محطات ..

منال الحسيني

هأنذا ألمحُ طيفه يدفعني نحو المحطة الأخيرة، أنا التي تركتُ ورائي محطات كثيرة، فاتني القطار في بعضها.. حاولتُ الهروب من بعضها، بينما لم  يسعفني الحظ أن أنزل في أخرى كنتُ أحتاجُ أن أمكث فيها طويلاً..
في إحدى المحطات زارنا كورونا كضيف خفيف الظل و غادرَ دون أن يترك وراءه أثراً أو ضوضاء !! استوقفتني محطةٌ أخرى كنا نتسابق مَن سيغلب الآخر.. مَن سيودع الآخر ؟، كنا في ود وخصام.. كنا نتسابق ونتنافس حتى غلبتها أو بالأحرى هي من غلبتني حينما تمكنت من  لساني و دلته ليسيل منه شهد الكلمات..
خلالها تذكرت تلك التي كانت تكتنز بين دفتي قلبها كل ذاك الحماس والشغف المتدفق إلى جداول كثيرة، بت الآن أشك أنها كانت أنا يوما !! ودعتها حينما ودعت سماءَ و هواءَ مدينتي، ودعتها حينما أبت روحي أن ترافقني و آثرت البقاء لتحوم على أطلال ذكرياتنا هناك !!
في نهاية كل عام نسترجع المحطات في دمنا، نتسائل متى وكم فرحنا في لحظات عشناها و نحن ندرك أنها آنية جداً وكم حزنّا و نحن نعيش الغربة وعلى أرض ٍ غريبة !!
و أنا أقلب صفحات لحظات مضت، أدركتُ أنه كان عمري الذي مضى و ما قد مضى مضى ..
،وعام آخر يأتي على سكة الزمن محملاً بالضباب والصقيع، يسترق النظر إلى بيوت أنهكتها الحروبُ و أوجعها غيابُ أصحابها و فقْدُ أحبتها.. كم أتمنى أن يكونَ أكثرَ رفقاً بهم و أكثر دفئاً و لقاءً ..

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

في حضرةِ الشعر، حيث يتناسلُ المعنى من رمادِ الكلمات، وحيث يشعلُ الحرفُ فتيلَ الوجود، يولد هذا الديوان: جحيم الأمل.

ليس عنواناً عابراً ولا استعارةً تلقى على عتبة الصدفة، بل هو صرخةٌ تتناوبُ فيها النارُ والندى، وتتعانقُ فيها خيبةُ التاريخ مع شغفِ الإنسان الذي لا يعرفُ الاستسلام.

“جحيم الأمل” انعكاسٌ للروح حين تلقى في أتونِ الأسئلة الكبرى، في…

عِصْمَتْ شَاهِين الدُّوسَكِي

يَقُولُونَ

: لِمَاذَا تَكْتُبُ قَصَائِدَ حَزِينَةً

دَمْعُ هُمُومٍ مَآسِي رَهِينَةٍ

قُلْتُ : مِنْ آدَمَ وَحَوَّاءَ

مَنْ جَمَعَ الْبَشَرَ عَلَى السَّفِينَةِ

قَالُوا : حِكَايَاتٌ رِوَايَاتٌ

قُلْتُ : تَوَارَثْنَا الْعُرَى

نَمْشِي عَلَى أَرْضٍ جَرْدَاءَ قَرِينَةٍ

هَذَا الْوَطَنُ

كُورٌ فِيهِ كُلُّ الْأَجْنَاسِ رَغْمَ أَنِينِهِ

عَرَبٌ أَكْرَادٌ مَسِيحٌ تُرْكْمَانٌ صَابِئَةٌ

بِأَلْوَانِ بَنَاتِهِ وَبَنِينِهِ

مِنْ حَضَارَاتٍ ذَهَبٍ وَصُولْجَانٍ

وَفُرْسَانٍ وَقَادَةٍ

تُخْرِجُ الْأَسَدَ مِنْ عَرِينِهِ

………….

ارْتَفَعَتْ أَصْوَاتُ الْمَآذِنِ

دُقَّتْ أَجْرَاسُ الْكَنَائِسِ

وَتَجَلَّتْ أَلْوَاحُ السَّمَاوَاتِ

طَافَتْ وَهَبَّتِ الْفَيْضَانَاتُ

عَلَى الْخَنَاجِرِ…

سيماف خالد محمد

في المطبخ كعادتي كل يوم استيقظتُ على فنجان قهوة أُحاول به أن أفتح عينيّ وأمنح نفسي شيئاً من التركيز قبل أن أبدأ بتحضير الغداء.

بينما كنتُ منشغلة بالطبخ أفتح هذا الدرج وذاك، دخلت أختي مايا تحمل لابتوبها جلست أمامي، فتحت الجهاز لتعمل عليه وكأنها أرادت أن تؤنس وحدتي قليلاً وتملأ صمت المطبخ بأحاديث خفيفة.

لم…

فراس حج محمد| فلسطين

تثيرني أحياناً في بعض الكتب عتباتها التمهيدية، من الغلاف وتصميمه، وما كتب عليه في الواجهة وفي الخلفية (التظهير)، والعتبات النصيّة التمهيدية: العنوان، والإهداء، والاقتباس الاستهلالي، وأية ملحوظات أخرى، تسبق الدخول إلى عالم الرواية أو بنيتها النصيّة.

تقول هذه العتبات الشيء الكثير، وتدرس ضمن المنهج البنيوي على أنها “نصوص موازية محيطة”، لها ارتباط عضوي…