من دمشق إلى عمان(أوجاع كردي) (2)

 

سيامند ابراهيم*

استمتعنا في تلك الأمسية في مدينة عمان بعرس كردي رائع حيث غنى فيه فنانون أكراد من عفرين والجزيرة, وتبدد شيئا فشيئاً كابوس أيام الغربة في مدينة قاحلة, لا توازي  بيروت في شيء, وبرغم المبنى الجميل لجمعية صلاح الدين الأيوبي  في عمان, وكان المرحوم الأستاذ علي سيدو الكوراني وهو مؤلف (القاموس الكردي الحديث) قد تبرع بقطعة أرض في غرب عمان للجمعية الكردية,  فقام أعضاء الجمعية ببيع هذه القطعة, واشتروا قطعة أجمل وفي منطقة أرقى ألا وهي (تلاع العلي) وهي من مناطق عمان الغربية الراقية, وبنوا أرقى صالة للأعراس وسموها (صالة نوروز للأفراح), وهي تؤجر ب ألف دولار تقريباً يومياً في موسم الأعراس, وقد صمم بنائها المهندسون الأكراد والصالة هي بدون أعمدة  وهي تتسع لأربعمائة  شخص, وتوجد فيها مسرح, ومكتبة كردية, وخلال زياراتي لعمان زودت مكتبتهم بعشرات الكتب الكردية
وهناك تعرفت على الكاتب والباحث الكردي الأردني (محمد علي صويركلي) وهو شاب يتقد حماس وحباً لوطنه الأصلي كردستان, وكان يبث لي لوا عج وآهات قلبه المفعم حباً لتلك الديار الخالدة في (كردستان تركيا) وهذا الباحث درس التاريخ في الجامعة الأردنية على حساب الجمعية الكردية في عمان, وهو عضو في اتحاد الكتاب الأردنيين, وله عدة كتب و مؤلفات تبحث في التاريخ الأردني وتاريخ تواجد الأكراد في الأردن وقد نشر عدة مقالات في الجرائد الأردنية كالدستور, الرأي, والعرب اليوم, وكنا نذهب لزيارة المرحوم عبدا لرحمن الكردي, وهو بالأصل من ( عشيرة الكيتكان في دشتا سروجي, وهذ الأخير يملك مكتبة قوامها 16000 ألف كتاب, وهو شديد البخل في كل شيء في حياته,  وبناته غير مهذبات ويعشن في أمريكا, ويتصفن بالغرور والكبرياء,  وعندما كنا  نتصل و نسأل عن أحوال وصحة والدهم المريض, كانوا يتأففون من اتصال الناس بهم , وكذلك كان يشتكي منهم صديقي الكاتب الكردي الأردني محمد علي الصويركي, وأحيانا كنا نشرب عنده القهوة الألمانية الفاخرة , وآخر مرة زرته أنا وصديقي الباحث في سنة 1998 ثم ودعناه في عمان, واتجهنا إلى مدينة إربد المتاخمة للحدود السورية, وقد استضافني الأستاذ محمد علي الصويركي  في بيته ونمنا عنده ليلة ممتعة, قضيناها في الحديث عن الأدب الكردي ومستقبل الأكراد, و منزله يقع في المنطقة الصناعية بإربد, هذا وقد كان أهداني هذه القصيدة البسيطة المعبرة عن حبه لوطنه الأول كردستان وهذ نصها الذي أحتفظ بها إلى هذا اليوم,
أوجاع كردي
على ضفاف أنهار السواقي
 جلسنا
تذكرناك يا كردستان
فبكينا…
وحلفنا شلت أيادينا إذا
نسيناك….
***
آه يا وطني السليب:
كم أنا حزين في بلاد
 الشتات؟
لأن كل شعوب العالم لها:
جوازات سفر, وشهادات
نفوس, ورايات؟.
ولأن كل شعوب الأرض لها:
أوطان وأناشيد ترددها
التلاميذ في الساحات؟
حتى الثعلب له وكره
ولليمامة عشها
ولكل شعب وطنٌ
إلا الكردي
فليس عنده سوى
قبره؟!
**    **
آه يا كردستان
كم أتوجع في أرض الشتات؟
لآن الأوغاد مزقوا أوصالك
وسرقوا مياه أنهارك؟
ونفطك
وحتى أصواف خرافك
***     ***
ورغم كلُ الآلام
فالمستقبل آت
ووطن جميلٌٌ
له راية,
خفاقة على قمم آرارات
***       ***
أما إذا لفني الردى
ولم أر فيك يا كردستان
الوطن؟
وضاع الحلم والأمل
فاعلموا أن روحي
لن تسعد هناك؟…
وفي صباح يوم الجمعة 19 شباط 1998, جاء معي إلى محطة دمشق لسيارات الأجرة وودعني  بحرارة ودموع على أمل اللقاء مجدداً
………………….
 كاتب وشاعر كردي سوري

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

عبد الستار نورعلي

أصدر الأديب والباحث د. مؤيد عبد الستار المقيم في السويد قصة (تسفير) تحت مسمى ((قصة))، وقد نشرت أول مرة ضمن مجموعة قصصية تحمل هذا العنوان عن دار فيشون ميديا/السويد/ضمن منشورات المركز الثقافي العراقي في السويد التابع لوزارة الثقافة العراقية عام 2014 بـحوالي 50 صفحة، وأعاد طبعها منفردة في كتاب خاص من منشورات دار…

فدوى كيلاني

ليس صحيحًا أن مدينتنا هي الأجمل على وجه الأرض، ولا أن شوارعها هي الأوسع وأهلها هم الألطف والأنبل. الحقيقة أن كل منا يشعر بوطنه وكأنه الأعظم والأجمل لأنه يحمل بداخله ذكريات لا يمكن محوها. كل واحد منا يرى وطنه من خلال عدسة مشاعره، كما يرى ابن السهول الخضراء قريته كأنها قطعة من الجنة، وكما…

إبراهيم سمو

فتحت عيوني على وجه شفوق، على عواطف دافئة مدرارة، ومدارك مستوعبة رحيبة مدارية.

كل شيء في هذي ال “جميلة”؛ طيبةُ قلبها، بهاء حديثها، حبها لمن حولها، ترفعها عن الدخول في مهاترات باهتة، وسائر قيامها وقعودها في العمل والقول والسلوك، كان جميلا لا يقود سوى الى مآثر إنسانية حميدة.

جميلتنا جميلة؛ اعني جموكي، غابت قبيل أسابيع بهدوء،…

عن دار النخبة العربية للطباعة والتوزيع والنشر في القاهرة بمصر صدرت حديثا “وردة لخصلة الحُب” المجموعة الشعرية الحادية عشرة للشاعر السوري كمال جمال بك، متوجة بلوحة غلاف من الفنان خليل عبد القادر المقيم في ألمانيا.

وعلى 111 توزعت 46 قصيدة متنوعة التشكيلات الفنية والجمالية، ومتعددة المعاني والدلالات، بخيط الحب الذي انسحب من عنوان المجموعة مرورا بعتبة…