ثقافة الموبايل بين السالب والموجب

حواس محمود 
الموبايل – الهاتف الخلوي – جهاز صغير من مفرزات التكنولوجيا الجديدة ، هو تلفاز وسينما وكتاب ودفتر وفيديو وتلفون وبرامج التواصل الاجتماعي الفيسبوك والتويتر واليوتيوب في آن معا ، الموبايل من حيث المبدأ جهاز لطيف محايد لا علاقة له بالفساد او الخلاعة او الإدمان وكل الاستخدامات السلبية التي يلجأ اليها الشاب والمراهق والطفل وأيضا البالغ ، لكن في نفس الوقت هو جاهز لاستقبال كل السلبيات من ثقافة جنسية خليعة ، واليوتيوبات والفيديوهات والألعاب الخطيرة الضارة خاصة بالطفل ، والبرامج الضارة بالنشئ الجديد ، وهو أيضا ضار اذا ادمنه الطفل والشاب والكهل ،
 اذن هناك أمور أخرى غير مرئية في علاقة الانسان بالموبايل ، انها البنية الاجتماعية والفكرية لمستخدم الموبايل ، نحن لم ننتج الموبايل كتقنية ، لكننا نستخدمه كسلعة مستوردة بكل مايحمله من مخاطر مضمونية أي في المحتوى ، أي نحن مستهلكون له لا منتجون ، رغم ادعاءنا اننا خدمنا الغرب في القرون الوسطى بمخترعاتنا وعلومنا وتقنياتنا في ذلك الزمن ، نحن لم ننتح التقانة كما فعل اليابانيون عندما ارسلوا وفود علمية خاصة خصيصا للغرب لكي يتعلموا التقنية في مواطنها الاصلية ، ونجحوا في مسعاهم هذا ، هذا يطابق المثل الصيني القائل علمني الصيد ولا تمنحني السمك ، اليابانيون استطاعوا ان يتعلموا الصيد التكنولوجي – ان جاز التعبير – ولم يستهويهم اخذ السمك – والسمك هنا هي التقنية .
نحن نستخدم تقنية لا تتناسب ومستوانا العلمي والحضاري رغم اننا ندعي اننا نمثل القيم والروحانيات التي يفتقدها الغرب ، لكن كل تقنية تتناسب مع المجتمع الذي انتجها ، وطالما نحن لم ننتح الموبايل فلا يمكن ان نستخدمه بتوازن قيمي وتوازن ثقافي وتوازن حضاري ، مهما حاولت الاسرة مراقبة اطفالها وشبابها وهم يستخدمون الموبايل ليل نهار ، فانها لن تتمكن من فرض رقابة قيمية مناسبة ، كما ان هناك نقطة أخرى في هذا الموضوع ، وهي كيف سيكون الموبايل إيجابيا لمجتمعاتنا  في ظل غياب البرامج الهادفة والناصحة للجيل الناشئ سواء في التعليم والصحافة او الفضائيات ، ها هي الفضائيات موجودة في كل مكان اين برامحها الثقافية التنويرية ؟ ، انها تابعة لأجندة اقتصادية سياسية لا تخدم العملية الثقافية في المجتمعات العربية لا من قريب ولا من بعيد .
كما ان مجتمع الموبايل ” يفتح ابوابه على مصاريعها ل ” ثقافة ” متممة مكملة هي ثقافة ” الفيديو كليب ” التي يفتتح لها كل يوم ، محطة فضائية جديدة ، وبعض هذه المحطات التي تشبه ” محطات البنزين ” لجهة الرائحة التي يفوح منها ، هي ” الدعارة ” وقد لبست لبوس الغناء والموسيقى والرقص والشعر ..لتدخل بيوتنا من أوسع أبوابها ، ولتبتني لها ” ثقافة ” في عقول وقلوب المراهقين والشباب من افراد عائلاتنا ” – جواد البشتي – ثقافة الموبايل 31-8-2008
الموبايل لعب دورا في تغذية الطائفية والعنصرية وعمليات الاغتيال وبخاصة في بيئات تتنشط فيها ثقافة الطائفة والعشيرة والانتماءات المناطقية كالعراق مثلا ، اذ تم استخدام الموبايل في كل ما هو تدمير للإنسان والمجتمع وبخاصة بعد الاحتلال الأمريكي للعراق عام 2003 وانتشار المناخات الطائفية وتغذيتها من قبل أنظمة شمولية دكتاتورية كالنظام السوري وأنظمة تيوقراطية استبدادية كالنظام الإيراني بمباركة أمريكية وغربية .
كما أن الموبايل يستخدم في الخطب التحريضية لجماعات متطرفة وطائفية ، ويستخدم الموبايل للترويج لعمليتها العنفية والمسلحة ، كما ان الحكومات تمارس من خلال الموبايل رقابات امنية وتتدخل في خصوصيات الافراد في كل مكان .
نادرون هم من يستخدمون الموبايل فقط في تسيير امورهم واجراء اتصالات عبر الواتس والفايبر وغيرها من البرامج الخدمية الاتصالية ، يمكن للمرء ان يشاهد فيديو أمسية شعرية في الموبايل ويمكن ان يشاهد فيديو او فلم عنف او فلم جنس وهكذا ، المطلوب يقظة فكرية ومحاضرات وبرامج تناقش اضرار استخدام الموبايل في الاتجاهات السلبية وذلك من خلال الموبايل نفسه بسماع يوتيوبات وفيديوهات تتحدث عن الطرائق المثلى في استخدام الموبايل نفسه او عن طريق الفضائيات او عن طريق برامج التواصل الاجتماعي المتعددة .
لا يمكن ان نقول الموبايل ضار بالثقافة الجادة مثلاً لكن يمكن القول ان استخدامنا السلبي ضار بهذه الثقافة اقله في الوقت الراهن .
……………………………………………………………………

