حنين

ريوان ميراني
كان المساءُ حزيناً كوجهكِ
عندما كنت وحيداً
في قطارٍ مسرعٍ كالعمر
وهو يمر ببازل*
هطل المطر خفيفاً حينها
أشجارُ الكرز أرتعشت
ونثرت ماتبقى من أوراقها
تحت أقدام العاشقين
أرتقت الأوراق شهيدةً
شاهدتُ ذلك بسعادة
والعصافير طفقت تسافد بعضها بشغف
على الأغصان العارية
والأضواء الشاحبة
ترامت على أكتاف الطريق خافتةً
وأما قلبي،
فكان يُخترق بخناجر الحنين اليكِ
دخلتُ نفقاً وأنا أفكر بكِ..
خرجت النفق وأنا أفكر بكِ..
رأيت الراين* يجري أزلياً، عميقاً
تذكرتُ جريانكِ في عروقي
لا جبال جورا* المثناثرة تثير إنتباهي
ولا الحسناء الشهية التي تجلس أمامي
في هذا القطارٍ المسرعٍ كالعمر
وهي تدقق بشهوةٍ في لحيتي الشقراء
ترى ماذا يقول العُشَّاق في هذهِ البلاد
وهم يلتقون في هذهِ المقاهي الجميلة؟
هل قال أحدهم يوماً ما لحبيبتهِ،
مثلما قلت لك ذات مساء في قريتنا:
“عزيزتي بيلا!
عندما أراد الإله أن يعرفني بنفسه،
عرفني عليكِ!”
__________________________________
* (بازل، Basel): مدينة سويسرية، تقع على حدود الألمانية والفرنسية.
* (الراين، Rhein): هو نهر في أوروبا يمر عبر سويسرا، فرنسا، ألمانيا، ليختنشتاين وهولندا. 
* (جورا، Juragebirge): سلسلة جبال تقع بين فرنسا وسويسرا.

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

خالد بهلوي

بحضور جمهور غفير من الأخوات والإخوة الكتّاب والشعراء والسياسيين والمثقفين المهتمين بالأدب والشعر، أقام الاتحاد العام للكتّاب والصحفيين الكُرد في سوريا واتحاد كردستان سوريا، بتاريخ 20 كانون الأول 2025، في مدينة إيسين الألمانية، ندوةً بمناسبة الذكرى الخمسين لرحيل الأديب الشاعر سيدايي ملا أحمد نامي.

أدار الجلسة الأخ علوان شفان، ثم ألقى كلمة الاتحاد الأخ/ …

فراس حج محمد| فلسطين

لست أدري كم سيلزمني لأعبر شطّها الممتدّ إيغالاً إلى الصحراءْ
من سيمسك بي لأرى طريقي؟
من سيسقيني قطرة ماء في حرّ ذاك الصيف؟
من سيوصلني إلى شجرة الحور والطلع والنخلة السامقةْ؟
من سيطعمني رطباً على سغب طويلْ؟
من سيقرأ في ذاك الخراب ملامحي؟
من سيمحو آخر حرف من حروفي الأربعةْ؟
أو سيمحو أوّل حرفها لتصير مثل الزوبعة؟
من سيفتح آخر…

حاوره: طه خلو

 

يدخل آلان كيكاني الرواية من منطقة التماس الحاد بين المعرفة والألم، حيث تتحوّل التجربة الإنسانية، كما عاينها طبيباً وكاتباً، إلى سؤال مفتوح على النفس والمجتمع. من هذا الحدّ الفاصل بين ما يُختبر في الممارسة الطبية وما يترسّب في الذاكرة، تتشكّل كتابته بوصفها مسار تأمل طويل في هشاشة الإنسان، وفي التصدّعات التي تتركها الصدمة،…

إبراهيم أبو عواد / كاتب من الأردن

لَيْسَ الاستبدادُ حادثةً عابرةً في تاريخِ البَشَرِ ، بَلْ بُنْيَة مُعَقَّدَة تَتكرَّر بأقنعةٍ مُختلفة ، وَتُغَيِّر لُغَتَهَا دُونَ أنْ تُغيِّر جَوْهَرَها . إنَّه مَرَضُ السُّلطةِ حِينَ تنفصلُ عَن الإنسانِ ، وَحِينَ يَتحوَّل الحُكْمُ مِنْ وَظيفةٍ لِخِدمةِ المُجتمعِ إلى آلَةٍ لإخضاعه .

بَيْنَ عبد الرَّحمن الكواكبي (…