ناشرون فلسطينيون- كانون أول 2020
لقد تابعت “ناشرون فلسطينيون” تلك الضجة التي صاحبت مقال الكاتب الفلسطيني فراس حج محمد، وقد عنونه بـ “السمات المشتركة بين الكمامة والكلوت”، وكأن الكاتب في مقاله قد تعمّد أن يثير القارئ الذي استهدفه عندما نشر مقالته على حسابه الشخصي في الفيسبوك. لقد تجاوز بعض القراء حدود الأدب المفترض مع الكاتب فتعرض لكثير من التنمر والسب والشتائم، عدا ما تعرض له مقاله من مهاجمة من مجموعة من الكتاب والمثقفين الذين رأوا في هذا المقال نوعا من “المراهقة” في الكتابة، وأن المقال تنعدم فيه كل مظاهر الأدبية، فهو بذلك مكتوب بـ “قلم قذر” وأفكار قذرة، وبالتالي فقد وصل بعض الكتاب إلى القول “إذا لم تستحِ فاكتب ما شئت”. إضافة إلى اتهام الكاتب أنه يتعمد الكتابة في هذه الموضوعات، لأنه يبحث عن معجبين وقراء “ليحصد مجموعة من اللايكات” الفيسبوكية.
هذه التهمة التي نفاها الكاتب نفسه في مقاله الثاني الذي نشره بعد يوم واحد فقط من المقال الأول تحت عنوان “كتابة على الكتابة”، وبين فيه الكاتب أن مثل هذه الموضوعات والموضوعات السياسية لم تكن لتلاقي إقبالا من القراء المفترضين الذين يتابعون الكاتب على المنصات الاجتماعية المختلفة، وقد تجاوز عددهم- كما قال- خمسة عشر ألف متابع وقارئ مفترض.
لم يكن ذلك هو الوجه الوحيد لهذه الضجة التي أثارها المقال، فثمة كتاب ومثقفون ناصروا الكتاب ودافعوا عنه، وامتدحوا جرأته في الكشف عن الغوامض وأنه يضع النقاط عى الحروف في ظل حالة الضياع التي تعيشها البشرية زمن كورونا المعقد.
ومن أجرأ تلك المواقف التي دعمت المقال ووقفت إلى جانب الكاتب مدافعة بطريقة غير مباشرة موقف الصحفي الفلسطيني رشاد عمري رئيس تحرير جريدة “المدينة” التي تصدر أسبوعيا صباح كل جمعة في حيفا، وتوزع مجاناً، فقد أعلن على صفحته في الفيسبوك أنه سينشر المقال، وقد وضع للمقال ترويجا على الصفحة الأولى من الصحيفة كاتبا “المدينة تنشر المقال الذي اعتذر الكثيرون للكاتب فراس حج محمد عن نشره”، لينشر المقال ويصدر في عدد الصحيفة صباح يوم الجمعة 18/12/2020 ليحتل الصفحة (18) من الصحيفة يصاحب المقال صورتان لمرأتين أحدهما لا تلبس إلا الكمامة وقطعتي الملابس الداخلية (الكيلوت والستيانة).
تذكر حادثة مقال الكاتب فراس حج محمد هذه بحالات متشابهة في فلسطين وفي العالم العربي، فلم يسلم هو شخصيا من انتقادات حادة نتيجة مقالاته وقصائده التي ينشرها علىى الفيسبوك قبل هذا المقال، وغيره الكثير من الكتاب، فما زالت قضية عباد يحيى حاضرة في الأذهان عندما سحبت روايته “جريمة في رام الله” من الأسواق نتيجة لارتكاب الكاتب مخالفات مجتمعية وتعرض للتابوهات وخاصة التابو الجنسي، وكما قامت وزارة التربية والتعليم الفلسطينية عام 2007 بقرار سحب كتاب “قول يا طير” من مكتبات المدارس الفلسطينية وإتلافه بدعوى ما فيه من ألفاظ غير مناسبة، ولأنه “يتضمن كلمات كثيرة وصريحة تخدش الحياء، ولا تتناسب مع سن طلبة المدارس التي وزع فيها”.
ومن المتوقع أن يثير المقال بلبلة في الوسط التربوي أيضاً، فالكاتب يعمل مشرفا تربويا، ولهذا المجال حساسيته الاجتماعية والمهنية. هذه البلبلة التي شارك فيها بعض المعلمين والمعلمات الذين أمطروا الكاتب بوابل من الشتائم والتجريح والتنمر.