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

أ. فازع دراوشة| فلسطين

المبيّض أو كما يلفظ باللهجة القروية الفلسطينية، ” المبيّظ”. والمبيض هذا كريم الذكر لا علاقة له قدّس الله سره بالبيض.

لم أره عمري، ولكن كنت في أوائل الابتدائية (الصف الاول والثاني) وكان يطرق سمعي هذا المسمى، علمت أنه حرفي ( صنايعي) يجوب القرى أو يكون له حانوت يمارس فيه حرفته. يجوب القرى، وربما…

مسلم عبدالله علي

بعد كل مناقشة في نادي المدى للقراءة في أربيل، اعتدنا أن نجلس مع الأصدقاء ونكمل الحديث، نفتح موضوعاً ونقفز إلى آخر، حتى يسرقنا الوقت من دون أن نشعر.

أحياناً يكون ما نتعلمه من هذه الأحاديث والتجارب الحياتية أكثر قيمة من مناقشة الكتب نفسها، لأن الكلام حين يخرج من واقع ملموس وتجربة…

أحمد جويل

طفل تاه في قلبي
يبحث عن أرجوحة
صنعت له أمه
هزازة من أكياس الخيش القديمة……
ومصاصة حليب فارغة
مدهونة بالأبيض
لتسكت جوعه بكذبة بيضاء
……………
شبل بعمر الورد
يخرج كل يوم …..
حاملا كتبه المدرسية
في كيس من النايلون
كان يجمع فيه سكاكرالعيد
ويحمل بيده الأخرى
علب الكبريت…..
يبيعها في الطريق
ليشتري قلم الرصاص
وربطة خبز لأمه الأرملة
………
شاب في مقتبل العمر
بدر جميل….
يترك المدارس ..
بحثا…

مكرمة العيسى

أنا من تلك القرية الصغيرة التي بالكاد تُرى كنقطة على خريطة. تلك النقطة، أحملها معي أينما ذهبت، أطويها في قلبي، وأتأمل تفاصيلها بحب عميق.

أومريك، النقطة في الخريطة، والكبيرة بأهلها وأصلها وعشيرتها. بناها الحاجي سليماني حسن العيسى، أحد أبرز وجهاء العشيرة، ويسكنها اليوم أحفاده وأبناء عمومته من آل أحمد العيسى.

ومن الشخصيات البارزة في مملكة أومريك،…