فاطمة يوسف محمد
من شرفة الخريف
يتدلى عنقها الذابل
تحت ضوء قمر حيران
يتمايل على جدار غرفتها
كلما هبت رياح الشوق
من نافذتها الصغيرة
هدوء صاخب يملأ
قلبها
لا (حد يقاسمها همومها سوى
أنين شمعدان يتيم
موضوع في زاوية ميتة
على منضدة
ينسكب دمعه
بين حين وآخر
إنها
تبكي ذكرياتها المكدسة
في قاع بئر عميق
لذاكرة قديمة
تحلم ….أبداً
بأحلام كبيرة
بحجم السماء
ألا ليتك هنا الآن !!!
ليتك تعود من الغياب
تودع الهجر و البعاد
تلوح بمنديل الوصال
متى الوصال؟ !
ملل … كآبة ….
برد شديد
يعصف بعمرها
و يقضم سنينها بشراسة
إلى ماذا تنظرين أيتها العجوز ؟!
ومن تنتظرين ؟!
ربما تحلم بما هو آت من بعيد
من وراء أفق مجهول
أو بمن
يخطف تعاستها
و يبحر معها إلى شاطىء الأحلام
فيملأ قلبها بصخب الربيع
رأيتها تغوص في عمق الخيال
تسافر إلى موانىء الأمان
تحلق في نشوة المكان
تطير بجناحين مستعارين
من فراشة محترقة بنار
تلك الشمعة الوحيدة المضيئة
في غرفتها الضيقة
وجدت روحها تتجه
صوب الباب
تفتحه لهوى قادم
من جهة الشمال
دون سابق إنذار
تعانقه طويلا
وتهمس له:
مرحبا بك بين الضلوع !!
أمسكت بيده و غادرا معا
إلى عالم الحب والهيام
على سرير مفروش بعبق
الأزهار
رأيتها
تضحك
ترقص فرحا
تغني كالبلابل
على فنن الحياة
تعال !!!
تعال فقد بلغ الشوق الزبى
تعال
املأ الكون بعطر الجنون
دعنا نشرب نخب حبنا
كأسا مريئة من شهد الشفاه
دعنا نعزف على وتر ينبض
بالعشق
هات يدك الحانية
لفها حول خصري النحيل
ضمه بحنان
تعال لتوقظ في جسدي
عشرات الثورات المختبئة خلف
أنوثة نائمة
صفراء
تبعثرت كأوراق الخريف
في مهب الرياح
لكم تمنيتك معي !!!
هنا في هذا المساء
لتغزو الحصون والقلاع
و تفتحها بانتشاء
لكم أحببتك معي دوما
فنسبق الزمن و نسرق
اللحظات المتسربلة منه
ليتك تمرر شفتيك
الآن
على صدري المنطفئ منذ القطيعة
الأولى
تجوب بها بين البرزخ
الحائل بين تلاقي الجنتين
وتطوف حولهما
داعب خدي واطبع عليهما
بعضا من القبلات
داعب خيوط الشمس
التي غطت وجه القمر
اهمس …..انثر انفاسك
على طول الجيد والقوام
جنة ……
لاااا بل فردوس طافح
بعشق مكنون
في مقلتيك السوداوين
ماذا أقول ؟!!
كيف أحكي لك عن ربيعي
المزدهر ، المنبثق
من رحم خريف
غامر ببياض الثلج ؟
كيف أصف ميلادي الثاني
وهو يولد بين يديك
يصرخ كمولود صغير
إنه بداية
عمر جديد ؟
الله !!!!
ما أجمل رائحة
ذلك العرق المتصبب على
جسدي
يسري بسكينة
كساقية رقراقة
تتغلغل في مسامات
أرض جرداء
تروي ظمأ سنين عجاف
جافاها المطر طويلا
ها قد ارتوت من نبعه الآن !!!
امتلأت به !!!
إنها تحيا به .