الرهانات الثقافية في 2021

دلشاد مراد
كان عام 2020 حافلاً بالأحداث الثقافية وإن تأثر العديد من الفعاليات بالإجراءات الاحترازية المتعلقة بفيروس كورونا، ولعل من أبرزها مساعي المثقفين والكتاب لتحقيق وحدة الخطاب الثقافي والسياسي الكردي، وانعقاد مؤتمرات عدد من اتحادات الكتاب والمثقفين، ومحاولات وحدوية، ونجاح انعقاد الدورة الرابعة من معرض الشهيد هركول للكتاب، واستمرار صدور الصحف والمجلات الأدبية المطبوعة، وكذلك استمرار دور النشر والمطابع بنشر وطباعة الكتب والمؤلفات، وانعقاد مهرجان أوصمان صبري الرابع للأدب، وغيرها من المهرجانات والمسابقات الأدبية…الخ.
واستناداً إلى وقائع 2020 فأنه يمكن تحديد أبرز الرهانات التي ستواجه الساحة الثقافية في شمال وشرق سوريا عموماً.
1ـ المظلة الثقافية في شمال وشرق سوريا: يفترض أن تكون مساعي إنجازها الهدف الأول لجميع التنظيمات والمؤسسات والشخصيات الاعتبارية أدبياً وثقافياً، وهذا المسعى لا يحتمل تأجيلها أكثر، كونها السبيل التنظيمي لتوحيد الطاقات الثقافية في مواجهة تحديات الاحتلال والغزو الخارجي. والأسلوب الأكثر استحساناً هو في تحديد جهة ثقافية ضامنة (ولتكن هيئة الثقافة مثلاً) تكون مهمتها الاشراف على انعقاد مؤتمر عام لجميع التنظيمات والمؤسسات الثقافية والشخصيات الاعتبارية على مستوى شمال وشرق سوريا ومن كافة المكونات، ويكون هدف المؤتمر تحديد الشكل التنظيمي الفيدرالي المناسب للمؤسسات والتنظيمات الأدبية والثقافية دون المساس بشؤونها الداخلية. 
2ـ النضج الثقافي الكردي: على الرغم من مساعي اتحادات المثقفين والكتاب الكرد لانعقاد اجتماع عام للكتاب الكرد بهدف اختيار أعضاء لتمثيل فئة المثقفين في المرجعية السياسية الكردية، إلا أن تلك المحاولات باءت بالفشل بسبب عدم منهجية وواقعية ذلك المسعى مقارنة بالواقع السياسي والثقافي العام كردياً، ويبدو أن الطموح الشخصي لبعض المثقفين والكتاب ورغبة البعض بتقليد “الوجاهة الثقافية” لعبت دورها في هذا المسعى، وكان سبباً لضياع الوقت والجهد كان يمكن استغلالها في التوجه لبناء الوحدة الثقافية على مستوى شمال وشرق سوريا وهو مسعى قابل للتحقيق. وحتى محاولات الوحدة بين الاتحادات حالة معقدة بسبب الولاءات والتبعية المتضاربة بين العديد منها، ومعظم المحاولات الجارية هي ضحك على الذقون وللاستهلاك المحلي والإعلامي، وليس له أي تخطيط منهجي لا للحاضر أو المستقبل. وبالتالي أصبحت الاتحادات مثل الأحزاب السياسية الكردية تطبل على أسطوانة مشروخة، وهذا دليل على عدم النضج الثقافي الكردي في روج آفا.
ينعكس النضج الثقافي على النقاشات الجادة بين النخبة الثقافية الكردية لتشكيل طليعة ثقافية لعموم شمال وشرق سوريا، بما يكفل تحقيق مظلة ثقافية موحدة في مواجهة التحديات والأخطار على الأرض والشعب. وليس في البحث عن أمجاد وكراسي وهمية هنا أو هناك، أو في رفع شعارات ثقافية رنانة..
كما ينعكس النضج الثقافي على قدرة الكتاب في تحقيق الإنجازات الأدبية المميزة من مؤلفات ونتاجات أدبية تعكس واقع روج آفا وشمال شرق سوريا وثورتها وشعبها، وتكون لها القدرة على تحريك وإثارة الرأي العام المحلي والخارجي.. أما الرهان على كتاب ومثقفين وهميين وأشخاص غير كفؤين في إدارة وعضوية مؤسسات  أدبية وثقافية وإعلامية فنتائجها كارثية حتماً في حاضر ومستقبل وطننا. 
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
*زاوية ” الحديث الثقافي”، صحيفة روناهي الصادرة في روج آفا – شمال وشرق سوريا، العدد 948 الصادر في 30 كانون الأول 2020م.

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

إبراهيم محمود

 

تلويح خطي

كيف لرجل عاش بين عامي” 1916-2006 ” وفي مجتمع مضطرب في أوضاعه السياسية والاجتماعية، أن يكون شاهداً، أو في موقع الشاهد على أحداثه، ولو في حقبة منه، إنما بعد مضي عقود زمنية ثلاثة عليه، دون تجاهل المخاطر التي تتهدده وتتوعده؟ وتحديداً إذا كان في موقع اجتماعي مرصود بأكثر من معنى طبعً، كونه سياسياً…

د. محمود عباس

حين يمرض الضوء، تبقى الذاكرة سنده.

قبل فترةٍ ليست بعيدة، استوقفني غياب الأخت الكاتبة نسرين تيلو عن المشهد الثقافي، وانقطاع حضورها عن صفحات التواصل الاجتماعي، تلك التي كانت تملؤها بنصوصها القصصية المشرقة، وبأسلوبها المرهف الذي حمل إلينا عبر العقود نبض المجتمع الكوردي بخصوصيته، والمجتمع السوري بعموميته. كانت قصصها مرآةً للناس العاديين، تنبض بالصدق والعاطفة،…

خالد حسو

 

ثمة روايات تُكتب لتُروى.

وثمة روايات تُكتب لتُفجّر العالم من الداخل.

ورواية «الأوسلاندر» لخالد إبراهيم ليست رواية، بل صرخة وجودٍ في منفى يتنكّر لسكّانه، وثيقة ألمٍ لجيلٍ طُرد من المعنى، وتشريحٌ لجسد الغربة حين يتحول إلى قَدَرٍ لا شفاء منه.

كلّ جملةٍ في هذا العمل تخرج من لحمٍ يحترق، ومن وعيٍ لم يعد يحتمل الصمت.

فهو لا…

صدرت الترجمة الفرنسية لسيرة إبراهيم محمود الفكرية” بروق تتقاسم رأسي ” عن دار ” آزادي ” في باريس حديثاً ” 2025 “، بترجمة الباحث والمترجم صبحي دقوري، وتحت عنوان :

Les éclaires se partagent ma tête: La Biography Intellectuelle

جاء الكتاب بترجمة دقيقة وغلاف أنيق، وفي ” 2012 ”

وقد صدر كتاب” بروق تتقاسم رأسي: سيرة فكرية” عن…