أخلاقنا إلى أين؟؟؟…. من منا لم يحلم بالعيش في المدينة الفاضلة؟

رقية حاجي / كندا
تلك المدينة التي حلم بها أفلاطون… فجعلها أقرب إلى الكمال….
مدينة نقية… تعنى ببناء الإنسان قبل العمران…
مدينة أخلاق ومثل… يحكمها الحكماء والفلاسفة…
بلا أحقاد ولا أضغان…..
دعائمها المحبة، الأخوة، الحق، العدل والمساواة….
تخيلتها أنا مدينة نورانية…. حلة سكانها البياض… هيئتهم أقرب للملائكية…. وأخلاقهم تميل للمثالية……
تتخايل الورود فيها بعلياء…… ويتراقص الزهر بحب في الممرات وعلى جنبات الطرقات….
فراشاتها من نور… وتغريدات طيورها نغمات ناعمة تحسبها أصوات قادمة من السماء….
وكبرت…….
ولم أجد العالم بمثالية المدينة الفاضلة  ولا البشر بنبل أخلاق سكانها، ولكنني وعلى الرغم من ذلك أعد نفسي من القلة القليلة المحظوظة، لانتمائي إلى مايسمى بجيل الطيبين، “ذلك الجيل الذي أدرك” بعضاً من تلك الفضائل، حين كان المجتمع آنذاك يعزف منظومة متناغمة من القيم والأخلاق ليصبها صباً في نفوس أبنائه، مساهماً في بناء تكوين الفرد الداخلي وتشكيل نسيجه الأخلاقي ليكون على ماهو عليه اليوم.
فكان المعلم القدوة والمربي الفاضل الذي يعمل جاهداً على غرس الفضائل في نفوس تلامذته، في زمن كانت فيه التربية قبل التعليم….
والجار المسن الذي كان يجمع أطفال الحي في حلقة كبيرة أمام باب بيته ليقص عليهم  قصة (شنكي وبكي وممو وزين وسيامند وخجي وغيرهم من قصصنا التراثية… ، وفي كل قصة تكمن قيمة… وهناك خلق جميل يختبئ وراء كل كلمة….
وصاحب الدكان النبيل الذي كان يعطف على فقراء الحي ليرسخ في النفوس معنى التكافل والتراحم، حتى الأفلام الكرتونية والدراما التلفزيونية في ذلك الوقت تجاوزت المعنى الترفيهي لها فعملت على ترسيخ القيم و تشكيل وجدان جيل بأكمله،.
اليوم…….
ومع كل هذا التطور والتقدم الهائل الذي يشهده العالم إلا أنه يعاني من أزمة أخلاقية وقيمية حقيقية، وإنحداراً سلوكياً نحو الهاوية….؟
يكفي متابعة مناقشات المعلقين على وسائل التواصل الاجتماعي لتكتشف ذلك بنفسك!!!
حيث يتحول أي نقاش فيها إلى تبادل التهم بالعمالة والتخوين مصحوباً بالسباب والشتائم بأقبح الألفاظ وقذفاً للأعراض قد يصل إلى سابع جدة!!!
تنبه أفلاطون منذ القدم إلى أهمية الأخلاق في تقدم الأمم ورفعتها فنادى أولاً إلى بناء الإنسان في مدينته…. ثم جاءت الديانات لتتم ما وجد قبلها من مكارم الأخلاق…. ومدعماً بقول الخالق عز وجل ) إن الله لايغير مابقوم حتى يغيروا مابأنفسهم) موضحاً بذلك بدون أدنى شك بالبدء  في التغيير من النفس….
بنيت الحضارات وانهارت أخرى…. لتبقى الأخلاق على مر الأزمان المعيار الحقيقي الذي تقاس فيه عمر الأمم ومدة بقائها!!!
يبدو أن بعض الأحلام خلقت لتبقى أحلاما”….
فبعد مرور آلاف السنين…. لازال حلم المدينة الفاضلة أسير كتب الفلاسفة……. ويبقى الأمل رغم قتامة الصورة.

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

حاورها: إدريس سالم

ماذا يعني أن نكتب؟ ما هي الكتابة الصادقة في زمن الحرب؟ ومتى تشعر بأن الكاتب يكذب ويسرق الإنسان والوطن؟ وهل كلّنا نمتلك الجرأة والشجاعة لأن نكتب عن الحرب، ونغوص في أعماقها وسوداويتها وكافكاويتها، أن نكتب عن الألم ونواجه الرصاص، أن نكتب عن الاستبداد والقمع ومَن يقتل الأبرياء العُزّل، ويؤلّف سيناريوهات لم تكن موجودة…

إبراهيم أمين مؤمن

قصدتُ الأطلال

بثورة من كبريائي وتذللي

***

من شفير الأطلال وأعماقها

وقيعان بحارها وفوق سمائها

وجنتها ونارها

وخيرها وشرها

أتجرع كؤوس الماضي

في نسيج من خيال مستحضر

أسكر بصراخ ودموع

أهو شراب

من حميم جهنم

أم

من أنهار الجنة

***

في سكرات الأطلال

أحيا في هالة ثورية

أجسدها

أصورها

أحادثها

بين أحضاني

أمزجها في كياني

ثم أذوب في كيانها

يشعّ قلبي

كثقب أسود

التهم كل الذكريات

فإذا حان الرحيل

ينتبه

من سكرات الوهم

ف

يحرر كل الذكريات

عندها

أرحل

منفجرا

مندثرا

ف

ألملم أشلائي

لألج الأطلال بالثورة

وألج الأطلال للثورة

***

عجبا لعشقي

أفراشة

يشم…

قررت مبادرة كاتاك الشعرية في بنغلادش هذه السنة منح جائزة كاتاك الأدبية العالمية للشاعر الكردستاني حسين حبش وشعراء آخرين، وذلك “لمساهمته البارزة في الأدب العالمي إلى جانب عدد قليل من الشعراء المهمين للغاية في العالم”، كما ورد في حيثيات منحه الجائزة. وتم منح الشاعر هذه الجائزة في ملتقى المفكرين والكتاب العالميين من أجل السلام ٢٠٢٤…

ابراهيم البليهي

لأهمية الحس الفكاهي فإنه لم يكن غريبا أن يشترك ثلاثة من أشهر العقول في أمريكا في دراسته. أما الثلاثة فهم الفيلسوف الشهير دانيال دينيت وماثيو هيرلي ورينالد آدمز وقد صدر العمل في كتاب يحمل عنوان (في جوف النكتة) وبعنوان فرعي يقول(الفكاهة تعكس هندسة العقل) وقد صدر الكتاب عن أشهر مؤسسة علمية في أمريكا والكتاب…