عتاب حريب ما بين زمن الضوء وزمن التلقي

غريب ملا زلال
 
-يجب أن نقر سلفاً بأن الغوص أو النفاذ الى بعض فسحات لوحة عتاب حريب تستدعي الكثير من التأمل والمتابعة مع الكثير من التوتر والتهيب ..لإندفاع تصبح المقاربة بحد ذاتها مغامرة قد تدفعنا للإنخراط في المجاهيل ففي عملية البحث عن زمن الضوء يفترض بنا معالجة العلاقة ما بين الواقع الذي أسقطته الفنانة عتاب بعملية الإندراج في بروز تفاصيل المسافة التي لا تزال في شمولها المعرفي إلى جانب إثراء الخطوات بإندهاش وقيم دقيقة بوصفها واقع فعلي للعمل المنتج بالإنطلاق من واقع لوني على أساس متخيل من الإرتباط بالذهنية الأنيقة لعتاب حريب مع الإعتراف بمحدودية الآليات –لكن مع الإعتماد على المتابعة المستمرة للتفريقات الخاصة مع كسب حيز من زمن التلقي بإعتباره عنواناً للمنتج مع الإشادة بالعملية المتفرعة من الذات إلى التلقي المبهر للرائي في السياق المعرفي العام .
واذا كانت الفلسفة هي طريقة لفهم الحياة وإستيعاب الاخر فإن الفن وأقصد التشكيلي على نحو خاص يملك أنامل لفتح دروب هذه الإضاءة بمعنى آخر ما ينجز فنياً يقترب جداً من الأفق المتغير بتغيير الأفق المتخيل .
ولهذا فاللون المفروض بقوة الحدس يعاني من تأويلات غير مؤرخة لا في الذاكرة البعيدة ولا في الذاكرة القريبة الموغلة في القيم الانسانية التي تؤرخ لتجليات يفي بالعمق وبإعادة التأويل عبر مستوى اللون –والتوكيد على أن ضمور التشكيل لا يعني ضمور الخصوصية عند عتاب بل يلفت نظرنا إلى قدرتها على إستقصاء عمليات من الواقع الممتد في مستويات عدة وبفروع معرفية مفتوحة ومكرسة بالأساس لإحتضان ولادة عمل فني يعلن عن متنه ولهذا لا مناص من متابعة التفاصيل لعليات التأني بوصفها مقاربة موضوعية من الإنخراط الحرج والعالق بالجانب المغامر من الإندفاع نحو الحواف لواقع متخيل 
ولهذا فاللحظة الهاربة من الزمن تخضع لعملية التحقيق لحاضر غير متحول تذكرنا بالسؤال عن براءة الإجابة عن الفصول الضائعة في أزقة الزمن السامي 
ولماض ما زالت هندسته توحي بالتلميح إلى زمن خارج من الصمت دون التنصت إلى تردد صداه 
ولمستقبل يتناوب على إختراقه الزمن الناقص مع الزمن الضائع لمرحلة الإنهيار الفعلي لكل تحولات الخوف المعتقد انها الحقيقة بحسب الزمن (زمن الضوء )حيث التمرد والتلاعب بالزمن لا يستحيل الحاضر والماضي الا بالتألف مع المستقبل عبر مستويات متداخلة تخلق مرحلة لا تبحث عن جواب بل ترسم سؤالاًعريضاً يبقى في خاطر الفنانة عتاب دون أن يدق جدران الزمن من جهاته كلها ، ولكن كسر الزمن قد يمثل تصرفاًاخرفي مكان ما يبحث عن جواب و إن لم يكن بسيطاً فالسؤال عن تعقيدات الزمن ببهرجة لونية تختمه بدعوة الإستفادة من انموذج التجريب الخارجي للتشكيل مع التناغم ما بين الزمن المبطن غير المنسجم أصلاً وذائقة المجتمع وتراكم المستويات التحديثية المناسبة فإعادة التكونات الأولى لإنتاج ما يسمح به من الإرتقاء لمكانة زمن الأبعاد التاريخية مقابل الإهتمام بفتح نوافذ التأويل فيما أنجز على البياض بقوة مفروضة وموروثة وذلك بإنشاء جسور زمنية تنهض في سلوكيات المنتج ، ومن ناحية وببساطة مفرطة فان الإلتقاء ما بين زمن الضوء وزمن التلقي لا يكون إلا بإختصار ما أنجز من قيم فنية بإنتاج علاقات تشكيلية في آليات التخيل عبر نفي قيمة الشيئ في سلوكيات التلقي –فالمسألة تحتاج إلى ما يخدمها فنياً وزمنياً ببعد شاقولي حيناً وأفقي في أكثر الأحيان ومن حسن حظ عتاب أنها تسير في مسيرتها الفنية بإنجاز حيز كبير وجميل من اللون الذي يحتاج بدوره إلى بؤرة عميقة من الإهتمام ليتشظى في زمن التنظير ، ومن هنا فالبحث في (زمن الضوء ) يطرح هواجس تنتابها قلق وقتي يرسم على المشهد الإبداعي إعتزازاً من الشغل المطروح كوثيقة فنية في إطار زمني مفاده ضرورة الإشارة إلى العمل الفني بوصفه مرجعية للمنتج وإنطلاقاً من السياق كجزء من زمن الإرسال وإن كان هناك إسهاب تفصيلي في أكثر الأعمال بإستعمال البحث كجزء من مقولة التعامل الفني عبر لون كمعيار أساسي في رسم بانوراما زمنية في تناول الحياة الواقعية عبر تقنية لا تظهر إلا لمتلق قادر أن يغوص في اللون كصفة ابداعية ، ومن هنا فإن الأسلوب الذي تلجأ إليه عتاب كل تجربتها وبكل أبعادها وتحولاتها تجعلها طليقة في مغامرتها مع اللون وان كانت في مستويات عدة تعبيراً عن دعوتها لزمن الخروج مما يلائم رديف الخصوصية لمفاهيمها القريبة من الإبتغاء لإنجاز شكل له بعد غير مقيد بزمن ثقافي و لا بزمن كوني .


شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

عبد الستار نورعلي

أصدر الأديب والباحث د. مؤيد عبد الستار المقيم في السويد قصة (تسفير) تحت مسمى ((قصة))، وقد نشرت أول مرة ضمن مجموعة قصصية تحمل هذا العنوان عن دار فيشون ميديا/السويد/ضمن منشورات المركز الثقافي العراقي في السويد التابع لوزارة الثقافة العراقية عام 2014 بـحوالي 50 صفحة، وأعاد طبعها منفردة في كتاب خاص من منشورات دار…

فدوى كيلاني

ليس صحيحًا أن مدينتنا هي الأجمل على وجه الأرض، ولا أن شوارعها هي الأوسع وأهلها هم الألطف والأنبل. الحقيقة أن كل منا يشعر بوطنه وكأنه الأعظم والأجمل لأنه يحمل بداخله ذكريات لا يمكن محوها. كل واحد منا يرى وطنه من خلال عدسة مشاعره، كما يرى ابن السهول الخضراء قريته كأنها قطعة من الجنة، وكما…

إبراهيم سمو

فتحت عيوني على وجه شفوق، على عواطف دافئة مدرارة، ومدارك مستوعبة رحيبة مدارية.

كل شيء في هذي ال “جميلة”؛ طيبةُ قلبها، بهاء حديثها، حبها لمن حولها، ترفعها عن الدخول في مهاترات باهتة، وسائر قيامها وقعودها في العمل والقول والسلوك، كان جميلا لا يقود سوى الى مآثر إنسانية حميدة.

جميلتنا جميلة؛ اعني جموكي، غابت قبيل أسابيع بهدوء،…

عن دار النخبة العربية للطباعة والتوزيع والنشر في القاهرة بمصر صدرت حديثا “وردة لخصلة الحُب” المجموعة الشعرية الحادية عشرة للشاعر السوري كمال جمال بك، متوجة بلوحة غلاف من الفنان خليل عبد القادر المقيم في ألمانيا.

وعلى 111 توزعت 46 قصيدة متنوعة التشكيلات الفنية والجمالية، ومتعددة المعاني والدلالات، بخيط الحب الذي انسحب من عنوان المجموعة مرورا بعتبة…