“إفتحوا الأرضَ والسماءَ، افتحوا الكونَ، سيقتلنا الضيق”(قُصاصة وُجدتْ بينَ أوراق المسرحيّ السوريّ فواز الساجر)

 عبداللطيف الحسيني
نسيناه نحن الذين أحيينا أربعينيّته وذكراه الأولى في المركز الثقافيّ في مدينتنا الميّتة الآن، التي كانتْ موّارة عامي (1988 و1989) بالنشاط الثقافيّ والفنيّ. أقصدُ قبلَ أنْ يُهجَّرَ الكثيرون من الكتاب والفنانين من هنا إلى فيافي الدنيا. حيث اتفقنا (أنا ومجموعة من الكتاب والفنانين) على أنْ نحتفيَ بفواز الساجر بطريقتنا الخجولة- لكن العميقة أيضًا.
لم نحضرْ عرضاً مسرحياً له، ولم نلتقِ به، ولم نحاول لقاءَه، لكنّا أحسسْنا بأنه سيخاطبُنا بعدَ عشرات السنين وسيتنبأُ بحياتنا التي باتت مبتهجة بالآلام، حتى بتنا لا نحسّ بالأوجاع المتراكمة من كثرة ما مُلئـتْ بها. بتنا قساة. لم نعدْ نبالي حتى بأدقِّ تفاصيل حياتنا التي لم تعدْ لنا ذات قيمة من عنف الصدمات المتلاحقة. لا المتتالية فقط.
 كانَ فواز الساجر يريدُ مسرحا حقيقياً يقومُ على أنقاض ما عندنا من الهشاشات المسرحية والفكرية، وهو الذي أتى بثورة تدريب الممثل من موسكو إلى المسرحي السوري، وكان سعد الله ونوس مَنْ قيّم فنَّ الساجر بأنه نقل المسرحَ السوري من مرحلة الإخراج المنفذ إلى الإخراج المبدع، وأنه “حرّر قدرة الممثل”.
كان الساجر على يقين بقدرة الممثل السوريّ على تحريره من التقليد. مَنْ درّسهم الساجر فنَّ تدريب الممثل باتوا الآنَ يمثلونَ المسرحَ السوريَّ في أبهى نسخته السورية والعربية.
الضيقُ الذي كانَ يعنيه الساجر هو هذا الضيق مُلاحقا الحياة الثقافية والفنية، حتى باتتْ كسيحة وتُلقي بعدوى مرضها وموتها على كلِّ شيءٍ؛ فما معنى أن تخلو حياتنا من المسرح والموسيقا؟ وكلاهما يمنحانَ المرءَ الصلدَ ذوقا للتعامل مع الأشياء بمرونة وحبٍّ؟ حين تخلو الحياة من المسرح والموسيقا تكونُ أشبهَ بنبتٍ صحراويّ جافٍّ- بل هي النبتُ الصحراويُّ الجافُّ والميتُ معًا، ولن تعودَ حياتنا إلى النموِّ إلا بعدَ أنْ تزدحمَ بالفن.
فواز الساجر أخرجَ خاتمة أعماله وأسماها “أهل الكهف” ليقينه بأننا سنعي ما معنى الكلمتين.

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

أصدرت منشورات رامينا في لندن رواية “مزامير التجانيّ” للجزائريّ محمد فتيلينه الذي يقدّم عملاً سردياً معقّداً وشاسعاً يتوزّع على خمسة أجزاء، تحمل عناوين دالّة: “مرزوق بن حمو، العتمة والنور، الزبد والبحر، الليل والنهار، عودٌ على بدء. “.

في رحلة البحث عن الملاذ وعن طريق الحرية، تتقاطع مصائر العديد من الشخوص الروائية داخل عوالم رواية “مزامير التجاني”،…

الترجمة عن الكردية : إبراهيم محمود

تقديم : البارحة اتحاد الكتاب الكُرد- دهوك، الثلاثاء، 8-4- 2025، والساعة الخامسة، كانت أربعينية الكاتبة والشاعرة الكردية ” ديا جوان ” التي رحلت في ” 26 شباط 2025 ” حيث احتفي بها رسمياً وشعبياً، وبهذه المناسبة وزّع ديوانها: زكاة الحب Zikata evînê، الصادر عن مركز ” خاني “للثقافة والإعلام، دهوك،…

فواز عبدي

 

في نقّارة، قريتي العالقة في زاوية القلب كقصيدة تنتظر إنهاء قافيتها، لم يكن العيد يأتي… بل كان يستيقظ. ينفض الغبار عن روحه، يتسلل من التنّور، من رائحة الطحين والرماد، من ضحكةٍ انبعثت ذات فجرٍ دافئ ولم تعد ، من ذاكرة عمّتي نوره التي كانت كلما نفخت على الجمر اشتعلت معها الذكريات..

تنّورها الطيني الكبير، ذاك…

شكري شيخ نبي ( ş.ş.n)

 

والنهد

والنهد إذا غلا

وإذ اعتلى

صهوة الثريا وابتلى… ؟

فما ضل صاحبك

ولا جرى في الغوى… !

 

والنهد

اذا علا

حجلين اضناهما

الشرك في اللوى

او حمامتين

تهدلان التسابيح في الجوى… ؟!

 

والنهد

اذا غلا

عناقيد عنب

في عرائش السما… ؟

توقد الجلنار

نبيذا في الهوى… !

 

والنهد

اذا غلا

وإذ اعتلى صهوة الثريا والنوى

تنهيد في شفاه التهنيد…؟

كالحباري

بين مفاز الصحارى

اضناه

مشاق اللال والطوى… !

 

والنهد

اذا علا

وإذ اعتلى كالبدر وارتوى… ؟

فما ضل صاحبك

ولا وقع في شرك…