إلى جيلٍ لم يولد بعد.. عن ماكنة تحولات مريبة وهالكة

رقية حاجي

هذه الأرض التي ورثناها لم تكن بهذه القسوة، والنَّاس حولنا لم يكونوا بهذا الغرور، لقد كان بيت الطين  الذي نسكنه يشبهنا، جدراننا من طين وسقوفنا من طين وملاط قلوبنا من طين، لم نتبرأ يوماً من حفنة الطين التي كنّاها.. 
كان الليل ساحراً تحت ضوء القمر ، لم يكن هناك ثمة قنابل تعكر صفوه، ولا مخططات رديئة تفُض عباءته وتنزع طُهره، وكان النهار يحمل رزقاً طيباً، لقمة واحدة تكفي كل العائلة ..
لم تكن عيون أمهاتنا تحمل كل هذا الحزن، ولا كان القهر يستبد بقلوب آبائنا.
لم يكن لدينا أولاد قطّعت الحرب أطرافهم و شوهت أحلامهم..
لم يكن ثمة عُهر باسم الدين ، ولا احتيال باسم السياسة ولا إعلام خبيث يدير دفة العالم بإصبع واحدة .
لم يكن ثمة أديان كثيرة ، كان ربٌ واحد لكل الناس ؛ وكانت هناك أنوار كثيرة تنبثقُ من مِشكاة واحدة .
لم يكن الإخوة ينهشون أجساد إخوانهم ، ولا كان الراعي يقتات على أجساد رعيته، ولم يكن هناك كل هذا الفجور والكذب والخيانة ..
إنني أخشى أن تنبت أجسادكم الغضة في رحم إلكتروني؛ ويشرف على تربيتكم أجهزة ذكية وماكرة ، ويتحكم بعقولكم شريحة مزروعة تحت الجلد..
ثم  ستكبرون بغير أم تذود في وجه الشر في أغنية قبل النوم ، و تشبّون بلا هامة أب تزرع فيكم الْعِزَّة، وتطرد عنكم الوساوس بسورة النَّاس ..
وربما لن تتألموا حقاً، لأنكم لن تعرفوا كم كانت الحياة جميلةٌ فيما مضى ، يوم كان الإنسان .. مجرد إنسان .

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

حاورها: إدريس سالم

ماذا يعني أن نكتب؟ ما هي الكتابة الصادقة في زمن الحرب؟ ومتى تشعر بأن الكاتب يكذب ويسرق الإنسان والوطن؟ وهل كلّنا نمتلك الجرأة والشجاعة لأن نكتب عن الحرب، ونغوص في أعماقها وسوداويتها وكافكاويتها، أن نكتب عن الألم ونواجه الرصاص، أن نكتب عن الاستبداد والقمع ومَن يقتل الأبرياء العُزّل، ويؤلّف سيناريوهات لم تكن موجودة…

إبراهيم أمين مؤمن

قصدتُ الأطلال

بثورة من كبريائي وتذللي

***

من شفير الأطلال وأعماقها

وقيعان بحارها وفوق سمائها

وجنتها ونارها

وخيرها وشرها

أتجرع كؤوس الماضي

في نسيج من خيال مستحضر

أسكر بصراخ ودموع

أهو شراب

من حميم جهنم

أم

من أنهار الجنة

***

في سكرات الأطلال

أحيا في هالة ثورية

أجسدها

أصورها

أحادثها

بين أحضاني

أمزجها في كياني

ثم أذوب في كيانها

يشعّ قلبي

كثقب أسود

التهم كل الذكريات

فإذا حان الرحيل

ينتبه

من سكرات الوهم

ف

يحرر كل الذكريات

عندها

أرحل

منفجرا

مندثرا

ف

ألملم أشلائي

لألج الأطلال بالثورة

وألج الأطلال للثورة

***

عجبا لعشقي

أفراشة

يشم…

قررت مبادرة كاتاك الشعرية في بنغلادش هذه السنة منح جائزة كاتاك الأدبية العالمية للشاعر الكردستاني حسين حبش وشعراء آخرين، وذلك “لمساهمته البارزة في الأدب العالمي إلى جانب عدد قليل من الشعراء المهمين للغاية في العالم”، كما ورد في حيثيات منحه الجائزة. وتم منح الشاعر هذه الجائزة في ملتقى المفكرين والكتاب العالميين من أجل السلام ٢٠٢٤…

ابراهيم البليهي

لأهمية الحس الفكاهي فإنه لم يكن غريبا أن يشترك ثلاثة من أشهر العقول في أمريكا في دراسته. أما الثلاثة فهم الفيلسوف الشهير دانيال دينيت وماثيو هيرلي ورينالد آدمز وقد صدر العمل في كتاب يحمل عنوان (في جوف النكتة) وبعنوان فرعي يقول(الفكاهة تعكس هندسة العقل) وقد صدر الكتاب عن أشهر مؤسسة علمية في أمريكا والكتاب…