مقايضة

منال الحسيني / ألمانيا
” مرحباً بك، يا مَنْ لن تتخطّى شهرتُهُ محيطَ عائلته “.
 تقاربت المسافات، لا بل انعدمت في عصر العولمة نتيجة انتشار المواقع الإلكترونية و مواقع التواصل الاجتماعي وباتت المعلومات بين أيدي الجميع، فيستطيع هذا الجميع أن يخيط منها أجمل ثوب، لكننا نرى عكس ذلك تماما، حيث يتم تداول الأخطاء الإملائية والنحوية بشكل مريع على السوشال ميديا حتى بات أغلبُنا يميل لا شعورياً للكتابة الخاطئة على سبيل المثال “أنتي” تحورت عن أنتِ، و “منذو” عن منذُ و “ازا” عن إذا و ايه عن أيها و كم مرة يمر المرفوع منصوباً و المنصوب مجروراً أمام أعيننا ولا نكترث،
المصيبة نجد الكثير من الأخطاء الشائعة في منشورات كتّاب اعتقدنا أنهم أصدقاء اللغة ومع ذلك يرتكبونها في منشوراتهم الفيسبوكية أو حتى في مقالاتهم ومن جانب آخر نجد البليغ/ة لغوياً لا أحد يلتفت إلى كتابته/ها حيث غلب الغث على الثمين و طغى في زمن الفوضى و التسفيه، في زمن كمية اللايكات التي تقيم جودة الكتابة، لا أحد يهتم بالجمهور هزيلاً كان أم محترفاً. 
الأكثر إيلاماً في المشهد الكومي-تراجيدي أن هناك مَن يصطاد في الماء العكر، يتخذ من المرأة سلعة إعلامية لترويج أفكاره وهي لا تمانع بل وترغب أن تكون مطيته بحثاً عن الأضواء التي افتقدتها طيلة سنوات من الكبت و التهميش، فتراها تتراكض خلف العدسات و خلف الأقلام و المراجعين والمدققين كي يقلبوا نصها الفقير رأساً على عقب و يتحول بقدرة قادر إلى نص من شحم و دم، مستهترين بعقول القرّاء الذين يفطنون إلى رمزية اللغة والعلاقة بين الدال و المدلول، بين النص و كاتبه، بين اختلاف الأسلوب في الزمكان، إنه لأشبه بمقايضة، لكنها بخسة جداً !! ألا يستدعي هذا المشهد “الثقافي” البائس إلى ثورة نبدؤوها بوضع يدنا على ضميرنا قبل تزييف الواقع و فرضه، ألا يستدعي الأمر أن تُسن قوانين لحماية حقوق القارئ في زمن بات التحكم في انحطاط الذوق العام بلمسة زر ؟ أم علينا أن نردد :” وداعاً ويتمان، دكنسون، فروست..”.

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

عصمت شاهين الدوسكي

 

ربما هناك ما یرھب الشاعر عندما یكون شعره تحت مجھر الناقد وھذا لیس بالأمر الحقیقي ، فالشاعر یكتب القصیدة وينتهي منھا لیتحول إلى تجربة جدیدة ،حتى لو تصدى لھ ناقد وبرز لھ الایجابیات وأشار إلى السلبیات إن وجدت ، فلیس هناك غرابة ، فالتحلیل والتأویل یصب في أساس الواقع الشعري ،وكلما كتب الشاعر…

فيان دلي

 

أرحْتُ رأسي عندَ عُنقِ السماءْ،

أصغيْتُ لأنفاسِ المساءْ،

بحثْتُ فيها عن عُودٍ ثقاب،

عن فتيلٍ يُشعلُ جمرةَ فؤادي،

ناري الحبيسةَ خلفَ جدرانِ الجليد.

 

* * *

 

فوجدْتُه،

وجدْتُه يوقظُ ركودَ النظرةِ،

ويفكّكُ حيرةَ الفكرةِ.

وجدْتُه في سحابةٍ ملتهبةٍ،

متوهّجةٍ بغضبٍ قديم،

أحيَتْ غمامةَ فكري،

تلك التي أثقلَتْ كاهلَ الباطنِ،

وأغرقَتْ سماءَ مسائي

بعبءِ المعنى.

 

* * *

 

مساءٌ وسماء:

شراعٌ يترنّحُ،

بينَ ميمٍ وسين.

ميمُ المرسى، عشبٌ للتأمّلِ وبابٌ للخيال

سينُ السموّ، بذرةٌ للوحي…

ربحـان رمضان

بسعادة لاتوصف استلمت هدية رائعة أرسلها إلي الكاتب سمكو عمر العلي من كردستان العراق مع صديقي الدكتور صبري آميدي أسماه ” حلم الأمل ” .

قراته فتداخلت في نفسي ذكريات الاعتقال في غياهب معتقلات النظام البائد الذي كان يحكمه المقبور حافظ أسد .. نظام القمع والارهاب والعنصرية البغيضة حيث أنه كتب عن مجريات اعتقاله في…

ادريس سالم

 

«إلى تلك المرأة،

التي تُلقّبُني بربيع القلب..

إلى الذين رحلوا عني

كيف تمكّنْتُ أنا أيضاً على الهروب

لا أريدُ سوى أن أرحلَ من نفسي…».

يفتتح الشاعر الكوردي، ميران أحمد، كتابه «طابق عُلويّ»، بإهداء مليء بالحميمية، ملطّخ بالفَقد، يفتتحه من قلب الفَقد، لا من عتبة الحبّ، يخاطب فيه امرأة منحته الحبّ والحياة، لقّبته «ربيع القلب». لكن ما يُروى ليس نشوة…