محمد علي شاكر من موسيقى الفلولكلور الى التجديد

صالح جعفر
لفترة طويلة غلبت على الموسيقى الكوردية في غربي كوردستان الطابع الفلوكلوري البسيط النابع من طبيعة المجتمع الكوردي الريفي المتأرجح بين البداوة و الزراعة ، تلك الموسيقى الجميلة و البسيطة التي عبرت عن روح و مشاعر الحب و الجمال النابعة من الطبيعة الخلابة بين الينابيع و السهول و الجبال الى جانب الاغاني التي تعبر عن شجاعة الكوردي و دفاعه عن نفسه و حماية وطنه اضافة الى أغاني الحزن و الالم نتيجة الغزوات و الحروب التي جلبت الدمار و الويلات له .
بعد إستقرار وتطور المدن الكوردية في غربي كوردستان و التواصل مع الجيران و العالم وتأثير الثقافات ببعضها البعض كان لابد من أن تتطور الموسيقى و تتخطى القالب الفلوكلوري و تواكب تطور المجتمع الكوردي الذي انتقل شئيا فشياً الى الاستقرار و التمدن ، حصل ذالك عبر دخول آلات موسيقية جديدة الى حقل الموسيقى الكوردية التي ظلت لقرون تعتمد على الطنبور و الكمنجة و الناي .
كان محمد علي شاكر من الأوائل الذين ادخل آلة العود الى الموسيقى الكوردية في غربي كوردستان و استعملها من خلال ابداع نمط جديد من الالحان التي تخطت الموسيقى الفولكلورية ذي الكوبلي الواحد المعتمدة على مقام البيات و الحجاز و الصبا غالبا و احيانا قليلة بعض المقامات الاخرى .
ادخل محمد علي شاكر اللحن السماعي كما يقال في العامية عبر صياغة جديدة للمقامات المألوفة و أدخال إيقاعات جديدة غير مألوفة كالفالس مثلا و ترويضه ليتلائم مع روح الموسيقى الكوردية الجميلة.
ما ميّز محمد علي شاكر عن جيله هو ايجاد اُسلوب جديد للأغنية الكوردية العاطفية عبر صياغات لحنية جديدة بعيدة عن الأغنية العاطفية الفلوكلورية و بعيدة عن طابع الأغنية السياسية التي سادت المرحلة و التي اعتمدت نمط الأنشودة لرفع المعنويات و شحذ الهمم النضالية.
صحيح انه لحّن ايضا بعضاً الاغاني السياسية القومية الرمزية الجميلة الا أنه عمل أكثر على تحديث الأغنية العاطفية و الجمالية و تهزيبها و إعطائها رونقاً أجمل .
و مما للكلمة دورها و تأثيرها في الموسيقى فكان محمد علي مبدعاً جميلا و سهلا في كتابة الشعر الغنائي، ألٓف الكثيير من كلمات أغانيه الجميلة بنفسه لكي يستطيع إيجاد الانسجام و التناغم بين الكلمة و اللحن و أخراجمها بأسلوبه الخاص الذي تميز بالسهل الممتنع مما ساهم في الانتشار و التداول بين العامة و بين الشريحة المثقفة في المجتمع الكوردي.
محمد على شاكر كان بمثابة جسر بين مرحلة الموسيقى الفلكلورية و الموسيقى الحديثة التي أتت بعده، بوضوح أكثر أنه يمثل مرحلة ما بين آرام ديكران و جوان حاجو .
رحل محمد على شاكر تاركأ بصمته (عبر صوت و الأداء الجميل لصوت شقيقه محمود عزيز شاكر ) على الموسيقى و الأغنية الكوردية التي عانت من المنع و المحاربة على الأنظمة المعادية للكورد و ثقافته .
02-01-2021

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

دريس سالم

 

«إلى تلك المرأة،

التي تُلقّبُني بربيع القلب..

إلى الذين رحلوا عني

كيف تمكّنْتُ أنا أيضاً على الهروب

لا أريدُ سوى أن أرحلَ من نفسي…».

يفتتح الشاعر الكوردي، ميران أحمد، كتابه «طابق عُلويّ»، بإهداء مليء بالحميمية، ملطّخ بالفَقد، يفتتحه من قلب الفَقد، لا من عتبة الحبّ، يخاطب فيه امرأة منحته الحبّ والحياة، لقّبته «ربيع القلب». لكن ما يُروى ليس نشوة…

علي شمدين

المقدمة:

لقد تعرفت على الكاتب حليم يوسف أول مرّة في أواخر التسعينات من القرن المنصرم، وذلك خلال مشاركته في الندوات الثقافية الشهرية التي كنا نقيمها في الإعلام المركزي للحزب الديمقراطي التقدمي الكردي في سوريا، داخل قبو أرضي بحي الآشورية بمدينة القامشلي باسم ندوة (المثقف التقدمي)، والتي كانت تحضره نخبة من مثقفي الجزيرة وكتابها ومن مختلف…

تنكزار ماريني

 

فرانز كافكا، أحد أكثر الكتّاب تأثيرًا في القرن العشرين، وُلِد في 3 يوليو 1883 في براغ وتوفي في 3 يونيو 1924. يُعرف بقصصه السريالية وغالبًا ما تكون كئيبة، التي تسلط الضوء على موضوعات مركزية مثل الاغتراب والهوية وعبثية الوجود. ومن المميز في أعمال كافكا، النظرة المعقدة والمتعددة الأوجه للعلاقات بين الرجال والنساء.

ظروف كافكا الشخصية…

إبراهيم اليوسف

مجموعة “طائر في الجهة الأخرى” للشاعرة فاتن حمودي، الصادرة عن “رياض الريس للكتب والنشر، بيروت”، في طبعتها الأولى، أبريل 2025، في 150 صفحة، ليست مجرّد نصوص شعرية، بل خريطة اضطراب لغويّ تُشكّل الذات من شظايا الغياب. التجربة لدى الشاعرة لا تُقدَّم ضمن صور متماسكة، بل تُقطّع في بنية كولاجية، يُعاد ترتيبها عبر مجازٍ يشبه…