عبداللطيف الحسيني / هانوفر
وقفتُ فوقه كإمبراطور : فاتحاً رجليَّ ، واضعاً يديَّ على خاصرتي ، محدقاً إلى بيوت عامودا الترابية : لأرى طفولتي في شوارعها ومراهقتي وشجاري مع نفسي , لأرى حبّي لابنة الجيران .ليكون غير الأخير .
كنتُ أدل صديقي الذي معي بإصبعي على شارع بيتنا ، حتّى أنّني كنتُ أكذب عليه وأقول له : تلك حارتنا :
ألا ترى طفولتي فيها ؟
ألا ترى طفولتي المستحيلة فيها ؟
ولا أدري كيف تحملتُ العيش فيها .
وذاك بيتنا ! وذااااااك أبي :
ألا تراه يصاحب الجدار كي يصل إلى ما يريد ؟ .
ألا ترى الدرج المشوّه ؟ والباب الخشبي القديم ؟
ألا ترى الداخل إليه والخارج منه .
وكان صديقي يصدّق كلامي المحموم .
وأنا نفسي لم أكن أرى بيتنا ، لا الداخل والخارج منه وإليه .
وبعد عشرين عاماً _ الآن _ سوف أصدق نفسي بأني كنتُ أراه فعلاً .
ولم أكن بكذّاب ، ولا بمخادعٍ .
وأنّه لم يكن يتراءى لي