعت رأسها حتى لا ينزل دمعها،فقد وعدت ابنها في عيد ميلاده الأخير أن لا تبكي ،وتراءى أمام عينيها سحابة بيضاء أعادتها ست سنوات…