مونولوج مع مرارة الرحيل

أفين اوسو

هكذا نوضبُ للرحيل
مرَّ العامُ بخفّة على جناحي كلامِه المعسول
والروحُ في رغاء بلاغةِ أكاذيبِه تجول
تارةً يمطّرُني بالنسيان، وتارةً يحلّقُني بينَ غيماتِ الوعود.
حسمْتُ الأمرَ
وارتميْتُ أمامَ أضابير خساراتي؛
أطهّرُ عامي الجديدَ من أدران الهوى وعواطفَ ممسوخةِ الحنين…
هاتفْتُه؛
أريدُ تسويةَ هذا الجنونَ،
وأنا أذِرُ هبابَ الحبِّ للريح.
ردَّ ببرود وحسم:
فلتقبلي دعوتي على العشاء،
ليكونَ الفراقُ جميلاً كاللقاء.
في المساء جلسْتُ على طاولته أرتعشُ مع الشموعِ في مهبّ عطرِه
بدْلَتُه
ربطةُ عنقِه
تزيدان من حنقي، وكأن فراقَنا يستدعي هذا الاحتفاء.
دعاني للرقص، فقلْتُ أخشى التمسّكَ بذراعك فتطلِقَ حركاتي للعبث.
– لا بأسَ! ليلةُ الوداعِ تفوّرُ رغوةَ الروحِ، فما بالُك بعظام الجسد!
تعاركْتُ مع نبضِ دَيَاجِه المرقّعِ بالشامات
وأناملي كزورق من ورق في عروق يده تتمزّق.
هرعْتُ من عتبته متبعثرةً
متعثّرةً بحَصاة الذكريات
ملكومةً
أحبو على صدري
تخدشُني الطرقاتُ
وكأنّ السماءَ بثقلها أحملُها جثّةً على كتفي
تلعنُني الخطَوَاتُ، وكتائبُ من النمل تخبطُ رأسي
هرعْتُ إليه
قرعْتُ الجرسَ
هتفَ من خلف البابِ:
خمّنْتُ أن تبتعدي فرسخَ قدمين، وبينَ ذراعي تسقطين
أدخلي بابَ قلبي
نوافذُ العمرِ مُواربُ، لجنون أنثى تعشقُ وتفورُ، ويملكُه جنونٌ طفوليّ.
هو الحبُّ أيّتها الشقيّةُ لا يقبلُ الضمانات
اتّجهي لقبلة فؤادِك وأسلمي به
كمؤمن يهرعُ للصلاة غيرُ مبالٍ بالأسقف والجدران،
أكانَ في معبد، أم مسجدٍ، أم كنيسة!
كلُّ مبتغاه أن ترفعَ ابتهالاتِه للسماء.

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

رضوان شيخو

بطبعة أنيقة وحلة قشيبة، وبمبادرة كريمة وعناية كبيرة من الأستاذ رفيق صالح، مدير مركز زين للتوثيق الدراسات في السليمانية، صدر حديثا كتاب “علم التاريخ في أوروبا وفلسفته وأساليبه وتطوره”، للدكتور عصمت شريف وانلي، رحمه الله. والكتاب يعتبر عملا فريدا من نوعه، فهو يتناول علم التاريخ وفلسفته من خلال منهج علمي دقيق لتطور الشعوب والأمم…

خلات عمر

في قريتنا الصغيرة، حيث الطرقات تعانقها الخضرة، كانت سعادتنا تزهر كل صباح جديد. كنا ننتظر وقت اجتماعنا المنتظر بلهفة الأطفال، نتهيأ وكأننا على موعد مع فرح لا ينتهي. وعندما نلتقي، تنطلق أقدامنا على دروب القرية، نضحك ونمزح، كأن الأرض تبتسم معنا.

كانت الساعات تمر كالحلم، نمشي طويلًا بين الحقول فلا نشعر بالوقت، حتى يعلن الغروب…

عبدالجابر حبيب

 

منذ أقدم الأزمنة، عَرَف الكُرد الطرفة لا بوصفها ملحاً على المائدة وحسب، بل باعتبارها خبزاً يُقتات به في مواجهة قسوة العيش. النكتة عند الكردي ليست ضحكة عابرة، وإنما أداة بقاء، و سلاح يواجه به الغربة والاضطهاد وضغط الأيام. فالضحك عنده كان، ولا يزال يحمل في طيّاته درساً مبطناً وحكمة مموهة، أقرب إلى بسمةٍ تخفي…

أعلنت منشورات رامينا في لندن، وبدعم كريم من أسرة الكاتب واللغوي الكردي الراحل بلال حسن (چولبر)، عن إطلاق جائزة چولبر في علوم اللغة الكردية، وهي جائزة سنوية تهدف إلى تكريم الباحثين والكتّاب المقيمين في سوريا ممن يسهمون في صون اللغة الكردية وتطويرها عبر البحوث اللغوية والمعاجم والدراسات التراثية.

وستُمنح الجائزة في20 سبتمبر من كل عام، في…