برية ماردين والبحث عن بعض خفاياها

 كونى ره ش
ان ما اكتبه احياناً حول الجزيرة وبرية ماردين تحديداً، تعود لسببين اثنين: الأول؛ كوني ابن هذه المنطقة ولدت بإحدى قراها واحبها حتى النخاع.. والثاني؛ بقائها مغبوناً تاريخياً، لم تأخذ حقها من الدراسات والبحوث كما يجب.. مع انها مهد الحضارات الإنسانية.. ولم يبق شعب من شعوب المنطقة الا ومر عبرها او عاش فيها.. وهنا اسأل نفسي، لماذا لا اكتب عنها وعن تاريخها وشعوبها، وتسليط الضوء على بعض خفاياها المنسية، بقدر استطاعتي في هذا المجال وانا ابن هذه المنطقة؟ ضمن هذا الإطار تأتي بعض كتاباتي احياناً.. 
*         *          *
  برية ماردين جزء من بلاد ما بين النهرين (ميزوبوتاميا). وأول من اطلق كلمة (ميزوبوتاميا (Mezopotamia/  على بلاد ما بين النهرين هو المؤرخ اليوناني (يوليبوس: 202-120 ق. م). وقد اطلق هذا الاسم على المنطقة الواقعة بين نهري الدجلة والفرات. لاحقاً ترجمة الكلمة الى العربية: (بلاد ما بين النهرين). قد تكون مأخوذة من كلمة (مزرا بوتان/ Mezra Botan) الكوردية..؟ 
*         *          *
  في برية ماردين، المنطقة الواقعة بين قامشلي عامودا، العديد من القرى التي تبدأ بكلمة (هرم)، مثل: (هرم شيخو، وهرم شرو، وهرم ره ش، وهرم جمو، وهرمى حسن، وهرمى عربا، وهرمى كرنكا، وهرمى ريخي، وسى هرمكا..). قد يوجد اسماء أخرى في بعض الأماكن المتفرقة من برية ماردين وتحمل كلمة (هرم)، لم اتحقق من مواضعها.. اعتقد ان كلمة (هرم), تعني الأطلال أو الخرائب.. وهذه القرى قديمة جداً، وكانت موجودة قبل غزوة تيمورلنك… فمن لديه اسماء اخرى؟
*         *          *
  وفي برية آشيتا، المنطقة الواقعة بين القامشلي ورميلان، المنطقة المعروفة بـ (آليان)، العديد من القرى التي تبدأ بكلمة (آل او آلا)، مثل: (آلا رشا، وآلا قوسي، وآلا بدران (المعربة الى “علي بدران”)، وآلا قمشي (وهذه الاخيرة واقعة في الطرف الاخر من الحدود، ومعروفة بمجزرتها الشهيرة عام 1926م، على يد الكماليين وراح ضحيتها اغلب سكان القرية الابرياء..). قد يوجد قرى أخرى في بعض الأماكن المتفرقة من برية آشيتا تحمل كلمة (آل)، لم اتحقق من مواضعها.. وحتى كلمة “آليان” تدخل ضمن هذا النطاق والسياق.. اعتقد ان كلمة (آل او آلا), تعني العلم أو الراية.. وهذه المنطقة كانت تدار تحت راية الامير بدرخان بين اعوام 1842-1847م، اثناء اعلان إمارته في جزيرة بوتان.. وبظاهر منطقة آليان قمة جبلية باسم (إلم)، اهالي المنطقة يقسمون بها في الشدائد.. وهذه القرى قديمة جداً، فمن لديه اسماء اخرى؟
*         *          *
  العمامة الكوردية في برية ماردين: وكان لبس العمامة (الكوم والكولوز)، لدى الكورد في برية ماردين رمز للهوية الكوردية، او كما يقال (تيجان الكورد)، لجميع كورد كوردستان.. اتذكر، قبل عقود من الزمن، كان معظم اهالي قريتنا (دودا)، يعتمرون العمامة على الرأس، هذه العمامة التي يقال لها بالكوردية (كوم وكولوز). والعمامة تسمى (كولوز)، هو ما يلف على طاقية صوفية تسمى (كوم)، عدة لفات سواء كان تحتها طاقية أم لا..  والعمائم الكوردية تتنوع من حيث الألوان والربط من منطقة إلى أخرى ومن عشيرة إلى أخرى.. وآخر من كنت اعرفهم ويعتمرون الكوم والكولوز في القامشلي نزير آغا الأومري وحسين آغا اسعد ومحمد جميل سيدا وجميل آغا حاجو، وكريفي محمد عليكا وغيرهم.. والعديد من رجالات عشيرة أومريان في حي قدور بك.. مع الاسف الشديد افل نجم العمائم الكوردية في برية ماردين وما حولها..
*         *          *
  اتطرق في الحكم والامثال الكوردية التي انشرها احياناً الى العادات والتقاليد الموجودة في برية ماردين، والتي تناقلت من جيل الى جيل بصورة شفاهية الى يومنا هذا.. لأنها تدل الى النصائح القيمة وتبرهن الى سعة لغتنا الجميلة وعراقة تاريخنا المنسي في برية ماردين..!
 
 القامشلي 17/12/2020

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

إبراهيم محمود

 

تلويح خطي

كيف لرجل عاش بين عامي” 1916-2006 ” وفي مجتمع مضطرب في أوضاعه السياسية والاجتماعية، أن يكون شاهداً، أو في موقع الشاهد على أحداثه، ولو في حقبة منه، إنما بعد مضي عقود زمنية ثلاثة عليه، دون تجاهل المخاطر التي تتهدده وتتوعده؟ وتحديداً إذا كان في موقع اجتماعي مرصود بأكثر من معنى طبعً، كونه سياسياً…

د. محمود عباس

حين يمرض الضوء، تبقى الذاكرة سنده.

قبل فترةٍ ليست بعيدة، استوقفني غياب الأخت الكاتبة نسرين تيلو عن المشهد الثقافي، وانقطاع حضورها عن صفحات التواصل الاجتماعي، تلك التي كانت تملؤها بنصوصها القصصية المشرقة، وبأسلوبها المرهف الذي حمل إلينا عبر العقود نبض المجتمع الكوردي بخصوصيته، والمجتمع السوري بعموميته. كانت قصصها مرآةً للناس العاديين، تنبض بالصدق والعاطفة،…

خالد حسو

 

ثمة روايات تُكتب لتُروى.

وثمة روايات تُكتب لتُفجّر العالم من الداخل.

ورواية «الأوسلاندر» لخالد إبراهيم ليست رواية، بل صرخة وجودٍ في منفى يتنكّر لسكّانه، وثيقة ألمٍ لجيلٍ طُرد من المعنى، وتشريحٌ لجسد الغربة حين يتحول إلى قَدَرٍ لا شفاء منه.

كلّ جملةٍ في هذا العمل تخرج من لحمٍ يحترق، ومن وعيٍ لم يعد يحتمل الصمت.

فهو لا…

صدرت الترجمة الفرنسية لسيرة إبراهيم محمود الفكرية” بروق تتقاسم رأسي ” عن دار ” آزادي ” في باريس حديثاً ” 2025 “، بترجمة الباحث والمترجم صبحي دقوري، وتحت عنوان :

Les éclaires se partagent ma tête: La Biography Intellectuelle

جاء الكتاب بترجمة دقيقة وغلاف أنيق، وفي ” 2012 ”

وقد صدر كتاب” بروق تتقاسم رأسي: سيرة فكرية” عن…