شرمولا.

عبداللطيف الحسيني / هانوفر
وقفتُ فوقه كإمبراطور : فاتحاً رجليَّ ، واضعاً يديَّ على خاصرتي ، محدقاً إلى بيوت عامودا الترابية : لأرى طفولتي في شوارعها ومراهقتي وشجاري مع نفسي , لأرى حبّي لابنة الجيران .ليكون غير الأخير .
كنتُ أدل صديقي الذي معي بإصبعي على شارع بيتنا ، حتّى أنّني كنتُ أكذب عليه وأقول له : تلك حارتنا :
ألا ترى طفولتي فيها ؟
ألا ترى طفولتي المستحيلة فيها ؟
ولا أدري كيف تحملتُ العيش فيها .
وذاك بيتنا ! وذااااااك أبي :
ألا تراه يصاحب الجدار كي يصل إلى ما يريد ؟ .
ألا ترى الدرج المشوّه ؟ والباب الخشبي القديم ؟
ألا ترى الداخل إليه والخارج منه .
وكان صديقي يصدّق كلامي المحموم . 
وأنا نفسي لم أكن أرى بيتنا ، لا الداخل والخارج منه وإليه .
وبعد عشرين عاماً _ الآن _ سوف أصدق نفسي بأني كنتُ أراه فعلاً . 
ولم أكن بكذّاب ، ولا بمخادعٍ .
 وأنّه لم يكن يتراءى لي

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

مصطفى عبدالملك الصميدي/اليمن*

تُعدّ ترجمةُ الشَّعر رحلة مُتفَرِّدة تُشبه كثيراً محاولة الإمساك بالنسيم قبل أن يختفي سليلهُ بين فروج الأصابع، بل وأكثر من أن تكون رسماً خَرائِطياً لألوانٍ لا تُرى بين نَدأَةِ الشروق وشفق الغروب، وما يتشكل من خلال المسافة بينهما، هو ما نسميه بحياكة الظلال؛ أي برسم لوحة المعاني الكامنه وراء النص بقالبه…

إبراهيم أبو عواد / كاتب من الأردن

تَتميَّز الرُّوحَانِيَّةُ عِندَ الكاتب اللبناني الأمريكي جُبْرَان خَليل جُبْرَان ( 1883_ 1931 ) بِعُمْقِها الفَلسفيِّ، وقُدرتِها عَلى تَجاوزِ الماديَّاتِ ، والتَّعبيرِ عَن الحَنينِ إلى مَا هُوَ أسْمَى وأرْقَى في النَّفْسِ البشرية . وَهُوَ يَرى أنَّ الرُّوحَانِيَّة لَيْسَتْ مُجرَّد شُعورٍ أوْ طُقوسٍ تقليدية ، بَلْ هِيَ حالةُ وَعْيٍ مُتكاملة…

ابراهيم البليهي

من أبرز الشواهد على إخفاق التعليم الذي لا يقوم على التفاعل الجياش عجزُ الدارسين عن اكتساب السليقة النحوية للغة العربية فالطلاب يحفظون القاعدة والمثال فينجحون في الامتحان لكنهم يبقون عاجزين عن إتقان التحدث أو القراءة من دون لحن إن هذا الخلل ليس خاصا باللغة بل يشمل كل المواد فالمعلومات تختلف نوعيا عن الممارسة…

خلات عمر

لم يكن الطفل قد فهم بعد معنى الانفصال، ولا يدرك لماذا غابت أمّه فجأة عن البيت الذي كان يمتلئ بحنانها. خمس سنوات فقط، عمر صغير لا يسع حجم الفقد، لكن قلبه كان واسعًا بما يكفي ليحمل حبًّا لا يشبه حبًّا آخر.

بعد سنواتٍ من الظلم والقسوة، وبعد أن ضاقت الأم ذرعًا بتصرفات الأب…