وفيما يلي تختار “ناشرون فلسطينيون” مجموعة من الآراء حول مقال “السمات المشتركة بين الكمامة والكلوت” قمنا بجمعها من مواقع مختلفة، حيث نشر المقال:
صفاء أبو خضرا: روائية وكاتبة أردنية
لا أنكر أبدا دهشتي عند قراءة العنوان، الكاتب جريء وهذا ما تحتاجه الكتابة المطلقة إذا ما كانت غطاء تندرج تحته معطيات ذات شأن لا أن تكون سطحية لا هدف منها سوى لفت الانتباه، وهذا ما لم يقله الكاتب أن يكون سطحيا، بل كان جريئا فضح الواقع وعراه وجعلنا نشاهده على طبيعته التي تحول إليها فعلا.. أقول للكاتب، لا عليك من الحجارة.. أكتب بعمق واجعل الكلمات سميكة حتى لا تتكسر تحت الرشق.
قاسم توفيق: روائي وكاتب أردني
قيم متعددة جمعها هذا النص، يضاف إليها جمالية النص وحالة السرد والتأريخ الموثقة والمهمة وكذلك الشرح التاريخي الموضوعي لمسألة التحريم، والأهم أيضا والأكثر عمقا هذا الربط بين أدوات الأسر وإسقاطها على الواقع الذي أفرزته اللعبة الإمبريالية الجديدة، الكورونا، صديقنا الكاتب الملهم أبدع في كشف جدلية وسيرورة المؤامرة الكونية التي حيكت وتحاك اليوم ضد الإنسانية.
عز الدين نصّار: تربوي فلسطيني متقاعد
مقال منطقي جدا… قد يستغرب القارىء من جرأة العنوان لكنه يحمل في موضوعه الكثير من الأفكار الواقعية والتي تمس حياة الناس اليومية …فيه صرخات مدوية للكاتب وقد يرمي من وراءها إلى ذم وقدح ما آلت إليه الأمور… استمر استمر.
يوسف الديك (شاعر فلسطيني)
لقد فشل المقال في مقاربة الصورة حتى بالارتكاز على حرفيّ النقيضين… الكاف (كمامة. كيلوت).. والتماهي الشكلاني الأجوف في الفاء (فم… فرج)
وللحقيقة، أرى عبر هذه العجالة أهمية البحث عن تصنيف جديد ملائم، ندرج هذا النوع من الكتابة تحته… وكمقترح أولي… أرى أن مصطلح (الأدب الكلاسيني) في محاكاة لفظية كما حاول المقال، مع (الأدب الكلاسيكي) ومستوى هبوط اللغة والصورة الأدبية بما يتواءم مع هذا الإسفاف والتردّي في مادة قد يراها البعض خروجًا متاحًا عن المألوف وتغريدًا مشروعًا خارج السّرب، فيما أراه ومجموعة من وقفوا ضده استفزازًا منفّرًا في شان حيوي عام ووباء خطير يفتك بأرواح عزيزة لا يمكن أن تتحوّل في مقال استعراضي إلى مادة تندّر تضج بالسقطات السخيفة التي لم أتمنّها يومًا لهذا الكاتب أو سواه.
ريما إيريني: (قارئة ومتابعة)
يتناسب مع يقوله بعض الشيوخ في حجاجهم حول تغطية الوجه، وجه المرأة كفرجها، هذا هو شرقنا، مهجوس بالجنس بسبب العلاقات الغير صحية وبالتالي لا تشعر أطرافها بالرضا والاكتفاء، بل العكس، فحالة الجوع والكبت مستمرة، ولن تشبع، إلا بتغيير نمط التفكير.
صونيا خضر: كاتبة وروائية فلسطينية
الحقيقة يا أستاذ فراس، أقرأ لك كثيراً ومعجبة بقلمك، لكن لا أعتقد أنك توفقت بهذه المقاربة ولا المقال، قلمك ليس بحاجة لتسويق من هذا النوع. قلمك الجريء تحديداً الذي يتوجه بالعادة إلى قضايا ذات عمق ومعنى، وقع في غواية صوت الطبول، هذا رأيي الذي أتمنى لصدرك أن يتسع له.
ملحوظة: